الثلاثاء، 30 يونيو 2020

تفكيك العقل النخبوي الاستراتيجوي "الحلقة الثامنة" (133) "كيسنجر" يكشف اللُّعْبَة... "كَوْرَنَةُ الْعَالَم" مقصودة شئتم أم رفضتم !!

تفكيك العقل النخبوي الاستراتيجوي "الحلقة الثامنة" (133)
"كيسنجر" يكشف اللُّعْبَة... "كَوْرَنَةُ الْعَالَم" مقصودة شئتم أم رفضتم !!
--------------------------------------------------
"جائحة فيروس كورونا ستغيّر النظام العالمي إلى الأبد..."؛ قالها الثعلب الأميركي العجوز "هنري كيسنجر" Henry A. Kissinger؛ وما أدراكم ما "كيسنجر" أحد "كبار البناءين"؛ الذين يديرون عملية "بناء وتشكيل وصياغة نظام العالم الرأسمالوي المعاصر"، فاعلاً منذ عقود طويلة ولا يزال؛ وحتى بعد احتجابه متقاعداً، فإنه يستهلك بقية سنواته في الكواليس الخلفية مُنَظِّرَاً؛ وقد وصل من العمر إلى عامه السابع والتسعين (ولد في May 27, 1923).

هنا ينبغي التوقف بوعي، وتأمل بدقة مقصود تلك العبارة الحاسمة: "جائحة فيروس كورونا ستغيّر النظام العالمي إلى الأبد..."، لأن حروفها "تضمر" يقين قائلها "المسكوت عنه"؛ والتي تحسم قراءتها التفكيكاوية المسألة تماماً؛ وهو ما قد اجتهدنا خلال التدوينات السبع السابقات في كشف ذلك المضمر ومستهدفه؛ حتى مع احتمالية تجليسه من وجهة نظر البعض في مربع "مُتَوَهَّم تفكير المؤامرة" المشبوه!
*****
الداهية العجوز "كيسنجر" قالها، وبذلك ينسف بالمطلق أية قواعد يمكن أن تقام عليها فكرة "نظرية المؤامرة"؛ عندما يؤكد بوضوح مطلق دور "جائحة كوفيد ـ 19" في تعميق توجه نظام العالم كله "المركز والأطراف" للتحول الهائل؛ باتجاه تمكين العولموية في السياسة والاقتصاد. فهل حقاً يكون وباءً ما تم تلبيسه "رداء عولموية التأثيرات" منذ البدء ليُعْتبر سبباً هيكلوياً لتغيير نظام العالم الراهن، وبنيته السياسوية والاقتصادوية المستترة؟
إن من يبحث عن إثبات لحقيقة "مؤامرة فيرسة العالم بكورونا " وليست "نظرية المؤامرة في التفسير" لن يجد إثباتاً ودليلاً أفضل مما كتبه "هنري كيسنجر" في صحيفة "وول ستريت جورنال The Wall Street Journal" بعنوان: "جائحة فيروس كورونا ستغيّر النظام العالمي إلى الأبد... The Coronavirus Pandemic Will Forever Alter the World Order"؛ ففي هذا المقال الكيسنجري إثبات لذلك.
لذلك فمن الضروري ممارسة جهد تفكيك خطاب المقال؛ للإمساك بالمضمر المختبئ والدال على حقيقة مؤامرة "فيرسة العالم" كله؛ والتي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية بضغط نظامها الرأسمالوي الجامح؛ والمضطر بنيويا للتطور، ليهيمن أكثر على خريطة الأرض السياسوية والاقتصادوية؛ وبالتالي تغيير نمط مؤسسات الحكم في دول العالم كله؛ وفي النسق نفسه كذلك... تغيير بنية مؤسسة الحُكم في الولايات المتحدة الأميركية ذاتها"!
وحين يعلن "كيسنجر" عبر مرحلة "جائحة كوفيد ـ 19 " بدء مرحلة جديدة من مراحل تغيير النظام العالمي؛ فهو لا ينطق خبط عشواء؛ ولا يتكلم محض ادِّعاء؛ ولا يهرِفُ بما لا يعرف؛ بل يذكرنا بمقولة العرب التي منطوقها: "قَطَعَتْ جَهِيْزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيْب". و"جَهِيْزَةُ" العالم هنا تكون "هنري كيسنجر"!!
ولمزيد من الإيضاح فإن جهد التفكيك هنا سيقوم على استعراض متن فقرات مقال كيسنجر فقرة فقرة؛ واستخراج المضمر السياسوي الكامن؛ لبناء صورة "المسكوت عنه" بها. وهو ما يكشف الجهد المريب لتغيير هيكلوية العالم الضخمة ـ وهذا هو الشئ المخزي ـ عبر "فيروس" لا وزن له ولا قيمة؛ والمخاطر التي يشكلها تضمحل كثيراً أمام أوبئة قديمة مثل "الطاعون" على سبيل المثال.
*****
إن مقال هنري كيسنجر في "وول ستريت جورنال" يمثل وثيقة كاشفة لخطاب "البناءين" الذين يتولون تشكيل العالم وصياغته؛ بل إعلان بدء مرحلته الجديدة؛ بتعميق التحولات الرأسمالوية وهي في طريقها نظاماً للهيمنة على العالم؛ وصولاً إلى حالة تذويب "الاقتصادات الوطنوية" المتنافسة كلها؛ وإدماجها في طور "المتباعد/ المندمج" بحدود الكوكب!
*****
إن التعبير غير المسبوق سياسويا، والذي استخدمه كيسنجر بوصف الحالة العولموية مع الجائحة بأنها "لحظة سوريالية" تكفي لترجمة مدى الغرابة والاسترابة التي تحيط بعملية "فيرسة العالم" الراهنة؛ إذ تبدو أنها أشبه بـ "عملية الاستيلاد القيصرية" للمرحلة الجديدة من الطور العولموي؛ لذلك وصفها حسب التعبير الفني الحديث بــ "السوريالية" التي تعبر عن مكنونات العقل الباطنوي.
*** إذ يرتد كيسنجر إلى لا وعيه الباطنوي بالقول: "الجو السريالي لوباء Covid-19 يشير إلى ما شعرت به عندما كنت شابًا في فرقة المشاة 84 خلال معركة الثغرة (Battle of the Bulge) في الحرب العالمية الثانية أواخر العام 1944م، حين كان هناك إحساس بخطر ناشئ لا يستهدف أي شخص بعينه، بل يضرب بشكل عشوائي مخلفا الدمار". وهذه العبارة الكيسنجروية المراوغة، تثير التساؤلات حول لا منطقوية المقارنة تلك؛ إلا من أجل مستهدف يرمي إليه بـ"عولمة الخطر المستصنع" من منظور نخبة الرأسمالوية المركزوية؛ إذ:
- يقوم هنري كيسنجر في مقالته الملغومة تلك بإعادة توظيف "الصورة الذهنوية" المرعبة للألمان ومؤشرها "هتلر" بكل ما ألحق به من دلالات العنف والقتل والعنصروية. "كيسنجر" يضع "فيروس كورونا" معادلاً موضوعوياً إلى "هتلر وعنف الألمان" ليستصنع كراهته؛ موظِفاً اصطلاحي "الحصار والقتل".
- عملية تذكر كيسنجر لهذه الواقعة المنقضية في حالة "جائحة كوفيد – 19" مقصودة الغرض؛ لإثبات أن ذلك الفيروس هو خصم للإنسانية مماثل لـ "هتلر"؛ والمطلوب التحرك للقضاء عليه عولمويا... كما جرى القضاء على هتلر بتحالف أوربي – أميركي.
- إن هذا القول يوصف بنمط توظيف "استراتيجية التطويع بالتخويف"؛ والترويج للكوارثوية لتحقيق الهيمنة. حيث أن عصا "الإرعاب بالوباء" تُعادل كما ذكرنا في تدوينة سابقة "عصا التخويف بالإرهاب"؛ ومع تناقص فرص "التصارع العسكريتاري" تتعالى فرص "التصارع بالأسلحة البيولوجوية"؛ وبدلا من "الغزو بالصواريخ" يحدث "الغزو بالفيروسات"؛ وكما للصواريخ تكنولوجياتها؛ فاللفيروسات كذلك تكنولوجياتها الحيوية.
- بهذا التوصيف يبتني كيسنجر بيئة التهويل من وسيلة التدمير المُسيطر عليه بالفيروسات؛ ويستدعي لعبة المقارنة موظِفاً ظلال التدمير بالأسلحة لترويج الصورة المستصنعة بالفيروسات والجراثيم.
*** ويواصل هنري كيسنجر "فعل الإرعاب" بالقول: "الآن، كما كان الأمر في أواخر 1944م، هناك إحساس بالخطر الداهم، الذي لا يستهدف شخصاً بعينه، وإنما يضرب بشكل عشوائي ومدمر. ولكن هناك فارقاً مهماً بين تلك الفترة البعيدة وزماننا الآن، ففي الماضي تم تعزيز القدرة الأميركية على التحمل بهدف وطني مطلق":
- هنا يلعب كيسنجر دوراً كبيراً في تضخيم الخطر من "فيروس كورونا"؛ حيث يصبح أخطر كما يروج له في ضوء الإشارة إلى ما يشير إليه من تداعي القدرة الأميركية لتحقيق الهدف الوطنوي بإعلان انتصار نمط الرأسمالوية المركزوية الصاعدة والتي انتصرت في الحرب.
- إن هذه الرأسمالوية المركزوية التي تضخمت وتطورت بهزيمة النظام الاقتصادوي المضاد/ الشيوعوي. أنتجت طور ما يُسمى "الاقتصاد العولموي الطرفوي"/ رأسمالوية الدولة العميقة" عبر استقطاب وتوظيف الصين؛ والتي استفادت من المرحلة العولموية للدرجة التي صارت تتنازع فيها الهيمنة مع الولايات المتحدة الأميركية بقوة، والمعروف أن القمة لا تتسع لقوتين؛ فلا بد من نشوء التصارع المتصاعد.
- ويدرك كيسنجر أن "الدولة الأميركية" تُعاني المشكلات البنيوية العميقة؛ بل صارت كجهاز تمثل عبئاً على الرأسمال المركزوي الأساس؛ ولعل كامن "مشكلة العنصروية" وارتباط ذلك بالتفاوت الاقتصادوي لا يوفر استقراراً لهذا الرأسمال.
- والسؤال هل هناك ارتباط بين التغيير العولموي الجديد بـ"أحداث كورونا" وبين "أحداث العنف العنصروية" بسبب اللون المعروفة بـ" مقتل جورج فلويد المواطن الأميركي ذي البشرة السمراء على يد الشرطة بمدينة مينيابوليس"؟!
*** ويبوح هنري كيسنجر بتصور مثير حين يروج لحالة مستجدة:"أما الآن، ونحن في دولة منقسمة، من الضروري وجود حكومة فعالة بعيدة النظر للتغلب على العقبات والتحديات غير المسبوقة من حيث الحجم والنطاق العالمي":
- هنا يبدأ كيسنجر ممارسة لعبة استصناع "الصورة المغلوطة" والمخادعة؛ بوصف الولايات المتحدة الأميركية بالدولة المنقسمة؛ ولم يحدد سبب ذلك الانقسام؛ هل هو داخلي لاعتلال عملية التحول للعولموية أم خارجي لاختلال موازين القوة الخارجوية وتوزيعها؟
- إن كيسنجر يتهرب من الإشارة إلى مدى التراجع الذي يطال الدولة الأميركية "كنظام" في دورها العولموي؛ مقابل التصاعد المخيف لدور الصين كدولة تحول اقتصادها للنمط العولموي؛ منافساً طرفوياً يحاول انتزاع موقع المركز في النظام العولموي الجديد.
- لذلك يقترح كيسنجر "الحفاظ على ثقة الجمهور ـ الأميركي ـ حفاظا على "التضامن الاجتماعي" عبر إجراءات معالجة التفاوت الداخلي والعنصروي الراهن".
- غير أنه من المثير حين يخلط كيسنجر الأمور تلبيساً على المتلقي بالقول إن الحفاظ على ثقة الجمهور الأميركي يحقق "ترابط المجتمعات ببعضها البعض، وللسلام والاستقرار الدوليين"!... مقصود تفكير كيسنجر هنا "عولموي"؛ باشتراط ثقة جمهور المركز أي الأميركي.
*** ويواصل كيسنجر تعميق مقصوده لترويج المرحلة الجديدة من هذا النظام بالقول: "تتماسك الأمم وتزدهر عبر الإيمان بأن مؤسساتها قادرة على توقع الكارثة؛ ووقف تأثيرها واستعادة الاستقرار. وعندما ينتهى وباء كورونا، سيتم النظر إلى مؤسسات العديد من الدول باعتبارها قد فشلت":
- هل هنري كيسنجر هنا بهذا القول يكتب شهادة إشهار اعتلال أو يمهد لإعلان وفاة "المؤسسات الوطنوية" وتبيان عجزها عن إدارة شؤون البلدان؛ مدعياً أن الجائحة تمثل أنموذجا لهذا الفشل؛ مهما كان مدى مصداقية وموضوعية تلك الأحكام.
*** هنري كيسنجر يؤكد بثقة أن:" العالم لن يكون كما كان بعد فيروس كورونا... لا يهم ما إذا كان هذا الحكم عادلاً بشكل موضوعى أم لا، فالحقيقة هى أن العالم لن يكون كما كان بعد فيروس كورونا. والجدال الآن حول الماضي يزيد من صعوبة القيام بما يجب القيام به":
- الجدير بالملاحظة هنا أن هنري كيسنجر يدور في حلقة التأكيد على مستهدفه بأن العالم سيتغير بعد كورونا؛ وتبلغ ثقته إطلاقها بعدم اكتراثه " ما إذا كان هذا الحكم عادلاً بشكل موضوعى أم لا"؟!
*** ويوالي كيسنجر التأكيد على مقصوده بالقول: "لقد ضرب فيروس كورونا بضخامة وشراسة غير مسبوقين، وينتشر بشكل متسارع، والإصابات تتضاعف... وحتى كتابة هذه السطور، لا يوجد علاج، والإمدادات الطبية غير كافية لمواجهة موجات الإصابات المتزايدة، ووحدات العناية المركزة على وشك النفاد والانهيار. كما أن الاختبار غير كاف لمهمة تحديد وجود الإصابة، ناهيك عن وقف انتشارها. وقد يتم الحصول على لقاح ناجح خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهرًا":
- هنا يمارس كيسنجر استصناع الصورة الكوارثوية لتأثيرات "فيروس كورونا" مشيراً بالتركيز على ما يحدث في الداخل الأميركي؛ وما ظهر من عجز الدولة الأميركية في مواجهة تأثيرات الفيروس... لماذا؟ لأن الدولة الأميركية هي المسؤولة عن برمجيات وقانون الترتيب البنيوي لفرض العولموية نظاما.
- وما يدعو للاسترابة هنا هو تحديد كيسنجر توقيت " الحصول على لقاح ناجح خلال فترة تتراوح بين 12 ـ 18 شهرًا"؛ وهذا يفضح الاتجاه المشبوه بنفي تفكير "نظرية المؤامرة"؛ إذ أن التوقيت هو ذاته الذي حدده ما يُسمى "التدريب حول فيروس افتراضوي قتل الملايين؛ وقد تم التوصل إلى العلاج الخاص به بعد انتشاره بفترة 18 شهراً" إن كيسنجر يعتمد معلومات ذلك التدريب ليؤكد تصوراته الخاصة بتغير العالم بعد الجائحة.
- إن ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن ذلك التقرير السري الرسمي الذي وضعته الحكومة الفيدرالية على مكتب الرئيس دونالد ترامب حول "وباء فيروسي سيستمر 18 شهرًا أو أكثر وقد يتضمن "موجات" متعددة. هذا التقرير يوضح قصدوية "سيناريو لعبة كورونا".
- وكانت الصحيفة نفسها نشرت تقريرا حول "إغلاق المختبر الأميركي لأبحاث الجراثيم والفيروسات" الذي يتبع القيادة الطبية للجيش الأميركي بولاية ميريلاند أواخر العام 2019م نتيجة مخاوف خاصة بالسلامة؛ من دون أية معلومات تذكر عن أسباب الإغلاق لضرورات تتعلق بالأمن القومي الأميركي حسب ادعاء المتحدث الرسمي باسم المختبر. وذكرت الصحيفة أن هذا المختبر كان يتولى التجارب حول الفيروسات، ومنها الفيروس الأم لكل سلالة "فيروس كورونا".
*** وإذا كان كيسنجر في مقالته يحدد مستهدفه وبرنامجه بوضوح "إن جهود الأزمة، مهما كانت ضخمة وضرورية، ينبغي ألا تنال من المهمة العاجلة المتمثلة في إطلاق مشروع موازٍ للانتقال إلى نظام ما بعد كورونا"؛ فهذا يعني:
- أن ما يذكره في مقالته يدعو للتأمل؛ فإذا كانت الجهود الراهنة على صعيد العالم كله والمبذولة ضخمة؛ وتسعى لتحقيق السيطرة على انتشار الوباء؛ فما المبرر الذي يقدمه لتحقيق "المهمة العاجلة المتمثلة في إطلاق مشروع مواز للانتقال إلى نظام ما بعد كورونا". من دون شك إنه يعلن هنا البدء في تحقيق الانتقالة الجوهروية للنمط العولموي الجديد".
*** ويواصل كيسنجر بناء صورة تصوراته بالقول: "يتعامل القادة مع الأزمة على أساس وطنى إلى حد كبير، لكن تأثيرات الفيروس فى تفكيك المجتمع لا تعترف بالحدود. وإذا كان اعتداء الفيروس على صحة الإنسان سيكون مؤقتًا، كما نأمل، إلا أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى أطلقها قد تستمر لأجيال":
- كيسنجر يمرر هنا النتيجة التي يريد تحققها؛ وهي إعلان وفاة "نظام الدولة الوطنوية" مؤكدأ أن قادتها سيفشلون في التغلب على تأثيرات الفيروس.
- إن تأثير "فيروس كورونا" على صحة الإنسان سيكون مؤقتاً بإعلان التوصل وتصنيع المصل المضاد له؛ لكن وهذا هو الأخطر ما يعلنه كيسنجر عبر التبشير باضطرابات سياسوية واقتصادوية عميقة وعويصة وقد تستمر لأجيال!!
- إن كيسنجر يبتني هنا خطاب "الضرورة والحتموية" في الإنتقال إلى المرحلة الحقيقية من العولموية؛ أي "ما بعد مرحلة الدولة الوطنوية". إنه يبشر بـ "الحكومة فوق الدولاتوية/ الحكومة الخفية"؛ التي يشكلها "الرأسمال العولموي"؛ وهو يحول العالم كله إلى مصنع متعدد الأفرع؛ أو مزرعة لها مالك واحد والبشر كلهم يكونون الشغيلة المتشكلة من: (الآلات العملاقة ذات الإنتاج الكثيف والخُدَّام/ العمال من البشر الذين لا يتداخلون في عمليات التصنيع بدور أساس مع هيمنة الأنظمة السيبراناتوية التي تتحكم؛ وتدير كل العمليات تقليلا لفرص الاخطاء وتحقيق وفرة المنتجات).
- إن الوصول إلى هذه الصيغة الإنتاجوية العولموية لن تكتمل إلا بعد دورات من الاضطرابات السياسيوية والاقتصاديوية التي تتسبب "كورونا" في إحداثها وقد تستمر لأجيال.
*** ويعمق هنري كيسنجر صورة التوجه العولموي بقوله: "لا يمكن لأية دولة، ولا حتى الولايات المتحدة، أن تتغلب على الفيروس بجهد وطني محض، فيجب أن تقترن معالجة ضرورات اللحظة في نهاية المطاف برؤية وبرنامج للتعاون العالمي. وإذا لم نتمكن من القيام بالأمرين معا، فسوف نواجه أسوأ ما في كل منهما":
- إن كيسنجر هنا يبشر بإعلان عجز صيغة "الدولة الأميركية الوطنوية" ـ وكذلك "كل الحكومات في العالم" ـ عن هزيمة الفيروس؛ لذلك يدعو لاتباع الرؤية والبرنامج العولموي للتعاون.
- إنه بذلك يؤكد حتموية الانتقالة للنظام العولموي؛ بإعلان انقضاء نمط جهد "الدولة الوطنوية".
- إن عولموية مواجهة الجائحة ستفرض بالضرورة عولموية إعطال تأثيراتها؛ وبالتالي إثبات فشل النمط الراهن من الحكم الدولاتوي في التعامل مع المتغيرات؛ وهذا يقتضي انقضاء زمان نظام الدولة الوطنوية وصلاحيتها.
*** ويضع هنري كيسنجر حسب تصوره المبشر أجندة التحول المستهدف بالقول: "إن استخلاص الدروس من تطوير خطة مارشال ومشروع مانهاتن يلزم الولايات المتحدة ببذل جهد كبير في 3 مجالات":
- يستدعي كيسنجر هنا من خبرات النظام الرأسمالوي الأميركي في بدايات تمركزه ما يهتدي باقتدائه في الانتقالة الجديدة؛ إلى تعميق المرحلة المنتظرة من النظام السياسوي والاقتصادوي العولموي. فحسم قضية إنهاض أوروبا بعد تدميرها بـ "الفيروس الهتلري" سابقا قد أُنْجز بالجهود الأميركية؛ أما الإنهاض الجديد للعالم كله؛ فيأتي أيضاً بمشروعين أميركيين مماثلين لمشروعي التدشين الأول لطور تمركز الرأسمالوية الأميركية بـ "مارشال ومنهاتن".
- فـ"مشروع مارشال" اقتصادوي و"مشروع منهاتن" ردعوي أو للحماية بالقنبلة النووية. وتذكير كيسنجر بهما يكشف مضمراً مسكوتاً عنه؛ عبر المنهج الذي سيُطور النظام الراهن من العولموية اقتصادوياً "مارشال" وتسليحاوياً "مانهاتن".
- إن الإشارة إلى "مشروع منهاتن" يعني عدم إغفال الثعلب العجوز لضرورات القوة الردعوية؛ التي تُسْتَخدم لحماية الرأسمال العولموي في حالة تهديده من طرف قد يُضاد التوجه العام مثل "روسيا أو الدولة الصينية؛ إذا فكرتا في الانقلاب والهيمنة على النظام الجديد عبر تعملق طور رأسمالوية الدولة الراهن".
*** ويحدد كيسنجر خريطته: "أولاً، دعم المرونة العالمية تجاه الأمراض المعدية. فنحن نحتاج لتطوير تقنيات وتكنولوجيات جديدة لمكافحة العدوى وإنتاج اللقاحات المناسبة عبر مجموعات كبيرة من السكان":
- إن ما يطالب به كيسنجر من تقنيات وتكنولوجيات متعلقة بالعدوى واللقاحات بكثافة يكشف المضمر في كلماته؛ وطبيعة تحولات الحروب؛ حيث سيتغلب "نمط الحروب البيولوجوية" لتعميق الربحوية عبر الدواء؛ واللقاحات مع تناقص الاستثمارات في مجال التسليح؛ طالما أن التصارع بين النظامين التقليديين انقضي؛ بانهيار المعسكر الاشتراكوي؛ أو المنافس السياسوي والاقتصادوي.
- وهذا التوجيه يصل بالعقل التفكيكوي إلى أن أحجام الابادة للبشر ستقل عبر تصنيع الفيروسات؛ وتطوير أكواد معالجاتها لتنشيط الرأسمال الدواءوي وتعظيم ربحويته؛ بتوسيع أسواق استهلاكويته " عبر مجموعات كبيرة من السكان".
- إن الرأسمال العولموي سينزع في ارتقاء تحولاته لتقليص غايات الحروب وإعطالها؛ في ضوء تحقق هيمنته وتسيده للعالم؛ لكي لا يحقق التناقص في أعداد المستهلكين في العالم بقتلى الحروب؛ إذ الحروب في زمن القنابل النووية تحقق تقليصا لطاقات الاستهلاك والشراء؟
*** إن البند الثاني الذي يقترحه كيسنجر هو: "ثانيًا، السعي لمعالجة جراح الاقتصاد العالمي، فالانكماش الذي أطلقه كورونا، في سرعته ونطاقه العالمي، غير مسبوق في التاريخ. وتدابير الصحة العامة الضرورية مثل التباعد الاجتماعي وإغلاق المدارس والشركات تفاقم الألم الاقتصادي. وينبغي أن تسعى البرامج أيضاً إلى تخفيف آثار الفوضى الوشيكة على أضعف السكان في العالم.":
- حين يركز كيسنجر على الاعتلال الاقتصادوي الحادث انكماشا في العالم وبشكل غير مسبوق؛ فهو يستهدف ترسيخ السيناريو الموضوع للفيرسة العولموية؛ لأن الانكماش والجراح الاقتصادوية لم يكن لها وجود قبل تعميم الفيروس ونشره في العالم؛ ولربما كانت الاقتصادات تعاني بعض التباطؤ في نمطها التقليدوي حسب دوراته المتعارف عليها؛ ولكن تعطيل عجلة الاقتصادات عن الدوران بمباغتة التخويف والإرعاب قاد مناشط اقتصادوية كثيرة إلى الدمار؛ مثل تعطيل اقتصادات السفر والانتقال والسياحة والترفيه؛ وتجميد حالات التشغيل لتعميق ظواهر البطالة؛ غير أنه في المقابل نشطت إلى درجة الشره اقتصادات أخرى مثل الغذاء والدواء والوقاية.
- إن ما يتحدث به كيسنجر عن التباعد الاجتماعوي؛ وإغلاق المدارس والشركات؛ هو في حقيقته كان تدريبا استباقيا على كيفية إدارة أنماط العمل والدراسة عبر "المنظومة السيبراناتوية/ الشبكاتوية". وهذه المسألة مؤلمة في ظاهرها؛ غير أنها ضرورية لتنفيذ سيناريوهات الخلاص من بيئات العمل النمطوية في أماكن محددة؛ وببنية مكتبية وموظفين كبار السن وضعاف المهارات الإليكترونية.
- وما يثبت ما طرحه هنري كيسنجر... ذلك الرأي الذي صرح به أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة من "أن عودة أساليب العمل إلى ما كانت عليه قبل فيروس كورونا الجديد أو ما بات يُعرف باسم "كوفيد-19" هو أمر غير ممكن، لافتا ـ حسب (CNN) ـ إلى أنه يمكن الوصول إلى "وضع طبيعي جديد أفضل إذا كنا استباقيين".
- واستجابة ودلالة على التحول فإن الدولة الطرفوية/ "مصر أنموذجا" تقرر رسمياً "اعتماد نظام التعليم عن بُعد" والأبحاث من العام المقبل. وهذه هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية الحالية تعلن أن: "التحول نحو الاقتصاد الرقمي أصبح مسارا إجباريا"!
*** ويصل هنري كيسنجر إلى ما يُسمى مربط الفرس بقوله: "ثالثاً، حماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي، فأسطورة تأسيس الحكومة الحديثة تقوم على أنها مدينة محصنة يحميها حكام أقوياء، بما يكفي لحماية الناس من عدو خارجي":
- هنا يُسفر كيسنجر عن تأكيد مستهدفه الأساس حول مبدأ "حماية النظام العالموي الليبرالوي"؛ بالقفز إلى تعميق النهج العولموي؛ بما يوفر هذه الحماية لتسكين ولجم تصاعد حُمَّى أكتشاف الملايين من الغربيين مدى تهافت ما يُقال عن متوهم "تلازم الديموقراطية والليبرالية" والتي تتشدق بها النخب السياسوية؛ وهي في حقيقتها فشلت في تلبية الاحتياجات المأمولة لأغلبية جماهير النظام الرأسمالوي.

- كيسنجر يدرك مخاطر الفخ الذي تقاد فيه الجموع الشعبوية في العالم الرأسمالوي أو الليبرالوي( فرنسا وبريطانيا وألمانيا؛ إلخ) للاحتجاج والتمرد على النظام الرأسمالوي والليبرالوي؛ عبر جماعات المتنشطين والمتأدلجين والتي ترفع شعارات: "البريكست البريطانية للانفصال عن أوروبا" وحركة " احتلوا وول ستريت الأميركية" والاحتجاج بـ "السترات الصفراء الفرنسية" أنموذجاً!
- كيسنجر يقود في خطابه التأكيد على ضرورة أن تكون الحكومة الحديثة ( يقصد الحكومة العولموية) حكامها أقوياء، لمبرر محدد وهو "ما يكفي لحماية الناس من عدو خارجي"؛ والمنطقي بعد الانهيار البنيوي للنظم السياسوية المنافسة "الاتحاد السوفياتي القديم " وعجز النمط الدولاتوي الراهن عن حماية العالم من "فيروس كورونا" لا بد من اختراع عدو خارجي جديد؛ وليكن حسب "مفاهيم الحروب الحديثة" هو "الفيروسات والميكروبات" التي تعتبر أسلحة "الحروب البيولوجوية" بديلاً عن "الحروب العسكريتارية".
*** إن ما يختتم به كيسنجر خريطة الطريق للمرحلة الجديدة من العولموية تثبت منهجويته الصانعة للنمط السياسوي العولموي بقوله: "لقد انتقلنا من معركة الثغرة (نهاية الحرب العالمية الثانية) إلى عالم من الازدهار المتزايد وتعزيز الكرامة الإنسانية. والآن، نعيش فترة تاريخية. وبات التحدى التاريخى للقادة هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل، لأن الفشل قد يحرق العالم":
- وهذا المتخيل بالإغراء الذي يختتم به كيسنجر مقالته يعد الناس بعالم أكثر ازدهاراً؛ ومعززاً للكرامة الإنسانوية شريطة النجاح في إدارة الأزمة الراهنة مع الجائحة وبناء المستقبل الذي لا يعرف الكثيرون ماهيته.
- ولكن كيسنجر يدرك ملامح وقوانين النقلة الجديدة في النهج العولموي الذي جرى خلاله توليد واستصناع فيروس كورونا ليقود الفكر الرأسمالوي المركزوي للهيمنة المطلقة على العالم.
- كيسنجر لكي يعمق التأكيد على "المسكوت عنه" لا يرى مطالبا بالدفاع عنه وحمايته غير النظام العولموي الليبرالوي؛ نظام اقتصاد الأموال عبر أسواقها في البورصة كمعيار للحكم على مدى نجاح أو فشل النظام الاقتصادوي.
فهل يتحرك هنري كيسنجر بهذا الطرح الواثق بتغيير النظام العولموي مُسلحاً بما تجري هندسته خلال المؤتمر السنوي لنادي "نخبة بيلدربيرغ" الذي تأسس في العام 1954م بهولندا؛ والموصوف بأنه ـ حسب موقع RT الإخباري ـ ( يضع أجندة "الحكومة العالمية الموحدة" والتي تتحكم بسياسات واقتصاديات العالم من خلال جلسات عصف فكري على مدار ثلاثة أيام لا تخرج نتائجها للعامة، ولكنها تصل مباشرة لصُنَّاع القرار في الحكومات والبرلمانات المعنية). ويشغل به كيسنجر موقع رئيس اللجنة الإدارية لمؤتمره!!
*****
"جائحة كوفيد ـ 19" بالنسبة للجماهير على صعيد العالم تقاس مخاطرها بعدد الموتى؛ والمصابين منهم وحجم الشفاء؛ لكنها بالنسبة للثعلب العجوز هنري كيسنجر مهندس الفكر السياسوي المؤسس للنظام الذي يحكم تطور العالم؛ تعتبر هذه الجائحة لعبة رأسمالوية لتحقيق قفزة انتقال بنيوية مستصنعة لمرحلة جديدة من نهج العولموية؛ كما كشفتها مقالة كيسنجر في لعبة مقصودة شئتم أم رفضتم. إن هذه لحظة تأمل "مسكوت عنها" بل "غير ملتفت إليها"؛ وفي الحلقة التاسعة استجلاء للصورة أكثر!!
"رأفت السويركي"

الاثنين، 29 يونيو 2020

"فيسبوك" يذكرني: تفكيك العقل النخبوي المُلقَّب بـ "الناشط سياسوياً" ... "ندَّابَات" مناحة الديموقراطية... خطاب "عمرو حمزاوي" أنموذجا!!

"فيسبوك" يذكرني: تفكيك العقل النخبوي المُلقَّب بـ "الناشط سياسوياً"
"ندَّابَات" مناحة الديموقراطية... خطاب "عمرو حمزاوي" أنموذجا!!
------------------------------------------------

يُذكرني الخطاب السياسوي للدكتور عمرو حمزاوي Amr Hamzawy في وظيفية اشتغالاته؛ وروتينية انشغالاته دوماً بدور "الندَّابات" في المآتم الشعبوية؛ فكلما استمعت إليه أو قرأت له؛ أو طالعت مقابلة تلفازوية معه تذكرت تلك العبارات الروتينوية الشائعة القديمة حين كانت ترددها "المِعَدِّدة" أو "الندابة المستأجَرة" من أهل الميت في الأحياء الشعبية القاهرية والقرى الريفية بحُنْجُرتِها القوية وصوتِها الصارخ أثناء تشييع الجنازة: " يا نايحة نوحي عليه نوحي، فلان – اسم المتوفى - اتمدد ع اللوحِي"؛ وكذلك: " زقزق يا عصفور وازعق يا غراب... فلان – اسم المتوفى - مَجْتُولْ - أي مقتول - وِمَرْمِي في الخَرَابْ"!!
فريق "فيسبوك" أعاد تذكيري بالتدوينة التي توليت فيها تفكيك خطاب "العقل النخبوي المتنشط" ومنظومة برامجه المضادة لنظام الدولة الوطنوية؛ وبصفة خاصة الدولة المصرية التي لا تزال تقف شامخة رغم أنف عمرو حمزاوي وأشباهه في الداخل المصري وخارجه؛ وسط ركامات ما حققه "الربيع العبروي المتصهين" في المنطقة من دمار مرعب" ليبيا وسوريا واليمن أنموذجاً"!
*****

فمنذ جرى تصدير عمرو حمزاوي وأشباهه ممن يحملون ألقاب قاموس الفكر الرأسمالوي العولموي المبتدع، مثل "الناشط السياسي" و"الناشط الحقوقي" و"الناشط الديموقراطي" إلى المنطقة كلها عبر بعض الفضائيات والصحف العربية قبيل ما تُسمى "أحداث الربيع العربي"... وهو يلعب دور "الندَّابة" المحترفة؛ حين تُستدعى وبالأجر للقيام بوظيفة "التعديد" على الميت؛ أي - حسب قاموس المعاني - ذكر " مناقِبَه ومحاسِنَه"!!
ولأن الدور الذي يؤديه عمرو حمزاوي وأمثاله من المُتَنَشِّطِين يتخصص وظيفياً في ممارسة "الندب والتعديد السياسوي"، فَتَرَاهُ يمارس في خطاب "ولولته" الادِّعاء المتهافت بما يسميه القمع والديكتاتورية في مصر، وهدر الحريات والتسلط "العسكريتاري"، وسجن المعارضين!!
وما ينسف "تعديده السياسوي" أنه لم يتعرض لأيِّ منعٍ من الكلام، أو على الأقل الزجر لدفعه إلى الكفِّ وأمثاله عن ممارسة الضوضاء الفجة؛ بل تُرِكتْ له الإمكانية وأمثاله من المتنشطين ليواصل " براحته" ممارسة وظائفيته؛ وترديد عباراته المكرورة التي جرى إعداده غربياً لها؛ وإدماجه في نظامها الإشاري عبر المراكز الاختصاصوية التي تمثل أحد أهم مصادر أسلحة حروب الدعاية الحديثة؛ ويوظفها الغرب الرأسمالوي في مرحلته العولموية بقوة مشهودة.
*****
فما هي حكاية "عمرو حمزاوي" هذا؟ وما هي طبيعة خطابه الذي يجد هوىً ومشابهة وظيفية لدى بعض فصائل العقل النخبوي المتخصصة في فعل الكلام؛ وإثارة الزوابع بممارسة المخادعة القولية للجماهير مقابل عوائد ومردود وظائفيتها السخية التي تخصص مراكز التفكير والاستخبارات الغربية مئات الملايين للعاملين بها أو من ينفذون أجنداتها وبرامجها تحت مسمى "حقوق الإنسان".
لذلك فإن ممارسة الفعل التفكيكي لخطاب عمرو حمزاوي ستقود إلى كشف "المسكوت عنه" المختبئ في تلافيف عباراته البراقة ومفرداته المقولبة؛ والتي تمثل مُنْتَج الخطاب المشهر للمنتمين وظيفوياً ووجدانوياً – على سبيل المثال - إلى "مركز كارنيغي للشرق الأوسط"، الذي أسسته مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" العام 2006 م في بيروت لوجه الله - نقولها على سبيل السخرية - مشروعاً خيرياً من دون غرض شرير.

وقد شغل عمرو حمزاوي - حسب موسوعة ويكيبيديا - منصب "كبير الباحثين لدراسات الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي خلال الفترة 2005-2009م.
وتركزت اهتماماته البحثوية حول: "أزمة الانتقال الديموقراطي والأنظمة السلطوية"، و"القوى السياسية في العالم العربي وفرص التعددية"، و"حركات الاحتجاج الاجتماعية وأثرها على الأنظمة السلطوية"، و"ديناميكيات المشاركة في الحياة السياسية الرسمية وغير الرسمية"، و"الحركات الإسلامية ودور المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في العالم العربي".
وتكفي هذه البطاقة المعلوماتية للإمساك بحقيقة المشروع السياسوي الموظف له عمرو حمزاوي؛ وكشف مكنون خطابه؛ ومستهدفه الفعلي من القول والعمل في مصر؛ منذ قفل راجعاً إليها بعد تجهيز ظروف استيعابه مع عناصر مماثلة وظيفياً له في توقيت جمعوي واحد؛ سيجري لاحقاً الكتابة التفكيكية لخطاباتهم كشفاً لملامح الفعل السياسوي الفاضح لهذه النوعية من "المتنشطين" والتي انتجتها الماكينة الرأسمالوية منذ شَرَعَتْ خلال "الحرب الباردة" في تطويق دول المعسكر الاشتراكي؛ ثم بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي عولمت منهاجها الاختراقي للعالم بقولبة وإنتاج الكوادر المجهزة لإحداث الفتن الاجتماعية بذرائع مختلفة.
*****
تذكر موسوعة "ويكيبيديا" - على سبيل التوثيق - أن مركز "كارنيغي" يسعى إلى " إلقاء الضوء على عملية التغيير السياسي في العالم العربي والشرق الأوسط ومواكبة الأحداث الجارية وزيادة فهم القضايا الاقتصادية والأمنية المعقدة المطروحة والتي تؤثر في حاضر ومستقبل هذه المنطقة من العالم".
لذلك حين الحديث عن مؤسسة "كارنيغي"، ينبغي الالتفات إلى الحقائق الحاكمة لضرورات عمل هذه المؤسسة وطبيعة رسالتها:
** إن تمويلها حسب المراجع: " يأتي عبر أموال وقفية عن طريق "بيت الحرية" Freedom house ذات الصلة الوثيقة بجهاز المخابرات الأميركية CIA"!
** تعتبر مؤسسة "كارنيغي" إحدى المؤسسات المانحة لمجموعة الأزمات الدولية، والتي تلعب الدور فيما يُعرف بـ "هندسة دول الشرق الأوسط على الطريقة الأميركية".
** تهتم مؤسسة "كارنيغي" بالترويج لما يُسمى بعملية التغيير الديمقراطي؛ وتتصف بالانحياز المسبق المضاد لبعض الدول المحورية في المنطقة.
** لا تتوقف "كارنيغي" بكل متنشطيها عن صناعة صورة ذهنوية سلبية والادِّعاء بأن دولاً معينة تستهدفها تمارس "انتهاكات حقوق الإنسان"، فضلاً عن "غياب الديمقراطية" بها، وتركز هذه الصورة فقط على دول مركزية كبيرة مثل مصر وسوريا ودول المغرب العربي وقبلها العراق؛ وفي مركز أجندتها المشبوهة لا تكل عن جهود بناء الصورة السلبوية حول مصر "رمانة ميزان المنطقة ".
** كما تروج "كارنيغي" إلى ما يُسمى وجوبية فتح علاقات مع ما تسميه تضليلاً التيارات الإسلامية "المعتدلة" وفي مقدمتها جماعة الإخوان؛ بعد " لعبة 11سبتمبر/ أيلول" وهدم البرجين؛ وهذا التوجه يأتي في إطار توظيف تلك التيارات العقدوية المتسيِّسة وأمها "جماعة الإخوان" والذي بدأ بـ "القاعدة" من جبال أفغانستان بصناعة القوة الغاشمة؛ ثم إعادة توجيهها إلى دول المنطقة تالياً لتدميرها كـ "دول كافرة" من منظور أبي الأعلى المودودي وسيد قطب!!
*****
لذلك فإن خطاب "عمرو حمزاوي" عبر تفكيك مقال سابق له منشور في موقع "كارنيغي للشرق الأوسط" و"القدس العربي" وأعاد نشره على جداره في "فيس بوك" بعنوان "البقاء على الجانب الآخر" لا تختفي منه تلك العبارات المكرورة ذاتها بنص حروفها التي تعبر عن أجندة "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"؛ وكأن حمزاوي لا يزال المتحدث الرسمي باسمها... كيف؟:
• لم يمل عمرو حمزاوي في مقاله حول مصر من استهلاك عبارات مثل: "تجربة التحول الديمقراطي"، و"انقضاض الدبابة على الآليات الديمقراطية"؛ و"جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان"؛ و"انقلاب 2013م".
• ومن عباراته "الكارنيغية" أيضاً: "الحراك الشعبي"؛ و"إنقاذ التحول الديمقراطي من الانهيار"؛ و" تدخل الجيش في السياسة وانقلابه مدعوماً بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية على الآليات الديمقراطية"؛ و"معارضتي للسلطوية الجديدة التي أسست لها عودة الجنرالات إلى الحكم" و"غابت الشرعية الأخلاقية عن حكم الجنرالات".
• ومن عباراته الكاشفة لاصطفافه "الكارنيغاوي" ما يزعمه في مقاله: "حَضَرَت السلطوية الجديدة كأمر واقع صنع مؤسساته التنفيذية والتشريعية منزوعة المصداقية الديمقراطية، وتغوّل على المؤسسات القضائية، وعصف بحقوق وحريات المواطن مستخدماً أدوات القوانين المستبدة والانتهاكات الممنهجة والممارسات القمعية وإغلاق الفضاء العام مجتمعاً مدنياً وحياة سياسية تعددية وإعلاما مهنياً يلتزم الحقيقة والمعلومة ويقبل الرأي الآخر".
• ويواصل عمرو حمزاوي أداء وظيفته "الكارنيغية" بمطالبته: "بتحفيز المكونات الديمقراطية في المجتمع المدني على مواصلة مهام توثيق انتهاكات الحقوق والحريات (رغم القمع)، وكشفها للناس (بالرغم من الحصار الإعلامي)، والدفاع عن الضحايا (على أعدادهم المخيفة)!!
*****

إن "لطميات" عمرو حمزاوي و"ندبياته" السياسوية كما يتضح لا تخرج عن الخطاب الدال على أجندة مراكز التفكير الاستخبارية والرأسمالية في مرحلتها العولمية؛ بالتباكي الكذوب على افتقاد نمط الديموقراطية الغربية في الدول محل الاستهداف؛ في الوقت الذي تتغافل عمداً – أو لا تدرك - مخالفة بنيوية معطيات الواقع الاجتماعوي والاقتصادوي والثقافوي لتلك الصورة التي يُروِّجون لها. أي ضرورة اجتهاد تلك النخب إذا كانت وطنوية حقيقية للعمل على انتاج نمط إدارة سياسوية تراعي خصوصوية ظروف الواقع ضماناً لنجاح الفعل الديموقراطي الذي تشتهيه وتُروج له.
- فكيف يا عمرو حمزاوي منهاجياً لمجتمعات الفقر التي تتجاوز نسبة الأمية الألفبائوية فيها الـ 50%على الأقل والأمية الثقافوية والسياسوية الـ 80 % أن تضمن لها ممارسة هذه العملية بشكل صائب وواعٍ وصحيح أمام الصناديق، وما هي الآليات التي تضمن فعالية الديموقراطية في تلك الظروف، وإلا يتم استغلالها من النخب الانتهازية؟
- وكيف يا دكتور عمرو حمزاوي لمجتمعات تتهددها المخاطر الوجودية من الغرب الرأسمالي بالتفتيت أن تحرض جماهيرها للتضاد مع جيوشها الوطنوية بإشاعة النظرة السلبية حولها؛ في الوقت الذي تمثل فيه هذه الجيوش الوقاء للأوطان، وتواصل ترويج الدعوة لدخول الجماهير في عداء مع جيوشها على الرغم من أن عديد هذه الجيوش يتشكل من أفراد شعوبها؟
- أين كنت يا عمرو حمزاوي وأين كانت هذه المراكز المشبوهة بعد "اتفاقية السادات" والمرحلة المباركية؛ والتي قادت مصر إلى الخروج من نهج "التنمية الشاملة الاستصناعية والاستزراعية والتثقيفية"؛ ما أتاح الفرصة لنشوء الرأسمالوية الطفيلوية بنخبها الهشة والتي قامت بإلحاق مصر بعجلة التبعية للرأسمالوية العولموية التي تخدمها هذه المراكز وتنفذ أجنداتها ومنها مركز "كارنيغي" الذي تعمل به ولا تزال؟
- ألا يدرك عمرو حمزاوي مع النخب المماثلة له المتنشطة والمؤطرة بالفكر الرأسمالوي أن ذكاء "المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية" وفكرها الاستراتيجي العملياتي الموضوعوي المبني على دراسات تحليل عقولها للواقع في مرحلة مبارك؛ جعلها بذكاء تتحرك لتتحول إلى مؤسسة وطنوية منتجة أيضاً استزراعياً واستصناعياً بجانب مهماتها العسكريتارية الأساس؛ بما يدعم مناعة الدولة المصرية؟
- لماذا تمارس يا عمرو حمزاوي المخادعة بصناعة صورة لقيادات المؤسسة الوطنوية العسكريتارية مُشَاَبِهَةٍ لصورة جنرالات عسكر الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية المحترفين؛ ولماذا تقوم بتعميم المفهوم الإمبريالوي الأميركي المسيء للجيش الوطنوي المصري؛ وتواصل عبر خطابك تكريس نهج تلويث سيرة جيوش التحرر الوطنوي القديمة؟!!
- ما المستهدف الذي تقصده يا عمرو حمزاوي من الحديث عن "عسكرة" الدولة المصرية؛ متناسياً أن جهازها التنفيذي العميق يضم قرابة الملايين الستة من الموظفين المدنيين؛ وأن تسكين بعض المراكز القيادية بعسكريين سابقين في بعض المحافظات لا يأتي إلاَّ مراعاة للضرورات اللوجيستوية والأمنوية الخاصة بمواقع حدودوية أو استراتيجوية تمس الأمن الوطنوي المصري!
- هل يحك عمرو حمزاوي جلده كعادة نوعيته من النخب المتنشطة متحسساً من التزام الجيش المصري وقيامه عبر مؤسساته النوعية بتنفيذ المستهدف الوطني في إطار خطط الضرورة للبنية الأساسوية الجديدة من طرق ومناطق استصناع متخصصة؟ في إطار وظيفته الوجودوية لإنقاذ الوطن المسؤول عن أمنه وسلامة وجوده؛ إن تلك المؤسسات الاقتصادوية العسكريتارية تمثل القطاع الثالث في الدولة بعد القطاعين العام والخاص.

ولعل حمزاوي بتحسسه ذلك يقاتل من أجل عدم إخراج الرأسمالية الطفيلوية المصرية الفاسدة من اللعبة الاقتصادوية لكي تواصل تطفلها وتبعيتها الاستيرادية... وتنتج مزيداً من الفقر والبطالة؛ فتتوفر بذلك آليات البيئة المناسبة لإنتاج القلق والحنق الاجتماعوي الذي يحطم القاعدة العريضة من الشباب المصري؛ فيعلن تمرده ويتحول إلى حالة الاحتراب مع الجيش المصري العظيم؛ وهذا هو مستهدف "كارنيغي" وأمثالها من المؤسسات التي تديرها وكالات الاستخبارات الرأسمالية بخُدَّامها من النخب "المتشيطنة"!!
وفي حقيقة الأمر أن عمرو حمزاوي مثل أشباهه من المتنشطين المتمسِّحين بالجماهير ومنافقيها لا يقبل بأي فعل اشتغلت عليه المؤسسات الوطنية الأكثر إخلاصا للوطن منه وأمثاله والمحكومة بدورها الوطني؛ لأن الأجندة التي ينفذها حمزاوي وأشباهه تقوم على افتعال انتاج القلق الاجتماعي؛ والتشكيك في الجيش الوطنوي المصري؛ وهذا هو مربط الفرس، فذلك الجيش بقياداته لا يبيع أرض الوطن مهما كانت السيناريوهات؛ لكن المشكلة هي أنه حطم لُعبة تمكين "التنظيم المتأخون"؛ وأوقف تنفيذ سيناريو "الشرق الأوسط الجديد" الذي يعتبر عمرو حمزاوي أحد الموظفين البارزين في الترويج لتطبيقه بتعميم فكر الفوضى!
****
إن خطاب عمرو حمزاوي يكشف تمركزه "الكارنيغوي" بسفور فاضح؛ وبأهدافه ولغته وما استند إليه؛ ما يضطره للقيام بدور مشابه لـ "ندَّابة المآتم" التي تولول كذباً على ميت لا تنتمي إليه؛ وقد قام هو بدور الندَّابة السياسوية البكاءة على "الديموقراطية" أو حائط المبكي المتوهم للنخب التابعة لفكر الرأسمالوية العولموية؛ أو التي تقبض من مراكز أبحاثها بالدولار مقابل أتعابها في إحداث القلقلة بأوطانها؛ وصناعة صورة سلبية مزيفة؛ فليواصل حمزاوي وأمثاله كما شاء لطمياته؛ لأن لمصر جيشاً يحميها بعون الله.
"رأفت السويركي"

السبت، 27 يونيو 2020

من "تغريداتي" في "تويتر"
--------------------
الذباب الالكترونوي للجماعة البنائية المتأخونة يتصف باللزوجة عندما ينشط عبر "الريموت كنترول" في الفضاء الافتراضوي"تويتر" و"فيسبوك"؛ حيث لا يترك قضية إلا ويمارس الطنين حولها حسب توجيهات وتعليمات "دهاقنة" الجماعة إليه؛ خاصة إذا كانت تتعلق بالدولة المصرية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ بحكم الثأرات التي تضمرها هذه الجماعة لتلك الدول الثلاث؛ التي عطلت باقتدار المخطط الماسونوي الموضوع بتمكين تلك الجماعة من الهيمنة على الخريطة العربية.
*****
هنا أعيد إشهار تغريدتين لي ترتبطان بالقرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بإقامة شعائر الحج العام الجاري؛ وفق ترتيبات خاصة وبصورة مقننة تلبية لضرورات الجائحة.
إذ ما كاد القرار السعودوي يتم الإعلان عنه حتى نشطت "أسراب الذباب" المتأخون؛ وقد تخيرت أنموذجا للتعبير عن مدى تردي التفكير المتأخون حيث أطلقه المتأسلم المتأخون "حاكم المطيري"؛ مخادعا الجمهور بممارسة توظيف المنطق المغالط في الهجوم على التوجه السعودوي.
فهذا المطيري يقوم بإجبار النصوص وكسر عنقها وتوظيفها بالمغالطة لتخدم أغراض المتأخونين ورعاتهم المريضة؛ متغافلا عن روح النصوص؛ وفقه الضرورة الذي أجاز أكل لحم الميتة والخنزير حفاظاً على استمرار الحياة... كما يلي:
*******

بيان السعودية الخاص بالحج:

---------------------------
** واس العام
@SPAregions
#عاجل #وزارة_الحج: "تقرر إقامة حج هذا العام 1441هـ بأعداد محدودة جدًا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة". http://spa.gov.sa/2100944 #واس_عام
٨:١٠ م · ٢٢ يونيو ٢٠٢٠·
============================

تغريدة المغالطات المتأخونة:

--------------------------

**أ.د. حاكم المطيري
@DrHAKEM
· ٢٢ يونيو
"هذا حج صوري وتحويل المسجد الحرام إلى متحف وطني لا يزوره إلا من تسمح له الحكومة السعودية! وليس هو الحج الذي شرعه الله بقوله ﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق﴾ وقال ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين﴾!
## الرد على تغريدة المطيري:
-----------------------------
@RaafatAlswerky**
"حقاً أنتم جماعةُ بَنَّائِيَّةٌ مُتَأَخْونة؛ لا تستحقون الشعور بالشفقة. أَلَمْ تسمع نداءَ "الصلاةُ في بيوتكم ورحالكم"؟ ألا تعرف قاعدة "دَرْءُ الحُدُوْد بِالشُّبُهَاتِ"؟ أيها "المتأسلم": أَزِحْ عنكِ "الَغَرض لأنه مَرَض"؛ فمع الجوائح والمصائب التي تُعَمِّم الضَّرَرَ حيث "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَار" في الإسلام. تُغَلِّبُوْنَ غَرَضِيَّتَكَم الْمَشْبُوْهَة. كونوا مُسْلِمِيْنَ بِحَقٍّ.
==================

التغريدة الثانية:

-------------

** الكاتب السعودي هاني نقشبندي
@haninakshabandi
"لو األغت السعودية الحج هذا العام لقال المسلمون أي خطيئة ترتكبها السعودية؟ ولو أبقته كامل العدد لقالوا كيف تفتك بالحجاج تحت جائحة الوباء؟ الخنجر موجه إلى صدر السعودية دوما. لذلك فإبقاء الحج بعدد محدود مسيطر عليه خطوة ذكية وحكيمة."

## تغريدتي الإيضاحية:

---------------------
@RaafatAlswerky
"اشتراط آداء فريضة الحج بالاستطاعة قاعدة قرآنوية"؛ و"دوران الحكم مع العلة" قاعدة فقهوية؛ تثبت الحكم أو تلغيه. ورغم ذلك فاللطَّامون من الجماعة البنائية المتأخونة؛ الطاعنون في القرار السعودوي بضبط آداء الحج العام الجاري يتغافلون عن سببية الارتباط بـ "علة الإضرار عبر الجائحة". حقاً "في الغرض مرض".
"رأفت السويركي"