السبت، 24 سبتمبر 2016

تفكيك العقل النخبوي الإسلاموي المتأخون (41 )

"تنظيم الإخوان" يفضحه "إيمانه"... إنه لاعب في فريق الغرب "الكافر"!!
         -----------------------------------------------------


 
يُلحًّ على العقل التفكيكي سؤالٌ جوهريٌ للغاية هو: لماذا اندرج التنظيم العقدي المُتسيس المسمى "الإخوان المسلمون" - وقد تسلل وجوده غفلاً أم عمداً إلى 72 دولة عربية وإسلامية وغير إسلامية في القارات الست - ليكون أداة تدميرية لنمط "الدولة الوطنية"، في إطار استراتيجيات النظام الرأسمالي العولمي المحتضن له لتفكيك العالم كله إلى كيانات "جُزُريَّة" يُخَوْصِصْهَا في نسق انتقاله إلى مرحلة التمركز الرأسمالي مهيمناً على العالم كله؟

*****

وللإجابة على ذلك السؤال يتواصل طرح الأسئلة: ما هي "الجينات" أو الشروط البنيوية الكامنة في تكوين التنظيم المتأخون التي رشحته الآن للقيام بهذا الدور؟ وكيف أيضاً يُناقض نفسه خطاب هذا التنظيم مرتدياً مُسوح الإسلام والإيمان، فيما هو يتحالف سياسياً وفكرياً واستراتيجياً مع القوة الرأسمالية العولمية تلك؛ التي تصنفها أدبيات التنظيم وشعارات إشهاره بأنها بلدان "الغرب الكافر" والمعتدي على البلدان الإسلامية وأبرزها فسطين المحتلة؟

هل معنى ذلك أن هذا التنظيم العقدي المتسيس تخلَّى عن ثوابته الأساس؛ ودخل نفق التحالف مع "نظام الكفار" مضطراُ؟ أم أن هذا الموقف المُسْتَجَد ظاهرياً أصيل وغير طارىْ؛ بل يتوافق مع دافع تكوينه الأول كتنظيم انطلاقاً من "النسق الجمعيِّاتي الخاص"؛ أي جمعيات ما فوق الدولة وخارجها؛ والذي تشكلت على أساسه "جماعة الإخوان"؛ تلبية وتجسيداً للكامن الشعوري في ذات "الأنا" للمؤسس الأول "حسن البناء"؟!

*****

ولكي لا يوجه المتضررون من جهد التفكيك الإتهام بأن هذه الكتابات متحيزة موقفياً ضد خطاب "العقل النخبوي الإسلاموي المتأخون"، فالضرورة المنهاجية تتطلب طرح تساؤل منطوقه: كيف يمكن تقويم رحلة تنظيم الإخوان المسلمين العميقة التي امتدت منذ أسسه "حسن البناء" بمصر في مارس/ آذار من العام 1928م كحركة إسلامية إلى الآن؛ وهل لم تكن هناك من "منجزات" إيجابية تُحْسَب لهذا التنظيم؟!!
الإجابة الموضوعية تقتضي العودة إلى الوثائق التي بثها التنظيم وأدواته؛ وكلها مُتاحة لمن شاءَ أن يَطَّلِعَ عليها؛ وإذا كان الشاعر أحمد رامي يقول بصوت ام كلثوم: "الصَّبُ تفضحهُ عيونه وتَنُمُّ عن وَجْدٍ شُؤْوُنُهْ"، فإن التنظيم الإسلاموي المتأخون تفضحه الشبكة العنكبوتية "الانترنيت" وكفى... كيف:

- "موسوعة ويكيبديا" العامة تذكر وصف الجماعة لنفسها بأنها:" تسعى... في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة؛ فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام..."؛ والسؤال كيف يسمح الحليف الرأسمالي العالمي "الكافر" للتنظيم المتأخون بإقامة دولة دينية "إسلامية"؛ هي في حد ذاتها عند إقامتها تمثل نقيضأً للغرب الكافر؛ وتتنافى مع شروط وجوده الجوهرية؛ لأن النظام الرأسمالي " يتخذ من فصل الدين عن الحياة مبدأً له"؛ أم أن شروط "الجاهلية" حسب مفهوم سيد قطب تنطبق فقط على المجتمعات العربية المسلمة؟ والمجتمعات الغربية "مؤمنة"... موقف يمثل قمة السخرية!

- "موسوعة ويكيبديا" أيضاَ تذكر عن التنظيم المتأخون "أن الجماعة لها دور في دعم عدد من الحركات الجهادية التي تعتبرها حركات مقاومة في الوطن العربي والعالم الإسلامي ضد كافة أنواع الاحتلال أو التدّخل الأجنبي"، فيما دول الاحتلال والتدخل الأجنبي المقصودة تلك مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا تحتضن وجود هذا التنظيم وأنشطته وتدعمه دولياً؛ انه موقف يدعو للتساؤل؛ بل ويدل على اندراج هذا التنظيم أداة في إطار الاستراتيجيات الغربية!!

- وكيف كذلك للنظام الرأسمالي العولمي أن يخون قانونه الأساس الذي يقوم على تفتيت العالم إلى كيانات وجزر صغيرة فيقبل بقيام دولة مركزية عقيدية إسلامية قوية؛ تعتبره في وثائقها وأدبياتها ومسببات إنشائه نظاماُ كافراً؛ لأنه يركز في جوهره كنظام رأسمالي "على زيادة ثروات الإنسان بشكلٍ بعيدٍ عن تدخلات الدولة والنظام السياسي فيها"؛ والمعروف أن نظام الدولة حتى وإن كانت إسلامية سيتدخل لضبط إيقاع الحياة ضمن جغرافيتها السياسية؛ ويحميها من تأثيرات الغرب الكافر؟... موقف مريب!

- وكيف للنظام الرأسمالي العولمي؛ وهو نظامٌ اقصاديٌ يرفع من شأن المال في النشاط الاقتصادي"ويركز على الملكية الفردية وتنمية رؤوس الأموال وزيادتها بكافة ومختلف الأساليب والطرق" أن يقبل بإنشاء دولة ذات "اقتصاد إسلامي"؛ تعتبر النظام المصرفي الرأسمالي نظاماً ربوياً؛ وترفض المنظومة الاقتصادية الرأسمالية البنكية بالمطلق والكامل لأن محركها ربوي؟!... موقف مثير!

- وكيف للنظام الرأسمالي العولمي الذي تقوم عقيدته على تضخيم غريزة حب التملك؛ ويرفض أية ضوابط وأنظمة أخرى تقوم بتهذيبها، وقد قاتل دولها وأنظمتها إلى حد الانهيار كالإشتراكية والشيوعية ورأسمالية الدولة؛ كيف له أن يقبل في الوقت نفسه قيام تنظيم الإخوان المسلمين بتكوين دولة عقيدية إسلامية ترفض نهج اقتصاد الكفار الربوي؟... موقف لا معقول!

إنها إذن العلاقة السياسية والاستراتيجية الخفية المشبوهة للغاية؛ التي تسمح بأن يتحالف النقيضان ظاهرياً؛ أي التنظيم الرأسمالي الغربي "الكافر" والتنظيم الإخواني الشرقي "المسلم"؛ لتحقيق غاية واحدة جامعة؛ حتى وإن اختلفا في العلانية، واتفقا في الخفاء بمبررات واهية!

بمعنى آخر؛ لعل تفسير تلك الحالة أنها تأتي في إطار تكتيك النظام الرأسمالي العولمي والمتغول لتوظيف تناقض التنظيم المتأخون مع الدولة الوطنية في المنطقة العربية والإسلامية. ففي الوقت الذي يتيح فيه نظام "الغرب الكافر" الفرصة للتنظيم المتأخون ليمارس الإنتهازية السياسية؛ المقتبسة من مسلك "التقية" القائم على إظهار الإنسان خلاف ما يبطن والتي عدَّها القرآن الكريم "شعار النفاق" فإن الغرب بذلك يُداعب ويُحرض لدى التنظيم المتأخون المحفزات التدميرية الكامنة لتشارك في تنفيذ مخططات الهيمنة الرأسمالية على العالم؛ بتفكيك نظام الدول الوطنية؛ التي يتناقض وجودها مع دولة الحُلْمِ المُتخيل المُسمى "دولة الخلافة" أو "الدولة الإسلامية الساعية إلى أستاذية العالم" ؟

*****

إن تفكيك خطاب الموقف العملياتي لهذه الجماعة؛ منذ إنشائها وإلى الآن يثبت أنها لم تُقدم للعقيدة ما يستحق أن يتم وضعه في ميزان حسناتها؛ فهي لمْ تخدم الإسلام خدمة حقيقية مجردة عن الغرض لوجه الله؛ ولا يُنسب لها منجزٌ بارزٌ يتم تثمينه عقيدياً؛ مقارنة بما قدمه الرسول الأكرم والصحابة رضي الله عنهم، وما تلاهم من قادة شكلوا فتحاً حقيقياً للعقيدة وفق معطيات تاريخهم.

إن وجه الإسلام الذي قدمته هذه الجماعة ظُلماً؛ هو وجه إسلام الدم والعنف والموت والتكفير؛ وكانت مرجعيتها في ذلك ما وضعه سيد قطب من تعاليم؛ تقوم على اعتبار المجتمعات الإسلامية الآن هي "مجتمعات جاهلية"؛ فضلاً عن تكفير الحكام، والخروج عليهم وفق مقولة الحاكمية "إن الحكم إلا لله"؛ بالتأويل الفاسد للآية القرآنية الكريمة (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) "40- سورة يوسف" باعتبار المقصود هو العبودية لله تبارك وتعالى؛ لذلك خرجت وتوالدت من رحم خطاب فكر هذه الجماعة المشوه تنظيمات: "القاعدة" و"داعش"، و"جبهة النصرة" و"أنصار الشريعة "، و"أنصار بيت المقدس" و"التوحيد والجهاد"، و"الجماعة الإسلامية" و"حركة التكفير والهجرة" و"السلفية الجهادية"... إلخ.

*****

ومع التاريخ الدموي الأسود لهذه الجماعة وامتدادتها وتناسلاتها المتعددة المصنوعة مخابراتياً بتشجيع من ذلك "الغرب الكافر" لها؛ يكون من المنطقي أن يتم تصنيف ذلك التنظيم المتأخون بأنه "جماعة إرهابية" في دول المنبع والنشأة العربية ومنها " مصر – السعودية – الإمارات – موريتانيا على سبيل المثال".

بينما في الوقت الذي اعتبرت فيه روسيا وكازاخستان أيضاً "جماعة الإخوان" تنظيماً إرهابياً، كان ما يدعو للدهشة والذهول برفض بريطانياً داعمة إنشاء التنظيم مالياً في البدايات وراهناً؛ والولايات المتحدة راعية التنظيم الاستراتيجية حظره وتصنيفه كجماعة إرهابية؛ مع اعتراف بريطانيا بأن بعض أقسام الجماعة "له علاقة ملتبسة جدا بالتشدد الذي يقود إلى العنف".

وهذا الموقف البريطاني الاميركي يؤكد أن ذلك التنظيم المتأخون ليس هدفه نشر العقيدة الإسلامية؛ ولكنه يُعدُّ جماعة سياسية مذهبية مُخَلَّقَةً تاريخياً؛ لتكون إحدى الأدوات الاستراتيجية التي يأتي الزمن المناسب لتوظيفها في آداء أدوار محددة، ومنها ما نراه في الوقت الراهن!! 

*****

إن التنظيم المتأخون يدَّعي وهماً أنه سيقيم الدولة الإسلامية حين يتمكن من الأرض؛ أي يصبح الجالس في مقعد السلطة؛ وهذا التمني الأسطوري الخارج عن حسابات الواقع المعقدة، وفي الوجود المتوحِّش للنظام الرأسمالي العولمي يتكشف تهافت خطاب هذا التنظيم؛ والخلل الفكري المنتج والحاكم لمقولاته.

إن عملية التفكيك تتواصل هنا عبر الإشارة إلى بعض أنماط تمكينهم وتجاربهم لإقامة الدولة الإسلامية على الأرض التي تمكنوا منها؛ وهي تجارب سياسية عاكسة لنمط تفكير العقل النخبوي المتأخون الحقيقي؛ وتكشف مدى التردي الذي يُعاني منه هذا العقل؛ وفقره السياسي في خبرات وأدبيات إدارة الدولة التي تمثل أرقي نظم الحكم الحديثة المستقرة.

وبممارسة تفكيك نتائج التجارب الواقعية التي تمكن فيها التنظيم المتأخون من الحكم؛ سيتجلى منظور المستقبل المرعب الذي ينتظر الأمتين العربية والإسلامية إذا تمكن ذلك التنظيم فعلياً من الهيمنة على الواقع؛ فلنتأمل نتائج التمكين المتأخون التي تحققت:

- في السودان:
------------
عندما رفع الدكتور حسن الترابي شعار الشريعة الإسلامية؛ حدث انقسام شمال السودان عن جنوبه؛ وجرى تكريس الطائفية المقيتة في مجتمع السودان المسالم بالطبيعة، والغريب أن الترابى كان أول المرحبين بذلك الانفصال في السودان بحجة التمكن من تطبيق الشريعة الإسلامية. لكن السودان تَفَكَّكْ؛ ووضع التنظيم المتأخون بصمته الأصيلة وزرع بذرة تفتيت وطن كان متوحداً!!


- في سوريا:
-----------

دخلت الجماعة المتأخونة تجربتي صراع قديمة وحديثة مريرة مع الدولة السورية، وتحديداً في وجود حافظ الأسد؛ ولاحقاً في وجود الإبن بشار الأسد؛ والنتيجة الراهنة أن سوريا صارت مُجَمَّعاً لا نظير له لكل جماعات وفصائل الإرهاب والميليشيات المسلحة، سعياً لتفتيتها إلى "كانتونات" عرقية ومذهبية؛ وقد أوشكت العملية على تدمير سوريا الفسيفسائية التعدد لولا تماسك الجيش السوري والدعم اللوجستي الروسي الذي يحاول معادلة التدخل المزري من سلطان تركيا العثمانلية المتأخون وبعض الأطراف من دول الجوار. النتيجة أن الشعب السوري صار أكثر الشعوب تشتتاً في الأرض؛ بسبب الدور غير الشريف الذي تلعبه هذه الجماعة المتأخونة في المسألة السورية؛ بزرع بذور الفتنة بين العلويين والسنة أملاً في اقتطاع جزء من الوطن السوري تتصدره " دمشق، حمص، حماة، حلب، الرقة، درعا" ليكون "كانتوناً" لأهل السنة.

- في العراق:
-----------

سلك التنظيم المتأخون السلوك ذاته المماثل بالعمل السري تقليداً لتجربة التنظم الأم في مصر، عبر اختراق المساجد وامتطاء العمل الدعوي والخيري لغرض معروف في نفس يعقوب، وأعاد إحياء الحزب الإسلامي. وقد شارك التنظيم المتأخون وتعاون مع الأميركيين "الكفار" لاحتلال العراق؛ وبذلك وضع التنظيم بصمته التي يتميز بها سياسياً؛ فتكرس التفتيت المذهبي في العراق الموحد تحت رفع راية الدين فيما مارسوا من خلفها خداع وتضليل العراقيين الذين يذوقون مرارة التفجيرات والمفخخات.

- في اليمن:
----------

مارس التنظيم المتأخون دوره الخفي في تمكين الحوثيين من السيطرة على العاصمة صنعاء والتلفزيون الرسمي والمقار الحكومية و مجموعة من الوحدات والمقار العسكرية كانت تحتوي على عتاد حربي ثقيل استولى عليه الحوثيون بلعبة فرار القيادات من هذه الاماكن، وتؤكد المصادر أن الجماعة المتأخونة تلعب دوراً كبيراً يُهدد الدولة بالسقوط، نتيجة ممارساتها الخفية في اليمن؛ لتضع بصمتها أيضاً بتفتيت اليمن وتمكين الحوثيين المدعومين من إيران منه؛ ولتتواصل لعبة الصراع المذهبي.!!

- في فلسطين:
------------

حماس التي أعلنت رسمياً انتماءها للتنظيم الإسلاموي المتأخون ورفعت أعلامه قصة دالة؛ فهذه الجماعة التي خدعت العرب الوطنيين بأنها "تنظيم مقاومة" لعبت لعبتها التاريخية الأصلية أيضاً بتقسيم الجسد الفلسطيني المنهك فانفردت بالهيمنة على قطاع غزة وعزلته عن الدولة الفلسطينية؛ لتسلك السلوك ذاته للتنظيم الإسلاموي الأم المضاد لـ "فكرة الوطن" حتى وإن كانت "فلسطين"؛ وتكفينا "دعوة قادة فصائل منظمة التحرير لحماس بفك ارتباطها بجماعة الأخوان المسلمين وتنظميها الدولي، وإعلان نفسها حركة وطنية فلسطينية أسوةً بفصائل العمل الوطني الأخرى". ولكن اللعبة الإخوانية الأصلية تتواصل حتى في فلسطين؛ ربما يعود ذلك للكامن الشعوري في نفس المؤسس الأول "حسن البناء"!

- في مصر:
-----------

الحقائق تتكلم؛ واعترافات قادة التنظيم المتأخون بعلاقاتهم الوثيقة مع الأميركيين لا حدود لها؛ وقد ذكر عصام العريان لصحيفة "الحياة" اللندنية:"إن جماعة الاخوان كانت تمد الأميركين بجميع المعلومات التي كانوا يحتاجون إليها في القاهرة، وكان لي الشرف بأني قدمت أكبر التقارير المكتوبة". ويذكرني ذلك بما قدمه سيد قطب من معلومات حين دراسته في أميركا؛ وفضلاً عن ذلك قول خيرت الشاطر:" تعهدنا لأعضاء الكونغرس الأميركي بحماية أمن اسرائيل، وكبح جماح حماس، واحتواء القاعدة والتنظيمات الإرهابية في المنطقة... وكانت أول معاهدة سلام بين حماس وإسرائيل نظمها الإخوان العام 2012م"!

فهل بعد ذلك يحتاج العقل التفكيكي لدلائل تؤكد حقيقة هذا التنظيم الإسلاموي المتأخون ودوره المحدد بتفكيك بُنى الدول الوطنية العربية؛ وقيادة إذكاء عمليات الاحتراب الداخلي بها تحت وهم هدم نظام الدولة المدنية لإقامة الدولة الدينية المتخيلة بدءاً من " الحكومة الإسلامية، فالدولة؛ فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام"؛ بماذا "يا إخوان"؛ بمعاونة "الكفار" في أميركا وبريطانيا وأوروبا!!
*****

وهنا إذا كان الشاعر أحمد رامي يكتب لصوت ام كلثوم "الصبُّ تفضحه عيونه" فإن القياس التعبيري يجعلنا نؤكد أيضاً أن: "تنظيم الإخوان" يفضحه "إيمانه"... إنه لاعب في فريق "الغرب الكافر"!!

"رأفت السويركي"



 اعضاء التنظيم ماذا يفعلون في اروقة الخارجية الاميركية
 مكتب الارشاد مفتوح للسفارة الاميركية في القاهرة
 علاقة حسن البناء ببريطانيا
 الدعم المالي الاميركي للاخوان حقيقي
 تبرئة الاخوان بشهادة اميركية

كتاب يفضح الدور الاميركي في غنشاء جماعات العنف

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

تفكيك العقل النخبوي الإسلامي المتأخون ( 39)

               يمتلكون مفاتيح الجنة والنار... " تكفير أحمد زويل" نموذجاُ!!
                 ----------------------------------------------------------
               
 الراحل أحمد زويل حامل جائزة نوبل
 وجدي غنيم الذي قام بتكفير زويل زوراً
 رسالة محمد مرسي تدين وجدي غنيم ولم يطبق عليها شروك التكفير

 الفتوي التي تضع وجدي غنيم في الموقف نفسه


ما أن غَيَّبَ الموت العالم العربي المسلم الدكتور أحمد زويل؛ الذي مات على دين الإسلام، وقبل أن تقام عليه "صلاة الجنازة" وصلوات الغائب، ويوارى جثمانه الثرى في مقبرته بمصر، وهي من مقابر المسلمين؛ حتي انبرت بعض نُخَب العقل المتأخون في ممارسة أمراضها الفكرية المزمنة بتوزيع "صكوك الكفران" وتجريد الإيمان من العالم الكبير؛ الذي مات مُسلماً مصطبراً لاختبار الله في بدنه مصاباً بالسرطان.

*****

مات أحمد زويل الذي أفاد البشرية بابتكار نظام التصوير الذي عُرف بـ " الفيمتو ثانية"، ويساعد على مشاهدة حركة الجزيئات عند تفاعلها مع بعضها البعض، ويمثل فتحاً جديداً في العلم؛ والذي بكشوفه الدقيقة يكشف إعجاز قدرة الله في خلق الوجود وألية حركة موجوداته في تماسكها وتوازنها؛ تحقيقاً للأمر الالهي بإعمال العقل البشري في خلق السموات والأرض، تبياناً لقدرته الكلية العُلى.

ووسط ظواهر حزن مباغتة الموت لاختتام مسيرة عقل بشري كان يعد بالمزيد من الابتكارات التي ترشحه لجائزة نوبل للمرة الثانية؛ ظهر متأخون "قيَّاء الكلام"- من القيء- اسمه "وجدي غنيم" متنطعاً على فضائية تبث "الجاهلية السياسية" من تركياً؛ ليصف الراحل زويل بالكفر. 

فقد بادره المذيع المتأخون مثله والذي تجرع أيضاً عقائد التنظيم داخل الأنفاق الأرضية المسماة "نظام الاسر" بالسؤال: "هل يجوز لعن الخائن أحمد زويل، أم هل يجوز الترحم عليه"؟ فلم يجد وجدي غنيم غير الرد: "أنا لا أقول أن زويل مشرك، لا بل هو كافر، ولا يجوز الترحم عليه"؛ مُضيفاً بجواز "لعن الدكتور زويل"، وموظفاً في ذلك زيفا آيات قرانية تتكلم عن الكفار والمشركين، ليس المرحوم احمد زويل محلا لانطلاقها عليه.

*****

ووجدي غنيم ماكينة "التقيوء" المتأخونة هذه؛ لا يتوقف كعادته عن تكفير أعيان المسلمين دوماُ وإصباغ "صفات الكفر" على من يَشَاء من البشر والحجر؛ ولعل إحداها بتحريمه مؤخراً "رفع علم مصر" في تظاهرات جماعته المتأخونة؛ مؤكداً أن رفع أعلام مصر لا يجوز بحجة أن مصر "دولة كافرة"!!

وبتفكيك خطاب العقل المتأخون في التوظيف السياسي لقضية التكفير عبر نموذج "وجدي غنيم" هذا؛ يتجلى تهافت هذا العقل المتسيس، وشذوذه في إطلاق الأحكام؛ وتنفضح آلية التوظيف العقدي في مشروعهم السياسي للتمكين، بليِّي عنق الآيات القرآنية وتأويلها على غير مقصودها؛ وتوظيفها في غير مواضع نزولها، وخلاف أسباب نزولها التي يُقاس بها انطباق الحُكْمِ على العِلّةِ قِيَاسَاُ. 

** مرجعيات وجدي غنيم لتكفير أحمد زويل:
-----------------------------------------


إن ما يدل على فساد تفكير وجدي غنيم، واعتلال عقله العقدي المتأخون هو أنه يرتكب من الأخطاء ما يجعله يحفر حفرة التكفير للراحل أحمد زويل، وهو يقع فيها بنفسه؛ وفق المرجعيات التي يستند إليها وصدرها للجمهور بأنها الدليل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه:

- فقد أدَّعى ان زويل كافر، لأنه والى اليهود على المسلمين، مؤكدا عدم جواز الترحم عليه، وفقاً لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين).

- وقد واصل وجدي غنيم التبجح بالقول:" اللي معندوش علم شرعي ما يتكلمشي معايا"!! معتمداً في مرجعيته لتكفير الراحل أحمد زويل على كتاب ناصر بن حمد الفهد: "التبيان في كفر من أعان الأمريكان"؛ وكأن ما قاله ناصر الفهد هو العِلْمِ الشرعي الذي احتكره وجدي لنفسه!!

- ومواصلاً الإيهام بأنه متكىء إلى مرجعيات شرعية يقول إن: " الإجماع على أن من ظاهر الكفّار وأعانهم على المسلمين فهو كافر مرتد عن الإسلام وإثبات الاجماع بذكر أقوال الأئمة على جميع مذاهبهم: الحنفية، المالكية، الشافعية، الحنابلة، الظاهرية".

- والمعروف أن كتاب "ناصر الفهد" يعتمد في التكفير "الناقض الثامن" من قول محمد بن عبد الوهاب في "نواقض الإسلام": "مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل: قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)؛ وهذا ما ادعاه أيضاً المتأخون وجدي غنيم. 

- والمجال لا يتسع للكتابة هنا حول هذا الكاتب نفسه ناصر بن حمد الفهد، ومشكلاته وانتماءاته، وكتابه بإشكالياته العقدية والسياسية الكثيرة، فقد تولى الكثيرون كشفها وتبيان أخطائها. غير أن المتأخون وجدي غنيم اعتبر - وفق هواه المعتل- الكتاب مُسلَّمَةً بحيث لا يأتيه الباطل؛ فاعتمده في تكفير الراحل زويل كالببغاء؛ وهي عادة أهل هذا التنظيم في إطلاق الأحكام .

- لقد تغافل وجدي غنيم عمداً عن اتفاق علماء الأمة بأن "من ثبت إسلامه بيقين لا يزول ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة".

- لكن وجدي غنيم يُغَلِّبْ ظنه لا عِلْمِه اليقيني في الأمر وإطلاق الأحكام؛ مدفوعاً بأن رأسه محشوه بمرويات محفوظة؛ أو مرجعيات إفتاء ماضوية التوجه؛ يُقلِّبها كيفما يشاء في التوظيف الفاسد لغرض هو المرض.

- إلا يتذكر وجدي غنيم ما رواه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه) ".

- لقد نسي وجدي غنيم أن الراحل زويل الذي حصل على الجنسية الأميركية ودرجة الدكتوراة من جامعاتها ومعاملها وبيئتها العلمية لم ينس مصريته وعاد جسده ليُدْفن في مصر.

- لقد عميت عيون وجدي غنيم وعقليته الببغائية؛ عن أن الراحل أحمد زويل عالم مصري حقق منجزات علمية تفيد الإنسانية جمعاء أي "خلق الله"، بتوظيف عقله الذي منحه الله إليه؛ فوجهه إلى ما يفيد الإنسان في الأرض؛ فيما عقلية وجدي غنيم تخصصت في علوم آداب دخول "بيت الخلاء" والترويج لفقه الغزو والسبي والقيان والغلمان، وتمكين التنظيم المتأخون.

- إذا كان وجدي غنيم يشير إلى تعاون الراحل زويل مع "دولة الكيان الصهيوني"؛ فذلك من منظور عولمية العلم؛ فالعلوم لا وطن لها او هوية، فيما تعامى في الوقت ذاته عن العبارة الشهيرة التي قالها محمد مرسي إلى "شيمون بيريز": " عزيزي وصديقي العظيم"؛ وختامها الحميم الذي نصه:" لا سيما إن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد". التوقيع: "صديقك الوفي: محمد مرسي"!!!

** الرسول يدخل مكة معتمراً في وجود عباد الأوثان:
--------------------------------------------------


والسؤال المهم: لماذا نسي وجدي غنيم أن الرسول "ص" اعتمر " ودخل مكة بعهدٍ مع المشركين، وكانت مكة لا تزال تحت سلطان المشركين عُبَّاد الأوثان، ولم يزل أصحابه يزورون مكة ويدخلونها بالأمان مِن المشركين كما دخلها عثمان -رضي الله عنه- قبْل الحديبية؛ ليبلغ رسالة النبي "ص" بأنه إنما جاء معتمرا، ولم يأتِ محارباً".

- وكيف تناسى المتأخون وجدي غنيم الاتفاقات التي عقدها التنظيم المتأخون مع الأميركيين و"الإسرائيليين" لبيع أراضي سيناء وضمها إلى قطاع غزة لتوطين الفلسطينيين؛ وأفسدها جيش مصر الوطني. 

- ولماذا لم تتذكر العقلية المتأخونة لوجدي غنيم قول الرسول الأكرم "ص": (ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله) وقوله الشريف (أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما).

- ألا يتذكر وجدي غنيم ما ذكره العلماء من "أن إطلاق الكفر على من ثبت له عقد الإسلام من غير حجة بينة أو تأويل معتبر؛ يُعد خطراً عظيماً على قائله وإثماً جسيماً في حقه، وجرأة قبيحة في الدين، إذ هو من أشنع الأذية التي تلحق بالمؤمن، وقائلها محتمل للبهتان والوزر، كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} [الأحزاب: 58].

- ألا يعي وجدي غنيم ما ورد "عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ومن دعا رجلا بالكفر، أو قال؛ يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه) [رواه البخاري ومسلم]. و"حار" بالحاء المهملة والراء، أي رجع، احتياطاً وتورعاً لكبح جماح نفسه.

- لقد امتلك وجدي غنيم الجرأة للقول بفجاجة: "أنا لا أقول إن زويل مشرك، لا بل هو كافر، ولا يجوز الترحم عليه". ولعله يشعر ذهنياً بأنه وكذلك بقية المتأخونين امتلكوا مفاتيح الولوج إلى الجنة والنار؛ وأن التبليغ السماوي لم يتوقف عن مدهم ومراجعهم بما ينبغي وما لاينبغي؛ بل ويتكشف الغيب لهم عن فحوى القلوب ومكنوناتها؛ فيعرفون من هو القلب المؤمن ومن هو القلب الكافر؛ ومن هو العبد الصالح والعبد الطالح!!

** السقوط في فخ ما اتهم به الراحل أحمد زويل:
---------------------------------------------


إن العقل النخبوي الإسلامي المتأخون لا يرى إلى الأشياء أبعد من حدود نظره وببغائية ذاكرته النصية؛ ولو أعمل هذا العقل الفكر الناضج لأمن الزلل؛ ولعل حالة وجدي غنيم دالة على كشف تهافت هذا العقل؛ فما اتهم به كفراً أحمد زويل سقط فيه؛ والمرجعيات التي أحال إليها تلقي عليه تهمة التكفير ذاتها:

- وجدي غنيم وللعجب العجاب حصل على الماجستير والدكتوراة في "ربانية الشورى ووضعية الديموقراطية" من جامعة بولاية إنديانا بالولايات المتحدة الأميركية!! أي تتحقق لديه "المولاة للأميركان" نفسها عبر المعلومات التي يقدمها في الجانب العقيدي وفق احتياجات مكاتب الـ " Think tank" التي تستفيد بحصاد هذه الدراسات، مع الأخذ في الاعتبار احتضان الولايات المتحدة الأميركية للتنظيم الدولي للتنظيم الإخواني مع بريطانيا؛ واعتماد استراتيجية تمكين هذا التنظيم لتنفيذ سيناريو الشرق الاوسط الجديد!

- وجدي غنيم يعيش الأن في تركيا بعد تنقل في بريطانيا وجنوب افريقيا ودول أسيوية أخرى هارباً كعادة قيادات التنظيم المتأخون، ويدخل أميركا وقتما شاء وفق قاعدة الموالاة السياسية!

- إن الزي الرسمي الذي يرتديه كثيراً وجدي غنيم هو "البدلة وربطة العنق -الكرافتة"؛ إلا في جلسات الطعام التي يرتدي فيها الجلباب والطاقية الشرعية ليكون مستريحا وهو يلتهم لحم الخراف، خاصة ما جاور منه العظم، والسؤال أليس من مظاهر التشبه بالغرب الكافر ارتداء البذلة وربطة العنق "الكرافتة" ؟

والسؤال المهم لماذا يتجاهل المتأخون وجدي غنيم الفتوى العجيبة الألمعية لمرجع التكفير نفسه ناصر بن حمد الفهد التي تعتبر أن: "لباس ربطة العنق حرام" في "كتاب مجموع فتاوي الاداب"؛ والتي كان نصها: "لا يجوز لبسها لأنها تشبه بالكفار"، وساق ناصر الفهد كل الإثباتات الدالة؛ مؤكداً؛ أنه "لا عبرة بانتشار لبس الكفار بين المسلمين ليقال بأنه لم يعد خاصاً بهم فلا يكون تشبها بهم...".

وهكذا يتجرع وجدي غنيم من الكأس نفسها والمرجع ذاته الذي اعتمد عليه في تكفير الراحل أحمد زويل؛ وليته يتذكر الآية الكريمة: " أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" – "البقرة 44"؛ لأن وجدي غنيم وتنظيمه وقع في الفعل نفسه الذي انتقد به الراحل أحمد زويل؛ ووضع نفسه محل الشبهة التي اعتبرها حقاً!... فلماذا تتشبه يا وجدي غنيم أنت أيضاً بالكفار، في ارتداء البدلة وربطة العنق؟!!

*****

إن تفكيك خطاب العقل النخبوي المتأخون لوجدي غنيم يكشف المنبع والمرجعية التي تمت تربيته عليها، بدءاً من خطاب حسن البنا وخطاب سيد قطب الذي لا يرى في الدنيا كلها إلا أن الناس كلهم كُفَّار، وأن المجتمعات كلها جاهلية؛ ولن يغيرها سوى تفكير مفكري "آداب دخول الخلاء"؛ وليس فكر "الفيمتو ثانية" الكاشف لقدرة الله الكلية في "رصد حركة الجزيئات عند تكوينها وعند تكوين روابط كيميائية بين بعضها ببعض" الذي أنجزه الراحل أحمد زويل!!

"رأفت السويركي"
أصحاب "العقل المتأخون" حين يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم!!
------------------------------------------------------------------------

كلما قادتني المصادفة لمشاهدة برنامج تلفازي أو تسجيل مرئي للمتأخون وجدي غنيم تتعمق لدي مشاعر الدهشة نتيجة إفراطه وأمثاله في توزيع صكوك الإيمان والتكفير على الناس؛ حتى ليبدو الشخص منهم وكأنه يمتلك تفويضا من رب السموات العلى بتوزيع هذه الصكوك وفق قناعاته وتصوره الشخصي.

ومكمن الدهشة يأتي من كون هذه النوعية ممن يسمون أنفسهم الدعاة أصابهم حول البصر وعمى البصيرة؛ إذ يتخيرون من الموروث الديني ما يقومون بتوظيفه لخدمة أغراضهم السياسية ويبرر أمراضهم الفكرية. 

ولعل الموقف الهابط الذي وقفه وجدي غنيم من موت عالم النانو تكنولوجي المغفور له باذن الله أحمد زويل خير تعبير عن أزمة العقل المتأخون حين يتبع هواه في إطلاق الأحكام الظالمة على الناس. فقد سقط في الحكم بتكفير عالم نوبل الراحل؛ بحجة علاقته بدولة الكيان الصهيوني.

لقد تناسى وجدي غنيم الحديث المشهور: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قرضت رجعت، فقلت لجبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء من أمتك، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون. أخرجه الإمام أحمد وابن أبي شيبة.

والمثير في الأمر أن اجتراء وجدي غنيم بتكفير الراحل زويل كان لمبررات مارسها وسقط هو فيها بنفسه؛ عبر مرجعيته نفسها التي اعتمد عليها في التكفير، وليته يعي معنى ما أخرجه الشيخان في صحيحهما من حديث أسامة بن زيد؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه، فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار، فيقولون: أي فلان، ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه. ومعنى تندلق أقتابه: تتدلى أمعاؤه والعياذ بالله.

*****

وحول موقف وجدي غنيم من تكفير الراحل الدكتور أحمد زويل نشر الموقع المميز "إسلام مغربي" تدوينتي التي عالجت فيها هذا الأمر في إطار سلسلة "تفكيك العقل النخبوي الإسلاموي المتأخون" وعنوانها "يمتلكون مفاتيح الجنة والنار... " تكفير أحمد زويل" نموذجاُ!!


ويمكن متابعة المادة في الموقع الإسلامي التنويري المميز حسب الرابط المرفق.
http://www.islammaghribi.com/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A/%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AE%D8%A8%D9%88%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%8A-%D8%AA%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B2%D9%88%D9%8A%D9%84-%D9%86%D9%85%D9%88%D8%B0%D8%AC%D8%A7%D9%8F.html


"رأفت السويركي"

السبت، 10 سبتمبر 2016

 اخناتون وعائلته أول الموحدين
 اخناتون يتعبد للاله الواحد
اردوغان يرفع علامة الاخوان الماسونية

تفكيك العقل النخبوي "الجمعي" المتأخون (40)
            خير وسيلة للدفاع المتهالك... تكرار الحديث عن حكم العسكر!!
            ----------------------------------------------------------

أثارت الحلقة الــ (15) من تدويناتي حول محاولات تفكيك العقل النخبوي المتأخون والتي كان عنوانها: "شعار رابعة... علامة إشهار ماسونية تنظيم الإخوان رسمياً" مداخلات عديدة مضادة؛ ليست على جداري في "فيس بوك" ولكن على جدار الصديق "السعيد شتيتح"؛ الذي لم يَقُمْ بإعادة نشر التدوينة؛ ولكنه أفرد مساحة كتابية طويلة رداً على هذه الكتابة؛ مُذكراً بنمط تقليدي من أنماط المراوغة السياسية في إطار تكريس الرأي الوحيد؛ بالهروب من وضع الحجة مقابل الحجة.

*****

فالصديق السعيد شتيتح قام باستخراج بعض نتائج تدوينتي التفكيكية الكاشفة لماسونية التنظيم المتأخون في فقرات، ورصفها في أسطر تنزعها من سياقها الجامع؛ مستهدفاً إبطال فعالية العملية التفكيكية المقصودة؛ والتي كان هدفها الـتأكيد المنطقي لكل النتائج التي قام بتلخيصها؛ وهي نتائج ليست جديدة؛ وليست اكتشافاً خاصاً بي؛ بل تمتلىء بحقائقها بطون الدراسات الاختصاصية؛ والاعترافات للخارجين عن التنظيم المتأخون وكتبهم عن ماسونية المؤسس"حسن البناء"؛ والاعترافات الكتابية لسيد قطب وحسن الهضيبي...إلخ.

محاولتي التفكيكية تلك كان غرضها إثبات هذه النتائج فعلياً؛ عبر تفكيك تشكلات الخطاب الحروفي، والصوتي والحركي لقيادات التنظيم المتأخون ومستوياتهم المختلفة؛ بما يعمق حضور هذه النتائج؛ ويؤكدها في إطار كشف الدور الجديد للتنظيم ضمن الاستراتيجية العولمية للنظام الرأسمالي العالمي؛ وهو يلعب في منطقتنا لعبة التقسيم والتفتيت التي أسميت وهماً "الربيع العربي"!!

وجاءت كتابة الصديق السعيد شتيتح وتعليقات أصدقائه عليها - وأنا لا أملك أن أضعه أو أضعهم في مربع الانتماء للتنظيم المتأخون- لكنها بتحليل رَدِّ فعلها تكون دالة على نمطية العقل الجمعي الواقع تحت تأثير ذلك التنظيم؛ وما يؤكد ذلك الاستنتاج المنطقي أن الصديق شتيتح وأصدقاءه لم يتصدوا لتفنيد اي من الحقائق المثبتة في تدوينتي بالوثائق حول ماسونية التنظيم؛ وذهبوا إلى قضية لا تنتمي إلى الحقل الذي يجري تفكيكه.

وربما يكون مرد ذلك؛ أن الصديق شتيتح لم يقم بوضع رابط كتابتي الأصلية أو "تشييرها" في صفحته ليطلع عليها من يهتم بالموضوع؛ ويقارن بين ما كتبته وما ذكره السعيد شتيتح؛ مكتفياً بتلخيص بعض فقراتها؛ ليضع رداً لا يمت للقضية المذكورة بصلة؛ فضلاً عن استخدام بعض العبارات المتأخونة سياسياً في كتابة مداخلته؛ تحيل إلى الأسطوانة المشروخة عن العسكر وحكم العسكر في مصر؛ وتأثيرات العسكر....إلخ 

*****

لقد ذكَّرني تعليق الصديق السعيد شتيتح بالطُرفة المروية عن "جحا"، حين مرت ببيته ذات يوم جنازة وكان يقف معه ابنه؛ فسمعا من يقول في الجنازة عن الميت: الآن يذهبون بك إلى بيت لا فراش فيه ولا غطاء ولا خبز ولا ماء. فقال ابن جحا تعليقاً: والله يا أبي إنهم يذهبون إلى بيتنا!!!

ولربما يتساءل البعض ما علاقة طُرْفَة جُحَا بالكتابة حول "ماسونية" تنظيم الإخوان المسلمين؟ مكمن التشابه هنا أن العقل المتأخون يقوم في محاججته السياسية بتوظيف القياس غير الصحيح في منطقه؛ ويهرب من حقل الموضوع محل الحِجَاجِ دوماً إلى موضوع من حقل مغاير؛ درءاً للتورط في تهافت الحجة؛ بانتزاع الحوار إلى حقلٍ مُغايرٍ بَديلٍ تكون حُجَّتُه تُغني من وجهة نظره عن التورط في مجال المحاججة الأصلي؛ بمعنى عام استخدام نمطية إطلاق قنابل الدُّخَان لصرف الأبصار عن مكمن الإشكالية، فالتدوينة تتحدث عن ماسونية التنظيم وهم يقودوننا للحديث عن العسكر، هروبا من مواجهة الحقيقة.

*****

ومواصلة لتوظيف منهجية التفكيك التي لم تُرضِ نتائجها الصديق شتيتح وأصدقاءه حول "ماسونية تنظيم الإخوان المسلمين"؛ سيجري إخضاع كتابته تلك لهذا المنهج؛ من "منظور تفكيك نمطية العقل الجمعي المتأخون"؛ مع التأكيد للمرة الثانية أنني لا أضع الصديق شتيتح تنظيمياً في هذا المربع الإخواني؛ ولكن خطابه مماثل لخطاب العقل الجمعي المتأخون؛ وأخشى أن يكون الصديق الذي هو من الجزائر الحبيبة أرض المليون شهيد بأيقونتها "جميلة بوحريد" التي كانت أيقونة مجتمع ثورة 23 يوليو / تموز المصرية التي قام بها العسكر حسب قوله؛ قد تأثر بخطاب فرع هذا التنظيم في الجزائر نتيجة رحلة الشتات التي عاشها التنظيم خارج "مصر المحروسة" بعناية الله. 

*****

والآن... خطوة خطوة مع كتابة الصديق السعيد شتيتح:
----------------------------------------------------


• لقد وصف كتابتي المتعددة حول تفكيك العقل النخبوي المتأخون بصلاحيتها لتكون كتاباً ضخماُ:" على غرار المشاريع النهضوية الكبرى التي أعلن ويعلن عنها النظام المصري الصوري الجديد بقيادة العسكر!" 

والسؤال: ما علاقة هذه الكتابة الفكرية بمشروعات يجري العمل عليها الآن في مصر؛ تصيب لقوتها وحقيقتها التنظيم المتأخون ورعاته الأميركيين والبريطانيين بالقلق نتيجة إفلات مصر بفضل من الله من مخطط الاحتراب الأهلي؛ والتفتيت الحادث في العراق وسوريا وليبيا الذي لعب التنظيم المخلوع فيه من حكم مصر الدور الكبير في تدمير دول الوطن العربي؟... عليك ياصديقي تذكر قولة ابن جحا لأبيه!!

• فما ساقه الصديق شتيتح من عناصر كتابتي الدالة على "المسكوت عنه" من ماسونية التنظيم المتأخون قديماً وحديثاً؛ لم يقترب منه تفنيداً أو تصويباً أو نقضاً؛ لأنه كان مقروناً بالدليل الوثائقي المصور الذي لم يملك نفيه أو التشكيك فيه؛ فذهب مرة أخرى للقول المراوغ: "هذا المسكوت عنه لا يشمل إطلاقا الزمن الراهن وما يحدث في مصرنا العزيزة وفي أوطاننا الغالية إلا ماسونية الإخوان ويهوديتهم!!!". 

والسؤال: هل منهجياً يصلح الحديث عن الأحوال التي تمر بها مصر والأوطان العربية في إطار مشروع تفكيكي فكري للعقل المتأخون؟ غير أن جداري يا صديقي على "فيس بوك" عامر بالكتابات حول العديد من تلك القضايا المغايرة التي يطلبها الصديق شتيتح.

أما إذا كان يقصد أن تكون الكتابة وفق هوى التنظيم المتأخون مضادة لدور الإنقاذ الوطني للجيش المصري الراهن إنطلاقاً من وقوعه في أسر اصطلاح "حكم العسكر" الذي يردده المتأخونون والمتأدلجون من شتات نمطية النظرية الماركسية؛ فهذه قضية أخرى؛ وأُذَكِّرَ الصديق حتى لا ينسى بالدعم الكبير والتماهي الذي قام به "عسكر يوليو" مع الثورة الجزائرية المباركة.

وفي هذا الإطار أحيل الصديق السعيد شتيتح فقط إلى بيان جبهة التحرير الوطني الجزائرية الذي قالت فيه: " لا ينسى أي جزائري أن مصر الشقيقة تعرّضت لعدوان شنيع/ 1956/ كانت فيه ضحية تأييدها للشعب الجزائري المناضل. ولا ينسى أي جزائري أن انتصار الشعب المصري في معركة بورسعيد التاريخية ليس إلا انتصارا لواجهة من واجهات القتال العديدة التي تجري في الجزائر منذ ثمانية وثلاثين شهراً، وأن الشعب الجزائري المنهمك في معركته التحريرية الكبرى ليبعث إلى الشعب المصري الشقيق وبطله الخالد جمال عبد الناصر بأصدق عواطف الأخوة والتضامن، وعاشت العروبة حرة خالدة، وعاش العرب تحت راية الاستقلال والعزة والمجد. " راجع ويكيبديا".

• ويسعدني الصديق شتيتح مشكوراً بقوله عني: "واعترف له بقدرته العجيبة على الاسترسال وصناعة الحبكة والألفاظ بهذا الزخم الكمي وهذه المنهجية السيميائية التي لم تتوالف مع "المسكوت عنه"!.

والسؤال: كيف يمكن إنكار كشف المسكوت عنه في الخطاب المتأخون؛ والكتابة لا هدف لها سوى الاهتمام بكشف هذا المسكوت المختبىء في الخطاب ومنتجيه مع تعدد المراحل من عمر التنظيم؟ أتمنى أن تعيد النظر في الحلقات مرة أخرى.

• ويطرح الصديق شتيتح في معرض نفي الماسونية عن التنظيم المتأخون سؤالاً على نفسه كاشفاُ عن فهم قيمي غريب بحرفه:" أليس التراكم المعرفي التاريخي الفرعوني الاغريقي الفارسي الهرمسي الغنوصي الهكسوسي الامازيغي السينوي، هو الذي أمد كاتبنا - يقصدني - بهذا الاسلوب العجيب؟. نحن نعلم أن جميع الحضارات القديمة توغلت في العمق المصري الفرعوني القديم، لكنها لم تتأثر حتى وإن كانت هي الغالبة.. بل على العكس من ذلك نجد أن اللغة المصرية والسلوك المصري هو المؤثر في الحضارات القديمة. لذلك تدعى مصر بأم الدنيا"!!.

والسؤال مقابل سؤاله: أليس يا صديقي ما ذكرته يكشف ثراء وأصالة ما يسمى العقل المصري التاريخي مع تحفظي على حكمك القيمي؛ وهل يعيب ذلك العقل كل ما ذكرته؛ فمصر كانت أول دولة للتوحيد الإلهي؛ وزارها وتزوج منها الخليل إبراهيم السيدة هاجر أم إسماعيل جدة المسلمين الموحدين؟! 

ويكفي ما حملته البرديات والنقوش الحجرية عن "أخناتون" الذي كان ينشد للإله المعبود: " يا من يُضىء المشرق بنوره، فتملأ الأرض بجمالك، أيها الجميل القوي الرائع العلي فوق الأرض، تعاليت فامتد نورك على الأرض". 

• فكيف ياصديقي شتيتح تصف هذا العقل المُحدَّد بأنه صاحب: " منهج مصري خالص أساسه الابتعاد عن الجوهر وعن ذات الموضوع، واصطناع تفرعات كثيرة بداياتها سليمة ومآلاتها على الغالب كاذبة. المراد منه بلوغ الذروة في الانتصار والظفر بالفوز ألحجاجي الكلامي. والابتعاد قدر الإمكان عن الفكرة الأساس والجوهرية وصناعة خطابية ملهمة تأسر القلوب قبل العقول. ولا أدل على ذلك من حادثة فرعون مصر مع النبي موسى ونعرف جيدا النهايات!!!".

والسؤال: لماذا هذا التعميم القيمي التجزيئي في الحكم يا صديقي السعيد؛ فهل هناك عقل مصري؛ وعقل جزائري وعقل مغربي؛ وعقل سوري؛ أم عقل عربي مسلم شكلته اللغة والمعتقد الواحد والمصير الجمعي الجامع في المنطقة من محيطها إلى خليجها؟ من الواضح أن هذا التوجه القيمي عاكس ومتأثر بطبيعة خطاب العقل الجمعي المتأخون الذي ينفي هوية المنطقة العربية ويحيلها إلى هوية التنظيم المتأخون والمتسيس فقط؛ فالوطن هو "الجماعة" والنظام هو "التنظيم"!

والسؤال أيضاً: لماذا يُركز الصديق شتيتح على الإحالة إلى "حادثة فرعون مصر مع النبي موسى"؟؛ وأرجوه أن يعود لقراءة تدوينتي حول "المسكوت عنه اليهودي في فكر حسن البناء" ليعرف سر تركيز الخطاب النخبوي الجمعي المتأخون أيضاً على وصف السلطة بالفرعون؛ والإشارة إلى موسى نبي اليهودية ليعيد النظر في بعض قناعاته؛ خاصة إذا لم يكن يقف في مربع التنظيم المتأخون.!!

• ويرفض الصديق شتيتح المس بالذات الأردوغانية؛ على الرغم من أن أردوغان قام بالتقعيد التنظيمي وإشهار ماسونية التنظيم عولمياً بعلامة "رابعة" الماسونية؛ ولم يُقدم أي نقض لكل ما كُتب ملتمساً حسب نصه:" العذر للكاتب المُفكك – يقصدني - كون الخطاب التفكيكي منهجه تاريخي جامد خال من أي أداة منهجية علمية رصينة ..فهو أقرب للسرد الحكواتي من التحليل والاستنباط والاستنتاج الذي قعده ابن خلدون...إلخ". 

• ويصف الصديق كتابتي أيضاً بالقول: "أجد تفكيك سيدي موغل في النظرة التاريخية الكلاسيكية بل هو قديم جدا يعود إلى ما قبل السقراطية. وهم السفسطائيون والسفسطائية تنطلق من مسلمات وتنطق بالسؤال وراء السؤال ..حتى الفكرة السفسطائية لن تسلم من السفسطائية..."!!

والسؤال: بالافتراض الجدلي أنني استخدم "السفسطائية" وهذا غير صحيح؛ أليس في استخدام تعبير السفسطة بهذه الطريقة ظلم لتلك الفلسفة التي تمثل مرحلة عصر الأنوار يا صديقي وترافقت ديموقراطياً مع حكم الشعب لذاته بعد انحسار تسلط "الأوليغارشية"؛ وقد تولى السفسطائيون التعبير بمذهبهم العقلي ومنطقهم القوي عن شعبهم في اليونان؛ وقد نال هؤلاء ما نالوا من القتل والتعذيب!

لقد وقع الصديق شتيتح في فخ ابتلاع الصورة الذهنية المشوهة فلسفياً وسياسياً عن السفسطائيين أبناء مرحلتهم التاريخية؛ وأخشى أن يكون تأثير العقل الجمعي المتأخون الذي يمقت لفظة "الديموقراطية" قد أثر عليه. فالعقل المتأخون؛ سياسياً عقل انتهازي يلوك كلمة "الديموقراطية" من أجل التمكين السياسي فقط وهو مضاد لها قلباً وقالباً. وهذا التناقض الموقفي يوقع في حرج التسليم بالرائج من دون إطلاق الحرية للعقل التابع لكي يفكر وينتقد وينقض ويتفق ويقتنع! 

• لقد اختار الصديق السعيد شتيتح لختام كتابته الدفاع عن صاحب "الذات السياسي المقدس" الإخواني العولمي العثماني رجب طيب أوردوغان؛ بوصفه بغرابة بالديموقراطي والشرعي والذي حقق منجزات اقتصادية معجزة في تركيا؛ مقابل ما حققه عسكر مصر حسب تعبيره: " منذ الانقلاب الأول على الملك فاروق والثورة المصرية بزعامة العسكر كذلك.. ولا يزال "العهد دسّاسا"!!! إلى يوم الناس هذا...حكم العسكر وحكم العسكر وحكم العسكر..ثم حكم العسكر".!

والسؤال: لماذا يا صديقي لا تتمهل وتتحرر من المسلمات السياسية؛ وتعرف لماذا حققت تركيا ما تتحدث عنه؟ هل يخرج ذلك عن شروط توزيع الأدوار الاقتصادية في إطار عولمة النظام الرأسمالي العالمي؛ وما مدى ارتباط التجربة التركية بقوانين هذا النمط الاقتصادي العولمي وشروطه؟ حاول التفكير في هذه الموضوعة أكثر.

ولماذا تتغافل يا صديقي شتيتح عن النهج التوسعي السلطاني العثماني في وثائق الأوردوغانية ورفيقه المنزوي "أوغلو"؛ وما أحدثه بالمشاركة في تدمير العراق وسوريا، وقد أفلتت مصر المحروسة بفضل عسكرها الوطني من أطماعه؛ خاصة وأنها تُذكره بالعسكري الذي برع في مصر سابقاً محمد علي قاهر العثمانية؟!

*****

إن تفكيك تدوينة الصديق شتيتح يستحق أكثر بكثير من هذه الكتابة؛ ولكن المقام لا يتسع؛ فما قدمه كان يمثل أفضل تعبير مماثل لخطاب العقل الجمعي المتأخون؛ ومرة أخرى لا أضع الصديق بذلك القول في المربع المتأخون؛ على الرغم من أن كتاباته تذكر بوضوح بخطاب هذا العقل كوسيله لدفاعه المتهالك يكرر الحديث عن العسكر وحكم العسكر؛ ويصفق أيضاً للمتأخون الدولي أوردوغان. أما ردود أصدقائه فتؤكد جميعها كل ما ذكرته؛ لأن العقل الجمعي واحد، وخطابه يقول لك من خلف كل نص: يا قارىء هذا متأخون فانتبه"!!!


                                                                       "رأفت السويركي"
==========================



‏‏السعيد شتيتح‏ و‏‎Raafat Alswerky‎‏‏.

                                 في حلقات التفكيك السويكري ...

لقد انكب المفكك الفيلسوف رأفت السويكري؛في عملية تفكيكية مضنية للعقل النخبوي الإسلامي المتآخون.و بلغ مشواره الطويل إلى الحلقة(15)..قد يصلح أن يكون مشروع كتاب ضخم على غرار المشاريع النهضوية الكبرى التي أعلن و يعلن عنها النظام المصري الصوري الجديد بقيادة العسكر!.

لم يكن هذا التفكيك الغاية منه على حسب قول صاحبه:"..على سبيل التشهير بهذا التنظيم" إنما هو"..نتيجة الجهد التفكيكي لخطاب النخب المتأخونة"!.
النتائج كانت :


1- حركة الإخوان المسلمون صنيعة أجهزة مخابرات لدول كبرى هي (بريطانينا و الولايات المتحدة الأمريكية) .


2- انتشاره في 72 دولة عربية و إسلامية و غير إسلامية في جميع القارات الست.


3- هو ذراع سياسي عولمي لهذه الدول الكبرى.


4- تاريخ الحركة السري يعود الى العام 1800 م.لما تخفى هذا التنظيم في المحفل الماسوني الأول بمصر"محفل ايزيس" و الذي أسسه ضباط فرنسيين.


5- تنظيم الإخوان يطلق " علامات الإشهار العولمي الماسونية في العقد الراهن "..ألا وهو شعار رابعة لكن بشيء من المكر و الحذق بإخفاء العين الماسونية تقية منهم خوف اكتشاف سرهم الخطير للمريدين و الأتباع. 


قدم لنا الأستاذ السويكري بعدة مسوغات لتقديم حججه حول هذه النقاط التي دعانا فيها أن نكتشف" المسكوت عنه"،وهذا المسكوت عنه لا يشمل إطلاقا الزمن الراهن و ما يحدث في مصرنا العزيزة و في أوطاننا الغالية إلا ماسونية الإخوان و يهوديتهم!!!.


بدأ عمله التفكيكي داخل كرونولوجيا تاريخية جامدة و مطلقة!.منذ النشأة مرورا بأصل المؤسس الأول ووالده المنتسب إلى البنائين الأحرار!"الماسونية".و اسم العائلة المغلف بهذا الطابع "البنا"!!!لخير دليل منهجي ومنطقي على ماسو نيتهم!؟..
ثم نفس الشعار الذي يعتمده البناءون الأحرار وهو شعارالإخوان المسلمون!"الاخوة"."المساواة"و"العدالة"و"السلام"..و شعار "الأخوة" عامل مشترك...و هذا دليل قاطع لا يقبل الشك بالمرة على "ماسونيتهم"!؟؟.


و أشار من بعد إلى استعمال "الإسلام" " السمح بربانيته" في شعارهم لإيهام أتباعه و التشويش عليهم،و لإضمار نية خبيثة على أن الإسلام دين عنف و تقتيل المرموز له في الشعار "السيفين المتقاطعين و القران و كلمة أعدوا على أرضية خضراء اللون"...؟.


ثم استعمل التنظيم أدوات العولمة الجديدة" الهاتف و وسائل الاتصال" ليعلن عن شعاره الجديد " الأصابع الأربعة السوداء و الخامس المنثني على أرضية صفراء".الغرض من و راءه تماثل ما قام به اليهود على اثر الهلوكوست المتغنى به من قبل الصهيونية الدال على المظلومية التاريخية الأبدية،يجنون من وراءه الانتصارات السياسية و التعاطف الجماهيري حول العالم.


أقف عند هذا الحد...لأنني لم أستطع مسايرة الكم الهائل من الكلام الذي يسرده الأستاذ الباحث...و اعترف له بقدرته العجيبة على الاسترسال و صناعة الحبكة و الألفاظ بهذا الزخم الكمي و هذه المنهجية السيميائية التي لم تتوالف مع "المسكوت عنه"!.

ثم طرحت على نفسي سؤالا :" أليس التراكم المعرفي التاريخي الفرعوني الاغريقي الفارسي الهرمسي الغنوصي الهكسوسي الامازيغي السينوي، هو الذي أمد كاتبنا بهذا الاسلوب العجيب ؟.
نحن نعلم أن جميع الحضارات القديمة توغلت في العمق المصري الفرعوني القديم،لكنها لم تتأثر حتى و إن كانت هي الغالبة..بل على العكس من ذلك نجد أن اللغة المصرية و السلوك المصري هو المؤثر في الحضارات القديمة.لذلك تدعى مصر بأم الدنيا.
هذا التأثير تمثل في التوليد و الاشتقاق للمعاني و الخوض في مسائل كثيرة و متشعبة..هو تأثير لغوي و توليد دلالي يضفي إلى التشظي و الابتكار ألمفاهيمي المؤسس لمنهج مصري خالص أساسه الابتعاد عن الجوهر و عن ذات الموضوع ،و اصطناع تفرعات كثيرة بداياتها سليمة و مآلاتها على الغالب كاذبة.المراد منه بلوغ الذروة في الانتصار و الظفر بالفوز ألحجاجي الكلامي.و الابتعاد قدر الإمكان عن الفكرة الأساس و الجوهرية و صناعة خطابية ملهمة تأسر القلوب قبل العقول.و لا أدل على ذلك من حادثة فرعون مصر مع النبي موسى ونعرف جيدا النهايات!!!.
ثم توقفت كثيرا لما تم إقحام الأناضول في دائرة التفكيك!.و رحت أتأمل الهوينة علني أجد رابطا منطقيا واحدا يربط أرض الكنانة و بأرض الأناضول العثمانيين الذي دعاهم بزعيمهم "الرئيس العثماني رجب طيب أردوغان".فالتمست العذر للكاتب المفكك كون الخطاب التفكيكي منهجه تاريخي جامد خال من أي أداة منهجية علمية رصينة ..فهو أقرب للسرد الحكواتي من التحليل و الاستنباط و الاستنتاج الذي قعده ابن خلدون في قوله :" فعلم التاريخ، وان كان لايزيد في ظاهره عن أخبار الأيام والدول.. إنما هو في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق"(المقدمة). 


فالعلوم الاجتماعية و الإنسانية صارت تلاحظ و تجرب و تستنتج هي أيضا.تجرب العينات على المجتمعات لتخرج لنا نتائج هي أقرب للصدق في نظرها من الخطأ.و رواده كثير ..أليس هو تحرّ في شعابه و استثارة في مكامنه كما زعم ابن خلدون؟؟...


فأجد تفكيك سيدي موغل في النظرة التاريخية الكلاسيكية بل هو قديم جدا يعود إلى ما قبل السقراطية.و هم السفسطائيون و السفسطائية تنطلق من مسلمات و تنطق بالسؤال وراء السؤال ..حتى الفكرة السفسطائية لن تسلم من السفسطائية!..كأنها عملية كلامية توليدية أساسها اللغة المنمقة. و محاورك لن يستريح البتة في نقدك و التشكيك فيما تقول حتى و إن سلّمت له بالفكرة لن يتوانى في إيجاد سؤال جديد لها!تجده في جاهزية لافتة حينما يطرح سؤالا آخر عقب سابق لا يزال طازجا طريا!!.
سيتدخل السفسطائي في جرك إلى صغار الأمور،ثم يجعلها قضية أساسية وكبيرة.عملية التوليد و الاشتقاق المستمرة للفكرة تنتهي إلى اللانهاية للفكرة فكل شيء نسبي لذلك تستنتج من السفسطائية النزوح إلى النسبية بشكل كامل فلا مطلق لديها..


تعتبر مرحلة ما قبل السقراطية و السفسطائية بالتحديد؛مرحلة مهمة لا غنى عنها في تشكل المراحل اللاحقة (سقراط،أفلاطون،أرسطو).التي تعد – السفسطائية- مرحلة عصر الأنوار للفلسفة اليونانية.


لكن هذا الخطاب عفا عنه الزمن و صار منهجيا أقول منهجيا ممقوتا و يعير صاحبه بالقصور المعرفي و المنهجي.


لذلك تجدني أتوقف عند هذا الحد، لأنه يطول الكلام و الشرح و الاستبيان ..و لا أريد أن أقع في نفس الفخ المنهجي الذي وقع فيه الأستاذ الدكتور رأفت السويكري .

أما خلاصة عين الحقيقة التي أراها و يراها العالم أجمع.أن دولة الأناضول قامت من جديد في وقت وجيز لا داعي لذكر البطل فيه..ساروا على منهج ديمقراطي و الشرعية ترفرف خفاقة عالية.لم يمتهنوا الخطاب الجاف و لغة الخشب بل احترفوا العمل الجاد و الصادق.لا يسع المقام لذكر منجزاتهم الاقتصادية المعجزة في حقبة المتأخون الماسوني العالمي " العثماني رجب طيب اردوغان" .


أما ما تحقق في أرض الكنانة لا أقول منذ زمن "السيسي" الوطني المخلص الصادق الأمين!!!بل منذ الانقلاب الأول على الملك فاروق و الثورة المصرية بزعامة العسكر كذلك..و لا يزال "العهد دسّاسا"!!! إلى يوم الناس هذا...حكم العسكر و حكم العسكر و حكم العسكر..ثم حكم العسكر .


دمت و دمتم طيبين سالمين و تسلم مصر من كل ماسوني و صهيوني و أخ غادر خائن!.
                                                                         (السعيد شتيتح)