الأحد، 27 أغسطس 2017

تفكيك العقل النخبوي التحريضي المتسيس (70) من حمدين إلى خالد علي، نِفَاق العشوائيات... "جزيرة الوراق" نموذجاً!!

تفكيك العقل النخبوي التحريضي المتسيس (70)
 
من حمدين إلى خالد علي،
 
نِفَاق العشوائيات... "جزيرة الوراق" نموذجاً!!
-----------------------------------------------------



صورة تذكارية تجمع حمدين صباحي وخالد علي... القهقهات لمن،
والصور من شبكة الانترنيت.
 
"المكايدة" في الثقافة الاجتماعية المصرية مسلك شعبوي هابط؛ تجد خير مثال لها في الأحياء ذات النسق العشوائي، وتتجلى حينما تتشابك أو تتعارك امرأتان جارتان لسبب تافه؛ فتجد إحداهن - وعادة تكون الأكثر انحدارا في الاختصام - تعلق "فردة" ما يسمى "الشبشب" أو "القبقاب" في مقابل نافذة أو باب منزل جارتها على سبيل المكايدة الشعبوية العشوائية.
 
والمؤسف أن هذه الثقافة الجارحة، التي تفحشت تبدو فجة الحضور بمراقبة السيرك السياسوي المنصوب منذ تولي عبد الفتاح السيسي انتخابيا مقاليد إدارة الدولة المصرية؛ وقد ثبت أن مسلكية المكايدة الشعبوية ليست حكرا على العامة فقط، وإنما يتميز بها بعض عناصر العقل النخبوي المتسيس، من دون أن يقدموا نموذجا يقتدى به في العمل السياسوي؛ أو بما يدل على رقي احترافيتهم في الممارسة؛ بل إن هذه النخب التحريضية تبرز انغماسا عميقا في فعل المكايدة؛ بل ويهبطون به الى درجة الشعبوية العشوائية.
 
الوقائع التي تدلل على مصداقية هذه النتيجة التوصيفية لخطاب وممارسات العديد من النخب السياسوية المصرية كثيرة، وكلها تثبت صواب فعل التفكيك الممارس والنمذجة المرصودة لأنماطها. ولأن تلك الحالات كثيفة بما لا يتسع المقام لذكرها جميعها؛ فإن موضوع أزمة "جزيرة الوراق" والخطاب النخبوي التحريضي المرتبط بها يمثل نموذجا صالحا لممارسة فعل التفكيك الساعي لكشف "المسكوت عنه "المخبوء أو "المضمر" لدى تلك النخب الغارقة في برك المكايدة الهابطة.
 
*****
 
 
تدوينة خالد علي تكشف حجم المكايدة السياسوية.
 
إن عدد عناصر النخب التي مارست المكايدة بالأسلوب الشعبوي التحريضي في قضية "جزيرة الوراق" يكفي لكشف هذه النوعية وتهافتها السياسوي، الذي يعبر عن انتهازيتها المتغيرة والمتنوعة، من دون وجود ناظم سياسوي ثابت ومقبول يبرر مواقفها أو يساندها، ويكسبها المشروعية في القول والممارسة.
 
لذلك فإن هذه التدوينة ستقتصر على تفكيك عينة خطاب حمدين صباحي وخالد علي الخاصة بقضية "جزيرة الوراق" للأسباب التالية:
 
** أولا: إن كلا منهما بعيدا عن فقر الموءشرات الجماهيرية التي تتعلق بمقدار شعبيتهما، مع محدودية مهارة تقدير الحالة السياسوية لديهما امتلك جرأة الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية؛ لذلك نتيجة محدودية عدد جمهورهما حقق كلاهما نتائج مخزية كاشفة لضحالة حجم جماهيرتهما السياسوية في الشارع الانتخابي المصري بكل تعقيداته البنيوية.
 
- خالد علي في انتخابات 2012 م حل في المركز السابع من بين 13 مرشحا، ما يعني فقر جماهيريته الشعبوية؛ وحسب تصريحه لموقع "سي ان ان" فإنه يدرس خوض الانتخابات الرئاسية 2018م، لكنه لم يحسم أمره بعد! أي أنه لا يزال يلعب متوهما امكانية أن يجلس على الكرسي الرئاسي المصري من دون معطيات موضوعية لديه تشترطها الحالة المصرية.
 
- حمدين صباحي خاض انتخابات الرئاسة العام 2012 م وفشل أيام فوضى يناير، ثم فرض نفسه على انتخابات الرئاسة المصرية 2014 م أمام عبد الفتاح السيسي والذي فاز بنسبة بلغت 96.91 في المائة من إجمالي الأصوات الصحيحة، مقابل 3.09 في المائة لحمدين صباحي. وتكفي هذه الأرقام لإثبات حقيقة حجمه الجماهيري الفقير للغاية.
 
ولعل القراءة التفكيكية لهذه النتائج الرقمية تقدم تصورا صائبا للمسكوت عنه المضمر في خطاب خالد علي وحمدين صباحي. إذ أن تردي طبيعة القول الذي يقدمانه يكشف أن خطابهما السياسوي يدور في فلك الآداء الشعبوي الواصل الى مستوى التحريض الفج لكتلة الجموع التي يمكن أن تنتج الفوضى الاجتماعية؛ عبر تجميعها بالخطابات غير المسؤولة، والتي تلعب بالمكايدة على مستهدف الحشد الشعبوي.
 
** ثانيا: إن هيمنة الشعور الذاتي بفقر الحضور السياسوي لخالد علي وحمدين صباحي بين الجمهور بصفة عامة، والذي لم يدفع بأي منهما إلى مواقع متقدمة انتخابيا؛ صار يمثل ضاغطا نفسانيا على كليهما للاعلان عن وتبني مواقف قولية وسياسوية لا ينبغي أن يسقط في زللها الشخص المتسيس باحترافية، لذلك بدافعية توهم صناعة رصيد تصويتي يظنان أنه يمكن أن يساندهما بتجميع أصوات العامة وكتل التصويت العشوائية في أية انتخابات لاحقة؛ حيث أن كلا منهما يناور بتمنع الراغب التكتيكي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة 2018م .
 
** ثالثا: إن المأزق النفساني الذي يكابده خالد علي وحمدين صباحي، الناتج عن هزيمتهما السابقة في ساحة استهداف الوصول الى رئاسة الدولة المصرية يقودهما في العديد من القضايا للانزلاق إلى مواقف لا يفترض أن يبرزوا بسببها خطابا متداعيا حولها؛ لأن الدولة المصرية العميقة والمتماسكة تضع في حساباتها السياسات النقيض لها، وترسم التصورات التي تضمن سلامة مواقفها.
 
 
** رابعا: إن نمطية التفكير غير الاحترافي سياسويا والحاكم لخطاب خالد علي وحمدين صباحي؛ تضعهما في صورة التناقض الشخصي مع عبد الفتاح السيسي؛ فيما الرئيس المصري يجسد منظومة أجهزة سيادية لها قدراتها المعلوماتية الفائقة، ومكاتب التفكير بها التي تهتم بدراسة الحالة وتضع السيناريوهات المناسبة لها؛ لذلك تبني الرئاسة المصرية قراراتها ومواقفها بناء على المعلومات وليس خبط عشواء. إنها أجهزة تعمل بدأب في خلفية المشهد ولا يمكن أن تبدو للعيان.
 
** خامسا: إن موضوعة "جزيرة الوراق" بكل ما ارتبط بها من بروز نمط العنف الشعبوي المفاجىء الذي حدث في مواجهة الدولة وهي تعيد تقنين ومعالجة حالة فوضى اجتماعية، انتجتها مرحلة مبارك المتردية في مصر؛ هذه القضية تقود العقل النخبوي المتسيس غير الحريص على الدولة؛ والمضاد لها ليقع في مأزق اللعب في الممنوع؛ ويكشف ما يضمره من أفكار ومشاعر مضادة للمسألة الوطنية المصرية؛ ركضا خلف منظومة متوهمات نظرية ودوافع نفعية سياسوية شخصانية؛ أبرزها تلميع خالد علي وحمدين صباحي لصورتهما الفقيرة جماهيريا بكل ملابساتها استعدادا لانتخابات الرئاسة المصرية 2018م.
 
** سادسا: إن تطبيق تقنيات "تحليل الحالة" على تفاعل خالد علي وحمدين صباحي؛ يكشف "المسكوت عنه" المحرك لهذين العنصرين؛ فهما لا يدركان "فقه الواقع" وضروراته؛ ويضحيان بالقيم الوطنية الصحيحة مقابل العائد الشخصي الشعبوي المتهافت:
 
- خالد علي يتعامل على ما يبدو مع القضية الوطنية من منظور المحامي الذي يحاول انقاذ رقبة متهم من المشنقة؛ يتغافل عن منظومة القيم، ويفتش حسب مهارته المهنية عن الثغرات للافلات برقبة المتهم الذي يعرف ويعترف بطبيعة جرمه.
 
وبتفكيك متن النص الذي كتبه على "فيس بوك" وهو: (القوات التى تحاول طرد المصريين من جزيرة الوراق لصالح مستثمرين تحت مسمى التطوير، مكانكم الطبيعي من المفترض أن يكون فى جزيرتى تيران وصنافير وليس بالوراق، لكنه الفارق بين خدمة الوطن، وخدمة مصالح ونزوات السلطة الحاكمة)؛ فإن خالد علي هنا يذكر بشخصية المحامي "خليفة خلف الله خلف خلاف المحامي" في مسرحية "شاهد ما شافشي حاجة" لعادل امام... كيف:
 
* خالد علي يمارس لعبة خلط الأوراق؛ باستخدام مفردات في غير مكانها؛ فما الرابط والتشابه بين حالتي الجزيرتين "تيران وصنافير" وجزيرة "الوراق"؛ فهاتان جزيرتان بحريتان أعادتهما الدولة المصرية إلى الدولة السعودية وفق اتفاقات بروتوكولية محددة تتعلق بالحدود البحرية دوليا، ولم تقم الدولة السعودية بانتزاعهما بالقوة؛ بينما "جزيرة الوراق" تقع في حيّز الملاك النهري بالنيل ومساحتها1600 فدان وتشهد حالة اسكان عشوائية غير قانونية تكرست خلال سنوات الفساد المباركي، وتتجه الدولة الى تطويرهما!
 
* خالد علي يلعب على المجهول تحريضا حين يستخدم كلمة "القوات"؛ وهي قوات الشرطة، وليست من القوات المسلحة كما يحاول أن يعطي إيحاء بعنفها؛ ويستخدم لفظ "طرد المصريين"؛ وكأنه يحاول صناعة صورة مشابهة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم الطبيعية! إنه فساد الخطاب التحريضي، وعدم نزاهته وسوء المقصد؛ لأن الإسكان العشوائي في "الوراق " لا يبرر الدفاع التجاري من المحامي خالد علي لشرعنة حالة جرمية تتمثل بالفعل العشوائي الا لو كان يستهدف تحقيق مكسب مادي شخصي، وهو هنا يكون مكسب الأصوات في انتخابات الرءياسة المقبلة.
 
* خالد علي يلعب كذلك كمحام بالكلمات للهروب من تثبيت حق الدولة في تقنين الأوضاع المخالفة؛ ويمارس الدسيسة السياسوية بالاشارة الى النزوع الاستثماري للدولة المصرية الجديدة فيصفه زيفا بأنه مصالح ونزوات السلطة الحاكمة؛ وفي ذلك طعن في اخلاقيات إدارة الدولة؛ وكأن قياداتها تسعى للتربح شخصيا من المشروعات الاستثمارية.
 
* خالد علي يسعى إلى تثبيت الوضع العشوائي المستشري في الوطن وعدم تغييره؛ وحتى لو كانت هناك مخططات استثمارية للجزر النهرية، أليس ذلك مرتبطا بتوظيف القدرات والامكانات الوطنية لمصلحة الارتقاء التنموي؟؛ فتلك المساحة تمثل منجما للدولة بدل ان تكون بؤرة تخلف، ومصدر قلق اجتماعي غير مشروعة؛ يستخدم سكانها الأسلحة النارية في مقاومة الدولة!!
 
هكذا هو "المسكوت عنه" في خطاب المحامي خالد علي؛ وهو مخبوء سياسوي هابط، يسعى إلى تقنين وجود النهج والنمط العشوائيين في الدولة؛ والوقوف في وجه جهودها التنموية، تنفيذا لأجندات محددة... تكشفها التغطية الإعلاموية لقنوات التنظيم المتأخون الخارجية في تركيا والدوحة، وكوادره البشرية المتسرطنة والكامنة في نسيج المجتمع المصري بمؤسساته العقدية والاعلاموية.
 
*****
 
تدوينة حمدين صباحي التي تُمارس خلط الأوراق.
 
 
أما حمدين صباحي هو الآخر منذ فشله الذريع في انتخابات الرئاسة؛ فيتعامل مع القضية الوطنية من منظور إهالة التراب فوق كل جهد مبذول لاسترداد الدولة ضبطيتها الحاكمة؛ ويحول أية قضية خلافية إلى ساحة مؤتمر انتخابي يصم فيها منافسه بأسوأ الصفات؛ لعله يشوه صورته، ظنا أن الجمهور سيختاره شخصيا للكرسي. وبتفكيك نص ما كتبه على فيس بوك: «الوراق.. وسينتصر الدم البرىء على السيف الظالم». يتكشف "المسكوت عنه" المختبىء في خطابه... كيف:
 
* حمدين صباحي في هذه التدوينة يلعب لعبة المخادعة، بالإيحاء أن من أصيبوا في جزيرة "الوراق" خلال عملية ممارسة العنف المضاد للدولة، بإطلاق أعيرة الخرطوش والحجارة، واستخدام الأسلحة البيضاء في مواجهة قوات الشرطة هم من أصحاب الدم البرىء؛ متغافلا عن ترسانة الأسلحة التي خرجت خلال العملية، واستخدمها العديد من القاطنين في عشوائيات الجزيرة.
 
* حمدين صباحي كعادته، منذ فشله الانتخابي الذريع يكرس صورة مغلوطة بأن الدولة المصرية بأجهزتها دموية وظالمة؛ في إطار سعيه المتداعي لإثارة الجماهير ضد الدولة لعلها تمنحه صوتها بكثافة ذات يوم.
 
* حمدين صباحي الذي كان يمكن أن يجلس على كرسي رئاسة مصر؛ كشف بتلك العبارة عن ذهنيته السياسوية المرتبكة؛ فالمسكوت لديه، هو أنه مع الإبقاء على مصر مجتمع العشوائيات الذي يرفض المساس به؛ وإهدار القدرات التنموية المستقبلية؛ والقبول بمنطق "العنف الشعبوي المنفلت" في مواجهة الدولة وحركتها؛ لإعطال فعاليتها عن التقنين الاجتماعي والضبط القانوني حين الخروج عن القانون.
 
* حمدين صباحي بتدوينته السطرية القصيرة أكد شعبوية تفكيره السياسوي غير المنضبط؛ لذلك - وهذا منطقي للغاية -، أنه لم ينجح في الانتخابات الرئاسية لمرتين؛ وكان ينبغي عليه أن يعيد باحترافية صياغة صورته من جديد، على سبيل المثال باستغلال المناسبات والفرص المتاحة؛ لإثبات أنه يصلح حقا لأن يكون رجل دولة، ويكشف للجمهور عن قدراته الذاتية بممارسة التفكير الاستراتيجي؛ والاعتراف الموضوعي أيضا بالمشكلات الاجتماعية؛ ويتقدم نصحا لحل كل الإشكاليات؛ أو ليلعب دور "رجل حل الأزمات" الوطني؛ وليس ممارسة الانغلاق، وحصر ذاته في لعب دور الشخص المتظاهر فقط، الذي يمارس الهتاف والشجب والتنديد؛ وإثارة الجماهير الشعبوية التي بطبيعة تربيتها العشوائية تدخل في تضاد مع القانون وأجهزة تطبيقه في الدولة.
 
* لو كان حمدين صباحي سلطويا في مكان الرئيس السيسي - وهذا على سبيل الافتراض التحليلي - لسلك مسلك السيسي ذاته في قضية جزيرة "الوراق"؛ لأن تفكير رجل الدولة يكون مغايرا لتفكير جمهور المقاهي، واجتماعات إعلان الاحتجاجات الشكلية؛ ولأدرك حمدين أيضا دلالة مخاطر استخدام الأفراد المدنيين من غير العسكريين للأسلحة في منع أجهزة الدولة من تطبيق القوانين، واتخذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع قوى العنف، وعناصر التربص الداخلية التي روجت عبر المساجد اصطلاح وصف الشرطة بقوات الانقلاب، وقامت بدعوة وتحريض البسطاء للخروج ومقاومة السلطات، والدخول في صدام مفتعل مع الدولة. 
 
*****
   
محاولة ضبط الدولة للعمل العشوائي ومواجهته في صور كاشفة.
 
إن التحديات التي تواجهها الدولة المصرية راهنا لا حدود لها؛ تلك التحديات قبل أن تكون خارجية يسيطر باقتدار حربي على إحداثياتها الجيش المصري العظيم؛ هي تحديات داخلية؛ تتشكل على عدة صعد أو مستويات؛ ومن دون ادعاء فإن بعض عناصر العقل النخبوي التحريضي تلعب دورا مشهودا في تكريس حالة القلق الداخلي بعمق؛ عبر انتهاز كل مناسبة تلوح لاستصناع مشكلة للدولة؛ في الوقت الذي تنافق فيه جماهير العشوائيات حسب نموذج حمدين صباحي وخالد علي كما حدث في قضية "جزيرة الوراق"!!
 
                                                               "رأفت السويركي"
 
 
---------------------------------------
 
 
 
 
 
 
 

الاثنين، 21 أغسطس 2017

تفكيك العقل الشعبوي المتأخون... نموذج "ذهنية الرعاع" (69) كتائبهم الإلكترونية تسب خلق الله... ويدَّعون أنهم أهل التقوى وعفة اللسان!!

تفكيك العقل الشعبوي المتأخون... نموذج "ذهنية الرعاع" (69)
 
كتائبهم الإلكترونية تسب خلق الله...
 
ويدَّعون أنهم أهل التقوى وعفة اللسان!!
--------------------------------------------------------
صورة تعبيرية
عن وظيفة الكتائب الالكترونية الإخوانية
والصور من شبكة الانترنيت.
 
يمثل الفضاء الافتراضي لوسائط التواصل الاجتماعي "فيس بوك... وتويتر" مساحة غير محدودة لدراسات تفكيك "الذهنية الشعبوية"؛ إذ لا تحتاج في كثير من الأحيان إلى بذل مجهود شاق لجمع المعلومات؛ فجدران وصفحات "فيس بوك" وأيضا "تويتر" غنية بالمعلومات التي يمكن للباحثين إذا شاؤوا جمعها وتحليلها؛ لأنها في الفضاء الافتراضي متاحة ومتواجدة بعفوية وتلقائية تعبر عن طبيعة الذهنية الشعبوية بدرجاتها المختلفة؛ والتي تصل إلى مستوى "ذهنية الرعاع"!!
 
*****
 
وفي إطار الجهد البحثي التفكيكي لأنماط الخطاب السياسوي العربي والمسلم، لا يمكن بحثياً تجاهل التمثل الشعبوي التابع لخطاب العقل النخبوي المتأخون؛ فهذا التمثل من جمهور الجماعة العام يقدم إلى درجة الفضيحة الاخلاقية ما يكشف كذب الجماعة المتأخونة الذي تروج إليه بأنها حسب "موسوعة ويكيبيديا": " تسعى في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم، فالأسرة المسلمة والمجتمع المسلم؛ ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة؛ فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام عن طريق منظورهم".!!
 
إن العقل التفكيكي يصل إلى درجة القول بـ "بئس ما تقدمه هذه الجماعة المتأخونة في الواقع من ممارسات دالة على ترديها الأخلاقي ممارسة حين يضع أمامه شعارها الرسمي متأملاً منطوقه:" الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله اسمى آمانينا"... إذ يتوقع العقل التفكيكي وتخيب ظنونه بأن يضع يده على نموذج تطبيقي تربوياً يكون مثالياً متحققاً للفرد المسلم المؤمن الذي تدَّعي الجماعة الكذوب أنها تحققه.
 
لقد فضح عالم التواصل الافتراضي المهيمن راهنا أكاذيب وادِّعاءات الجماعة المتأخونة بأنها "تنشد تكوين الفرد المسلم... إلخ"؛ فتفكيك ردود أفعال وخطاب تلك الجماعة على مستوى بعض أفراد نخبتها وعموم التكوين الشعبوي الجماهيري الخاص بها؛ يثبت أكذوبة "مُتَوَّهَم السمة الإخلاقية" التي تدَّعيها تلك الجماعة.
 
إن إخضاع ردود فعل جمهور الجماعة المتأخونة التي يجسدها خطاب الذهنية الشعبوية للتفكيك التحليلي ينسف حقيقة شعار الجماعة؛ ويؤكد أنها تواصل ادعائها بأنها جماعة إخلاقية إسلاموية، فيما واقعها الشعبوي المؤسس يثبت نقيض ذلك.
 
وتكفي إطلالة راصدة سريعة إلى سياق التفاعل الذي تشهده جدران "فيس بوك" لاكتشاف حجم التردي القيمي على مستوى الملفوظية التي يمارسها جمهور الجماعة المتأخونة مع معارضيها والمخالفين لخطابها.
 
إن تفاعل جمهور الجماعة من عامة الأعضاء في حالة النقاشات المفتوحة في العالم الافتراضي يثبت بما لا مجال للشك به أنها جماعة سياسوية بعيدة قلباً وقالباً عن العقيدة السمحاء التي تتمسح في أرديتها وتلصق ذاتها في هوية تلك العقيدة!!
 
فتلك الجماعة التي تدَّعي أنها جماعة إصلاحية منهاجها أخلاقي إسلاموي تستهدف تكوين الفرد المسلم فالأسرة والمجتمع... إلخ؛ تفضحها تربوياً قطعانها الإلكترونية من الأعضاء الذين يقدمون خطاباً قولياً هابطاً وحين تطالعه على الفور تستدعي نمط الصورة الذهنية للرُّعاع من القوم!!
 
هل هذه اللغة التي يستخدمها جمهور الجماعة
خلال الحملات الالكترونية تدل على أن أخلاقهم إسلاموية؟!
 
 
وحسب المراجع اللغوية العربية فإن معنى "الرُعَاع" هم:" سِفلة الناس وغوغاؤهم الذين يستخدمون أسوأ الألفاظ. ومن دون تجنٍ فإن مجمل خطاب رعاع الجماعة المتأخونة قوامه اللَّعن والسباب وفاحش الأقوال؛ وهذا ما يتناقض مع ادعاءاتها بأنها جماعة لها منهاجها وقواعدها التربوية الإسلاموية النهج!!
 
وعلى الرغم من القانونية العقدية الحاكمة لمقولة "ناقل الكفر ليس بكافر" التي وردت على لسان أهل العلم فصارت عبارة مُسلَّمَا بها استخداماً؛ فإن الإنسان لَيَعِفّ في هذا المقام خجلا عن النقل الحرفي لكثيرٍ من عبارات ومقولات ردود جمهور الجماعة المتأخونة في مستواها الشعبوي داخل مجال الاختلاف؛ والذي تفرضه الجماعة على الآخرين بسبب أجندتها المشبوهة!!
 
*****
 
وفي مجال تفكيك خطاب العقل المتأخون ينبغي الالتفات إلى وجود شريحتين من العضوية النوعية لا ثالث لهما:
 
• الأولى... تتحدد في نخبة الصفوة المركزية للجماعة؛ والتي جرى توصيفها في كتابة سابقة بأنها تلتزم مسلكية القردة العليا؛ حين ممارسة المناقشة والحوار، بالقفز المفاجىء فوق أغصان شجرة الحوار من قضية إلى أخرى، وتمارس الهرب؛ بأن تضع أصابعها في أذانها من أجل الاَّ تسمع سوى صوتها فقط، ولا تتيح للرأي المخالف أن يتفاعل، ويقوض مسلمات الجماعة في أذهانها: لأنها ربيت فقط على قاعدة "السمع والطاعة"!!
 
• الثانية... تتحدد في مجمل جماهير الجماعة من غير النخبة؛ أي ما يمكن أن يسمى شَعْب الجماعة، من عموم الأعضاء والمنتمين لها تنظيمياً ودخلوا في نظامها العضوي؛ وتمرسوا على الطاعة في سراديبها التحتية المسماة نظام الأسر. ويمثل شعار "لا أرى... لا أسمع... لا أتكلم" قالب صياغة وإنتاج أفراد تلك العضوية الشعبوية العامة. وأصحاب هذه الشريحة هم مجال هذه الكتابة؛ حيث كثفت الجماعة من دور هؤلاء الأفراد في عالم التواصل الاجتماعي راهناً، وتقوم بتوظيفهم بالهجوم الغوغائي على المخالفين.
 
وإزاء المأزق الوجودي السياسوي للجماعة المتأخونة التي تعاني راهناً توجها من كل دول المنطقة للخلاص منها؛ باعتبارها المفرخة الفكرية المنتجة والحاضنة لجماعات الإسلام السياسوي العنيفة؛ فإن الجماعة تشعر بالمأزق الذي يحيط بها؛ لذلك:
 
- تلجأ في المستوى الفوقي القيادي إلى التنسيق الإذعاني مع أجهزة الاستخبارات الغربية الاستعمارية القديمة والحديثة؛ لتقديم المزيد من الطاعات التكتيكية، وتنفيذ المطلوب منها في سيناريوهات هز نظام الدولة الوطنية؛ وإزكاء نيران التفتيت ورفع وتيرة التوتر الاجتماعي للجماهير.
 
- وفي الوقت نفسه تلجأ الجماعة المتأخونة في المستوى التحتي الشعبوي عبر ما تسمى "الكتائب الإلكترونية" إلى استخدام "حروب الميديا الغوغائية" هابطة ومتردية الخطاب إلى درجة الإسفاف اللفظي، في إطار الترويع للمخالفين وإرهابهم لفظياً؛ بغرض ممارسة التشويش على فعالية خطابهم؛ تحجيما لأرائهم إذا كانوا يبنون موقفاً مناقضاً لخطاب الجماعة المتأخونة!!
 
****
 
والأمر الملفت للاهتمام أن الكتائب الإلكترونية المتأخونة التي تمارس مسلكيات الرعاع بالتكالب على الرأي النقيض لرأي الجماعة ليس عبر التفنيد ومقارعة الحجة بالحجة؛ وإنما بمقارعة الحُجَّة بكلمة سبابٍ؛ ومناقشة الحُجَّة بكلمة لعنٍ؛ وتفنيد الحجة المضادة بكلمة طعنٍ؛ والردّ على الحجة ببذىء القول وفحشه!!
 
والمدهش أن رعاع الجماعة في كتائبها الالكترونية يشهرون بعصبية الانتماء الأعمى صورة مزرية لجماعتهم لا تخدم صورتها المزيفة في الواقع؛ وقد فضحتها إشهارية خطابها الشعبوي المنافي لجوهر وشكل قيمة الأخلاقية الإسلاموية التي تدَّعي أنها تمثل منهاجها التربوي.
 
إن الكتائب الإلكترونية المتأخونة التي تطلقها أجهزة الجماعة في حملات مصطنعة ضد أصحاب المواقف المغايرة لأجندتها المشبوهة؛ سواء ممن يندرجون تحت اصطلاح المنشقين عن الجماعة، أو الرافضين فكرانياً لظاهرة توظيف العقيدة حسب منهج التقية لتحقيق مكاسب سياسوية؛ هذه الكتائب تتجاوز في لغة الخطاب بما ينافي أخلاقيات الإسلام والمسلمين.
 
تعبيرات سوقية دالة على التردي الذي تعيشه ذهنية الشعبوية المتأخونة.
 
 
هل يكون من المقبول أن تجد الكتائب الإلكترونية المتأخونة تستخدم ألفاظاً - في حصر أولي لها - على بعض جدر فيس بوك من نوعية:" تصدق بالله انت ابن وسخة واطي"؛ "إنت عرص"؛ "انت ابن حرام مصفي"؛ هتتحشر معاه في جهنم يامعرص"؛ "يا واطي يا بن الواطي"؛ و... و... و... إلخ من عبارات السب والقذف المتنوعة؛ هل يُقبل أن تخرج ألفاظ الرعاع تلك من ألسن تدَّعي كذباً أنها تقرأ القرآن الكريم؛ وتدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة؟!!!
 
إن الموروث العقدي الذي صدعتنا الجماعة المتأخونة بادِّعائها أنها تربي الأعضاء عليه... يطلب من المسلم ألاَّ يسب أو يلعن، ولا يستخدم سوى القول الحسن؛ " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" – الحديث الشريف. فكيف تتناسى الكتائب الإلكترونية المتأخونة في حالتها الشعبوية الغوغائية متن ومنطوق الحديث الشريف: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليس المؤمن بطعَّانٍ وَلا لعَّانٍ ولا فَاحِشٍ وَلا بَذِىءٍ) - رواه الترمذي والحاكم.
 
هل تقدم الكتائب الشعبوية للجماعة سوى هذا الخطاب غير الأخلاقي مع خلطة من عبارات السباب في الجيوش الوطنية؛ فضلاً عن بكائيات الشكوى مما تسميه الانقلاب العسكري الذي تصف به الحركتين المباركتين للجيش المصري في يوليو 1952م ويونيو 2013م واللطميات والمناحات حول ما تسميه كذبا "مذبحة رابعة"!!
 
*****
 
إن تفكيك الخطاب الشعبوي الغوغائي للجماعة المتأخونة يمكن أن يصل إلى النتائج التالية:
 
o أولاً: إن المسكوت عنه الحقيقي الذي تخفيه الجماعة في متون خطاب واشتغالات كتائبها الإلكترونية؛ هو أن الطابع المشهر بعقدية الجماعة يمثل الواجهة فقط التي تستخدم للتضليل واكتساب القداسة والمشروعية، فيما الهدف الأساس للجماعة سياسوي، يحركه دافع تمكين الجماعة من السلطة، ليس لخدمة العقيدة ولكن لتحقيق التمكن من الحكم وبسطه على أطراف الأرض لاستيلاد ما تسمى دولة الخلافة المتوهمة؛ بمنظور وآليات العصور الوسطى، والمحكومة بالفكر الريعي، واقتصادات الجزية، وإحياء نهج الغزو والاستعباد والسبايا!!
 
o ثانياً: إن التطبيق العملي لنمط التربية الأسرية المتأخونة؛ وفق ما يبدو في الواقع وتاريخيا لا ينتج الفرد الورع الحليم المتعبد؛ أي المسلم الحقيقي عفيف اللسان، والذي لا يمارس السيئ من القول؛ والدليل الناقض لذلك الادِّعاء الجماعاتي أن الكتائب الإلكترونية المتأخونة كما تبدو من تعليقاتها وكلماتها؛ وحملاتها المكثفة تماثل، أو تنافس خطاب "غوغاء الشوارع"؛ ممن لم يحصلوا على أي قدر من التربية الأخلاقية ذات النهج الحليم.
 
o ثالثاً: إن الجماعة المتأخونة تُمارس عبر الفضاء الافتراضي عنفها اللفظي السوقي؛ تكريسا ومعادلاً لعنفها الحركي على الأرض؛ والمرتبط بالتفجيرات والتفخيخات والاغتيالات، ذلك النشاط الذي كان يخرج من رحم التنظيم الخاص القديم للجماعة وكذلك في أجياله الجديدة؛ حتى وإن كانت بمسميات تنظيمية جماعاتية أخرى مثل "القاعدة" و"داعش" و... إلخ من تنظيمات ما يُسمى حركات الإسلام السياسوي.
 
والسؤال الحاكم في موضوعة المسلكية النمطية للكتائب الإلكترونية للجماعة المتأخونة حين تكتفي بخطاب السب واللعن المكروه عقدياً هل يحقق لها ذلك المسلك الاخلاقي الهابط انتصاراً سياسويا؛ أم أنه يعكس فشلها الذريع بكشف منطقها البشري على الرغم من ادِّعائه أنه مفوض من السماء بنشر العقيدة.
 
*****
 
  
الشعار التعبيري لشخصية العضوية الشعبوية للجماعة المتأخونة.
 
منطق أهل رسالة السماء أكثر قوة ومنطقية وعفة؛ لذلك فهو منطق متغلب ولا يتغلب عليه منطق آخر؛ أما منطق الجماعة المصطنع والمقارب لخطاب الرعاع وتعممه الكتائب الإلكترونية المتأخونة فهو فاسد؛ وقد شهد شاهد من أهلها ذات يوم حين قالها المؤسس الأول "حسن البناء" على سبيل التقية بعد حادث اغتيال المستشار الخازندار: "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين"!! وفي الحقيقة إنهم كذلك؛ لأنهم يسبون خلق الله؛ ويدعون كذباً أنهم أهل التقوى وعفة اللسان!!
 
                                                                " رأفت السويركي"
 

 

 

----------------------------------