الاثنين، 25 أكتوبر 2021

معنى الكلام... ( 33 ) يسمونه "نَمْبَرْ وَنْ" فيكشف "ثقافة توكتوك" زمان التفاهة... "محمد رمضان أنموذجاً"!!

 معنى الكلام... ( 33 )

يسمونه "نَمْبَرْ وَنْ" فيكشف "ثقافة توكتوك" زمان التفاهة... "محمد رمضان أنموذجاً"!!

-------------------------------------------------------







 




ما يصدر عمن يوصف بالممثل محمد رمضان؛ والموصوف بالتعبير الشعبوي "نمبر ون" لم يعد يمثل ظاهرة طارئة في حياتنا الراهنة؛ بل صار لا يستدعي الدهشة؛ قدر ما يستجلب الأسى والأحزان؛ بما وصلت إليه منظومة القيم والمفاهيم المتحكمة في تلابيب الحياة الآن؛ والتي تأخذ بخناق الجميع.

 

فهذا النمط الذي أصبح علامة المرحلة؛ منذ نشأ وتضخم؛ وانتفخ في مرحلة "الرأسمالية الطفيلوية" المصرية والعربية؛ من دون شك هو يعبر عن واقع محلي وإقليموي؛ في نسق ما يجري تعميمه عمولوياً؛ وترسيخه في إطار التحولات البنيوية الهائلة التي يجريها المركز الرأسمالوي الاقتصادوي المهيمن؛ وهو يسعي لإعادة تنميط الإنسان في العالم من جديد؛ وسبكه فى قوالب متحكم فيها؛ عبر "الشبكات والسيبرانيات"؛ لصياغة مشاعره وانفعالاته ورغائبه وحاجياته؛ بما يُعظم مساحات النهم الاستهلاكوي وجعل السوق العولمية واحدة.

 

*****

 

إن هذا الموديل المستصنع في حياتنا راهناً؛ لا ينفصل كظاهرة مستجدة في فضاءاتنا عما كشف بعض جوانبه الفيلسوف الكندي "آلان دونو" في كتابه المهم المُسمى "نظام التفاهة"؛ والذي يؤكد في متنه أن "التفاهة" تمكنت من بسط نفوذها؛ وهيمنت على مساحة العالم كله؛ في السياسة والثقافة والفن والاقتصاد؛ والمؤسف أن التافهين وظاهرة التفاهة صارت تتحكم في كل شيئ!! 

 

ولم يكن "آلان دونو" يعبر عن شطط في التفكير والتوصيف والحكم على ما يرى إليه؛ بل كان القارئ الواعي بطبيعة التحولات البنيوية المشوهة الجارية. فأنت حين تكون تافهاً فإنك تكون رجلاً عصرانياً؛ وعندما تكون لغتك متهافتة ومسطحة ولا عمق لها؛ فأنت مقبول ومفهوم؛ وغير ثقيل الكلام أو الظل!!

 

والملفت للانتباه أن من اشتهر في إطار اصطلاحات "زمان التفاهة" بلقب "نمبر ون" لا يتوقف عن ممارسة إنتاج وكشف ملامح تفاهة زمانه الاقتصاد/ثقافوي الراهن. فهذا "النمبر" من الذي جعله بهذا التوصيف سوى "إعلام التفاهة"؛ و"رأسمال التفاهة" و"فنون التفاهة"؛ و"أسواق التفاهة" و"جمهور التفاهة" الصاعد.

 

وهذا "النمبر" من الذي قام باستصناعه أنموذجاً للتفاهة المهيمنة في حقل فنون التفاهة التلفازية والسينماءوية والترويج؛ بتلك المفردات اللغوية الهابطة؛ والإيقاعات الزاعقة الزاحفة إلينا من فنون الرعاع الأميركيين؛ المزدانة برقصات مستنسخة من لغة القرود الحركية.

 

وهذا "النمبر" ما حجم عوائد الأموال التي أنفقت على ترسيم صورته؛ ليكون أنموذجاً مهيمناً على الأجيال التي تتشكل بفعل خطابات الفضاء الافتراضوي المهيمن في وسائط التواصل الاجتماعوي؛ بما يجعله الدجاجة التي تبيض ذهباً لمن يرعاه؟!

 

وهذا النمبر الذي ـ في حقيقته ـ هو أفضل تعبير عن "زمان ونظام التفاهة" المحلية لا يتوقف عن فرض تلقائية مسلكياته غير المنضبطة على الفضاء الجامع للجمهور؛ فيمارس ما يتجاوز المنضبطات المستقرة في الثقافة والفن والتعبير والقواعد المتعارف عليها في الواقع الاجتماعوي.

 

*****

 


والأسئلة التي تفرض نفسها على الذهن المراقب للتحولات البينوية المنهارة قيموياً وثقافوياً؛ والتي تجعل من ذلك "النمبر" رقماً له وزنه المهيمن في "إعلام التواصل الاجتماعوي" راهناً هي أسئلة عديدة وذات دلالات قارئة لمعدل التفاهة في هذا الزمان؛ وهي:

 

- ما هي منظومة القيم التي يروج لها هذا "النمبر" عبر أفلامه ومسلسلاته وأغنياته؟

 

- ماهو حجم الانفاقات من الأموال التي تسخر للإنفاق على الأعمال التافهة التي يقدمها هذا "النمبر"؟

 

- ما هو حجم العوائد المالية التي تعود على ممولي أعمال هذا "النمبر"؛ وما هي حقيقة هذه الاقتصادات؛ وما مدى ربحيتها المتجاوزة للمقاييس؟

 

إن الإجابة الوحيدة على هذه التساؤلات هي "فتش عن التفاهة" لتجد الإجابة؛ والتي تؤكد ما توصل إليه المفكر الكندي "آلان دونو" بتسيد "قواعد الانحطاط" وتجاوز "أسس الجودة"؛ وتمكين "مقاييس الآداء الهابط"؛ وحصار "نماذج الرقي" بـ "قوالب التفاهة والسطحية".

 

إن هذا "النمبر" بممارساته المتسلسلة والمستفزة كل حين يؤكد صواب الوصف بالـ "تتفيه"؛ الذي يهيمن على الفضاء الراهن بكل حضوره الهابط وغير المقبول؛ والمتجاوز لكل القيم والظواهر المستقرة في الحياة.

 

إن هذا "النمبر" لا يمتلك أية إمكانات فذة؛ تتجاوز النجوم السابقين من القامات في الآداء التمثيلي أو الصوتي في الغناء؛ وما يقدمه لا يخرج عن نسق ثقافة وخطاب واقتصاد "التوكتوك"؛ ونمط الفعل العشواءوي؛ باقتحامه الحياة الاجتماعوية وانتشاره المتسرطن في كافة أنحاء الحياة.

 

*****

 

وما يؤكد هذه التصورات أنه يتم استصناعه بدأب و"عملقته في صناعة التفاهة" بتوظيف وسائط التواصل الاجتماعوي لذلك؛ فتراه يفرض مسلكياته الهابطة عبر فضاءات "يوتيوب" و"انستغرام" و"تويتر" و"فيسبوك"؛ بما يقوم بإشهاره في هذه الفضاءات وما يجري تناقله بشأنه من المحيط الجمعوي للتفاهة من الجماهير غير المدركة؛ وفاقدة القدرة على التمييز بين الغث والسمين؛ نتيجة اختلال مقاييس الجودة في حياتها.

 

** حين يجتاح الفيديو الجديد الذي يظهر فيه هذا "النمبر" فضاءات التواصل وهو يراقص مضيفتين في الطائرة الخاصة التي تقله؛ سواء كانت مستأجرة أو يمتلكها؛ فهذا إشهار للتفاهة؛ وتمكين نماذجها من الهيمنة على عقول وأجندات الأجيال الصاعدة؛ التي تعتبره "النمبر" الأهم في حياتها.

 

** لقد أعاد فيديو "مراقصة النمبر للمضيفتين" أعاد للذاكرة ذلك الفيديو الأشهر الأسبق له؛ حين جلوسه بالمخالفة في "قُمرة القيادة" بإحدى طائرات شركات الطيران الخاصة؛ وقد ظهر خلال الفيديو ـ كما نُشر حينها ـ صوت خلفي لأحد الأشخاص المتواجدين يقول: "محمد رمضان هو اللي سايق بينا الطيارة دلوقتي"، فقال "النمبر" في الفيديو: "إحنا في التجربة الأولى من نوعها، هقوم أسوق الطيارة، أول مرة أسوق الطيارة..."!!

 

وقد تسببت هذه الواقعة في "تحويل قائد الرحلة ومساعده للتحقيق، ثم جرى فصل الطيار من عمله بشكل نهائي، مع سحب رخصة الطيار المساعد لمدة عام؛ نتيجة مغادرة مقعده لجلوس "النمبر عليه". ولاحقاً  توفي الطيار؛ ثم صدر حكم من المحكمة بتعويض الراحل بستة ملايين من الجنيهات؛ وقد دفعها "النمبر"!! 

 

 
** وفي الوقت نفسه تنتشر في "المواقع الإليكترونية" الكثير من الصور التي يروجها "النمبر" بكثافة له ومن يرافقه؛ حين يهبط من الطائرات الخاصة ويلتقط الصور له وهو يجلس على أجنحتها؛ بما يُذكِّر بنمط التعامل مع "التوكتوك" الوسيلة التي تعبر عن تشكل "أنماط التفاهة" في الشوارع؛ حيث لا التزام بالقوانين أو القواعد؛ أو الضرورات المرتبطة بالسلامة والأمن والآمان.

 

*****

 

إن من يُسمونه "نمبر ون" في "فنون زمان التوكتوك" لا يتوقف عن ممارسات الهبوط الاجتماعوي؛ إذ يُعبِّر علانية عن ذهنية "الحارة" و"العاطفة" و"الزقاق"؛ ويغادر قواعد وبروتوكولات التناسب مع "ثقافة استخدام الطيران" المستقرة والمحكومة بالاتزان... فيكشف باستعراضاته وتراقصاته ثقافة توكتوك زمان التفاهة... "محمد رمضان أنموذجاً"!!

 

                                 "رأفت السويركي"

الخميس، 21 أكتوبر 2021

"خَفَقَاتُ حُزْنٌ"... إلى الرَّاحل الكَبير " حَسَنْ حَنَفِي"

 "خَفَقَاتُ حُزْنٌ"... إلى الرَّاحل الكَبير " حَسَنْ حَنَفِي"
-----------------------------------

فلنُظلِّل بابَ الْبِئْرِ بعد أن نُغْلِقَ بَابَ الْقَبْر


كَي نَمْتَح مَاءَ ما تَرَكَ مِنَ الَفِكْر


يَرْحَل حَسَن حَنَفي تَاِركَاً فِي الْقَلْبِ


غُصَّةَ الْغِيَابِ وفِي الْأَيْدِي عَجْزَ الْقَلَمِ والْكِتَاب.


هُوَ مَنْ عَلَّمَ الشُّمُوْعَ كَيْفَ تُضِئُ الطَّرِيْقَ للْحَيَارى وَقْتَ الظُّهْر


*****


مَاتَ وَلَمْ يَمُتْ حَسَنْ حَنَفِي


مَاتَ لأنَّنا لَنْ نَحْظَى بِمَوْجٍ جَدِيْدٍ مِنْهُ فِي النَّهْر


 مَنْ عَلَمَنَا كَيْفَ نَقْرَأَ كَلَامَ الْوُجُوْد.


وَهْوَ عَزَاءٌ؛ إذْ لَمْ يَمُتْ بِالْأَسْفَارِ الَّتِي غَادَرَهَا


فَشَمَخَتْ فِي صَدْرِ مَكْتَبَاتِنَا وأمِّ عُقُوْلِنَا وَلَنْ تُغَاْدِرْنَا


بلَاَلِئ السِّيْرَةِ الَّتِي نَتَذَكَّرَهَا وَنَحْنُ نَشْتَاقُ إِلَيْه فِي الْحُضُوْرِ

 وَالْغِيَابِ.


*****


كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا اسْمَ الرَّاحِل "حَسَنْ حَنَفِي" الذي أهْدَرُوا دَمَه

 كَكُلِّ أَهْلِ الْعَقْلِ؛ نَتَذَكَّرَ اسْمَ الرَّاحِل "نَصْر حَامِد أَبُوْزِيْد"؛ وَاسْم الرَّاحِل "عَلِي مَبْرُوْك".


هُمْ مُثَلَّثُ بِنَاِء الْوَعْيِّ؛ وَدَلِيْل اكْتِشَاِف الْمَخبْوُء فِي الْمُؤسْطَرِ الْمُهَيْمًن. 


غَفرَ اللهُ لَهُم؛ وَجَعَلَ كَلِمَاتِهِم فِي مِيْزَانِهِمْ يَوْم الْعَدْلِ... آميْن.


                                 "رأفت السويركي"

              م  21/10/2021


الاثنين، 18 أكتوبر 2021

تفكيك العقل النخبوي الماضوي المتسلف ( 161 ) "عَوْرَةُ الرِّجَال"... بين البطل "بيج رامي" و"المُتَأَزْهِر""بيج عبد الله رشدي"!!

 تفكيك العقل النخبوي الماضوي المتسلف (  161 ) 

"عَوْرَةُ الرِّجَال"... بين البطل "بيج رامي"

 و"المُتَأَزْهِر""بيج عبد الله رشدي"!!

----------------------------------------------------------



من المرويات الشعبوية الرائجة التي شاعت في "العامية/ الدارجة" المصرية ما اشتُهر من سؤال أحد الأبناء لأبيه عن معنى كلمة "هَيَافَة" فأجابه الأب على الفور:" يعني تِيْجِي/تأتي/ في الهايفة وتتصدر"!


تذكرت هذه المقولة على الفور وأنا أطالع ما ذكره "المتأزهر" أي "الأزهري"عبد الله رشدي في إطار تنشطه المفرط في فضاء "تويتر" حول النتيجة المبهرة التي حققها للعام الثاني على التوالي بطل "كمال الأجسام" المصري الدولي ممدوح السبيعي والشهير باسم "بيج رامي".


الـ "بيج رامي" هذا باقتدار عبر التدريب والإصرار تمكن من الحفاظ على المركز الأول في أبرز بطولات "كمال الأجسام" العالمية؛ والتي أقيمت في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية؛ مُحققاً جائزة قيمتها 400 ألف دولار أميركي.


*****


إلى هنا وتنتهي قصة "بيج رامي" التي احتفت بها الصحافة المصرية والعربية والعالمية؛ عبر نشر نتيجة البطولة ولحظات التتويج مرفقة بلقطات استعراضية؛ تبرز مكامن القوة والتناسق في عضلات جسده؛ وبما يوضح للجميع فعل جهود التدريب في بناء الجسد الإنساني المتشكل بطبيعته من الهيكل العظمي وغطائه من العضلات.


ولعل الصور المنشورة لقوام "بيج رامي" تكشف جهده الهائل الذي بذله في تعهد بنيته العضلية بالتدريب والغذاء فيقدم الصورة الواجب تحققها في الجسد الرجالى أو الاقتراب منها؛ بعد أن أصابت الجميع ظواهر عِلَل "الكروش" المترهلة و"المؤخرات" المتضخمة؛ كاشفاً عن إبداع الخالق في توفير إمكانات خفية نتغافل عنها.


*****


ووسط الأفراح بالفوز الذي حققه "بيج رامي"؛ واشتعال الفضاء الافتراضوي بـ "تويتر" و"فيسبوك" في تبادل التهنئة؛ ونشر الصور للبطل "البيج رامي"؛ يقفز عبد الله رشدي ذلك "المتأزهر" الذي لا يتوقف عن افتعال الضوضاء بإفراط؛ من دون أن تردعه تلك الجهة التي يُقْحم نفسه بالانتساب إليها؛ ولا يترك شاردة أو واردة إلا ويلقي بدلوه في بئرها.


إن هذا "المتأزهر" عبد الله رشدي؛ وحسب اصطلاح "فقه الحالة" الذي يفهمه أُطْلق عليه تسمية "البيج عبد الله رشدي"؛ لطبيعة كلامه الذي يقذف به في هذه الفضاءات والصور التي يبدو عليها مرفقة بما يقوله.


وفي أحدث استعراض كلامي له بادر بإطلاق "تغريدة" محتواها:

" عبدالله رشدي @abdullahrushdy

لا يجوز للرجل المشاركة في بطولات #كمال_الأجسام التي يُشْتَرَطُ للمشاركةِ فيها إبداءُ شيءٍ من العورة التي أمره الشرعُ بسترها. مارسْ من الرياضةِ ما شِئتَ دونَ أن تَخرِقَ ضوابطَ الشرعِ الشريف. "!


وبتفكيك هذه التغريدة التي ليست تغريدة في مدلولها يتجلى الخلل في الفهم الذي يحاول "بيج عبد الله رشدي" تعميمه؛ ما يثبت عوار منطقه كما يلي:


- إن هذه الرياضة تُسمى "كَمَال الأجسام" وليست "جَمَال الأجسام"؛ وبالتالي فهي تقوم على إبراز معيار التكامل في بناء الجسم عبر التدريب لتشكيل العضلات في كل الأجزاء المنظورة أو المكشوف عنها في البدن الإنساني.


- إن كلمة "كمال الجسم" تعني في اللغة تمامه وحسن قوامه وتميزه بصفات الكمال التي تستحسنه عيون الناظرين بالإبهار. فيما كلمة "جمال الجسم" تعني مقدار الفتنة التي يبدو بها عبر المثيرات التي يشيعها في عيون الناظرين. وهنا الفارق الفاصل في التسمية التي لم يدركها "المتأزهر" عبد الله رشدي وهو يلعب على مثير الفتنة في الجسد الذكوروي.


- إن ما لم يهتم باستحضاره قبل أن يقذف حجارته هو ما تعلمه في أروقة مؤسسة الأزهر الراسخة والمرتبط بواقع الالتزام بستر أو إخفاء خصوصية المنطقة المحددة بالعورتين في الجسد الذكوروي والتي يلتزم بسترها كل الرجال من كل الديانات وحتى الاتجاهات غير الدينية.


- إن هيمنة الموروث الحاف بالعقيدة الإسلامية من مرويات ومنقولات وفق ما يبدو لا يزال متمكنا بتكبيل الرؤوس ماضوية التربية فلا يوفر لها إمكانية أن تعمل العقل والتفكر في الحُكم والعِلَّة ودورانهما وارتباطهما وغاياتهما و...و... إلخ من قضايا واصطلاحات وغايات الفقه وتطورارته وارتباطاته بمتغيرات الحياة والزمان.


- إن عُبَّاد الفكر الماضوي الظواهروي من فئة "البيج كنج عبد الله رشدي" لا يزالون يمارسون في حقيقة الأمر استعراضات" كمال الكلام"؛ فينافسون رياضات استعراضات "كمال الأجسام"؛ متشبثين بنوعية واحدة من الخطاب الحجري؛ فتراهم يُصرِّون على فرضه على الأفهام والذائقة الجمعوية؛ وتكريسه عبر إكسابه القداسة المكذوبة؛ فيما يكون ما يتشدقون به منقوضاً أيضاً بالروايات المغايرة عبر تكذيبها وإضعافها والطعن في واحديتها!


- "بيج كنج الكلام" عبد الله رشدي يدور حول مفهوم "العورة" بالنسبة للرجال؛ متناسيا وقتانيات "زمان التحريم"؛ وارتباط ذلك بطبيعة البيئة وضرورات زمن نشر العقيدة وخصوصية الملابس/ الغطاء؛ ويتناسى دافعية غاية التركيز على "الجسد الأنثوي" بالتحديد؛ لعلل ودوافع ترتبط بالفتنة والنسق الحاكم للنوعين أكثر من الجسد الذكوروي.

  

- إن الخطاب القرآني الذي يتناساه عبد الله رشدي كان يحدد "عِلَّة" إدناء الجلابيب بالقول الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. صدق الله العظيم. وعلينا تأمل التراتبية ـ المهملة من إدراكه ـ والتي تبدأ بأمهات المؤمنين وتنتهي بنساء المؤمنين؛ إذ يتغافل عن التنبه لقرينة السببية التي تحددها الآية {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}."ص".


- لقد وقع "البيج عبد لله رشدي" في فخ القول بأن "بيج رامي" كشف عورته التي حددها الشرع في رياضة كمال الأجسام؛ ولم يراعِ ما ذكرته الكثير من المراجع على سبيل المثال: " تهذيب سنن أبي داود" والتي ابتنى بها عقله "المتأزهر"؛ متجاهلاً ما تضمنته حول اعتبار الفخذ عورة بأنها " حكاية حال لا عموم لها".


- وتجاهل "بيج "عبد الله رشدي ما تضخمت به المراجع الفقهوية الحافة بالعقيدة من أقوال محددة حول "عورة الرجل" بـ : "أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة، فالمغلظة السوءتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشـفهما لكونهما عورة مخففـة. وفي هذا رخصة للرياضيين وغيرهم ممن تسـتلزم هواياتهم وممارساتهم الملابس القصيرة، مثل "الشورت" ونحوه، وكذلك من يشـاهدونهم... فالقول الصحيح أنه جائز، ما لم يصحب ذلك شهوة، أو خوف فتنة... وهذا هو رأي جمهور فقهاء الأمة، وهو الذي دلَّ عليه عمل المسلمين منذ عصر النبوة". 


- بل إن هناك واقعاً فقهوياً معتبراً يقوم على أن "الفخذ ليس بعورة"، بدليل حديث أنس أن الرسول "صلعم" حسر عن فخذه في بعض المواضع، وما ذكره المالكية بـ "أن العورة المغلظة من الرجـل هي السوءتان فقط أي القبل والدبر... وهي التي تبطل الصلاة بكشفها...". "راجع موقع إسلام ويب"


*****



وإذا كان ما ورد في الأسطر السابقة يكشف الاستعراض الفاشل والمتهاوي لـ "البيج" عبد الله رشدي" في "رياضة الكلام" وهو ينتقد الـ "بيج كنج رامي" في "رياضة كمال الأجسام"؛ فإنه وللطرافة المثيرة يمارس في الفضاء الافتراضوي "رياضة استعراض الأجسام مع استعراض الكلام"... كيف؟:

- يرفق عبد الله رشدي مع تغريداته صوراً شخصانية له تدعو للتساؤل؛ إذ يهتم بإبراز رشاقة قوامه وما يدل على إبراز عضلاته؛ بل إن تحليل حركاته الفيديوية يكشف تماثلها مع بعض حركات ممارسي رياضة "كمال الأجسام"( تابعوا بعض الصور المرفقة).


- والملفت للأنتباه أن "بيج كنج الكلام" عبد الله رشدي لا يتنبه لمعنى القول القرآني الكريم {... وأنهم يقولون ما لا يفعلون}؛ فيظهر مرتدياً أحدث الملابس التي استصنعها الكفار وغير المسلمين والتي تحمل الحروف اللاتينية والشعارات الدالة على "ماركاتها" افتخاراً حين لا تراعي الشرعية المفترضة في "الملابس" حسب قناعاته التي يثقل بها على الجمهور!!


*****

حين يُمارس "بيج كنج" الكلام "المتأزهر" عبد الله رشدي الاستعراض في الفضاء الافتراضوي؛ محاولاً تلويث و"تحريم" ما حققه " رامي بيج كنج كمال الأجسام" المصري الدولي ممدوح السبيعي؛ وتجريده من بهجة الانتصار المذهل بدعوى منافاته ضوابط الشرع الخاصة بتغطية عورة الفخذين؛ فإنه يذكرنا بالمروية التي شاعت في "العامية/ الدارجة" المصرية المشهورة بسؤال أحد الأبناء لأبيه عن معنى كلمة "هَيَافَة" فأجابه الأب على الفور:" يعني تِيْجِي/تأتي/ في الهايفة وتتصدر"!!


                                         "رأفت السويركي"

الجمعة، 15 أكتوبر 2021

المقهى حين يكون برلماناً لحوارات المثقفين في انتظار كتاب " مقهى ريش... عين على مصر"!!

 المقهى حين يكون برلماناً لحوارات المثقفين 
في انتظار كتاب " مقهى ريش... عين على مصر"!!
---------------------------------------
حين طالعت إشارة صحافية بموعد صدور كتاب جديد للمبدعة والشاعرة والتشكيلية "ميسون صقر القاسمي" ابنة الإمارات وعربية الروح ومصرية الوجدان بعنوان " مقهى ريش... عين على مصر" غمرتني سعادة بالغة؛ ولهفة لتلقف هذا العمل الذي أتوقع أن يكون مؤلفاً متميزاً؛ جامعاً بين مهارة كاتبة متميزة؛ ورؤى مبدعة قادرة على التمييز بعين فنانة تشكيل بين العادي والجميل والغرابة والإدهاش؛ وباحثة تدقق في المرجعيات بتاريخها؛ ومنتجها الفكراني وثقافتها وعلمها الذي تتكئ إليه.


*****


"ميسون صقر القاسمي" ابنة بيت الحكم وعائلة الثقافة لا يمكن أن تفصلها عن سيرة أمارة الوعي؛ "الشارقة عاصمة الثقافة" في دولة الإمارات العربية بمعرضها الشهير للكتاب؛ ومنتدياتها الثقافوية وملتقياتها المتخصصة في شتى فنون المعرفة؛ ولا يمكنك إلا أن تربط بين اهتمامات ميسون صقر الإبداعوية المتعددة وبين تلك البيئة التي نشأت في مناخها؛ مع رحابة القاهرة التي وفرت لها المزيد من التألق المتعدد الأنواع.


لذلك حين التقطت خبر كتابها الجديد عن "مقهى ريش... عين على مصر" انسرب إلى ذهني إدراك ثراء هذا الموضوع الذي ستتعامل معه؛ وظللت استدعي من الذاكرة العميقة ذكرياتي الشخصانية حول هذا المقهي؛ ومشاهداتي له من الداخل عندما كنت أمارس الاستجمام السريع والتأمل البانورامي الخاطف لعوالم المثقفين من الداخل؛ وكذلك متابعاتي له من الخارج وأنا أمضي في طريقي لإنجاز مهمة خاصة لا تتيح لي إمكانية الجلوس.


*****


"المقاهي" أرى إليها باعتبارها اختزالاً يجسد أي مجتمع على كافة الأصعدة الثقافوية والاقتصادوية والسياسوية؛ وهي تعد شريحة بيئة واقعية لإدراك المؤشرات الحقيقية لدى دراسة أي مجتمع؛ ورصد أنماط مسلكيات النخب بشرائحها المتعددة؛ العليا والوسطى والشعبوية. كما تعد المقاهي منتجاً شعبوياً ممثلاً للبرلمانات غير الرسموية؛ إذ توفر بيئة الجدال والمحاججة لحاملي النظريات وأصحاب الإيديولوجيات وجمهور القناعات الوجدانوية من دون تصنيف.


"المقاهي" بصفة عامة بيئة غير محكومة بأية قوانين حاجبة للكلام المنسرب بسهولة وزخم مع الرشفات من أكواب الشاي وفناجين القهوة وأراجيل "الْمِعَسِّل"؛ فهناك المتكلم وهناك المستمع؛ وهناك المشاكس المتعصب لقناعاته والمستمع اللين؛ الذي يهز رأسه لتمرير القضايا كي لا يحتد من يناقشه. 


والمقاهي "مَخْبَز" في ظروف مفصلية محددة لصياغة "أرغفة" خطاب سياسوي "متثورن" أو رافض لأوضاع معينة (ما تسمى أحداث الربيع أنموذجا)؛ لأن النخب داخلها تتحلق أو تتجمع لتتبادل الرأي والمعلومات؛ وتعمم تصوراتها تجاه المتغيرات أو الأحداث؛ بل وأحيانا صياغة الشعارات التي تمثل خطاب الحدث.


*****


لذلك تمثل "المقاهي" عنواناً مهماً في ثقافة الآخر الأوروبية والأميركية؛ وقد جرت الكتابة عنها هناك؛ ولكنها شحيحة الحضور في الثقافة العربية؛ على الرغم من أهميتها كمنافذ مهمة لدراسة الواقع وخطاباته؛ وقياس أوزان النخب الفاعلة بها. لذلك قلَّما يعثر القارئ أو المراقب على عناوين تعالج موضوعتها؛ ولكن تستحضر الذاكرة كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" الذي نقل خلاله رفاعة رافع الطهطاوي مشاهداته حول المقاهي والمثقفين في باريس.


وما هو قائم في أوروبا وأميركا كان متواجداً في المقاهي الشهيرة بالقاهرة خلال القرن الماضي؛ ويتربع "مقهى ريش" في قلب هذه الأماكن المهمة؛ التي جمعت عقل وضمير ولسان مصر والمصريين؛ منهم شيخ الرواية العربية نجيب محفوظ وشاعر النيل حافظ ابراهيم؛ وكامل الشناوي وصلاح جاهين ومحمود السعدني؛ و...و... إلخ من قمم الخطاب الثقافوي المصري. كما لا يمكن التغافل عن اعتبار هذا المقهى مكاناً رحباً لأصحاب العقل العربي مثل الشاعر عبد الوهاب البياتي ومعين بسيسو؛ ومحمد الفيتوري والعديد من أصحاب الإبداع العربي ضيوف مصر.


*****


في انتظار أن أسعد بمطالعة كتاب المبدعة "ميسون صقر القاسمي" المعنوان: " مقهى ريش... عين على مصر" الذي سيصدر قريباً؛ ليكون وفق منهجها الموثوق به كتاباً شاملاً لتاريخ العقل الثقافوي لمصر؛ وكاشفاً لفعاليات هذا "المقهى/ القاعة/ الساحة/ المنتدى" لعقول مثقفي مصر؛ وأن تكشف صفحاته عن الوثائق التي تنبي عليها تاريخية هذا المقهى ودوره. خاصة وقد ذكرت في تصريح صحافي أنها حصلت "على نسخة من وثائق مقهى ريش من مالكها مجدى عبد الملاك، وجاءت الفكرة عبر قراءتي لتلك الوثائق، وبدأت العمل منذ 2011 عبر مشروع كتابة إعلامية".  


والجديد في معالجتها لتاريخانية "مقهى ريش" أنها وفق ما يبدو بمهارتها في الفن التشكيلي ستعالج التصورات الخاصة بمعمار القاهرة الخديوية؛ في ضوء أن ذلك المقهى تأسس في العام 1908 م على أنقاض "قصر محمد على" مجاوراً لميدان طلعت حرب بالقاهرة. وستكون رؤيتها تشمل تَعًانُق المكان والزمان بكل زخمهما السياسو/ثقافوي؛ والأحداث التي شهدهما مثل "ثورة "1919 م وما شابه.


والملفت للاهتمام أن غلاف الكتاب الذي قامت الشاعرة الفنانة ميسون القاسمي بنفسها بتصميمه يعطي الإيحاء الذكي لموضوعه: عبر "الصورة الفوتوغرافية" ذات الزمان القديم؛ حيث بعض رواده يجلسون على المقاعد. وقد منح اللون الأصفر الداكن البعد التاريخاوي العميق للغلاف؛ بعيداً عن استخدام فرشاة الرسم أو التلوين وممهوراً ببعض التوقيعات لرواد المقهى من المشاهير... وبحق يعتبر غلافا موفقاً.


*****


كتاب "مقهي ريش... عين على مصر" أتوقع أن يكون سفراً ثقافوياً بزخمه الثري؛ يتألق فيه عقل ووجدان الكاتبة المبدعة "ميسون صقر القاسمي" وهي تكتب عن قطعة من مصر بعيون عربية ووجدان إماراتي نعتز بها ونسعد.



                                          "رأفت السويركي"