تفكيك خطاب العقل النخبوي الإعلاموي المتسيس (
112 )
مخادعة ترويج التماثل والتوافق والاتفاق بين "العسكر" و"الجماعة المتأخونة"!!
-----------------------------------------------------
يشهد فضاء "فيس بوك" راهنا، دأب بعض النخب الإعلاموية المتسيسة، لبناء تصور مكذوب حول وجود منظومة ثنائية؛ تختزل وزن وبنية وقوة وقيمة "المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية" بجيشها العملاق في العديد والعتاد؛ لتضعها متساوية في مقابل ضحالة ولا وطنية "الجماعة البنائية المتأخونة" والموصومة بالإرهاب؛ ومحدودة القيمة والقوة؛ لتكرار تطبيع وتطبيق "سيناريو الربيع الصهيونوي للفوضى".
وهذه الحالة النخبوية في مضمر خطابها التدويناتي، تجتهد كلما اتيحت لها الفرصة، لتشتيت جهد التحشيد الجماهيري حول ثوابت المسألة الوطنية؛ وهو ما يفرض ضرورة كشف "نقاب العماء" الذي تحاول به هذه النخبة تضبيب المحيط بطبيعة ما تسمى القوى في الشارع المصري؛ والمخادعة في تبيان أوزانها الحقيقية، وارتباطاتها وسيناريوهات مشروعاتها.
*****
إن "الرصد الاستكشافي" يلمح مشروع بعض تلك النخب ــ غير التنظيمية ــ لتكثيف التدوين بهدف إعادة تبييض سمعة "الجماعة البنائية المتأخونة"؛ اختباء بادعاء الحيادية؛ والوقوف المدعى على مسافة متساوية من كل القوى في المجتمع المصري. والمسألة في الواقع خلاف ذلك؛ إذ أن هذه النخبة تستصنع؛ حتى وإن لم تع ذلك صورة مكذوبة ذات ثقل لهذه الجماعة البنائية.
وتسقط تلك النخب في متوهم الظن بالنجاح؛ في أنها ستثير من الزوابع حول "المؤسسة الوطنية العسكريتارية المصرية"؛ ما يساعد "جماعة حسن البناء" على الإفلات من الحصار المتنامي الراهن حول وجودها؛ وكشف دورها غير الوطنوي؛ بل غير الإسلاموي الذي تدعيه أيضا؛ وقد تأسست في عباءة اختباءاته.
لذلك فهذه النخبة المصابة بحمى "التنديد بالعسكرة" يغيب عنها "فقه الضرورات" الوطنية؛ والذي يدرك أهمية الوجود القوي؛ وإشراف هذه المؤسسة ــ راهنا ــ على مقاليد تسيير شؤون الحياة في وطنها.
*****
إن أحدث تمظهرات خطاب بعض أفراد تلك النخبة؛ يروج لما تستصنعه من ثنائية (العسكر) و(الإخوان)؛ وبما يحصر المسألة الوطنية المصرية في هذه الموضوعة فقط. وتتموقع هذه النخب في واحد من مربعات: إما أن تكون من عناصر المتأخونين بالانتماء أو الهوى؛ أو من جلاس مقاعد مقاهي النظرية الإيديولوجية المتمركسة؛ أو من فئة المتنشطين ومن يرفعون رايات وشعارات ما يسمى المجتمع المدني.
ويمكن أن يضاف اليها بعض نخب "الماضوية السياسوية الحزبوية" بجذورها الممتدة إلى شجرة العبودية الإقطاعوية في مصر؛ والتي قامت بقبرها ثورة 23 يوليو/تموز 1952م. وأغلبية هذه النوعيات من النخب تضمر حنقا تجاه هذه الثورة؛ على الرغم من منجزها الخاص بمجانية التعليم؛ والذي لو لم يعمم؛ لنشأت هذه النخب الناقمة على حواف الترع والحقول "وتفك الخط" بأفرع الأشجار على ألواح من الطين!!.
*****
والمؤسف أن هذه النوعية من النخبة لا تزال تقف في تضاد مريب تجاه "المؤسسة العسكرية الوطنية"؛ انسياقا خلف شعاراتية تكوين مفتقد مبتسر؛ يراد استيلاده، باسم "المجتمع المدني"؛ من دون دراسة الشروط التاريخاوية الموضوعية، والإمكانات الاقتصاديوية، والآليات الثقافوية والاجتماعوية لإيجاده.
والمريب في موقفيات هذه النخبة؛ وهي تستميت في ترسيم خريطة مستصنعة لما تسميه الصراع بين (العسكر) و(الإخوان) أنها تحاول تشييد حائطها للمبكى: بأن العلاقة الثنائية المتوهمة، بين هذين الموجودين هي التي تتحمل أوزار إفقار الحياة السياسوية المصرية.
وهذا ما يكشف التداعي المتهافت لدى هذه النخب في مهارة وقدرة قراءة حقيقة الواقع في مصر؛ ما يفرض وجوب كشف الحسابات الانتمائية لهذه النخب المتضادة؛ تجاه القوة الوطنية الفاعلة والضابطة في الواقع المصري؛ أي مؤسسة الجيش الوطنية؛ والتي تخوض معارك الوجود الدفاعي عن الوطن.
*****
إن ما تقوم به هذه النوعية من النخبة؛ هو محاولة تثبيت متصور ذهنوي فاسد؛ بوجود "تحالف بنيوي" بين "المؤسسة العسكرية المصرية" و"الجماعة المتأخونة"؛ منذ خمسينات القرن العشرين أي قيام ثورة 23يوليو/ تموز 1952م؛ وتتوهم أن ذلك التحالف قائم على قاعدتي "التقارب والتفارق" وفق طبيعة المرحلة؛ ومصلحة كل منهما خلال الظروف؛ والتي تحكم عليهما بالاتفاق أو الاختلاف؛ بالاقتراب أو التباعد!
وتعيش هذه النوعية النخبوية حالة التداعي الفكراني؛ بتوهم حالة تماه بين "مؤسسة الجيش الوطني المصري" وبين "الجماعة البنائية المتأخونة"؛ تجعلهما حسب هذا التصور المشبوه؛ يتفقان ويتوافقان في مراحل محددة على الاندماج البنيوي؛ بل والقيام بتنسيق الأدوار والفعاليات؛ وتبادل المواقع والوظائف.
وتواصل هذه النوعية من النخبة بناء متوهمها السياسوي؛ بالتأكيد على وجود "القانون العرفوي" الضابط بين "المؤسسة العسكرية المصرية" و"الجماعة البنائية المتأخونة" على إدارة الدولة المصرية؛ وفق معطيات قوة ومغالبة كل طرف للآخر؛ كما حدث في أحداث فوضى يناير /كانون الثاني2011م.
بل وتصل درجة "المنطق المَعْقوف"؛ أي الملتوي من طرفه وليس الشعار النازي؛ لاستصناع تصور "مؤامراتي" معيب؛ بوجود حالة من الترتيب المشترك لدور كل منهما"؛ والتوافق على التبادل" والدعم والتعاون باحتفاء من كليهما" حسب الدور والمرحلة. في إطار جهد من هذه النخبة يستهدف تجريد "المؤسسة الوطنية العسكرية" من وطنيتها؛ وتحويلها إلى "زمرة من الجنرالات"؛ التي تحتبس مصر لمنفعتها الفردانية.
إن ذلك "المنطق المَعْقوف" لهذه النوعية من النخبة؛ يحاول أن يهيل التراب على رأس أشرف مؤسسة وطنية في مصر؛ ويكدح لتقزيم دور هذه المؤسسة" والتي لا يمكن أن تخون وطنها، أو تقامر بمستقبله مهما كانت الضغوط والتحديات.
*****
وتكشف هذه النخبوية المهجوسة بالشعارات؛ وفق مربعاتها المتنشطة؛ أو المتأخونة أو المتأدلجة عن مكمن مرضها السياسوي؛ بالسعي لتقزيم قيمة "المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية" والهبوط بها لمستوى التساوي مع "جماعة ضحلة القيمة والقوة"؛ وتتغافل عمدا عن مدلول عدم توظيف "المؤسسة العسكرية المصرية" لما يسمى "منهج القوة المفرطة" في حماية الوطن إذا اقتضى الأمر ذلك؛ وهو خيار من المكروهات لدى الجيش الوطني المصري؛ طالما أن البدائل المأمونة متاحة للتوظيف؛ حرصا على الدم الوطني؛ واجتناب سيناريوهات الاحتراب الداخلي" المتضمنة في استراتيجيات "الربيع العبروي المتصهين".
"المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية" بمهارة توظيف "استراتيجيات الضرورة" لم تتخل عن أمن مصر وسلامتها؛ وعقلها العسكريتاري الوطني ــ عقل العبور ــ تعامل بمهارة فائقة مع سيناريوهات "ربيع الفوضى"؛ لتجنيب مصر المصير المشؤوم الذي طال العراق وسوريا وليبيا؛ بالدخول في حالة احترابات الفوضى؛ ولم يقامر بوطنيته.
*****
إن مهارة "استيعاب الصدمة" والتمرس على التعامل الاستراتيجاوي المرن وفق "فقه الحالة"؛ جعلت "المجلس العسكري المصري" يضغط على حسني مبارك للتنحي؛ في إطار إعطال توظيف القوة الشعبوية المحتشدة والمساقة بشعارات الفوضى في الميادين؛ والتي تسللت إليها كوادر "الجماعة المتأخونة" لإشعال الحرائق والتمترس في الميادين. فتجلى ذكاء "العقل العسكريتاري المصري" بامتصاص الضغط المستصنع؛ عبر تأكيد انتهاء مرحلة نظام مبارك.
واستكمالا لاستراتيجيات "إدارة الأزمة" استوعب المجلس العسكري المصري متغيرات المرحلة بالإشراف على إدارة الدولة؛ والتجهيز لانتخابات جديدة، تتواءم مع استراتيجية امتصاص ضغوط المتغيرات الإقليمية؛ الساعية لهدم "نظام الدولة الوطنية" بالربيع الصهيونوي.
وأشرفت على سيناريو حماية الدولة بانتخابات استشرافية فارزة للقوى في الشارع؛ فكانت الفرصة المتاحة لـ "الجماعة البنائية المتأخونة" لتصعد للمرة الأولى في تاريخها؛ كما هو معروف على حساب أصوات المرشح أحمد شفيق الكثيفة إلى درجة التغلب؛ وذلك امتصاصا وافسادا لخراب كان ينتظر مصر؛ حسب سيناريو الربيع الصهيونوي؛ والذي قام بتمكين عناصر هذه الجماعة العميلة للاستخبارات الغربية من سدة الحكم في العراق وتونس وليبيا؛ والبروز في أحداث تخريب الدولة السورية.
إن أسرار ووثائق تلك المرحلة الحرجة من عمر الوطن لم يتم الإفراج عنها بعد؛ والتي تثبت الذكاء العسكريتاري الخارق للجيش المصري؛ والذي تجلى كذلك في إزاحة تلك "الجماعة البنائية المتأخونة" من سدة الحكم في 30 يونيو/حزيران 2013م؛ بعدما أبرزت وجهها البشع؛ بالدخول في مرحلة تقسيم مصر(بيع ثلث سيناء، وإزالة حلايب وشلاتين من الخريطة، وطظ في مصر واللي في مصر أنموذجا).
*****
الحقائق التي لم يتم الكشف عنها كثيرة؛ لأن الوقت لم يحن بعد لذلك؛ وكلها تؤكد ثوابت "شرف المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية"؛ والتي لا تبيع مصر؛ ولا يفرط جندها في حبة رمل واحدة؛ هذا الجند الذي يجسد معنى الحديث المسنود إلى: {عن عمرو بن العاص رضى الله عنه: حدثنى عمر رضى الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم في رباط إلى يوم القيامة».}
أما ذلك الذي تتوهمه "النخبة المشوهة الوجدان"؛ فتقوم برصف معادلة توازن بين ما تسميه (ديكتاتورية العسكر) و(إرهاب الجماعة البنائية المتأخونة)؛ مدعية احتكارهما المشهد السياسوي؛ بما يعطل إمكانات متوهم إنشاء كيانات حزبوية مدنية؛ فذلك يدل على المستهدف النخبوي المضاد للجيش المصري الوطني؛ لأن تلك الكيانات الحزبوية القديمة والجديدة متواجدة بالفعل؛ والطريق الدستورية مفتوحة لإنشاء الجديد منها؛ لكنها تحمل ملامح الإعياء؛ والعجز النخبوي المدني؛ والذي لا يمل من عزف أنشودة أن العسكر يعطلون الحياة المدنية؛ مندمجين في ذلك مع الجماعة البنائية؛ ورواد مقاهي النظرية؛ ومتنشطي الجمعيات الدولارية.
*****
لذلك من المفاكهة؛ وسخرية القول إننا نتمنى على "المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية"؛ أن تساعد تلك "النخبة المتهافتة" في إنشاء أحزابها المدنية؛ لترضى عن جيشها المصري الوطني؛ ولا تبقى تعيش مخادعة استصناع ما تروج له؛ عن التماثل والتوافق والاتفاق بين (العسكر )و(الجماعةالمتأخونة)!!
"رأفت السويركي"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق