الأربعاء، 3 مايو 2017

تفكيك العقل النخبوي المناضل في الفضاء الافتراضي (63) كارهون للدولة... بتفاهاتهم لا يثمنون أدوار جيشها الوطني!!

تفكيك العقل النخبوي المناضل في الفضاء الافتراضي (63)  

كارهون للدولة... بتفاهاتهم لا يثمنون أدوار جيشها الوطني!!
--------------------------------------------

سألني وظل ابتسامة يرتسم على وجهه ماذا تقول في ذلك الشخص الذي لا يروق له أي قرار تتخذه الدولة المصرية راهنا في الاقتصاد والتنمية، والديبلوماسية، والفعالية العسكرية في مجال الأمن بمفهومه الشامل؛ ولا تلمح في كلماته وكتاباته سوى التشكيك والتسفيه من قدر أية خطوة يجري اتخاذها في إطار مسار إعادة تمكين الدولة من فعاليتها، بعد أن كادت تودي بها الأحداث إلى حيث لا حدود لتصوره بما يتناسب مع مصر وقدرها وقدمها وثقلها؟

قلت له وظل ابتسامة يرتسم على وجهي: هذا الذي تقصده لا يمثل نفسه فقط؛ بل يعبر وأقولها بثقة كبيرة عن نمط نخبوي مسطح المستوى شائع بين النخب المصرية؛ وينتشر وجوده انتشار النار في الهشيم فقط في عالم التعبير الافتراضي؛ حيث كما يقول المصريون الكلام ببلاش!

قال لي وظل الابتسامة يتسع في وجهه: لم تشف غليلي؛ حدد قولك أكثر...

قلت له وظل الابتسامة يغرق وجهي: يا صديقي هذه النوعية هي إنتاج مرحلة حكم التردي المباركي؛ فقد كانت هذه النوعية كامنة كمون الفئران المذعورة في الجحور؛ وفور تضعضع مفصل الأمن الداخلي للدولة تحديدا خرجت معلنة عن وجودها في الفضاء الافتراضي بشهوة التعالم عبر ممارسة الكلام؛ وليتها تدرك انفصالها عن السياقات الصحيحة لقراءة الواقع المصري في متغيراته!

***** 

خطاب هذه النخب الفقيرة فكريا والتي أنتجتها مرحلة التردي المباركي في التعليم والتثقيف والممارسة لا يتجاوز التعميم في إطلاق الأحكام والعموميات في الأقوال؛ وممارسة خلط الأوراق لافتعال صناعة قضية يمارسون في سياقها اللطم والغمز واللمز؛ حيث لا يعجبهم العجب أو الصيام في رجب!!

قال لي وظل الابتسامة يتمدد إلى شدقيه :  زدني من فضلك دام فضلك!!

قلت له بجدية أكثر: بعيدا عن النخب العقدية المتأخونة، والماضوية المتسلفة، والإيديولوجية المتمذهبة سياسويا... التي فككنا بعض منظومات خطاباتها لكشف مستهدفها المضلل للأتباع والمريدين؛ فإن هذه النخب التي نكتب عنها في هذه التدوينة هي نخب لا تنتمي لأي من تلك النوعيات، ولم تمارس في حياتها العمل السياسوي تنظيميا؛ ولا تحكمها أو تتحكم بها عقيدة فكرية، ولا تجمعها روابط جماعاتية يمكن أن تطرح بديلا تنظيميا للأوضاع الراهنة التي تعيشها الدولة المصرية؛ والتي تبدو كذبا أنها ترفضها.

هذه النخب "الفيس بوكية والتويترية" في أغلبيتها وجدت في هذه الفضاءات الافتراضية ساحات لإشباع شهوة النضال بالكلام من أجل الكلام؛ ولا تساندها أية إطارات نظرية محكمة تتناسب وتحولات الواقع، وخصوصياته وجماع قدراته، ومدى أهلية قواه الاجتماعية للعمل السياسوي بالشروط العلموية، وأولها امتلاك الوعي بقدراتها وطاقاته لإحداث التغيير الاجتماعي.

بمعنى أكثر وضوحا إن هذه النخب تمارس نوعا من اللصوصية السياسوية، حيث تحاول سرقة الكتلة الجمعوية الجماهيرية لمصلحتها الذاتية بتزييف وعيها؛ وتقامر بمجموعها ظنا أنها تتحدث بلسانها وتعبر عن جموعها؛ فيما هي ذاتيا نخب غير ذات عمق فكري، ولا تمتلك الوعي الموضوعي ببدائل التنمية البديلة للمطروح من قبل الدولة راهنا. انها ترفض فقط من اجل الرفض.

***** 

إن هذه النخب الافتراضية الخطاب مهجوسة فقط بحقها في ممارسة الكلام، ولا أحد يحرمها من ممارسته في إطار الضبط القانوني المتعارف عليه حتى في أعتى الدول الموصوفة بالديقراطية؛ لكنها تصدع رؤوسنا بشعارات الديموقراطية وجعلها من الأوليات الراهنة التي تسبق أية أوليات اجتماعية أخرى من حق الجماهير، فهل تتفضل وتقول لجمهور الفضاء الافتراضي الذي تسمم حياته بخزعبلاتها واحتقاناتها القولية:

** هل قدمت تلك النخب "المكلمنجية" قبل أن تنتقد الواقع الراهن الذي يعاد فيه تأسيس مصر تحليلات شاملة راصدة للتجريف الذي أحدثته مرحلة مبارك في الزراعة والصناعة والتعليم والتنمية؛ ووضعت تصورات بديلة تعالج التشوه البنيوي الذي طال المجتمع المصرى في ظل هيمنة الرأسمالية الطفيلية التي توحشت في مرحلة مبارك؛ ومنها الرأسمالية الطفيلية العقدية السياسوية مثل الجماعة المتأخونة التي رسخت لقاعدة تسعة أعشار الرزق في التجارة؛ فتحول المجتمع المصري إلى مجتمع متعطل ومستورد لكل شيء ولم يعد يصنع شيئا.

** هل تدرك هذه النخب التعسة سياسويا معنى أهمية ما تقوم به الدولة المصرية من إنشاء مشروعات التنمية الجديدة؛ المتناسبة مع الهيمنة العولمية في الاقتصاد؛ لذلك تنشط بإنشاء الأقاليم الاقتصادوية التخصصية في الأثاث والجلود والأحجار غيرها، وما سيستجلبه إقليم قناة السويس من صناعات تخصصية جديدة في النقل واللوجيستيات والالكترونيات...إلخ

**  هل تتخلص هذه النخب من حالة العماء السياسوي تلك وتدرك ضرورات إنشاء شبكة الطرق والموانئ الشاملة للقطر المصري، وتأثير ذلك على حركة التنمية الجديدة الموضوعة والمستهدفة؛ لتعم مصر من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب؛ لتأهيل الوطن ليكون المعبر المؤهل لمرور صناعات العالم إلى العمق الأفريقي عبر الإطلالة على بحرين استراتيجيين وقناة عملاقة ونهر ممتد إلى العمق الأفريقي. 

** هل تعرف هذه النخب شيئا عن أدبيات العلوم الاقتصادية الخاصة بالتنمية العولمية؛ القائمة على الاستعانة بالتمويل الخارجي والشراكات الإنتاجية والاقتراض المحسوب في عدم وجود مقدرات ثروة خاصة بخامات المواد الأولية مثل النفط والغاز؛ حتى تتوقف تلك النخب الهامشية عن "اللكلكة" في الحديث عن موضوع الديون؛ وكأن مصر في زمانها الحديث كانت من دون ديون؛ وهي السمة المميزة لنمط الاقتصاد الرأسمالي المعاصر؛ فهل لا تعلم هذه النخب الهامشية حجم الدين الخارجي الأميركي؟

** هل تدرك هذه النخب الهامشية الفهوم معنى "فقه الضرورة" وكذلك "فن إدارة الأزمة"؛ الذي تتبعه المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية في حماية مقدرات وقدرات مصر من الانهيار؛ لذلك تتدخل بجانب دورها الحمائي العسكري والتزامها الشامل الراقي والاحترافي للمساهمة - وهو أحد مهمات الجيوش الوطنية المعروفة-  في إدارة الأزمة الاقتصادية المستحكمة بفعل انضباطها وقدرتها الحاكمة في التنفيذ؛ بعد أن ترهلت الدولة المصرية في المرحلة المباركية وتخلصت من أعباء دورها التنموي لصالح طبقة الحكم الرأسمالية الطفيلية؛ وكانت هذه المؤسسة العسكرية الوطنية مدركة استراتيجيا للمأزق المجتمعي الذي تذهب إليه البلاد؛ فأنشأت مؤسساتها الصناعية والزراعية والتجارية لتؤمن احتياجاتها من المنظور الاستراتيجي؛ وبعد إزاحة الجماعة المتأخونة تدخلت لإدارة الأزمة الوطنية اقتصاديا بعد أن استحكمت حلقاتها على رقبة الوطن.

** هل تعرف هذه النخب الهامشية أن شركات القطاع العسكري ليست شركات جنرالات خاصة؛ ولكنها تمثل القطاع العام الثاني بهويته العسكرية، وأموالها هي أموال وطنية وليست خاصة للضباط وإن كانت ترتدي اللون الكاكي، فهي للشعب ومن أجل الشعب ويعمل بها أبناء الشعب من المجندين حسب اختصاصاتهم ولصالح الوطن؛ وفي الأغلب تتولى المؤسسة الوطنية العسكرية مهمة الإشراف على التنفيذ الذي تقوم به شركات عامة وخاصة؛ لضمان تطبيق معايير الجودة المفقودة بحكم استشراء الفساد في المجتمع المصري خلال المرحلة المباركية لمستويات غير مسبوقة. فهل تكف النخب الببغائية عن الحديث المكرور حول ما تردده في تلويث سمعة العسكرية المصرية الشريفة؟! 

** هل تتوقف هذه النخب عن الحديث المتهافت حول العاصمة الإدارية؛ وتدرك ارتباطها بشبكة الطرق العملاقة الجديدة؛ وأهمية الانتقال الملائم لمدينة إدارية جديدة تتناسب والمشروعات الاقتصادية العولمية الحديثة؛ حيث صارت القاهرة متخمة بكثافاتها، ومتردية المستوى نتيجة الإهمال واستحكام الفكر العشوائي في رقبتها خلال المرحلة المباركية. إن مصر الحديثة تحتاج عاصمة إدارية مغايرة تخرج من هيمنة الفهوم التقليدية؛ وتناسب نمط الدولة الحديثة؛ باقتصادها النوعي الجديد؛ وهذا ما تتولاه الدولة راهنا.

** وإذا كانت كلمة الديمقراطية هي الكلمة التي تمضغها هذه النخب طيلة الوقت وتعتبرها الحل السحري، وتظن أنها ستحل جميع المشكلات، فما القول في نموذج المجتمع الصيني الذي يحق له الهيمنة على الولايات المتحدة الأميركية إذا أعلنت الإفلاس بحجم المديونية المخيفة للصين الشعبية؛ هل السلطة يجري تداولها في الصين؟ وهل يتشدقون في بكين بكلمة الديموقراطية؟ هناك سلطة قوية وحزب متمكن، وشعب كله يعمل بعد تخلصه من المخدرات وضبط تعداده انجابيا بالحسم. 

** لذلك يا تلك النخب كيف يمارس الفقراء لعبة الديموقراطية وتبادل الجلوس على كرسي السلطة وهم في حالة فقر مزر في فرص العمل وغيبوبة ضياع الضوابط الحاكمة للفعل الفردي والجماعي؟ وكيف يمارس غير المتعلمين ومن لا يعرفون القراءة والكتابة لعبة الديموقراطية، وتوجيه الأصوات قبل وضعها في صناديق الانتخابات مع معدلات الأمية الألفبائية والثقافوية والسياسوية العالية المستويات.  

 ***** 

إن هذه النخب الفقيرة فكريا هي في حقيقتها تمثل منتج مناخات المرحلة المباركية بتهافتها وسطحيتها، ولأنها نشأت في بيئة مجتمعية لا تعرف العمل المنتج ولا تقدس قيمته؛ لأن الحكم المباركي لم يقدم أي نموذج تنموي حقيقي أكثر من شراء البضاعة الرديئة؛ لذلك تعلن هذه النخب تبرمها من حركة العمران الأساس التي يجري إنشاؤها في مصر راهنا بمستويات كبيرة؛ وتشيع أجواء سوداوية بحكم سوداوية التربية المجتمعية التي أحاطت بها لقرابة العقود الأربعة المباركية الماضية.

***** 

لذلك فإن هذه النخب تستحق أن نطلق عليها توصيف مناضلي الفضاء الافتراضي عبر "فيس بوك" و"تويتر" لتبيان مدى تهويمهم الفكري بتفاهاتهم في المسألة المصرية؛ من أجل الفوز بأكبر عدد من اللايكات؛ يتفاخرون بها في جلساتهم على مقاعد المقاهي، حيث تتبخر مع الدخان في اجتماعات تدخين الشيشة. أما صديقي الذي سألني حول هذه الفئة من المناضلين الناقمين في العالم الافتراضي فقد هب واقفا ومبتسما باتجاه احد مقاهي المناضلين، لعله يحظى ببعض جلسات تبخر الكلام مع الدخان.


                                                 "رأفت السويركي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق