" كذلك الخروج"!!
في ذكرى وداع غانم غباش الإنسان... أيقونة الحرية!!
---------------------------------------
---------------------------------------
-----------
يهطل من وجهك غيم المتعبين،
وانت تغدو،
كتواشيح الشفق،
تعبر شرفة العيون بالندى،
فتحتويك الأفئدة .
2- في مقبرة " القصيص":
--------------------
" يمامة" ناحت بقربي،
مسدت غنوتها بالمسك والعنبر،
قالت:
متعب يغفو على صوتي،
لبعض الوقت يغفو،
فدعوه، قبل أن يطلق للخيل عنانا؛
وتدق الشمس،
أجراس الرحيل.
3- الجنازة:
---------
تركض بين راحتي الدرب،
مهلا... اتئد.
ما شأننا بموعد
لم نضرب.
وكنت أوفى من وعد.
4- صلاة الجنازة:
-------------
أيتها النفس اطمئني،
... وارجعي،
... راضية،
... مرضية.
5- الرحيل:
--------
يا للسفر...
السائقون استنفروا،
كعقربي الوقت لملموا الخطى،
وعبأوا النهار في خزانة الذكرى،
وأطلقوا نوارس الغبش.
6- في المقبرة:
----------
الأرض تهفو للعناق؛
ارتعشت،
في فمها نهر اشتياق.
كان الرجال يحرثون؛
... يقرأون: واحد... فرد... صمد.
وحين مدت السماء جيدها؛
صوب الرفاق؛
تسللت من كفهم؛
للأرض بذرة الجسد.
للأرض يهفو بذرها؛
للأرض يرجع الجسد؛
في الأرض ينبت الجسد.
7- " الحمرية " منزل الفقيد:
---------------------
القادمون...
حين يمدون العيون للعزاء،
يهطل من عيونهم،
وجه قديم باتساع الدفء:
نعمان؛ وخلفان؛ وجوزيف؛
ومحجوب؛ وعثمان؛ ومورللي؛
أحمد؛
... و" مست خان".
8- الخروج من العزاء:
--------------
يفوح من وجهك سفر المتعبين؛
وأنت تغدو؛
كتواشيح الشفق؛
تعبر شرفة العيون بالندى،
فتحتويك الأفئدة.
" رأفت السويركي"
--------------
هناك من الناس من يمكن أن تضعه في مقام الأيقونة؛ لأنه امتلك مواصفات الفرادة والتميز في مجاله من دون افتعال أو ادعاء؛ لأن صفاته وقدراته الذاتية تؤهله لكي يكون أيقونة.
والكاتب الأماراتي الراحل " غانم غباش" ؛ كان أيقونة في خلقه وفكره ومسلكه ومواقفه الحياتية، حفر في ذاكرتي وقلبي موقعه العميق من دون افتعال أو تصنع؛ لأنه من طين الناس الأصلاء الأنقياء الأوفياء.
عرفت الراحل غانم غباش " بو مروان" منذ قرابة العقود الأربعة، وعلى الرغم من رحيله عن دنيانا إلا أنه لا يغادر تفكيرنا ومخيلتنا أنا وكل من عرفه وتعامل معه مهما بعدت مسافة الزمان منذ رحيله.
وكما سبق وكتبت بعد غيابه أنه وهو يتحرك مقعدا على الكرسي؛ كان الإنسان الوحيد الذي يشعر بالحرية الذاتية والفكرية والنفسية. أقعده حادث سيارة وكبله في كرسيه المتحرك لكنه كان يعيش حالة الطيران على الأرض؛ لأن الشعور بالحرية ينبع من داخل الذات؛ لذلك كان الراحل غانم غباش يسبقنا في التحرر من أية قيود تكبل التفكير؛ فصار بحق أيقونة الحرية.
الراحل " غانم غباش" الفارس النبيل والحكيم العميق، كان الانسان منا يذهب إليه وتكاد طاقة الغضب أو الضيق تفجره، وحين نجلس إليه يمتص كل طاقاتنا السلبية بابتسامة الود التي يستقبلك بها، والسماحة ورجاحة العقل ورزانة السلوك التي نتعلم منها كيف تكون فارسا نبيلا وحكيما رزينا.
" أبو مروان" النبيل الراحل بكل ما عرفناه عنه وعبر تعاملنا معه، أضاف إلى صورة الإنسان الأماراتي التي احتككنا بها الكثير من ظلال الإنسانية، فهو من جيل وطني أصيل الهوية، قومي وعروبي السلوك، إنساني النهج، وعلى الرغم من غيابه الجسدي فلا يزال غانم غباش يتحرك بحرية بيننا على كرسيه في ذاكرتنا.
غادرنا " غانم غباش" إلى لندن للعلاج؛ ولكنه لم يعد مرة أخرى على الكرسي؛ عاد جسدا مسجى في سكينة الراضين والمطمئنين والقابلين بما أصابه في البدن في 4 مارس/ آذار 1989م؛ وفي استقبال جسده حين وصوله مطار دبي كنت في جموع المنتظرين للمشاركة في وداعه إلى مثواه الأخير ليبقى أيقونة الإنسانية والشعور بالحرية.
وفي مهرجان تأبينه الذي أقامه اتحاد كتاب وأدباء الامارات بتاريخ 20 ابريل/ نيسان 1989م، كانت قصيدتي " كذلك الخروج" التي رسمت فيها مشاعر الخسارة الفادحة بغياب " غانم غباش" ، وقد ذكرني " فيس بوك" بهذه المناسبة والقصيدة.
------------------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق