الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

تفكيك العقل النخبوي المتأخون سياسوياً ( 73 ) "احتيالات" القرضاوي... حين يقول أنا لست متأخوناً " أنا من المسلمين"!!

تفكيك العقل النخبوي المتأخون سياسوياً ( 73 )
"احتيالات" القرضاوي...
حين يقول أنا لست متأخوناً " أنا من المسلمين"!!
-----------------------------------------------------
 
تغريدة المتأخون يوسف القرضاوي
التي ينفي خلالها على سبيل التقية انتماءه للجماعة المتأخونة.
 
العقل السياسوي المتأخون عقلٌ مُحتالٌ؛ يُمارس كافة أنواع المُخادعة من دون رادع قيمي أو أخلاقي؛ لأن منهجه يتلخص في قاعدة: " الغاية تبرر الوسيلة"؛ والقاعدة الرائجة على ألسنة المتقوِّلين والرواة " ما لا يُدرك جُلُّه لا يترك كله "، مع الفوارق البينة بين القاعدة التي توظف فقهياً والمسلكية الانتهازوية التي يتطبع بها المتأخونون توظيفاً لفقه التقية.
 
وفي ممارسة عملية مباغتة تُذكِّر العقل التفكيكي بما وُصِف سابقاً بسلوك قفز "القردة العليا" مارس مُفتي التأخون السياسوي يوسف القرضاوي في أحدث مشاهد "لعبة القفز" والانتقال المباغت من غصن على الشجرة إلى غصن آخر؛ تطبيقا عملياً لفقه الضرورة بممارسة "التقية السياسوية" التي تشتهر بها تلك الجماعة الفاسدة فكرانياً ومسلكياً.
 
ففجأة كتب يوسف القرضاوي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ما يجعله كَذِبَاً يتنصل تكتيكياً من انتمائه واندراجه في عضوية الجماعة المتأخونة؛ بقوله الحرفي: (أنا لا أنتسب لأحد إلا للإسلام وحده.. إلى القرآن والسنة وإلى محمد صلى الله عليه وسلم، "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العلمين".)
 
هكذا بــ 25 كلمة يخلع القرضاوي عن كتفيه وتاريخه وشاح وعباءة التأخون السياسوي؛ التي طالما وكثيراً ما أصاب العالم بصداع التفاخر بانتمائه إليها؛ ممارسة وكتابة وخطابة، منذ نعومة أظفاره إلى مشيبه وهرمه!!
 
*****
ادعاء لا يسنده الواقع، ويدل على مقولة "يكاد المريب يقول خذوني"!!
 
وهذه التدوينة إذا كان الفعل التفكيكي لا يهتم خلالها بالكشف عن مسببات خلع القرضاوي لملابسه السياسوية المتأخونة؛ وتنصله المباغت من الانتماء لجماعته؛ كما لا يهتم بتكرار استعراض تفسيرات الوسط السياسوي المضاد بأن القرضاوي طُلب منه إعلان التنصل من الجماعة؛ حتى لا يُشكل مزيداً من الحرج لرعاته ومستضيفيه، وداعميه مالياً وإعلاموياً. فإنه سيقوم بكشف المضمر الذي يخفيه القرضاوي خلف تغريدته الفاسدة ؛ إذ أن ذلك التفسير يدل على سذاجة استهلاكوية شعبوية؛ فالأجهزة والمؤسسات الراصدة تعلم من هو القرضاوي؟ وأنه متأخون قلباً وقالباً؛ وتاريخه الإفتائي الفاسد لتدمير الدولة العربية الحديثة لا يمكن أن يمسح مسؤوليته "تغريدة" مُخادعة على "تويتر".
 
يوسف القرضاوي في تغريدة التنصل تلك... يمارس ما يمكن تسميته في التحليل النفسي السياسوي "سلوك النوع"؛ كمسلك مرتبط بالفطرة السياسوية الفاسدة للمتأخون؛ والمكتسبة من الأنماط التربوية التي وضع قواعدها المؤسس الأول "حسن البناء" ضمن نظام العضوية والتأهيل والدمج والقولبة؛ والمرتبطة بدافعية التقية كمحرك "مضمر مسكوت عنه" في السيكولوجية المتأخونة التي تشعر دوما منذ التأسيس بالاسترابة من الواقع الخارجي الذي يترصدها ويتهددها؛ لذلك فإنها تستخدم المنافقة والمناورة الاتقائية.
 
فالتقية السياسوية التي تُربي الجماعة المتأخونة أعضاءها عليها تُعبر عنها المقولة الرائجة: "يكاد المريب يقول خذوني" التي توظفها العرب مثالاً للتعبير عن حال مرتكب الخطأ؛ ونتيجة شكوكه بإمكانية افتضاح أمره يكاد يُعلن مسؤوليته عما ارتكبه.
 
فهل قبل أن يكتب القرضاوي ما كتبه بوضوح:" أنا لا أنتسب لأحد إلا للإسلام وحده.. إلى القرآن والسنة وإلى محمد صلى الله عليه وسلم " نسي عشرات المؤلفات والمحاضرات والخطب والبرامج باسمه التي رسخ خلالها إعلان وتثبيت تأخونه؛ وأكد انتماءه لجماعته التي قامت بتربيته.
 
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر؛ فماذا يقول القرضاوي عن انتمائه المتأخون فيما خطه بنفسه – على سبيل المثال لا الحصر – في تقديمه كتابه المعنون "التربية السياسية ومدرسة حسن البنا، بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على استشهاد الإمام حسن البنا " الصادر عن مكتبة وهبة بالقاهرة الطبعة الثالثة العام 1992م.
 
لقد كان مفتتح يوسف القرضاوي في تمهيد الكتاب دالاً على عمق الانتماء؛ والارتباط العضوي والعاطفي والوجودي بجماعته التي تنصل من الارتباط بها في تغريدة تكتيكاوياً.
 
*****
 
ومن دون شك فإن نص تمهيد التعبير عن هذا العشق المتأخون؛ والذي اختفى من الطبعات التالية يتضمن حرفياً: " أرأيت إلى الأرض الخاشعة الهامدة، ينزل الله عليها الماء، فتهتز وتربو وتحيا بعد موتها، وتنبت من كل زوج بهيج، كذلك كانت الأمة الإسلامية في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقبل ظهور حركة الإخوان المسلمين؛ ... وشاء الله... أن يجدد لهذا الدين شبابه، ويعيد لجسد هذه الامة الهامد روحه وحياته من جديد. فكانت دعوة الإخوان المسلمين، وكان حسن البنا مؤسس هذه الحركة "الكبرى" التي مضى عليها خمسون عاماً تركت فيها بصمات وآثاراً في كل مجال وفي كل مكان، داخل العالم الإسلامي وخارجه".!!
 
ووفق عادة الاحتيال السياسوي الذي يبرع القرضاوي في ممارسته يمكن بتفكيك هذا المتن؛ الوصول إلى النتائج التالية:
 
أولاً: إن "القرضاوي المقدس" جماعاتياً؛ وفق عادته التي لا تنقطع يمارس لعبة التأويل الفاسد بتوظيف النص القرآني الكريم لخدمة أغراضه السياسوية؛ عبر القيام بليِّ عنق النص الكريم وتوظيفه استدلاليا في غير موضعه حسب "التوظيف الخوارجي".
 
فالآيات الكريمة من سورة الحج الآية الخامسة هي: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾.
 
لكن القرضاوي المؤول السياسوي الفاسد؛ يوظف الآيات المرتبطة بنسف إنكار البعث؛ وتوظيف قانون الإنبات الذي يعرفه الكفار مثالا لقدرة الله زمن البعثة وما يتلوها للتدليل على تصوراته السياسوية بالنسبة لجماعته المؤسسة وفق المسمى الماسوني "الإخوان"؛ ليقول:" أرأيت إلى الأرض الخاشعة الهامدة، ينزل الله عليها الماء، فتهتز وتربو وتحيا بعد موتها، وتنبت من كل زوج بهيج... فكانت دعوة الإخوان المسلمين، وكان حسن البنا مؤسس هذه الحركة "الكبرى"!!
 
ثانياً: إن مقام التوظيف الفاسد للنص الكريم يستهدف في مقتضى الحال تعميم الفهم بأن العالم الإسلاموي كله كان كافراً ومنكراً للألوهية قبل ظهور حسن البناء؛ فبعث الله الدين الإخواني الجديد / المشابه وظيفيا بماء السماء بوساطة حسن البناء لذلك اهتزت الأرض الهامدة وربت فأنبتت... إلخ!!
 
ثالثاً: يدعي يوسف القرضاوي أو يتوهم أو يروج إلى أن دين الإسلام استرد حضوره في الأرض بنشوء الجماعة البنائية؛ من دون أن يذكر دليلاً واحداً على توهماته السياسوية؛ متناسيا أكثر من 14 قرناً والعقيدة تواصل انتشارها؛ فيما لا يجرؤ القرضاوي وكذلك بقية كهنة الجماعة على تقديم كشف حساب إحصائي لدور الجماعة المتأخونة بنشر الإسلام في الدول التي لم يصل إليها؛ أو تغيير ميزان انتشار العقيدة ببرامجها لتتغلب على العقائد الأخرى في الانتشار!!
 
وبذلك فإن القرضاوي وجماعته يعيش متوهمات سياسوية عريضة ومدروسة استخباراتيا؛ ومدعومة أيضاً لتواصل دور هدم نظام الدولة الوطنية في المنطقة.
 
*****

ونصل إلى خطوة كشف "المسكوت عنه" في "الأغرودة الفاسدة" للقرضاوي التي يقول فيها: " أنا لا أنتسب لأحد إلا للإسلام وحده.. إلى القرآن والسنة وإلى محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162، 163].
 
أولاً: أبرز القرضاوي في صياغة عبارته "التقوية" – من التقية - ارتباكاً بينا؛ فمن ينتسب للإسلام بالضرورة ينتسب للقرآن والسنة والنبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم؛ والأمر لا يتطلب من القرضاوي تقرير المقرر؛ فهو متضمن منطقياً؛ لكنه الارتباك النفسوي الذي يعيشه في مرحلة هرمه، والتي تبخرت فيها متخيلات جماعته بالتمكين.
 
ثانياً: إن التوهم القرضاوي بادعاء وراثته النبوة التي جرى تفكيكها مسبقا يأخذ بلباب وجدانه و"مقياد" لسانه؛ ففي تغريدته الفاسدة هذه أيضاً يلعب اللعبة نفسها؛ ويقوم بتوظيف الآية القرآنية الكريمة في غير محلها؛ فالله جلَّ جلاله حسب ابن كثير وسواه: " يأمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله أن صلواته وذبحه وما يفعله في الحياة من الأعمال، وما يموت عليه من الإيمان والأعمال الصالحة جميع ذلك خالصا لله دون من سواه، وأنه أول من انقاد واستسلم لطاعة الله عز وجل من هذه الأمة".
 
ويأتي يوسف القرضاوي المريض بالتوهم العقدي؛ فيحشر نفسه في مجال النبوة المقدسة، ملحقا احتيالاته السياسوية بالنص القرآني؛ فهو يخفي انتماءه إلى الجماعة المتأخونة التي شيد فيها مسبقاً أبراجاً من كتب؛ وبتغريدة شاردة على موقعه يؤكد أنه لا ينتمي إلا إلى الإسلام والرسول الأكرم!!
 
ثالثاً: وما كادت التغريدة تظهر؛ حتى تناقلتها الصحف والمواقع الالكترونية في اهتمام غير مسبوق؛ وكأن يوسف القرضاوي حقاً خلع نفسه من الجماعة المتأخونة؛ أو أنه يحاول القفز من سفينة الإخوان؛ سعياً للتخلص من إرثه الكريه مُنظِّراً لتدمير الدولة الوطنية.
 
إن تلك التغريدة المخادعة ليوسف القرضاوي؛ لا تنفي بالمطلق انتماءه للجماعة المتأخونة؛ ولكنه يمارس لعبة "التقية" مؤقتاً؛ فهو كما نشرت المواقع من قبل حين سئل عن خروجه من التنظيم المتأخون في برنامج "المقابلة" قال: " لم أخرج من الإخوان… لكن لم أستمر؛ أنا طلبت منهم أن أترك التنظيم، لا أعمل في التنظيم، ولا ألتزم بأن أروح أحضر مع الجماعة وأعمل كذا…"، ما يعني عدم الالتزام بالعمل التنظيمي، لكن انتماءه للفكرة والجماعة مستمر فقيها ومنظراً.
 
رابعاً: إن انفكاك القرضاوي من أعباء العمل التنظيمي بسبب شيخوخته؛ لا يمكن أن يؤول بتركه الجماعة التي يقدس فيها المؤسس حسن البناء؛ والدليل ما ذكره في كتابه "لقاءات ومحاورات حول قضايا الإسلام والعصر": " أعظم الشخصيات التي أثَّرت في فكري ومشاعري وسلوكي، هي شخصية الإمام حسن البنا، فقد استمعت إليه مبكراً في حياتي، وأُعجبت به ورأيت فيه الأستاذ والمعلم والمربي والداعية والمفكر، ولهذا تلقفت تقريباً كل ما كتبه من رسائل ومقالات وبيانات ونهلت منها، ووجدت فيها زاداً ونبراساً...".
 
*****
صفحة المتأخون القرضاوي على موقع تويتر.
 
والسؤال المنهاجي هو إذا كان يوسف القرضاوي لم يغادر فكر الجماعة فما مبرر تجاوز ذكرها في تغريدته المخادعة تلك؟ الإجابة هي مسلكية "التقية" التي تلتزم بها الجماعة تاريخيا؛ والتي جعلت "حسن البناء" ينفي فكرة العنف والقتل بقوله " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين "، بعد قيام كوادرها باغتيال محمود فهمى النقراشي رئيس وزراء مصر؛ في إطار ممارسة قاعدة التقية وهي " أن تقول أو تفعل غير ما تعتقد، لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك او لتحتفظ بكرامتك".
 
*****
 
هكذا فقط يمكن فهم التغريدة الفاسدة ليوسف القرضاوي؛ التي أخفى فيه اسم الجماعة المتأخونة التي أسسته فكرانياً ووجدانياً، ونصبته مفتياً معاصراً للتدمير وقتل الأنفس التي حرم الله قتلها؛ لكنه المرض العضال الذي صاغ عقلية "القاعدة" و "داعش" إلخ من تلك الحركات؛ التي من سوء سمعتها؛ تجعل يوسف القرضاوي يمارس الاحتيال السياسوي بالقول أنا لست متأخوناً... "أنا من المسلمين"!!
 
 
                                                           "رأفت السويركي"
 

 

---------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق