الأحد، 2 أكتوبر 2016

حين تكون قراءة اللوحة الخطوطية... ملتبسة!!



إشكالية أثارتها "حروفية" منير الشعراني

حين تكون قراءة اللوحة الخطوطية... ملتبسة!!
---------------------------------

كنت ولا أزال أتابع المشروع التشكيلي للفنان الحروفي الكبير منير الشعراني باهتمام كبير، في إطار اهتمامي الذاتي بتقديم مشروع شعري تجريبي خاص بالقصيدة الشعرية البصرية منذ ثمانينات القرن الماضي، وقد نشرت عدداً من قصائد هذه النوعية الشعرية البصرية في دورية "شؤون أدبية" الصادرة عن اتحاد كتاب وأدباء الامارات.

وتنطلق هذه التجربة الشعرية من إحساس معرفي، بأهمية أن تسترد الثقافة العربية جانبها البصري المسكوت عنه، بدلاً من هيمنة الشفاهية على النوع الشعري العربي تاريخياً إلى الآن، وكانت قصائد تلك التجربة؛ يتماهى فيها الشكل مع المضمون، لتكون القصيدة وحدة واحدة، لا ينفصل فيها الشكل عن مضمونها القولي.

لذلك يشدني أي عمل تشكيلي، للتأمل والتفكيك، للإمساك بمواطن الجمال، والاستمتاع بما يصل إليه العقل من رسائل المبدع في النص أو اللوحة، ولعل صداقاتي الكثيرة للتشكيليين في "فيس بوك" تقدم لي وجبات تشكيلية دسمة، استمتع بها؛ وأحيانا أتدخل بالتعقيب على بعضها، وأسجل انطباعاتي، وملامح تفكيكي لهذه الأعمال الفنية، مباشرة أو من خلال ما يقوم الأصدقاء بإعادة نشره عبر صفحاتهم.

*****

وكانت أحدث تلك المحاولات، من خلال صفحة الأستاذة الدكتورة اعتدال عثمان Etidal Osman حيث قدمت تحليلاً للوحة التشكيلي الحروفي الكبير منير الشعراني التي نشرها بعنوان" لا إبداع حيث لا حرية"، وتولت الدكتورة اعتدال تحليل مكونات اللوحة الحروفية باقتدار بما نصه:" حكمة أصابت كبد الحقيقة كما يقال، اللاء الأولى والثانية متناظرتان ومغلقتان على أول واخر حروف كلمة "حرية، حيث يرتكز التشكيل على قاعدة إبداع المؤطرة بألفين سامقتين... لون الحروف الأصفر الذهبي المشع بالمعنى ذي النقاط الحمراء النارية يبرز على خلفية اللون الأزرق المركب".

*****

وكان أن تداخلت بكتابة تعليق على اللوحة محتواه:" استخدام هذه النوعية من الحروف الاسلامية يعطي ايحاء بالقداسة الروحية التي تكسب المقولة قيمة، ولو كانت العبارة توسطت المركز في فضاء اللوحة لكانت الدلالة أعمق، باعتبارها مقولة مركزية، غير أن موقعها الراهن أعطى انطباعا بأنها مقولة صاعدة إلى المركز".

ولمزيد من التوضيح ذكرت أنني توقعت" أن يضع الشعراني عبارته المركزية وسط فضاء اللوحة، كأنها الكوكب الدري الذي يتوسط الفضاء التعبيري، وقد أعطى استخدام الخط الاسلامي إحساسا بقداسة الرموز الاسلامية، فهناك ما يُعطي انطباعا بمئذنتي المسجد، وكتلة خطية تعطي الانطباع بالقبة الرئيسة لمسجد، إنها قراءة شكلية للوحة"، راجيا أن تكون القراءة مناسبة.

*****

ويتدخل المبدع منير الشعراني (Mouneer Alshaarani) بالكتابة :" ليس هناك ما يُسمى خط إسلامي، هو خط عربي لأن مادته هي الحرف العربي، وهو ليس مرتبطًا بالدين، بل استخدمه الدين كما استخدم اللغة التي تكتب به:" إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا"، ولا رموز دينية في العمل، وهو يدور حول مسألة أرضية لا علاقة لها بالكواكب والفضاءات الميتافيزيقية، ولا علاقة للعمل بأي من الرموز المقدسة ولا بالمآذن والقباب، هو عمل مرتبط بالأرض والإنسان وإحدى المسائل التي يفتقدها في عالم يسيطر عليه المال والسلطة والدين المبرمج على خدمتهما."

*****

ونحن هنا إذن إزاء قراءة ذاتية ملتبسة للوحة الحروفية للشعراني؛ والتي أعتقد أنها تثير قضايا مهمة جداً في إطار التلقي للعمل التشكيلي الحروفي، وقد تكون الإشكالية خاصة بهذا النوع من العمل التشكيلي، الذي راكم أنماطاً من التعامل معه، تكشف عن إشكالية كبيرة فيما يتعلق بالعمل التشكيلي الحروفي، الذي يواجهه المتلقي المسلح بالمعرفة التشكيلية؛ فما القول بالمتلقي غير الاختصاصي، الذي يُقلّبْ في اللوحة، محاولاً تفكيك المقولات المرسومة، أو الكلمات المركزية في العمل التشكيلي الحروفي.

وهذا ما نحاول التعامل معه، لكشف كوامن هذه الإشكالية الفنية، متمنيا أن تكون في مداخلات الأصدقاء لاحقاً ما يجلو المزيد من جوانب القضية عبر الحوار الفني الدقيق:

• إن اللوحة التشكيلية؛ أية لوحة، تُعرف بأنها المساحة المنبسطة، المتضمنة للخطوط والأشكال التي يبتدعها الفنان، حاملة المضامين ذات الهدف المقصود، بحيث يصل إليها المتلقي عبر توظيف البصر، لمعرفة أحاسيس وأفكار الفنان التشكيلي، الكامنة في مخيلته، مترجمة لونيا وخطوطياً، بتشابكاتها في المساحة الفراغية المؤطرة، وبالتالي فموضوع اللوحة، هو تجسيد لمعتقد ورؤية، وثقافة ومسلكيات الفنان، في واقعه الاجتماعي.

• لكن اللوحة "الخطوطية" التشكيلية؛ تثير لدى مشاهدتها - على الرغم من جمالياتها - التباسات كبيرة، لأنها تخرج بالنوع عن وظيفته الإبلاغية المرتبطة بالكتابة؛ فيُضطر الفنان الخطوطي؛ لأن يرفق اللوحة بنص العبارة أو الكلمة التي أخضعها للعمل التشكيلي، نتيجة الخروج بالحرف عن شكل بنيته المتعارف عليها، ما يُحوِّل خطابها الإبلاغي إلى وظيفة جمالية تزينية؛ بوساطة المدِّ، والتدوير، والكسر الحاد، مُستفيداً من مرونة الحرف اللغوي، وتميز الحروف بالمطواعية؛ والاستجابة لتلبية رغبة الفنان وتصوره، ومحاولته ابتكار شكل جديد للحرف؛ قد يكون ذا نهايات مفتوحة لأعلى أو مغلقة، مع استخدام "التوريق" و"التضفير" من خلال المساحات المتعارف عليها بالتربيع والتدوير؛ وكل ذلك بغرض تقديم معمار مميز للحرف؛ مستفيداً من بنيته اللينة.

• لذلك تتجلى إشكالية كبيرة أمام الفنان الحروفي، ويجري اختبار نجاحه بوساطة المتلقي الاختصاصي؛ بقياس مدى التوفيق في إيصال المعنى الذي يستهدفه، عبر تحليل كيفية تطويع الفنان لبنية الحرف، بحثاً عن الإشارات الدالة على المعنى المقصود؟ ورصد مدى نجاح الفنان التشكيلي في إثارة خيال المتلقي، وذائقته بالتعبير عن الرسالة التي يستهدفها، وهل ابتدع الفنان الخطوطي من حركات الحرف ما يُغني عن الشرح؛ أم أنه يثير الالتباس في ذهن المتلقي؛ وتلك إشكالية بنيوية تؤثر على التعبير التشكيلي، فشكل الحرف ذو دلالة، إذ أن امتداده الطولي يُعطي الشعور للمتلقي بالتوغل في الارتفاع، وامتداده العرضي يعطي الإحساس بالتواصل الأفقي، وهكذا من الفنيات المحكومة بشكل الحرف، وهذا عكس التشكيل اللوني غير الخطوطي؛ حيث يتيسر للفنان التشكيلي؛ أن يمنح المتلقي الإيهام بمساحات اللون، واندماجاته، وتقاطعاته مع الألوان الأخرى.

• وهنا إذن تتجلى القيمة الجمالية للتشكيل الحروفي، أكثر من الاهتمام بالوظيفة الإبلاغية للعبارة أو الكلمة، والتي ينبغي أن تكون بالضرورة مانعة لإثارة الالتباس في التبليغ. لذلك على سبيل المثال اضطر قُدامى الوراقين، أو النسَّاخين إلى الالتزام باستخدام خط النسخ عند كتابة "القرآن الكريم" وكتب "أصول العقيدة"؛ منعاً لحدوث اللبُس لدى القراءة، وبذلك تمكن "القرآن الكريم" من الوصول كتابة سليماً من التحريف، منذ كتابته الأولى في الرقاع وجذوع الأشجار، بفضل جهد النساخين الأوائل الذين تولوا كتابته، ونسخه.

• وبعيداً عن هذه الوظيفة الإبلاغية المقدسة، يكون لفناني التشكيل الخطوطي الحرية المطلقة؛ كيفما شاؤوا لتطويع وتوظيف الحروف، وفق خيالاتهم وتجريبيتهم، وحسب مهارة واقتدار كل منهم، ليقدم لوحة تشكيلية، عِمادُها حركة الخط، واستجاباته، وتعلاقاته مع حروف أخرى، وقد يكون ذلك باستخدام اللون الأسود فقط، أو الألوان الأخرى، وهنا أيضاً، يخرج العمل الحروفي من وظيفته حامل خطاب إبلاغي مباشر، إلى خطاب جمالي مُثير للخيال.

وتخليصا للمتلقي من حيرة تفكيك الشكل الخطي، فإن الفنان الحروفي يقدم مرفقاً نص الكلمة أو الجملة المرسومة؛ منعاً للحيرة، التي قد تُفقد الحرف إبلاغيته الجمالية، فيبدأ المتلقي في التعاطي معها شكلاً جمالياً أكثر من التفكير في كيفية تعبير الفنان عن مدلول الكلمة أو الجملة المتشكلة.

*****
وهنا نبدأ التعاطي مع ما أثاره تعقيب الفنان الكبير منير الشعراني من قضايا مهمة، خلال تعقيبه على تعليقي:

- فقد كتب: " ليس هناك ما يُسمى خط إسلامي، هو خط عربي ، وهو ليس مرتبطًاً بالدين،...". وللتداخل مع رأي الشعراني، يُقال: إن المراجع اللغوية والتاريخية حسب المؤرخين ترسخ الانطباع بإسلامية اللغة العربية، فحسب ما ورد عن ابن عباس: " إنَّ أول من كتب بالعربية ووضعها هو إسماعيل بن إبراهيم على لفظه ومنطقه "، وهذا يعني أن اللغة العربية كانت "لغة التوحيد الإبراهيمي" وهو جوهر " العقيدة الإسلامية "؛ وبالتالي فلا غضاضة من إسباغ هذا الوصف الإسلامي عليها بالقول "الحرف الإسلامي".

- وفضلاً عن ذلك؛ فمن المعروف أن "الخطُّ العربي" انتشر في صدر الإسلام منذ بدء رسالة الرسول الأكرم محمد بن عبد الله "ص"، والذي عمل على نشر تعليم الكتابة بين المسلمين؛ نساءً ورجالاً حين حدد شرط تحرير بعض القادرين من أسرى قريش عقب "معركة بدر"؛ بأن يُعلم كل أسير منهم عشرة من أطفال المسلمين القراءة والكتابة. ما يعني الإشارة إلى زخم انتشار الكتابة العربية بدءاً من المرحلة الإسلامية.

- وتاريخياً، لا يمكن التغافل عما طال الخط العربي من تطوير كبير؛ في عهد بني أُمية؛ كما قفز الخط العربي قفزات هائلة مع الدولة العباسية، بإدخال الخليل بن أحمد الفراهيدي "علامات الفتح والضم والكسر والسكون والشد". ما يعني أيضاً، إسلامية الحروفية العربية.

- ولا يمكن نسيان ما قدمته مدينة "الكوفة" لإسلامية الخط العربي في ظلِّ عمر بن الخطاب، والتي ولّدت "الخط الكوفي"، الذي اعْتُمد خطُّاً دينياً لنسخ القرآن، بما يتميز به من بنية الحروف العمودية القصيرة، والحروف الأفقية الطويلة. وهو ما يُعد من ثوابت شكل الكتابة الحروفية إلى الآن، وبالتالي فهذا يؤكد أيضاً إسلامية الحروفية العربية.

- إن التشكيل العربي الحروفي، هو تشكيل محاط بضوابط العقيدة الإسلامية، مثل تحريم التجسيد، والتصوير والنحت، كضرورة مرحلية من ضرورات إنهاء "عبادة الأوثان". وقد انقضت تلك العلة التحريمية بانتهاء حالة صناعة الإنسان لتمثال إلهه من التمور أو الأحجار، ولأن صُلب عملية التشكيل الحروفي، هو تشكيل؛ يعتمد التشجير الممتد أفقياً إلى ما لانهاية، مع اللعب بالأشكال المُجرَّدة للمربع، والدائرة، والمُعيَّن، وشبه المنحرف، وسواه من الأشكال الهندسية الهاربة من التجسيد.

وبتأمل اللوحة الحروفية؛ تجد أنها تلتزم بمناخات التعبير الإسلامي، فيما يتعلق بالحروف، وامتداداتها وتحليقها في الفراغات الممتدة واللانهائية؛ تعبيراً عن مساحات الكونية اللانهائية. لذلك تأتي الحُروفية، باعتبارها شكلاً تعبيرياً إسلامياً، حيث تتخذ الطابع الديني ذاته؛ الملتزم إلى الآن بالتحريم، وكل أعمال منير الشعراني الحروفية التي اطلعت عليها؛ تلتزم بتلك الضوابط العقدية الإسلامية. إذن حين نصف الحروفية العربية بالإسلامية فلا نقع في الخطأ، لأنه فن ملتزم بتحريمات الإسلام عبر كراهات التجسيد.

- وإذا كان الفنان منير الشعراني ينفي إسلامية الحروفية التشكيلية؛ فإن ارتباط الحروف العربية بكتابة الوحي أكسبها الهوية الإيديولوجية الدينية؛ ويحضرني هنا مثال تدليلي عام، فالالمان برعوا في صناعة السيارات، وارتبطت أفخم ماركاتها باسمهم، ولكن جاء الصينيون واليابانيون، وصنعوا أيضا السيارات، لذلك شاعت تسميات السيارات اليابانية، والسيارات الصينية والكورية والهندية، بجانب السيارات الالمانية. ومع الاختلاف في التتشبيه لا بأس إذن من وصف الحروفيات العربية بالإسلامية، نتيجة التماهي المطلق بين اللغة العربية كنوع وهوية؛ والإسلامية كمسمى عقيدي.

- أما بالنسبة للآية الكريمة " إنا أنزلناه قرآنًا عربياً "؛ فهي تؤكد هوية اللغة العربية إسلامياً، ولا ضير من ذلك، لأن الإسلام هو العقيدة السماوية، ولا يمكن تجريدها، من هويتها؛ باعتبار حروفها أدوات الإبلاغ العقدي.

*****

لقد كان رأي الفنان منير الشعراني صائباً، حين ذكر أنه :" لا رموز دينية في العمل، وهو يدور حول مسألة أرضية لا علاقة لها بالكواكب والفضاءات الميتافيزيقية، ولا علاقة للعمل بأي من الرموز المقدسة ولا بالمآذن والقباب".
وصواب القول واجب، حين يتأمل المتلقي اللوحة الخطوطية بعد قراءته للعبارة التي وضعها الفنان خارج إطار اللوحة، ولكن لدي قناعة بأن هذا الكشف لمقولة اللوحة يفقد العمل متعته المفترضة، لأنه يحرم المتلقي من أن يُعمل عقله في تفكيك اللوحة، ورصد المؤشرات الكامنة بها، وتأمل أجوائها؛ فحين يكتب الفنان بجانب لوحته على سبيل عبارة "معاناة شجرة" فإنه يحرم المتلقي من متعة توليد المعاني بذاته، من الأشكال والألوان وكثافاتها ومساحاتها، أي يفقد لذة استنباط الأشكال المندمجة في اللوحة.

*****
وتجربتنا في القراءة مع خطوطية منير الشعراني تلك؛ أغفلت من دون تقصد، الالتفات للمكتوب النصي خارج إطار العمل، أي عبارة " لا إبداع حيث لا حرية"، ما استدعى النظر إلى الحروف داخل اللوحة ككتلة لونية بصرف النظر عن معناها؛ وانطلاقا من المعرفة بطبيعة الخطوطية وظلها العقدي والروحي المهيمن استحضر ذهن التلقي كل المفردات عن العوالم المقدسة، وقاس عليها مدى تجسيد الشكل لتلك الاجواء.

وهنا كان اختيار عبارة " لا إبداع حيث لا حرية" ذات الحمولة السياسية؛ يخرج بها عن وظائفية الحروفية العربية في هويتها التي اشتهرت بها، لتصبح تجريباً فنياً؛ من حق الفنان أن يقوم به، ولكنه يُخرج المتلقي عن دلالات حقل الإيصال الأساس للرسالة التشكيلية الحروفية، إلا لو كانت قصدية الفنان من العمل هي إبراز جماليات توظيف الحرف بعيداً عن مدلول العبارة.

وقراءتي تلك غير المتعمدة؛ تكشف الصورة الذهنية المرتبطة بالحروفية في التشكيل، إذ أنها أكثر التصاقا بالأجواء الروحية، ومكوناتها السديمية، والمتلقي كثيراً ما يرحل ذهنياً وبصرياُ مع امتدادت، وانحناءات الحروف، وانكساراتها، لأنها في امتداداتها العلوية تُذكِّر بالمآذن، وانحناءاتها توحي بالقباب، والحركات الصغيرة للحروف، وتشكيلها ونقاطها، تعطي إشارات بالمنمنات الزخرفية.

لذك يحدث الالتباس في عملية التلقي؛ وهذا ليس عيباً لدى الفنان إذا كان يقوم بالتجريب، وأيضا ليس لدى المتلقي، لأن المتلقي وفق نظريات القراءة الحديثة، أيضاً يُعيد انتاج معنى النص، أو الشكل الذي يًبدعه الأخر منتج النص الأصلي والذي تنقطع صلته بالعمل الإبداعي فور إنجازه ونشره.

*****
الإشكالية الالتباسية تلك أن الفنان منير الشعراني، عمل حُروفيا على عبارة ليست من حقل التعبير الديني " لا إبداع حيث لا حرية"، غير أنه كَبَّلَ نفسه؛ في الوقت ذاته من دون قصدية، فالتزم بالمحرمات العقدية للتصوير الإسلامي؛ بتشكيل عبارة ليس لها ظل ديني؛ وكان ينبغي أن يجسدها حروفياً بطريقة مغايرة للنمط المعروف في التشكيل الحروفي، لأن محمول العبارة سياسي أرضي، غير أنه شكلها بنمط هو من تقاليد التشكيل الحروفي.
كما أن عبارته تركز على قيمة "الحرية والإبداع"، وربط ذلك حسب تعقيبه بالقول:" هو عمل مرتبط بالأرض والإنسان، وإحدى المسائل التي يفتقدها في عالم يسيطر عليه المال والسلطة والدين المبرمج على خدمتهما".

*****

وكقارىء لعمله؛ يمكنني القول إنه ربما قصد استخدام هذه النمطية المستقرة للحروفية بهويتها الدينية، للتدليل على فقدان قيمة الحرية بهيمنة المال والسلطة والدين؟ّ!... وهنا هو مكمن الالتباس... ربما!!


 لوحة فنان الخطوط منير الشعراني
قصيدة بصرية من تجاربي على صعيد الشعر والشكل.
-------------------------------------------
هذه المقالة نشرت على جداري في "فيس بوك" بتاريخ 11 مارس/ آذار 2016

                                                                      "رأفت السويركي"
----------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق