تفكيك خطاب العقل النخبوي الإعلاموي المستأجر ( 115)
”بقَّالة النضال” لمن يدفع...
” عبد الباري عطوان أنموذجا ”!!
---------------------------------------------
إفلات الدولة المصرية من زلزال ” الربيع الصهيونوي ” بفضل قوة وحضور جيشها العظيم؛ والتفاف المصريين حول جيشهم؛ أعطل تخطيط إسقاط مصر في المستنقع الجاري تعميمه راهنا؛ ومنع احتراب مكوناتها، وتفتت مفاصلها.
وعلى الرغم من فشل كل المحاولات السابقة؛ فإن سيناريوهات إدراج الدولة المصرية في مخطط التدمير لا تتوقف؛ وفق تطورات فعاليات أجهزة الاستخبارات المعادية لمصر؛ والتي توظف جندها وعملاءها من المصريين في الداخل والخارج؛ وأيضا بعض المنتمين للجنس العربي؛ ليكونوا وقود استشعال الأزمات. ومع اليقين بفشلها؛ فإن المستهدف في أقل تقدير هو إجهاد أجهزة الدولة المصرية، وهي تحاول تطويق وإعطال هذه السيناريوهات.
*****
لذلك فإن العقل التفكيكوي الراصد لمستجدات الأحداث، يوجه منظاره كل حين لتفكيك نموذج من نماذج خطابات ما يمكن أن يوصف بــ ” بقالات أو دكاكين النضال” لمن يدفع؛ والمخاتلة لنصرة من يدفع أكثر.
فالصحافي الفلسطيني المتمركز في بريطانيا ” عبد الباري عطوان ” يعتبر أحد أصحاب ” بقالات النضال ” وادعاء العروبة؛ والدفاع عن ” القضية الفلسطينية ”. لذلك فهذه القراءة لن تتعرض لمنظومة مواقفه المريبة في معالجة كافة الشؤون العربية وهي كثيرة؛ ولكن ستقوم بالتركيز على موقفه من ” المسألة المصرية ”؛ خاصة في صورتها الراهنة؛ لأنها تكشف عوالمه المضمرة من خطابه المعلن.
عبد الباري عطوان في أحدث عروضه المخزية؛ والتي قدمها عبر منصة ” بقالة ” نضاله النمطي؛ تفرغ لاستصناع متوهم غير مستبعد أن يفعله في إطار خدمة خطاب معزوفة الدول الإقليموية المحتضنة والموظفة للفرقة الهالكة البنائية والمضادة للدولة المصرية. إذ أخذ ” المناضل ” عبد الباري عطوان اجترار منظومة الخطاب نفسه الذي تروجه القنوات الناطقة بصوت الجماعة المتأخونة (الجزيرة ومكملين والشرق ووطن).
ويبدو عطوان وهو يكتب؛ كأنه يقرأ من ” سكريبتات ” برامج هذه القنوات؛ فيقدم كلاما مرسلا، وغير مستند إلى قواعد علموية في التحليل السياسوي؛ حتى لكأنه يقول للرعاة والممولين: ” ادفعوا فأنا أنقل ما تروجونه ”؛ لأن عبد الباري عطوان يجيد المتاجرة بالقضايا؛ ويقبض مقابل ذلك الكثير.
عبد الباري عطوان كان رئيسا لصحيفة محدودة الطباعة تسمى ” القدس العربي ” تصدر من لندن؛ ولا تبيع سوى مئات النسخ الورقية في الأسواق العربية؛ ثم تركها للمال القطري الذي استحوذ عليها؛ وليطلق هو كبديل موقعا اليكترونيا ممولا جديدا أسماه ” الرأي اليوم ”؛ وجعله نسخة كربونية من ” القدس العربي ”.
*****
في تدوينة حديثة تدل على وظائفيته الإعلاموية قام عبد الباري عطوان باجترار الخطاب المتأخون نفسه؛ فذكر في مطلعها بثقة يحسد عليها أن:(مصر الآن تعيش مخاضا جديدا مختلفا، يتمثل في تحرك، او “تململ” الشارع مجددا، واقدام متظاهرين على كسر حاجز الخوف والرعب، بنزولهم الى شوارع وميادين مدن رئيسية مثل القاهرة والاسكندرية وحلوان والسويس الجمعة الماضي، تعتبر القاعدة الرئيسية للمجتمع المدني، وايا كانت نتائج هذا الحراك، سواء بتغيير النظام او عدمه، فانه سيقود الى مصر “مختلفة” واصلاحات شاملة، وتصحيح مسارات عدة لم تحققها ثورة “يناير” التي جرى خطفها، وحرفها عن تحقيق أهدافها، سواء بانقلاب عسكري مدعوم بهبة شعبية، او لأخطاء ذاتية تعود الى عدم خبرة المعارضة وشباب الثورة، وليس هناك مجال الشرح والإطالة ).
ويكشف هذا المقتطف الافتتاحوي حجم اللاموضوعية الحاكمة لموقفية عبد الباري عطوان؛ والشعبوية الفجة التي يتميز بها؛ إذ يحاول اختلاق ثوابت ذهنوية دالة على هيمنة متخيل استصنعته قوى استهداف الدولة المصرية؛ والتي تندرج في إطارها إقليمويا تركيا العثمانلية؛ وقطر ؛والدولة الصهيونوية؛ والجماعة الماسونية الارهابوية المتأخونة العميلة بالطبيعة لأجهزة الاستخبارات؛ وبريطانيا وأجهزة الدولة العميقة الأميركية.
*****
” المناضل الديموقراطي بالأجر المدفوع ” عبد الباري عطوان؛ يتوهم نتيجة زخم عماء البصيرة بالريالات القطرية أن (مصر تعيش مخاضا جديدا مختلفا)؛ ولا يصف بنية هذا المخاض التي اكتشفها ببراعته؛ ولا يخجل من نفسه بتوهم وجود ما أسماه الحراك أيا كانت نتائجه (سواء بتغيير النظام او عدمه، فانه سيقود إلى مصر مختلفة)!!
أهكذا يا رجل... ؟ ألا تشعر بالخجل من تهافتك في الرصد والتحليل؛ وضحالة قراءتك السياسوية؟ إذ تقيم رأيا من هذه النوعية؛ على توهم افتراض حدث تجميع بعض الجرذان من صبيان وأطفال الجماعة وتصوير أنفسهم بالهواتف في بعض الشوارع الخلفية والحواري والأزقة للحصول على المعلوم الجنيهاتي من الممولين المنظمين في الخفاء؟
*****
إن من يقرأ تدوينة ” عبد الباري عطوان ” حول مصر؛ ويشاهد تسجيلاته الفيديوية؛ يظن أنه يعيش في عوالم منبتة الصلة بحركة الحياة في مدن ومحافظات مصر؛ فهو يؤكد ما هو غير موجود؛ ويتحدث بثقة وكأنه يعيش داخل الشارع المصري؛ ويقوم بتصوير التظاهرات المتوهمة. إشكالية عطوان أنه لا يتحقق ولا يثق إلا بما دخل حساباته من رصيد دولاري فقط؛ متخليا عن موضوعية الإعلاموي الذي ينبغي أن يقيم خطابه على معلومات حقيقية؛ وقراءات موضوعية.
ويسقط عبد الباري عطوان في القراءة؛ بإطلاق أحكام ثابته؛ حين يتوهم وجود حاجز للخوف والرعب تم كسره (في شوارع وميادين القاهرة والاسكندرية وحلوان والسويس باعتبارها قاعدة المجتمع المدني)؛ وهنا ينبغي السخرية من مقولة عطوان حول ”مدنية المجتمع ” بهذه المدن الأربع فقط؛ وكأن الــ 25 محافظة المتبقية هي محافظات لا تضم نخبا من المتعلمين المعزولين عن ممارسة العمل السياسوي المدني.
*****
عبد الباري عطوان يحاول أن يكون محترفا في الكذب؛ لكنه فاشل في خطابه المأجور؛ فيواصل التوهم بأن هذا الحراك المدعى؛ قد يقود كما يتمنى إلى ” تغيير النظام ”؛ فإذا لم يحدث فسيحقق الوصول إلى مصر المختلفة ”... كيف يا عبد الباري؟ يحدث ذلك وفق تنظيره الهابط بــ:
ـ استرداد مسارات ما أسماها بين مزدوجين (ثورة يناير) التي خطفت بانقلاب عسكري مدعوم بهبة شعبية. ولا يلتفت عطوان لتهاوي مفاهيمه؛ ولم يسأل نفسه لماذا دعمت الهبة الشعبوية ما تنطع بوصفه انقلابا؛ فيما هو تحرك بنيوي من جيش مصر لإنقاذها من مسلسل تدميرها بوساطة الجماعة الماسونية.
ـ ولا يخجل عطوان من نفسه؛ وهو يتوهم أن فشل ما أسماها ثورة يناير سببه(أخطاء ذاتية تعود الى عدم خبرة المعارضة وشباب الثورة)؛ ليكشف متوهماته؛ معترفا بفقدان خبرة المعارضة وشباب الثورة. ولم يكشف هذا المناضل عن مفهومه الشخصاني لاصطلاح الثورة؛ وقوانينها وقواها وفعالياتها. وهل تكون التجمعات الاحتجاجوية ثورة أم تمرد أو فوضى؛ و...إلخ
- ويفضح عبد الباري عطوان مقاصده المستأجرة؛ بوصف ما حدث من الجيش المصري بالانقلاب؛ وهو الذي تغنى بجمال عبد الناصر ؛ متناسيا أن ناصر كان من تنظيم الضباط الأحرار؛ كما تغنى بفضل مصر عليه تعليمويا حين جاء من ”غزة ” فلسطين السليبة. ولكنه يسقط بمقولاته الاستخباراتية البريطانية الأميركية حين يصف ” حركة الجيش المصري ” بالانقلاب ضد الملك الفاسد فاروق؛ وكذلك بالإنقلاب على مندوب الجماعة المتأخونة ذات الفساد العقدوي في قصر الرئاسة. عطوان يكتب في ”بقالته ” ما يكتب مقابل التمويل دوما.
- ويصل تهافته مداه؛ حينما يخلط الأمور بالتلبيس على المتلقي؛ فيساوي بين ثورة يوليو 1952م التي قادت موجة التحرر الوطني في العالم؛ وبين ما أسماها (ثورة يناير) التي كانت مقدمة الفوضى المستصنعة وقد فشلت في مصر؛ ويصل بالمساواة مع فعل متوهمه الاستخباراتي القطري التركي الماسوني المصطنع والذي يسميه (ثورة محمد علي) ذلك المقاول والكومبارس الفاشل.
فهل من ترد فكراني وسياسوي مثل ذلك؛ يمكن أن يقع فيه عبد الباري عطوان ” بقال النضال ” في لندن؟ هل تساوي بين يوليو الثورة التاريخانية وبين مقدمات فوضى أبطل فعاليتها الجيش المصري ببراعة؛ وكذلك مع جنين مبتسر كانت تجري الإعدادات لإستيلاده في الشارع المصري؛ من دون قواعد ومعطيات حقيقية لا تخرج عن كونها من معطيات الفضاء الافتراضوي؛ تحاول الاستثارة الشعبوية اتكاء على متولدات سياسات الاصلاح الاقتصادوي التنموية؟!
*****
إن ما يدعو للسخرية من خطاب ” البقال المناضل ” عبد الباري عطوان هو ترويجه للثنائية الدالة على فقدانه للمقاييس العلموية بقوله(هناك حزبان كانا وما زالا يتنافسان على السلطة في الأعوام الأخيرة... الأول حزب المؤسسة العسكرية التاريخي القوي، وحزب المؤسسة الدينية الإسلامية الممثلة بالاخوان المسلمين).
فكيف لجيش وطني تاريخاويا أن ينخلع من وظائفيته الوطنية النظامية الجامعة لتجعله حزبا؟ وكذلك كيف لجماعة متسيسة محدودة العديد؛ أن تعادل قوة هذا الجيش؛ ولا تمتلك إخلاص رجاله للوطن الذي يقول رجاله (نموت نموت نموت وتحيا مصر)؛ وجماعة خطابها الماسوني هو (طظ في مصر واللي في مصر). عبد الباري فقد القدرة على التمييز بضغط الإغراء الريالاتي!!
- ويسفر عبد الباري عطوان عن فساد قياساته؛ حين يسوق بالمخاتلة الحالة الجزائرية لإثبات متمنى له في مصر ؛ مجسدا التباكي المهزوم من مموليه وهو يذكر:(ولكن التراجعات الأخيرة في انتخابات تونس الرئاسية، وغياب الاسلام السياسي عن ثورة الجزائر اكدا حدوث تغييرات في هذا المضمار تحتاج الى مراجعات). عطوان حزين لهزيمة الجماعة الماسونية في تونس؛ وكذلك في الجزائر؛ وهي تغييرات في انتظار ما ” ينخعه ” من مراجعات هابطة ومتهافته.
عطوان بذلك يقوم بالتمويه على ” هامشية ” ما يسمى الاسلام السياسوي؛ فيتباكى من أجله؛ ويغطي على كون هذه التنظيمات الإرهابوية هي استصناع استخباراتي مضاد للوطنية؛ والتي كما يبدو أن عبد الباري عطوان يفتقدها سيكولوجيا بضغط حالته الشخصانية.
ـ عبد الباري عطوان يخوض كذلك تجربة ” فكرة المؤامرة ”؛ فيسقط في فخ القول بأن(دول الخليج وبتحريض من الغرب، اضعفت جيوشها عمدا، لأنها لا تريد بديلا يهدد الاسر الحاكمة، واعتمدت على الحماية الامريكية الغربية، وهذا هو سبب فشلها في حرب اليمن). ومن البين أن ” المناضل الحنجوري ” عبد الباري عطوان وصل إلى حالة ميؤوس منها؛ وهو الرجل الدوار؛ ولا يزال على عواصم الخليج؛ يطلب مكرمات التمويل الخليجي لمشروعاته؛ فيتجاهل كل معطيات التحليل البنيوي للجيوش وتشكيلها في دول الخليج؛ تلك الدول التي تعاني المحدودية في عدد السكان.
ـ عطوان... يروج مفاهيم الدوحة المضادة لوحدة الإقليم؛ فيتغافل عن ذكر أية معلومات عن طبيعة بنية الجيش القطري واعتماده مبدأ التجنيس؛ ويتغافل عن لعبة استصناع الوحش الميليشاوي شيعي العقيدة في اليمن؛ والمتمثل في الحوثيين (أزلام الفارسية) بدعم إيران لهم؛ كما يقوم بالتعمية على حسابات ما يسمى ” الجغرافيا الميدانية ” للبيئة الجبلية الشاقة في اليمن؛ ويتناسى تجربة الجيش المصري السابقة المعروفة بحرب اليمن.
ـ والذي يدعو للدهشة هو ما يمرره عبد الباري عطوان طعنا في كتلة دول الخليج بالقول(شهر العسل لمعظم أنظمة الحكم فيها يقترب من نهايته بطريقة او بأخرى، الا اذا حصلت “معجزات”، ولسنا في زمنها). فهل يدرج الحنجوري قطر الدولة الممولة له في سياق حكم الانتهاء؟ من المؤكد أنه وقد استخدم صيغة الاستثناء بذكر تعبير (معظم) لا يقصد السقوط في تصور إدراج إمارة قطر ضمن هذا الحلم الذي يروج له؛ فمن سيموله إذا سقط النظام القطري؟!!
*****
ـ وينتقل عبد الباري عطوان للهجوم على الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ بتجريده من كونه يتحرك في إطار (مشروع أيديولوجي “حداثي” يميزه في محيطه)! فهل يحتاج عطوان للتذكير باختلافات الأزمنة؛ إذ أن زمان قيادة جمال عبد الناصر الخاص بالتحرر الوطني؛ يختلف عن زمان قيادة السيسي؛ كما أن مشروع ناصر المصري العروبي يختلف عن ” مشروع السيسي/ مؤسسته العسكرية الوطنية ” المرتبط بفكر ومنهج العولمة المتغلبة. والتاريخ لايعيد نفسه كما هو معلوم.
غير أن ” المضمر المسكوت عنه ” في تدوينة ” عبد الباري عطوان ” هو استصناع متوهم يروج له المانحون؛ بأن السيسي (يواجه معارضة عقائدية لها جذور عميقة في المجتمعين المصري والإسلامي وتملك مشروعا يجد قبولا في الشارعين المصري والعربي). والسؤال:
** هل الدولة المصرية ” كافرة ” يا عبد الباري؛ والمادة الثانية من دستورها تؤكد إسلامويتها؛ وهل السيسي ونظامه غير مسلمين؛ فيما الجماعة البنائية الماسونية المتأخونة هي جماعة المؤمنين فقط في مجتمع الجاهلية حسب هذيان سيد قطب؟
** هل حقا تمتلك الجماعة البنائية المتأخونة مشروعا يلتف حوله المصريون والعرب ويقبلون به؟ والسؤال هو لماذا خرج الشعب في الثلاثين من يونيو /حزيران لخلعهم إذن؟
** هل يدرك ” الحنجورجي عبد الباري ” الفارق المفاهيمي بين ” التدين الحق ” القائم على التوحيد والتواد والتراحم وإعمال العقل؛ وبين التدين الشكلاني المهتم بالظواهر وفقه الضراط والخلاء؛ فيما يمارس أرذل المسلكيات في الوظيفة والشارع والنهج. وإلى أي حقل إسلاموي ينتمي عبد الباري عطوان نفسه؛ والذي كان لا يتحدث عن زعيم القاعدة إلا بلغة الإجلال وقد وصفه بالشيخ بن لادن. لعل عبد الباري عطوان من المنتمين للجماعة البنائية المتأخونة وهو يخفي ذلك؟!!
*****
ـ ويواصل ” المناضل ” الذي لا يكل ولا يمل من جهوده الفردانية لاسترداد فلسطين المغتصبة عبد الباري عطوان؛ يواصل الدسيسة ضد الرئيس السيسي؛ فيذكر ( اكبر الاضرار التي جرى الحاقها بالرئيس السيسي ونظامه، تأتيه من أصدقائه اكثر من اعدائه، فعندما يصفه الرئيس ترامب بأنه “ديكتاتوره” المفضل، ويتغنى الإسرائيليون به كصديق وحليف قوي ليل نهار، فان هذا يكرر القول “الله احميني من اصدقائي اما اعدائي فأنا كفيل بهم”.
وهنا يكشف عطوان تأجير قلمه للممولين؛ الذين يدعون الوطنية والشرف والفضيلة. فيما هم من يمولون الخزانة الأميركية بمليارات الدولارات؛ بشراء الأسلحة؛ وينفقون المليارات لتوسيع القاعدة العسكرية في ” العديد ”؛ ويضعون مليارات الغاز والطاقة في أذون الخزانة الأميركية؛ ويفتحون شاشات فضائياتهم للصهاينة ليقولوا ما شاءوا(الجزيرة أنموذجا)؛ ويستقبلون قيادات الدولة الصهيونوية جهارا نهارا من دون ورع أو حياء. وكذلك زحف الأغا العثمانلي أردوغان على بطنه لإرضاء نتانياهو. إن ” التقبيض ” فعل جبري لعبد الباري؛ فلا بأس من أن يغض الطرف عن الممولين.
فهل يتناسى عبد الباري عطوان أن مصر محكومة بما تسمى ” اتفاقية السلام ” أو ” اتفاقية السادات ” في رواية أخرى والتي صارت أمرا واقعا؟ وهل يتغافل عن براعة الذكاء المصري الاستراتيجوي؛ الذي تدير به المؤسسة المصرية العسكرية تأثيرات هذه الاتفاقية؛ بالوصول العسكريتاري المؤلل إلى كل المنطقة ”ج ”؟
وهل لم يدرس ” الإعلاموي الحنجوري ” عبد الباري علم النفس السياسوي؛ ويفهم (طبيعة ومعنى الآداء الطريف) للرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ ويتذكر بعض لازمات ثيمة أحاديثه؛ التي تقوم على الدعابة مع كل الشخصيات الرئاسية التي التقاها؛ مثل الرئيس الفرنسي؛ والمستشارة الألمانية؛ والرئيس بوتين؛ وكذلك كيف ابتلعت أنت ما قاله إلى أمير دولة التمويل قطر؟!
حين يداعب دونالد ترامب الرئيس السيسي بتلك العبارة؛ فهي تدل على عمق العلاقة الشخصانية بين الرئيسين؛ ويمكن إدراك المعنى المضمر بطبيعة شخصية ترامب الذي يكرهه خصومه الديموقراطيون؛ إذ أنه يمارس السخرية ممن يصفون الرئيس السيسي بالديكتاور ؛ فداعبه بعباره “ديكتاتوره” المفضل؛ لأنه الرجل الذي قاد عملية تحطيم مخطط الربيع الصهيونوي، وأحبط مشروع الديموقراطيين الأميركيين بتفتيت الدول العربية. إن هذه الدعابة أكبر من احتمال وفهم هذا التيار التدميري للأمة بدولها الوطنية.
*****
إن من المضحكات الدالة على انتظام مشاركة ” المناضل” عبد الباري عطوان في مخطط تدمير الدولة العربية لصالح مشروع الدولة الصهيونوية من النيل إلى الفرات؛ هي ما يعزفه من خطاب ” بقالته النضالية ”. فقد أعاد ترديد أكاذيب توظيف المقاول الكومبارس الهارب محمد علي. وأخذ يتغزل في ” سمرة لونه وفهلويته وطموحه ” الخياناتي لوطنه وجرأته ومظلوميته؛ وهو يخون الأمانة بالحديث عن مشروعات تجري في إطار التنمية الوطنية بإشراف المؤسسة العسكرية بفقه الضرورة.
ـ إن ” المناضل الدولاراتي ” عبد الباري عطوان؛ يسيئ للمؤسسة العسكرية المصرية من دون أن يتحقق يقينيا بالدليل المادي من حقيقة ما قاله الكومبارس الهارب؛ بل وتعامى عن حجم إهمال الشعب المصري لكل دعوات التحريض بالنزول للميادين؛ لكي يصنع متوهم إعلام الجماعة الماسونية؛ فوقع عطوان في ”
الوحل ” محاولا تجميل القبح وهو يقارن طريقة الكومبارس الهارب بطريقة الخميني.
ـ ويواصل عبد الباري عطوان تصديق الكذبة؛ وترويجها بادعاء استجابة( قطاع من الشعب المصري ولبوا دعوته بالنزول الى الشوارع والميادين، وهو ما لم تنجح به حركة “الاخوان المسلمين، وكل قوى الإسلام السياسي واليساري القومي الأخرى، الامر الذي يتطلب التأمل والدراسة). وهذا القول يدعو للتشكك في سلامة أدوات الاستقبال لدى عبد الباري؛ حيث لم يتأكد مما قام باجتراره وردده؛ على الرغم من ضحالة واستصناع ذلك الحدث في أروقة الفضاء الافتراضوي.
ـ ولكي ينظف عبد الباري عطوان سمعته من شبهة خدمة مموليه؛ كجهات راعية للجماعة الماسونية؛ اعترف بضحالة تأثيرها في الشارع المصري؛ وعدم قدرتها على التحشيد مماثلة لكل القوى المغيبة في كهوف الماضوية ومقاهي النظرية التي تعيش احتقاناتها الذاتية.

*****
ـ لقد خسئ ” المناضل حسب الطلب ” عبد الباري عطوان؛ حين يضع الكومبارس المقاول الفاسد الهارب محمد علي بالتوازي مع المؤسسة العسكرية المصرية؛ بوصفه بأنه ( كان جريئا في تعليق الجرس، وتحدى مؤسسة عسكرية مصرية راسخة، وأجهزة امن تستخدم قبضة حديدية جبارة ضد خصومها، ولا نستبعد التفاف بعض الجهات حوله، خاصة من داخل مصر...).
إن المناضل عبد الباري عطوان والذي طيلة تاريخه المهني يقبض المعلوم المالي؛ وينفذ المطلوب منه؛ يعيد اجترار وترويج أكاذيب الجماعة ورعاتها، بادعاء وجود صراعات داخل بنية المؤسسة العسكرية المصرية الشريفة؛ والتي بنيويا وتاريخيا لا تتفتت؛ لكنهم يحاولون استخدام سيناريوهاتهم السابقة والتي وظفوها مسبقا بالترويج لانشقاقات الجيشين العراقي والسوري.
*****
إن شعور الحقد الدفين؛ المتمكن من ” صاحب بقالة النضال الإعلاموي ” عبد الباري عطوان؛ يجعله يلغي من عقله حسابات الوطنية؛ والقومية والاستراتيجية؛ ليغلب ميزان ” حساباته الانتفاعية ” على طبيعة خطابه؛ وهو لن يخسر شيئا جديدا؛ فقد خسر كل شيئ مسبقا؛ الوطن السليب ” فلسطين ”؛ ففقد الشعور بأهمية والحرص على معنى الوطن. لذلك لم يعد لديه سوى وطن واحد بديل هو دكان يطلق منه الأكاذيب لمن يدفع!!
"رأفت السويركي"
= = = = = = =