تفكيك خطاب العقل النخبوي المضاد للجيش المصري ( 114 )
"غوازي السويشال ميديا"... اتحزموا وهات يارقص حزنا على (أوبر)و(كريم)!!
-------------------------------------------------------
ما كادت الاستعدادات تكتمل؛ وساعة الصفر 23 يوليو / تموز 2019 م تقترب؛ لبدء أنشطة شركة wngo / أو دابسي للنقل التشاركي الذكي في الشارع المصري؛ بطائرات الهليوكبتر واليخوت؛ والسيارات الملاكي؛ والأتوبيسات والدراجات البخارية؛ حتى بدأت فرق (غوازي) ما يسمى نخب (لمن يطلب الخدمة) نشاط التحزيم والتطبيل؛ والرقص المتهتك؛ بطول ساحات الفضاء الافتراضوي للسوشيال ميديا.
و(الغوازي) لمن لا يعرفهم؛ تعود جذورهم إلى بقايا (جيش التتار)؛ ممن بقوا في مصر عقب هزيمتهم من الجيش المصري بعين جالوت في زمن دولة المماليك بقيادة سيف الدين قطز؛ وهذه النوعية من البشر التي تسمى الغجر؛ يمثل اللاوطن انتماءهم؛ بل إن الوطن مفردة لا وجود لها في نمط تفكيرهم الجمعوي؛ لأنهم من القوم الرحل جسدا وفكرا.
*****
وفي الواقع المصري الراهن؛ يتجلى للعقل التفكيكوي مدى التطابق والتشابه الكبير؛ بين (غوازي) و(طبالي) تجمعات غجر حواف المدن وأطرافها وأحيائها الشعبوية؛ وبين نخب (المتنشطين) و(المتأدلجين) و(المتمذهبين) و(المتأخونين)؛ الذين يعيشون وفق ما يبدو خارج الوطن وهم داخله حالمين بمتشوقات اللاوطن؛ فيسعون دوما لهدمه، تحلما في تحقق متوهم(مجتمع الشغيلة) أو متأمل (دولة الخلافة) أو متشوق متوهم (مجتمع اللاعسكرة - المدني)!!
ولأن فرق (الغوازي) الغجرية؛ مستعدة دوما للرقص والتطبيل؛ حسب الطلب في أفراح حارات الأحياء الشعبوية لمن يدفع لأفرادها؛ فإن أنماط (نخب اللاوطنية) في المشابهة لا تحجب جهدها دوما عمن يمنحها صكوك الاعتراف بها ومتخيلها؛ ولا بأس من أن يغطي تكلفة جهدها؛ وسعيها لهدم منظومة الدولة الوطنوية راهنا.
وهي المنظومة (الدولة الوطنوية) تقوم على ثوابت من شعب واع؛ ونطاق جغرافيا مؤمنة؛ وحضور جيش وطني متماسك؛ قوي متطور فاعل بالمفهوم المعاصر الشامل للعسكرة؛ وهذا المفهوم المعاصر متجاوز لنمطية ميدان (العمليات الاحترابية).
إذ أن (الأمن العسكريتاري الوطنوي) في المنظور المعاصر ؛ يقوم على احتسابات توازن الجوانب القتالية وتوافر العتادات المتطورة؛ وتأمين اللوجستيات أو الإمدادات المؤمنة بدقة؛ ضمن (الاقتصادات العسكريتارية) المنبنية وظيفويا لإدارة الأزمات؛ والتي تتغافل (نخب الضجيج) عن فهومها وضروراتها؛ وإهمال الاطلاع على أدبياتها في العلوم الاستراتيجاوية المعاصرة.
*****
إن النخب الراهنة في فضاءات (السوشيال ميديا)، وهي تذكرنا بوظيفة (الغوازي) في الأحياء الشعبوية؛ تتميز بغياب وضحالة الوعي؛ أو الفقر المدقع لمعرفة أهمية وضرورات علوم الاقتصادات العسكريتارية. (نخب الغوازي) أسيرة المفاهيم النمطوية التقليدية القديمة بأن وظيفة الجيوش(العسكر) هي الدفاع؛ والحروب وحماية الأرض من الأطماع الخارجوية؛ وبالتالي لا دخل ولا علاقة للجيوش بالعمل الاقتصادوي؛ كما لا علاقة لها بالعمل السياسوي!
وهذا الفهم النخبوي القاصر والمصاب بالإعياء؛ غير مدرك للتطورات التي طالت النظرية والممارسة؛ والغاية والمستهدف في حقول الفكر العسكريتاري؛ حين يتخلص من الصورة الذهنوية المصطنعة لاصطلاح (الجنرالات والجنرلة) التي يتحكم في تلابيبها الفهم الاستعماروي القديم لمرحلة التحرر الوطنوي من نمط الاستعمار التقليدي.
إن الأدبيات السياسوية المعاصرة اشتقت اصطلاح (القطاع الثالث) تسمية للنشاط الاقتصادوي العسكريتاري؛ لتكون في مجتمعاتنا: (القطاع العام) الذي يديره النظام الدولاتي وتملكه الدولة، و(القطاع الخاص) الذي يمتلكه ويديره الرأسماليون، و(القطاع الانتاجي العسكريتاري) الذي يتبع جهاز القوات المسلحة، ويشرف عليه الجنرالات ولا يمتلكونه؛ وهو القطاع المحكوم بالوظيفة الوطنية في إطار استراتيجية الدفاع.
ونتيجة غياب هذه المفاهيم عن معارف النخب الببغائية؛ وفقدانها الخصوصية الوطنوية تجدها تواصل تكرار الوقوع في فخ التصورات القديمة بأن وظيفة العسكر حربية فقط؛ ولا شأن للجيوش بأية أنشطة اقتصادوية؛ أو عملياتية في تطوير البني المجتمعية؛ إذا كانت القدرات الدولاتية عاجزة عن تلبية التحديات التنموية.
إن النخب من نوعية (الغوازي)؛ في معرفتها بأدبيات العلوم العسكريتارية؛ لا تزال راكدة الفهوم عند صورة المقاتل الذي يمتطي ظهر جواده؛ ويمسك سيفه أو حربته؛ وينازل خصمه وجها لوجه. ولم تصل إليها معلومات (الحروب التكنوترونية)؛ المرتبطة بالمرحلة الثالثة من نسق ثورات تطور العالم بعد الثورتين الزراعية والصناعية.
*****
ووفق هذا الأفق يمكن فهم طبيعة النشاط الاقتصادوي لمؤسسة الجيش المصري؛ وهي تمثل فرس الرهان الراهن في جهود إعادة ابتعاث مصر الدولة الفاعلة؛ بعد الهلاك الذي تعرضت له خلال مرحلة نظام حسني مبارك، وعام النكبة بتمكن الجماعة البنائية منها. وتحويلها إلى شبه الدولة!
لقد أصاب التحسس الهستيري من النشاط الفاعل للجيش المصري في الحياة الاقتصادوية غوازي النخبة، فربطوا الأحزمة حول وسطهم، واندمجوا في الرقص الهمجوي غضبا وحنقا؛ وامتلأت حلباتهم بالصراخ من انجاز شبكات الطرق المذهلة، ومشروعات المدن الانتاجية الجديدة، وتصنيع عربات القطارات وسيارات الإطفاء و... و... إلخ.
ويأتي مشروع النقل التشاركي الذكي الجديد باسم wngo / أو (دابسي) في هذا الإطار ؛ على الرغم من بيان نفي علاقتها بالجيش المصري؛ بعد أن صارت تحتكر هذا النمط من النقل الخدمي في مصر شركة (أوبر) العولمية نتيجة شرائها للشركة المنافسة (كريم)؛ لتخل بشروط المنافسة المفترضة. إن إنشاء شركة wngo الجديدة؛ يحدث ضمن استراتيجية وطنية لتحقيق التوازن المدروس في عوالم اقتصادات النقل الشخصاني العولمية الجديدة؛ وليس وسيلة للتربح الفرداني كما يظن مرضى رهاب العسكريتارية الوطنية.
*****
إن فضاء التواصل الاجتماعوي المشتعل بصراخ غوازي النخب؛ يحوي راهنا العجيب من خطاب العداء المتنوع لفعالية الجيش المصري الاقتصادوية. وإذا كانت تدوينات بعض الأفراد لا تدعو للتوقف أمامها؛ فالأولى بجهد التصدي والتفكيك هو ما تقوم المواقع الاليكترونية الخاصة بقناة الجزيرة على سبيل المثال؛ لأن حجم المغيبين وعميان البصيرة من التابعين يحتاج للتصدي له.
موقع (الجزيرة مباشر) نشر تقريرا معبرا عن (رقص الغوازي) باقتدار؛ وبعيدا عن التفاصيل الكثيرة المكذوبة؛ تتجلى به مسلكية (الرقاعة) بارزة في الألفاظ والعبارات والرسائل المحمولة.
** فالعنوان الهابط يذكر أن: الجيش المصري ينافس "أوبر" و"كريم" بسيارات وطائرات؛ و- لاحظو الصيغة - ( كُتاب ونشطاء توقعوا الفشل للشركة الجديدة)! ما يعني أن الخطاب المعادي للدولة المصرية؛ يعتمد في وظائفيته على غوازي النخب؛ الذين ينفثون أمراضهم في خطاباتهم؛ إذ توقعوا الفشل المسبق للتجربة؛ على الرغم من أن الفشل يمتنع لدى الجند المصري.
** ويذكر التقرير أن الشركة الجديدة أنشئت في أعقاب خلافات بين أجهزة المخابرات وشركة أوبر؛ لرفض الأخيرة تسليم بيانات عملائها للمخابرات!! وهنا يبدو غباء الدسيسة بعزل الدولة عن أجهزة مخابراتها؛ سعيا لتغليب صورة الدولة العميقة القمعية في مصر؛ وأن طلب المعلومات يعد من المسلكيات المحرمة؛ ولا يحدث في أية دولة أخرى؛ وهذا من المغالطات.
** يحيل التقرير القول إلى صحيفة (نيويورك تايمز) بأن المخابرات الحربية، طالبت شركتي (أوبر) و(كريم)، بالكشف عن البيانات الخاصة بعملائهما وأيضا السائقين العاملين لديهما، واعتبرت الصحيفة ـ التي تقبض دوما أجرها من عطايا بعض الممولين ـ ذلك انتهاكا لخصوصية المصريين!! فيما تخفي المتعارف عليه دوليا في قضايا طلب المعلومات؛ من شركات الاتصالات والنقل.
** ثم يكشف تقرير الجزيرة اضطرارا لــ (نيويورك تايمز) القول أن "كلا الشركتين تمنحان طوعاً معلومات الزبائن للأمن في عدة دول، فيما يخص قضايا معينة أو استجابة لطلب قانوني، لكن السماح للأجهزة الأمنية المصرية بالدخول إلى أنظمة كريم وأوبر الإلكترونية يمنحها قدرات أوسع على تتبع أشخاص متعددين وتحليل تاريخ وأنماط رحلات الشخص المستهدف ".
** إن فضائية (الجزيرة) بما تمثله من صوت الفوضى الصهيونوية؛ تتغافل عن ذكر أن تقديم المعلومات يمثل ضرورة معترف بها عولميا؛ خاصة في الدول التي تخوض معارك وجود مع الجماعات الإرهابوية ومنظمات الجريمة المنظمة؛ وأن سيارات النقل الخاصة التي تفقد خصوصيتها لنقل الغرباء بالأجرة يمكن أن تندرج في العمليات الإرهابية من دون علم أصحابها وسائقيها.
** وتواصل (الجزيرة) محتقنة الخطاب بالدسيسة " الكتلة الأساسية من العاملين لدى شركات الجيش من المجندين الذين لا يخضعون لقوانين العمل المدنية، ما يعني تشغيلهم مجانا أو بمكافآت رمزية؛ وعدم قدرتهم على مقاضاة جهة العمل، وخضوعهم للمحاكمات العسكرية حال مارسوا حقوقهم في التظاهر أو الإضراب مثلا. "!!
وهنا يتكشف خطاب "الجزيرة" التحريضي؛ بدسيسة أن كتلة العاملين ستكون من المجندين؛ وكأنهم سيعملون بالسخرة محرومين من حقوق مدنية؛ في الوقت الذي تتغافل فيه هذه القناة المتصهينة الخطاب تماما عن مستوى السخرة المخيف الذي فضحت التقارير حجمه ومستواه؛ ويعاني ويلاته العمال المستجلبون إلى قطر لإقامة المنشآت الرياضية استعدادا لدورة كأس العالم المقبلة. إنها ترمي الآخرين بما تمارسه دولتها تجاه العمالة بها.
*****
إن الكثير من المعلومات المتغافل عن ذكرها لغرض في نفس يعقوب حول قضية (أوبر )و(كريم) والشركة الوطنوية الجديدة wngo / دابسي للنقل التشاركي الذكي، تحتاج لإثارتها بما يكشف حجم أكاذيب نخبة الغوازي والإعلام المتنشط والمتأخون.
** أولا: إن نمط النقل التشاركي بأوبر وكريم بعولميته يندرج في إطار حقل النشاط الاقتصادوي الطفيلوي؛ ويلعب دوره الاستنزافي لجزء من العملة الأجنبية التي تخرج من مصر إلى حسابات هذه الشركات العولمية، مقابل خدمات محلية غير منتجة إنتاجيا وسلعيا.
** ثانيا: إن نمط النقل التشاركي العولمي بــ (أوبر )و(كريم) يكرس أزمات قطاع كبير من السائقين المصريين؛ الذين يعملون على (تاكسيات الأجرة) ويرفع من مستويات البطالة لديهم؛ ويزيد من خسائرهم الشخصية بنزوح عدد كبير من ركابهم؛ بجانب ما تمتصه منهم سيارات الميكروباص والاتوبيسات والتوكتوك.
** ثالثا: إن دخول الجيش المصري في هذا الحقل؛ يعيد كسر فعل الاحتكار الذي يحدثه إدماج أوبر وكريم في شركة واحدة، بما يحقق التوازن من جديد ويمنع الاحتكار، ويطرح محفزات إجادة تقديم الخدمة؛ وهو ما يضغط على الطرف الآخر للتنافس؛ فيستفيد الراكب من هذه التنافسية.
** رابعا: إن القول بالحصول على المعلومات للغرض الاستخباراتي والأمنوي لا يشكل نقيصة؛ وإنما يدل على الوعي واليقظة والعلموية في العمل من مؤسسات الدولة العميقة؛ وإدراكها للتحديات الوظيفية المستحدثة في نمط عمل جديد؛ والتجهيزات الاليكترونية في وسائل النقل تدل على ذلك؛ لأنها ستوفر القرائن المادية والحافظة لأمن قائدي السيارات والركاب كذلك.
*****
إن النجاح الموثوق في تحققه مع تجربة الشركة الوطنوية للنقل التشاركي الجديدة المنافسة لنمط (أوبر) و(كريم) سيكون تجربة رائدة؛ لا ينجح في القيام بها سوى قطاع المشروعات والانتاج والاقتصاد بالمؤسسة العسكرية المصرية؛ وهي تعيد جاهزية مصر البنيوية للالتحاق بالاقتصاد العولمي؛ وهذا ما تكره تحققه (غوازي)النخبة المصرية؛ وقد تَمَنْطقت في وسطها بالأحزمة؛ (وهات يارقص وغناء)؛ لعلها تشوه هذه التجربة؛ ولكن سيخيب ظنها؛ كما خاب في حفلات شعبوية أخرى كثيرة!!
"رأفت السويركي"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق