الأحد، 31 ديسمبر 2017

تفكيك العقل النخبوي السياسوي المتأخون ( 84) أردوغان " الإخوان " ... يشهر " شعار الماسون " في تونس والسودان!!

تفكيك العقل النخبوي السياسوي المتأخون ( 84)
 
أردوغان " الإخوان " ... يشهر " شعار الماسون
 " في تونس والسودان!!
-----------------------------------------------------------
 
الأغا العثمانلي اردوغان يرفع شعار رابعة الماسوني
برفقة البشير. والصور كلها من شبكة الإنترنيت.
 
 
القراءة التفكيكية تفضح فجاجة دور الأغا العثمانلي رجب طيب أردوغان الجاري راهنا؛ والمبني على مشروع مستجلب من النسق القديم المسمى " الدولة العثمانية "؛ وهو متوهم منتم لرميم الماضوية السياسوية، تلك السمة التي تتميز بها حصة عريضة من كتلة العقل النخبوي العقدي المتسيس التي تتخيل إمكانية إعادة ابتناء الهيكل العظمي من جديد لدولة الخلافة القديمة؛ التي رسخت بسلاطينها الأغوات حالة التخلف الحضاري للأمة كلها.
 
وهذا الأردوغان يكشف كعادة نوعيته الماضوية ضحالة توهماته المجافية للمنطقية؛ حين يظن أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه؛ ما يجعله يعيش في زيف توقع إمكانية إعادة إحياء دور دولة خلافة جدوده الأغوات العثمانيين مرة أخرى - بغض الطرف عما يذكر حول حقيقة جذوره العرقية غير التركية - لذلك فإن هذه الظنون تدفعه لأن يكون أحد بيادق الرأسمالية العولمية؛ الساعية بهيمنتها إلى تكريس تطبيق ما يسمى "سيناريو الشرق الأوسط الجديد " في المنطقة. 
 
 

 
*****
 
الأغا أردوغان في حقيقته، ومبررات صعوده السياسوي - منذ احتل مقعد الرئاسة التركية - كما يبدو من " تحليل الحالة التركية "؛ جاء في إطار الظاهرة المستجدة عولميا بترتيب آليات قفز الأحزاب والجماعات العقدية إلى مقاعد السلطة في دول الأطراف؛ وتحديدا عقب النجاح الأميركي في توظيف ما يسمى " الإسلام السياسوي " عبر " القاعدة " في حسم المواجهة الأفغانية مع الدولة السوفياتية؛ ما حقق انفراط عقد وعافية منظومة الدول الاشتراكية المنتمية إلى نهج " رأسمالية الدولة".
 
ونتيجة الخبرات التدميرية المدربة التي اكتسبها شكل هذا " الإسلام الحركي " المسمى " فائض القوة الغاشمة "، ليجرى توظيفه لاحقا في سياق نهج تطبيق العولمية السياسوية. وحسب " نظرية المركز والأطراف " يأتي تيسير تصعيد هذه القوى والجماعات الإسلاموية؛ لتكون إحدى أدوات خدمة سيناريو إدارة المنطقة وفق مواصفاتها بتحريك المركز الذي يصوغ حركة الدول الطرفية في الأقاليم العولمية بتطبيق شروطه الاستراتيجاوية.
 
وفي هذا الإطار يمكن فهم الدور الأردوغاني، المرتب له عبر دهاليز أروقة المركز الأميركي، بمباركة ورعاية فعالياته التي شارك بها في تدمير نمط الدولة الوطنية / القومية ( سوريا والعراق وليبيا نموذجا)؛ والأمر نفسه يبدو في الدور الوكالاتي، بالتفويض الذي قد يقوم به راهنا فيما يتعلق بالمسألة المصرية؛ حيث يتصاعد كرهه المعلن والخفي منذ تحرير الدولة المصرية من قبضة " الجماعة المتأخونة " بفضل جهد المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية، وتفويض والتفاف الملايين الجماهيرية حولها في 30 يونيو/ حزيران 2013 م.
 
*****
 
إن من يقرأ بوعي نمط " قفزات القرود السياسوية "؛ التي يقوم بها الأغا العثمانلي أردوغان بطول وعرض الخريطة العربية؛ سيضع يده بثقة على دلالات هذه النمطية الأكروباتية في الحركة؛ فبعد ما بذله من جهود لإنهاك " الدولة السورية " عبر تمرير عناصر الإرهاب الخارجي إلى الداخل السوري؛ وما لعبه في القضايا العراقية؛ وما تورط به في المشكلة الليبية؛ ها هو يبدأ مرحلة التفرغ لما يتوهمه من إمكانات ذاتية في " المسألة المصرية " والتي لا تزال تمثل عقدة مستعصية على الاندراج في السيناريوهات الأميركية.
 
إن اقتراب ذلك الأغا العثمانلي من المجال الاستراتيجاوي المصري... يعني أنه بدأ اللعب بالنار؛ فاجتراؤه على ملامسة هذا المجال الحيوي لم يكن يحدث إلا بدعم وتنسيق مع الأنظمة ذات " النهج المتأخون " والداعمة بالأموال في المنطقة؛ سواء الواقعة في المربع الخليجي، أو الأفريقي جنوبا وشمالا؛ في إطار تحقيق اكتمال السيناريو المشبوه الذي أعطله صمود الدولة المصرية بفضل جيشها العظيم؛ ودعم الأشقاء الذين يدركون أهمية الحفاظ على مصر، بثقلها الضامن لبقاء الأمة العربية والإسلامية وجودا وفعالية.
 
لذلك فتلك " القفزة القرودية الاردوغانية " الجديدة لملامسة الوجود المصري؛ التي للأسف تتم عبر النظام السوداني المتأخون؛ والذي لعب دوره في تفتيت السودان... بفصل جنوبه عن شماله؛ تعد قفزة عثمانلية باتجاه الخطر؛ ومن دون شك فإن الدولة المصرية بمؤسستها العسكرية الوطنية، وقدراتها وخبراتها تدرك دلالة ذلك الخطر؛ وتحتفظ وتستعد بسيناريوهات التعامل المناسبة معه.
 
*****
 
إن العسكرية المصرية الوطنية لا يمكن أن تقبل من الحسابات الاستراتيجية وجود قوة عسكريتارية غريبة عن المكان؛ حيث لا علائق ضرورية لارتباطها بذلك المكان في وجود العسكرية المصرية ذاتها التي تعد قوة أساس هي ابنة المنطقة، وتتشكل من نسيجها الجغرافي والديموجرافي وليست غريبة عنها كما هي العسكريتارية الأردوغانية التي يستجلبها البشير قصدا وعمدا؛ وفضلا عن ذلك فإن الدولة المصرية أخلاقويا لا تعد قوة غاشمة أو متغلبة في الإقليم بالباطل ومن دون وجه حق؛ ولا تعتدي على أشقائها في الإقليم نفسه؛ ولا تسلك سوى مسلك الحكمة في معالجة الأزمات التي قد تحدث بفعل فاعل، يكون خارجيا ومحرضا في الأغلب.
 
ومن هنا تبدو خطورة الحركة الأغوية الأردوغانية؛ الساعية لتحقيق تموضع وحضور استفزازي على الأرض السودانية في جزيرة " سواكن "؛ ولا يمكن فهم هذه الحركة بمعزل عن ربطها بأنماط السيناريوهات المتعددة والمتغيرة لمشروع خريطة " الشرق الأوسط الجديد "؛ والتي تستهدف إسقاط ما تبقى في المنطقة من دول الممانعة الرافضة للاندراج التبعي في ذلك المشروع؛ القائم على التوظيف الحرام للجماعة المتأخونة وتنظيمها الدولي من أجل تحقيق نهج التفتيت السياسوي للدولة الوطنية في المنطقة.
 
إن تواصل الدور الاردوغاني القذر الذي يستهدف إحداث القلقلة في الإقليم المصري بعد انتهائه المرحلي من تنفيذ المطلوب القذر منه في المسألتين العراقية والسورية؛ وكذلك الليبية جعله يسعى للاقتراب من التمركز المقارب مع الحدود المصرية الجنوبية؛ برا وبحرا بكل أهميتها الاستراتيجاوية الوازنة؛ والمرتبطة بخصوصية أمن البحر الأحمر الممثل لعنق " أمن قناة السويس "؛ وكذلك " وجود السد العالي " في أسوان بثقل وزنه لحياةالمصريين؛ فضلا عن الاقتراب من " حلايب وشلاتين "؛ ربما اعتمادا على ما يتوهمه النظام المتأخون في السودان حولهما؛ وكذلك الاقتراب من موضع " سد النهضة " الإثيوبي، بإشكالات إنشائه التي تهدد الأمن الوجودي المصري، نتيجة تواطؤ نظام البشير المتأخون؛ فضلا عن الاقتراب اللوجستي من الأراضي الليبية، لدعم وإنقاذ فرق الإرهاب الداعشية والمتأخونة بها وهي تواجه ضغوط الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.
 
*****
 
الأغا اردوغان يرفع شعار رابعة الماسوني فور وصوله الى تونس.
 
 
الأغا العثمانلي أردوغان في " قفزته القرودية المباغتة " إلى السودان والبحر الأحمر؛ لم تكن في حقيقتها تتم بعيدا عن المتوهم الأغوي باستصناع تركيا قوة إقليمية، تكون قطبية معادلة للقطب الإيراني المستصنع أيضا؛ وكلاهما يأتي توافقا مع الترتيب الاستخباراتي الأميركي والصهيوني المواكب لتصورات صانعي ما يسمى " فوضى الربيع العربي " وأصحاب " سيناريو الشرق الأوسط الجديد "؛ بهدف إرباك الدولة المصرية، التي تمثل ما يسمى " وتد وعمود " خيمة الاستقرار في الإقليم العربي؛ بقدراتها العسكرية والبشرية وعمق دولتها وتماسكها التاريخي.
 
ومن هنا ينبغي إعمال القراءة التفكيكية في تلك الصورة التي يقدم بها الأغا أردوغان نفسه؛ حين توهم أنه حقق انتصار الفاتحين بدخوله دولة السودان التي تعيش مرحلة النظام المتأخون؛ فيرفع الأردوغان علامة " الأصابع الأربعة الماسونية " الموصوفة بعلامة رابعة؛ ويصر على تقديم الصورة ذاتها في زيارته إلى تونس فيرفع تلك العلامة الماسونية أيضا!
 
*****
 
الأغا اردوغان اخترع تحوير الشعار الماسوني
ليكون شعار الجماعة المتأخونة في المرحلة العولمية بالرعاية الأميركية.
 
إن الرسالة التي يقدمها الأغا العثمانلي برفع علامة " الأصابع الماسونية المتأخونة " يحاول القول من خلالها أن التنظيم الدولي لتلك الجماعة المتأخونة لا يزال حاضرا بقوة؛ ويتحرك بفعالية لوجستية انتجت الكوارث في سوريا والعراق وليبيا واليمن؛ وأن حضورها المتمكن لا يزال متواجدا في السودان بوجود نظام البشير؛ وفي تونس بوجود الحليف العقدي الإيديولوجي الممثل في " حزب العدالة والتنمية "؛ لذلك يحاول اثبات حضور الوجود المتأخون الحاف بمصر... هكذا يحاول أردوغان أن يقولها بفجاجة.
 
والسؤال الذي قد يفرض نفسه هو: كيف ل- "علامة رابعة" التي اخترعها وأطلقها وأشهرها استخداما ولا يزال الأغا العثمانلي رجب طيب أوردوغان تؤكد حقيقة "ماسونية" التنظيم المتأخون في مرحلته العولمية؟
 
 
صورة أرشيفية كاشفة لتطابق
حركة أصابع الصهاينة والشعار الماسوني وشعار رابعة.
 
 
وللإجابة على التساؤل أذكر ما كنت كتبته في تدوينة سابقة أوضحت:
 
- إن المقارنة بين صورتي "الشعار الماسوني" التقليدي و"شعار رابعة" تكشف التماثل الجوهري بين الرموز في كلا الشعارين؛ فالشعار الماسوني يحتوي في بعض نماذجه على كفين متماثلين، والأصبع الخامس المنحني يكشف عن العين الواحدة للمسيخ الدجال.
 
- إن استخدام الأصابع الأربعة في "شعار رابعة" لا يخرج عن نسق بنية الشعار الماسوني أيضا؛ لذلك قام أردوغان بإخفاء العين الماسونية عبر ميل الأصبع الخامس إلى داخل الكف لإخفاء عين الدجال بهدف صرف البصر عن الشبهة. إن ما فعله يماثل فعل تسمية مؤسس الجماعة اللاحقة بـ حسن "البناء"؛ المستعار من لقب البنائين الماسوني؛ اعتماداً على عدم إدراك الناس لماسونية اللقب والصفة؛ ويأتي الجيل الجديد من التنظيم المتأخون عبر الأغا العثمانلي ليموه أيضاً على الشعار؛ بإخفاء ملمح عين الدجال الواحدة؛ ولن يدرك الناس غيابها المفترض من الصورة .
 
- إن إطلاق أوردوغان لهذا الشعار وترويجه وتعميمه؛ كان بداية التحول النوعي المدروس في تغيير هوية الجماعة العولمية؛ إذ صار "شعار رابعة" البديل لشعار " السيفين والمصحف "؛ تعبيراً عن التحول الجديد في وظيفة التنظيم المتأخون؛ كفاعل استراتيجي الان شارك في فوضى ما يُسمى " الربيع العربي " بنكباته في سوريا وليبيا والعراق... وما يستجد.
 
 
- إن علاقة هذا التنظيم المتأخون بالمخابرات المركزية الأميركية قديمة، وحسب الدراسات الخاصة المنشورة فإنها بدأت بعلاقة سيد قطب "الماسوني" بالبروفسور "جون إيوارت والاس سترلينج" رئيس جامعة ستانفورد؛ حيث قدم سيد قطب حين وجوده في أميركا دارسا "أول تقرير لمكافحة التشدد الإسلامى" بخط يده كاشفاً فيه لـ "CIA" أسرار التنظيمات الدينية الإسلامية السرية فى مصر والشرق الأوسط؛ كما أن مراسلات “حسن البناء” وسيد قطب محفوظة حسب المراجع فى أرشيف هذا الجهاز الخطير.
 
- تكشف الوثائق أن علاقة التنظيم المتأخون بالأميركيين تكثفت من العام 2005 م بواسطة خيرت الشاطر، الذي أكد لهم عدم اعتراض "الإخوان" على "دولة الكيان الصهيوني"، والالتزام باتفاقيات كامب ديفيد إذا وصلوا للسلطة؛ ترسيخاً للجذور السياسوية للتنظيم المتأخون، لهذا لم يتحرج المعزول محمد مرسي من مخاطبة "بيريز" بعبارة "صديقي الوفي".!!
 
- اذن... فليس من الغرابة أن يعلن التنظيم المتأخون تحوله وظيفياً لخدمة الاستراتيجيات الأميركية، بالتدشين العولمي المعاصر الذي يعلنه أوردوغان رافعا إشارة الإشهار الجديدة للتنظيم... "علامة رابعة"!!
 
*****

والسؤال هل يلعب الأغا العثمانلي أردوغان بالنار حين يقترب بوقاحة سياسوية من الحدود المصرية؛ ويضع نفسه بحمق في إطار حسابات قد لا يدرك مخاطرها؛ متغافلا عن قدرات جيش مصري يتميز بعقيدته القتالية العالية، وفضلا عن ذلك صار ممتلكا لقدرات متطورة من السلاح النوعي الحديث، وتحكمه استراتيجية وطنية تعبر عنها عبارة " مسافة السكة "؟
 
حين يرفع أغا الإخوان أردوغان " شعار الماسون الربعاوي " في تونس والسودان؛ معبرا عن هوية وحضور جماعته بالأصابع الأربعة؛ فهو يحدد انتماءه، ويسفر عن مستهدفه بالدخول في عداء وجودي مع المصريين؛ وعليه أن يتحمل النتيجة المرتبطة بعبارة " احذر ولا تلعب يا أغا... فهذا جيش مصر "!!
 
 
                                                                     " رأفت السويركي"
 
-------------------------------

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

تفكيك العقل النخبوي الماضوي "المتسلف" (83). الاعتداء الذكوري على جسد من الحجر... "التمثال الجزائري" نموذجاً!!

تفكيك العقل النخبوي الماضوي "المتسلف" (83)

الاعتداء الذكوري على جسد من الحجر... "التمثال الجزائري" نموذجاً!!
----------------------------------------------------------


غيبوبة ماضوية تظن انها تُمارس فعل تطبيق العقيدة،
فمن يعبد هذا التمثال لكي يشوهه؟ والصور كلها من شبكة الإنترنيت.
 

هل هذه النوعية من البشر "مكشوف عنها الحجاب" كما يقول "أهل الكرامات" و"أولياء الطريقة"؛ لأنه من دون ملايين البشر سمع غُنجاً للحجر الأملس الناعم وقد توهم أن التمثال تتجلى قدراته الخاصة له والمناظرين من نوعيته بدعوة لممارسة الفحش؛ أو أنه في لحظات اهتياج شعوري ذكوري ذاتية لمح في عيني الحجر البض الملامح نداءات لـ "الملامسة"؛ أو "المفاخذة" حسب التعبير الفقهوي؛ أو أنه التقط تحريضاً مثيراً للاهتياج من نهدي التمثال؛ الحجر الأملس يدعوه لامتزاز الحليب والارتداد "الفرويدي" إلى طفولته الأولى؟!
 
*****

المسألة أن "تفكيك خطاب الصورة" التي تناقلتها وسائل التواصل الإعلاموي، ومواقع "الميديا" لما يُسمى خطأ "السلفي الجزائري" وهو ينفرد أمام الملأ في وضح النهار بتمثال "عين الفوارة"، الموصوف برمز "ولاية سطيف" الجزائرية فيمارس عليه مشاعر وأفعال التشويه الانتقامي الكذوب من نقاط محددة لها دلالاتها الجنسوية وقد تخيرها للتدمير؛ والإخفاء من هذا العمل "النحتي" المتميز.

وقبل أن تتداعى الأسئلة في الأذهان؛ وتتوالد حول دلالة تلك الكلمات التوصيفية السابقة في هذه الكتابة؛ يمكن القول إن مشاعر وأفعال هذا الشخص "الماضوي الذهنية" و"ليس السلفي التفكير" كلها مشاعر كذوب؛ وهو يمارسها ظاهرياً فيما هو يفتقد الإدراك للأفخاخ التي قام الموروث القولي والرواياتي المهيمن على فهم العقيدة بتلغيمها في الأذهان الذكورية تاريخانياً.
 
***** 
 
إن تركيز هذا "الفحل الذكوري" شكلانياً كما يبدو في الصورة على تدمير نقاط ذات محمول اشتهائي محددة في التمثال الأنثوي؛ دال على خصوصية طبيعة الذهنية العقدية المتكرسة لتناسل وإعادة انتاج تصور محدد بأن جسد الأنثى شيطاني الوظيفة؛ حتى ولو كان حجراً صلداً مصمتاً لا روح به ولا حياة؛ جسد ليس سوى مصدر لا يخمد لاستثارة الفتنة والإغواء والتحريض لمشاعر الشره  والنهم للتعاطي الجنساني الرابض بداخله ذكراً!!

إن القراءة التفكيكية الراصدة لصورة واقعة الفعل "الانتقامي في ظاهره/ والاشتهائي في المسكوت عنه" من هذا الرجل؛ وهو يعمل باجتراء مشهود فعله الذكوري العنيف بقوة انتقامية في التمثال الرقيق الحضور... هذه القراءة تكشف طبيعة الذهنية الذكورية الهمجية المتغلبة على مثل هذه النوعيات؛ ممن جرى تأسيسهم وفق منهجيات التفكير الماضوي المهيمن، بكل اختلالاته الاحتقارية النوعية للأنثى التي هي من خلق الله عبر تشكيل الخطابات المشوهة للعقيدة؛ والتي تتحكم في صياغة ذهن التلقي للذكور ليكون جهازاً إذعانياً لمحمول قراءات وفهوم البشر المعلمين من الذُكْراَن المتفيقهين، الذين أنتجوا هذا الخطاب الماضوي الموروث بما يكفل التحكم في مناهج التفكير والتطبيق لعقيدة العقل؛ أي الإسلام.
 
*****
 
إن هذه القراءة التفكيكية الراهنة تسعى إلى كشف "المسكوت عنه" في خطاب فعل التشويه الذكوري العمدي للتمثال الرخامي؛ سعياً لإدراك عناصر الدافعية المضللة للفاعل، ومستهدفه المغلوط؛ ومدى صواب تلك الفعلة حسب المفاهيم الحضارية؛ ومقدار تناسبها مع متغيرات العصر الحداثي الفكرانية.

أولاً: الدافعية المغلوطة:
---------------------
   يكمن خلف هذه الفعلة الذكورية الماضوية الأصولية موروث عقدي عميق؛ كانت له مبرراته في الماضي؛ بارتباط فعل التجسيم والتجسد ونحت التماثيل بالإشراك في العبودية للخالق الواحد المنزه عن التشبيه والتمثيل؛ وصرف العباد عن الاقتناع بحقيقة الألوهة؛ وواحديتها المطلقة.

وقد كان الفعل الإبراهيمي الكريم يمثل النموذج المُقتدى به في فعل هدم التماثيل لوظائفيتها التضليلية؛ وقد تواصل بعد ذلك القيام بالنهج الإبراهيمي الحنيف من دون إدراك لدلالات الفعل الحنيف في زمانه ومكانه؛ فالمقصود الإبراهيمي كان السعي لإثبات أن هذه التماثيل عاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها في بيئة الوثنية أو حتى تذكر اسم الفاعل الذي حطمها؛ ما يعني أنها لا تمثل القوة الإلهية المستحقة للعبادة؛ فالإله أكبر  ولا نستطيع إدراك كنهه الجليل؛ لأنه ليس له مثال؛ وحتى الشمس والقمر؛ كما برز من الحواريات الإبراهيمية مع الكافرين والمنكرين في النص القرآني الشريف.

وانقضى زمان إبراهيم الخليل؛ وجاءت الرسل بالتتابع؛ وتكرس التوحيد الإبراهيمي في اليهودية والمسيحية والإسلام. وانمَّحت "عبادة الأصنام" أو ما تسمى "الوثنية"؛ مقابل تعميم وانتشار عقيدة التوحيد؛ وصار الإسلام الدين الثاني في العالم؛ وفي طريقه ليكون العقيدة الأولى قريباً.

لذلك تستحضر القراءة التفكيكية من النصوص المقدسة؛ ما يؤكد مبدأ الغائية من قضية التماثيل، بارتباط العلّة بالغاية؛ التي فلسفياً يقابلها مبدأ العدمية؛ ولأن دعوة الرسل كلهم التي أشار إليها القرآن تقوم على أنّ الدِّين الذي دعت إليه الرسل جميعاً واحد هو الإسلام، ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ) [ آل عمران : 19 ] فإن انتهاء وانتفاء ذريعة أو وظيفية تحقيق العبادة عبر وجود التماثيل؛ يصبح أمرها كالعدم؛ وهنا يمكن استحضار ما ذكره القرآن الكريم بنصه الشريف عن النبي سليمان الموحد والداعي إلى الوحدانية عليه السلام بنص الآية أن الجن كانوا "يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ".] (وَتَمَاثِيلَ) تعني أنهم يعملون له تماثيل من نحاس وزجاج بالطبع؛ والمنطق يقول ان هذه التماثيل لا تكون محلاً للعبادة.

معنى ذلك "فقهوياً" أن "عِلَّة" صناعة التماثيل من أجل العبادة انقضت أو  انتفت العلة الموصوفة بــ "الذريعة"؛ فلم تعد تلك الظاهرة قائمة في المنطقة العربية والإسلامية كما كان يحدث قديماً. والقاعدة الفقهية الأساس تربط ربط التلازم الضروري بين وجود العلة "الذريعة" والحكم الفقهي المتعلق بها. لذلك لإن التماثيل لم تعد تعبد؛ فإن حكم هدمها "الشرعاني" يسقط لانتفاء الغرض العبادوي القديم ذلك الذي انبنى وأقيم عليه شرع / حكم التحريم.
 
***** 

إن مواصلة البعض راهناً ممارسة ذلك الطقس البشري الهادم للتماثيل باسترداد تقليد ماضوي قديم، كما حدث مع الآثار العراقية والدعوات لهدم الآثار المصرية بما فيها الأهرامات يؤكد غيبوبة ماضوية تفكير هؤلاء وليس سلفيتهم؛ لأن المسلك السلفوي يرتكن إلى وجوبية الحكم بوجود العلة؛ وطالما انقضت العلة يصبح ممارسة المسلك الراهن اقتفاء لأثر الفعل الماضوي؛ ومن يمارسه ينفصل عن "السلفية الصحيحة" منتقلا إلى "الماضوية المصطنعة"؛ بتقديس مسلك انقضى أثره؛ وتلاشت علته التي بُني عليها.   

ووفق هذا التفكيك لا ينبغي وسم ذلك المعتدي على ذلك الاثر وأمثاله بالسلفية؛ قدر ما ينبغي نسبته إلى الماضوية؛ وبالتالي ينتقل التفكيك إلى البحث عن "المسكوت عنه" المضمر في أفعاله من المنظور الذكوري.
 
 
الحجر الصامت الذي ظن صاحب التفكير الماضوي انه يمارس الإغراء.
ثانياً: الدافعية المغلوطة:
---------------------
   قراءة "المسكوت عنه" دوماً تأتي بما هو مختبئ في متن الفعل والخطاب؛ ويكون مضمراً تحت الظاهر؛ بحيث يحتجب عن البروز؛ ولكنه الحاكم المحرك للأفعال والاقوال؛ والقبض على هذا المضمر يُساعد في فهم الظاهرة وفق حقيقتها.

وبتأمل الصورة الراصدة لفعلة التدمير للتمثال؛ ستكتشف علامات غير منظور إليها بوعي في القراءة؛ ما يعيد تجليس الواقعة وفق حقيقتها المختبئة:

** الصورة تقوم على كتلتين متضادتين في فضائها المؤطر؛ الكتلة الأولى خاصة بالتمثال الرخامي الرشيق القوام؛ الذي يجمع أنسب المقاييس المتصورة للأنثى؛ لكنها كتلة جامدة صماء لا حياة فيها ولا فعل أو رد فعل لها. والكتلة الثانية تعبر عن افتقاد المقاييس الحجمية المثالية لكائن حي يفكر ويفعل وينفعل؛ وينبغي أن يدرك هذا الشخص أهمية مواصفات الجسد المناسبة ومخاطر غياب هذه المقاييس لديه والمحكومة بالقاعدة العقدية "ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك".

** الصورة تجمع الضدين المتناقضين في المظهر؛ القوام الرخامي اللون المتناسق التفاصيل؛ والقوام الاسطواني القالب بجلبابه الأبيض؛ المجزوز من أسفل مع /شبشب/ في القدمين؛ مرسخاً لقيمة لا تعبر عن اللباس الإسلاموي، قدر ما تدل على أزيائية جغرافية شرق آسيوية، تنتمي إلى أفغانستان وباكستان، وتكرس الفهم الفكراني الماضوي المهيمن على تصورات طقوسات الممارسة العقدية المحققة لــ "أفغنة العقيدة"؛ وهي بعيدة عن روح وحقيقة هذه العقيدة الصواب.

** الصورة تكشف أن خصلات الشعر الأنثوي المنسابة انسدالاً بكثافة على كتفي التمثال الرخامي؛ يقابلها نقيض ذكوري مغاير بتكتل كثيف من شعر ذقن مفرط في كتلته للإيحاء بعقدية الظاهر؛ وهو ما يوحي بوحشية وهمجية فعل الاعتداء غير المتكافئ والمتحقق في الواقع وصورته؛ بين حجر تزييني رقيق لا حيلة له وشخص متضخم يتوهم أنه يمارس فعلاً عقدياً.
 
***** 
 
 
انتقام ذكوري متوهم من الجسد الأنثوي حتى لو كان حجرا!!

إن قراءة الصورة تكشف إذن طبيعة الكوامن المختبئة لدى فاعل التحطيم للتمثال؛ فلو كان ذلك الشخص - على سبيل المثال - قد استخدم أداة ضخمة لفصل رأس التمثال أو تحطيمه وتفتيته لكانت المسألة محلا للنظر؛ غير أنه تخير نقاطاً محددة في التمثال اعتبرها تمثل "عورة التمثال" ومارس تهشيمها أو تشويهها؛ وهذه النقاط المتخيرة تمثل مفاتيح مهمة للقراءة النفسانية لذلك الشخص؛ وتهدي للإمساك بالمثيرات المادية المحركة لدوافعه:

- قام التهشيم الذكوري بالتركيز على نقاط اعتبرها الفاعل إخفاء لمكامن الإغراء والتحريض الجنسوي في التمثال؛ أي في العينين والشفتين والنهدين؛ ثم الشروع في تشويه الفخذين؛ لولا تدخل رجال الشرطة الجزائرية والإمساك به.

- إن كل موضع في التمثال الأنثوي طالته أداة التهشيم؛ يمثل دالة كاشفة لتصورات ذكورية عميقة تجاه الجسد الأنثوي؛ وينظر علم النفس الفرويدي وتطوراته لدلالة ذلك، بدءا من ممارسة الرضاعة بالفم في المرحلة الطفولية التي تتحكم في الانفعالات والسلوكات اللاحقة بما يتناسب مع تتابع مراحل النمو.

- إن تراتبية فعل التهشيم للجسد التمثالي طالت العينين مصدر الإغواء؛ نزولاً إلى الشفتين مصدر التواصل الشبقي والدعوة التحريضية المحفزة للذكورية؛ وصولاً إلى النهدين المرتبطين بمعيارية علاقة الفعل الرضاعي الذي تحدث عنه فرويد وعلماء النفس؛ خلال دراسته تشكلات الذات الطفولية الوليدة؛ ثم الوصول إلى فخذي التمثال بما يمثله من استثارات العلاقة الإخصائية الكامنة في الذات الذكورية.
 
***** 

ومن دون شك فإن القراءة التفكيكية لهذه الصورة تنظر إلى فعل تهشيم التمثال الأنثوي باعتباره معادلا تطبيقيا للفهم الذكوري العدواني على النساء؛ بالتأويل الذكوري المفرط  في قسوته للمعنى القرآني (واضربوهن)؛ والذي يعني مع صحيح لغة العرب وضع المرأة الناشز في محل الانفصال والابتعاد عنها وتجاهلها؛ فالضرب الحليم؛ وفق تراتبية الأمر القرآني الكريم (( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء/.34


والجدير بلفت الانتباه أن القواميس والمراجع اللغوية تذكر أن العرب إذا شاءت التعبير عن الإيذاء البدني تستخدم "اللطم" فيما فعل "الضرب" يعني في أحد وجوهه المنطقية "المفارقة"؛ فمن درجات استخدام فعل اليد يأتي "الصفع" و"الوكز"؛ فيما يكون "الركل" بالقدم. والدليل على ذلك ما قالته العرب أيضا:" ضرب الدهر بين القوم أي فرّق وباعد بينهم".  

 
وبذلك يتبين التفسير الذكوري المفرط في قسوته لآيات تقنين العلاقة مع الأنثى. والذي يمنح الرجل حقا احتكاريا غير مقبول بضرب المرأة؛ وهو ما يكشفه فعل ذلك الرجل حين يدمر التمثال الحجري في الجزائر؛ والتدمير نتيجة من نتائج الضرب القاسي الذي يتوهم الماضويون أنهم يمتلكون أهلية ممارسته شرعا على الأنثى؛ فهل يظلم ربك أحدا؟ حاشا لله. إنه التأويل الذكوري الفاسد!!
 
*****

وعبر هذه الواقعة تتكشف خيوط بعض "المسكوت عنه" المضمر في الذات الذكورية العربية والإسلاموية؛ والتي تتغطى اختباء بالسطح الظاهري لطقوس العقيدة؛ حين تتصدى لتدمير دلالات الجسد الأنثوي حتى لو كانت لتماثيل أو تمثال من الحجر؛ ولو كان عاريا عرياً فاضحا، فهو لا يشكل أي إغراء للرجال الأسوياء؛ ممن لا تتغلب عليهم التصورات الباطنية؛ والمتخيلات الجنسانية.

فيما هناك من يرى إلى التمثال الحجري المصمت؛... بأنه مصدر إغراء تحريضي مهما كان الجسد صخرياً لا يُغري في حقيقته سوى المرضى؛ والمشبَّعين بموروث احتقاني متكلس حاف بمفاهيم العقيدة؛ وكذلك بالموروث القولي للمجالس الذكورية؛ التي تتفنن في استصناع خطاب مشبع بالشبقيات الحافة بصورة جسد المرأة؛ كما فعل ذلك الذكر بعقله النخبوي الماضوي الذهنية المتسلف في ولاية "سطيف الجزائرية"؛ وهو يقترف فعل التدمير القصدي في عيني وشفتي ونهدي تمثال من حجر!!
 

                                                  " رأفت السويركي" 
 

 
 -----------------------------

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

في اليوم العالمي للغة العربية... هل العقل تفضحه لغته؟!!

في اليوم العالمي للغة العربية... هل العقل تفضحه لغته؟!!
----------------------------------------------------
 
العقل العربي يعيش راهناً في مأزق وجودي لا حدود له؛ بما ينوء به هذا الوجود من ثقل أثقاله، للدرجة التي جعلت منه عقلاً يُكلِّم نفسه؛ ويدور أسيراً في تلافيف ذاته؛ فلا يفهم إلاّ ما قاله مُسْبَقاً؛ بل حتى صار لا يقول سواه!!
 
 

هذا العقل يُعاني جحيم الوقوع في شرك إسار الموجود المتراوح ما بين "الممنوع والمرغوب"؛ "المفترض والواقع"؛ "الجمود والانعتاق"؛ لذلك نستمع من أهل هذا "العقل الهوياتي" دعاوى ما يُسمى" تطوير الخطاب".
 
ومن حجم تكرار ما قيل في هذه الموضوعة، تظن أن ذلك "الوعد الموعود" غير ممكن التحقق... لأنها الكارثة "القديمة المستحدثة"؛ وإحدى صورها تجدها في فعاليات الاحتفاليات السنوية باليوم العالمي للغة خطاب هذا العقل... "العربية"؛ فهل عقلنا تفضحه لغته؛ التي تكشف مقدار حيويته ومدى فعاليته!!
 
*****
 
هذه المقدمة تأتي تلبية لتذكير "فيس بوك" لي بتدوينة سابقة حول "اللغة العربية"؛ كنت أشهرتها على جداري؛ وحققت تفاعلات كريمة من أساتذتي وأصدقائي سعدت بها للغاية بفعل قيمتها... وبمناسبة ذكرى اليوم العالمي للغة العربية رأيت ضرورة إعادة إشهار تلك التدوينة من جديد:
 
****
اللغة العربية... وعقل ما بعد الحداثة!
------------------------
 
اللغة العربية في يومها العالمي: اللغة وعاءٌ صوتيٌ حُروفيٌ لوصف المعني؛ اللغةُ في حد ذاتها، ليست مخزناً معلوماتياً، نَمْتَحُ منه المعنى الذي نريده، أي أن "نسْتَخْرَجَهُ وَنحَصَلَ عَلَيْهِ". لأنها ليست بئر المعاني، التي لم تتشكل بعد.
 
اللغةُ كينونةٌ لاحقةٌ للمعاني، وليست سابقة عليها، وقدرتها على التكيف، والاحتواء، والاستيلاد قدرةٌ ممكنة، بجهد العقل المنتسب إليها، والذي يُفكِرُ، فيلجَأُ إلى أساساتها، الحروفية والصوتية المتوافرة، ليُشكِّل منها التعبيرَ المستحدث حول المُتَصَوّر الذهني الحادث والسابق عليها وجوداً، لذلك فالأمرُ رهنٌ، بقدرة العقلِ على إعادةِ تصوير المَعنى.
 
ماضوية المعاني
--------------
 
ولأن اللغة العربية، لا تزال تحتفظ في ذاكرتها بخزانة "ماضوية المعاني"، التي تُمثل بَحْرَها، وتهُيمنُ على مُعْجَمها، صورُ مُفردات المجال والسياق التاريخيين، المنتسبين إلى الماضي الحادث فشَكَّلَ بوقائعه معجمها، وهذا ما ميّزَهَا، وطبع هُويَتَهَا بمجازية الكيمياء الحروفية، وفِضفاضِيةِ السِّياقات، وعلى سبيل التدليل نسوق التعبير التالي لإيضاح هذا القول: " تَوسَّطتِ الشمسُ كَبِدَ السَّمَاء". فهل للسماء كَبِدٌ وقلبٌ ورئتانِ وذِراعانِ وقَدَمان؟ إنها الطبيعة التعبيرية الخاصة للغة العربية.
 
لذلك فإن اللغة العربية إلى الآن، لقِدمِها، وجغرافية بيئتِها الأولى، هي لغةٌ واقفةٌ بشموخِها، عند حدود الشعرية والمجازية، والمؤسف أن اللغة العربية، لا يحفُّ بها انتاج إبداعي عقلي خارج عن الشعرية، لكي تقوم آلة العقل اللغوي باحتواء المعني المستجد غير الشعري، فيبتني أغلفة صوتية وحروفية تجسد المعنى الجديد.
 
النص المقدس الحاكم والمتحكم
-----------------------------
 
سرُّ قضية اللغة العربية أنها، أولاً لاتزال مشروطة الدلالة والتفاعل بالنص القرآني المقدس، حيث لا يزال هذا النص المُحَكمُ، هو الحاكِمُ لأصوليتها، وهو مقياسُ بلاغتها الإبلاغية، كون نزوله الأساس على قلب الرسول الأكرم "ص"، جاء تحدياً لأهل اللغة، ببلاغتهم الشعرية.
 
وثانياً فإن العقل العربي إلاَّ اللَّمم، يواصل التألق المتوالي في ممارسة الشعرية، وهذا العقل بقدمه الزماني، في أغلبية أزمنته المتتابعة، لا دورانَ له إلاَّ في المجال البلاغي، ليُنتح خطاباتٍ مَجازية، وكلُّها تُضمِرُ عَوالِمَ لا محدودة من السياقات المجازية.
 
لذلك يَكُون التأويلُ هو أبرز أدواتِ كشفِ المُضْمرِ في ثناياها، وقد بَقيَتْ وتبقى هذه اللغة رهناً للمتخيلات، والماورائيات، والأسطوريات، ومع عجزِ العقلِ العربيِّ عن التجليّ خارجَ حُقول الشعرية، لافتقاره إلى متاحات التعامل مع حقول مُغايرة، بُحكم محدودية أو غِياب الحُقولِ المُغايرة للشعرية، يكون لا بديلَ أمامه سِوى الدورانُ واجترارُ نفسِهِ في حقل الشعرية.
 
مشكلة العقل قبل اللغة
---------------------
 
لذلك عَجَزَ العقلُ اللغويُ عن اختراقِ عَوالِم التَّفكر الأخرى، مثل العلوم والرياضيات، والطبابة و"علوم التقانة" و"الحاسوبيات"، وعلوم الكويكيبات، وبالتالي لم تتطور الوظيفة اللغوية، ضمن هذه العوالم للاشتقاق والمجانسة، والابتداع، وبذلك ليس له حضور ملموس خارج الشعرية والمجازية، وهذا لا يُعدُّ عيبا في بنية اللغة العربية، ولكن العيب في ذاتية العقل العربي والإسلامي، المُصاب بالتجمد أو التصحر، حيث أن هذا العقل، لم يدخُل معامل ومختبرات عوالم "ما قبل الحداثة"، أو "الحداثة"، وبالتالي "ما بعد الحداثة العقلية"، ليطور أغلفة المعاني الصوتية والحروفية، بما يتناسب مع المبتكرات والكشوفات والمنتجات غير المجازية.
 
حتى لا تكون لغة عبادة فقط
------------------------
 
ومن هنا، فينبغي مواصلة الدأب العلمي، من أصحاب العقول العربية، في كافة الحقول، لإجراء الدراسات المعرفية التحليلية، التي تدور حول قدرات اللغة العربية، على التكيف المستقبلي، وإثباتِ مُرونتها، في استيلادِ فضاءات تعبيرية خاصة، تُلبي حاجةَ المُعايرة، لمبتدعات العقل الذاتي، أو العقل الآخر، من المعارف اللاَّ شعرية، إلى أن تتهيأ من جديد لها، أن تكون لغةً أصلاً في تأليف تسمياتها الخاصة البكر، لمبتدعات العقل العلمي العربي والمسلم، إذا تخلَّصَ من راهنية الاجترار الذهني، للخطابات الماضوية المهيمنة على حقولها المعنوية، وصار له منتجٌ غير شِعريِّ، وصارَ مُتَعمِّقَاً في دورة الحياة، منتِجاً، وليسَ مُستَهلِكاً، وهذه من التحديات الوجودية للنوع، البشر واللغة، وتحديداً، اللغة العربية، كي لا تنحصر وظيفتها المستقبلية، في أن تكون “لُغَةَ عِبَادةِ” فقط، وليست لغة حياة.!
 
                                                  "رأفت السويركي"
 
----------------------------------

الاثنين، 11 ديسمبر 2017

تفكيك العقل النخبوي الرأسمالوي العولمي المتصهين (82 ) من "وعد بلفور" إلى "قرار ترامب" بالقدس عاصمة لـ " الدولة الصهيونية "... قراءة مغايرة!!

تفكيك العقل النخبوي الرأسمالوي العولمي المتصهين (82 )
من "وعد بلفور" إلى "قرار ترامب" بالقدس عاصمة لـ " الدولة الصهيونية "... قراءة مغايرة!!
------------------------------------------------------


من وعد بلفور إلى قرار دونالد ترامب... اللعبة الرأسمالوية العولمية
والصور من شبكة الانترنيت


الفضاء مشتعل في الوقت الراهن بضجيج اللحظة المأساوية التي تمر بها المنطقة؛ بفعل الجرأة الوقحة والمنطقية من المنظور الأميركي سياسوياً للرئيس "دونالد ترامب"؛ والتي قونن " أميركيا/ صهيونيا " من خلالها اعتبار "القدس" عاصمة لــ "الدولة المتصهينة"، ووقع إشهاراً بذلك له الصفة الرسمية!

 إن هذه الفعلة الكريهة، وردود الأفعال المترتبة عليها... ينبغي تفكيك خطابها، وصولاً إلى القراءة الصواب لها، حرصاً على عدم الانجرار العاطفي بالوقوع في أفخاخها وسيناريوهاتها المقصودة؛ والمصطنعة بحرفية ومهارة "مراكز التفكير"..."Think tanks" التي تخدم مؤسسات الاستخبارات الرأسمالوية؛ مستفيدة من خبرات الماضي المكتسبة، عبر التجارب المماثلة من سيناريوهات تم تنفيذها؛ وجرى اختبار وقياس نجاحها في الوصول إلى تحقيق المستهدف منها على كافة المستويات "الحكومية" والشعبوية.
 
*****
 
وإذا كانت هذه التدوينة التفكيكية ترى من المنظور الوجدانوي والأخلاقوي إلى أن ما ارتكبه دونالد ترامب هو فعل أحمق؛ فإن الفهم التفكيكي لهذا التصرف يُزيح تلك المشاعر وارتباطها بالوجدان الوطني جانباً؛ لينظر إلى هذا الجرم الفادح الذي ارتكبه ترامب من المنظور العلموي.
 
 فما فعله دونالد ترامب بهذه الخطوة يبدو منطقياً - على الرغم من كراهيتنا له ورفضه قلباً وقالباً - لأنه يحدث في هذا التوقيت ضمن سياق استكمال سياسويا فعاليات "نهج العولمة"؛ الذي قادته وتقوده الولايات المتحدة الأميركية بنظامها الرأسمالوي الجامح بشراسة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي الخصم الأيديولوجي القديم وتفككه؛ باعتبارها تمثل قمة قوة التعبير والصانع لمسلكية التطور الرأسمالوي في نقلته العولمية، والتي تعلن بها هيمنة "المركز" على كل "الأطراف" المحيطة بها؛ وتطويعها مهما طال الأمد؛ للاندراج في سياق النوع السياسوي المرتبط بتطور النظام الرأسمالوي المهيمن!
 
إن ما فعله دونالد ترامب وهو – بصفته الشخصانية - العنصر المليارديري الذي يرئس "دولة المركز" في ذلك النظام العالمي؛ يمثل فعل المبادأة الاستثمارية المحسوبة؛ والاقتحام الجريء والمغامرة، وكلها سمات تتميز بها "شخصية الرأسمالوي المقامرة" ضمن إطار تكريس تطبيق هيمنة الطور العولمي للرأسمالية في منطقتنا؛ وهي منطقة الثروات الريعية المختزنة؛ من خامات النفط والغاز والمعادن؛ والطاقة النظيفة غير النافدة؛ والتي يمكن استيلادها من وجود الحزام الشمسي العريض الذي يميز المنطقة جغرافيا.
 
*****
 
إن ما ارتكبه دونالد ترامب من جُرم فاحش، هو في حقيقته تأكيد كريه لكينونة وتواصل مراحل تكريس "المشروع الصهيوني" / الرأسمالوي في حقيقته متدثرا للتمويه بغطاء عقدي "يهودوي" الهوية؛ إذ أن هذا المشروع المُقْتَحِم للمنطقة – وهي منبع الهويات العقدية الحنيفية واليهودية والمسيحية والإسلامية - جرى استيلاده سياسوياً وفق ما يناسبها منذ البدء برعاية "الرأسمالية التجارية التقليدية" آنذاك.
 
 فقد كانت بريطانيا تمثل المركز الرأسمالوي القديم قبل انتقالاته إلى الطور الجديد المغاير عبر أميركا؛ فأشهر ذلك النظام القديم "المشروع اليهودي"؛ تتويجاً لذروة اختتام نمطية مرحلة "الغزو الاستعماروي" المباشر القائم على الاحتلال المادي للدول. لذلك كان إطلاق "وعد أو تصريح بلفور" بتاريخ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917م، والذي يشير إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وكان الرد المضاد توصيفه بأنه عطاء "ممن لا يملك إلى من لا يستحق". 
 
وانتهى طور الاستعمار الرأسمالوي القديم؛ ليتولد الطور الأميركي العولمي القائم على الهيمنة والاستحواذ بديلا عن الاحتلال المباشر، بفعالية احتكار الربط "السيبراني" الافتراضي الذي يحقق مستهدف العالم "قرية صغيرة"؛ لذلك فإن القرار البغيض لدونالد ترامب الخاص باعترافه غير المستحق بالقدس عاصمة لـ "الدولة الصهيونية" يأتي استكمالاً لمشروع انتزاع "فلسطين التاريخية" من نسيجها الأصيل "غير اليهودي"؛ تعبيراً عن التطور البنيوي لنهج تحقيق فعالية "طور العولمة"؛ وتكريسها في تفتيت المنطقة العربية؛ ضمن استراتيجيتها بإحداث تفتيتات العالم إلى جزر تكون موظفة في حقيقتها لخدمة الرأسمال الإمبريالي؛ وتلبية شراهته لتحقيق الربحية من كل أرجاء الكوكب.
 
لذلك لا ينبغي عزل هذا التصور التفكيكي عن مركز الصدارة في الفهم الموضوعي الحقيقي لما يجري من سيناريوهات مرحلية، يتم تأجيلها أو تطبيقها بناء على دراسات "تحليل الحالة" التي تكشف توافر الشروط الموضوعية لإنجاز المهمة المستهدفة. 

إن قرار ترامب القائم على تكريس مشروع الاغتصاب الرأسمالوي القديم لفلسطين في إطار عولمة ذلك النظام، مرفوض منا شعوباً عربية، كما تجلى في ردود الأفعال الكبيرة التي هزت العديد من مجتمعاتنا المحكومة ذهنياً بالفهم المرتبط بانتمائها العقدي وظروفها السياسوية؛ لكن هذا القرار الأميركي في حقيقته - الذي تقف وراءه مراكز التفكير، ومؤسسات صناعة والادارة بالأزمات - يندرج ضمن النهج الرأسمالوي الهوية ولم يتخذ خبط عشواء، إذ جرى التمهيد المسبق له، وفق تراتبية قانون أن العولمة تتبنى وتصطنع الحركة السياسوية التي تخدم حركتها على الأرض.
*****
 
دونالد ترامب لم يخترع العجلة؛ فالكونغرس الأميركي صدق في أكتوبر/ تشرين أول  1995م على قانون يسمح بنقل السفارة الأميركية من "تل أبيب" إلى القدس، والاعتراف بالقدس في ذلك العام عاصمة لـ "إسرائيل"؛ ونقل السفارة الأميركية من "تل أبيب" إلى القدس في موعد أقصاه 31 مايو/ آيار 1999م.

وقد منح الكونغرس الحرية للرئيس الأميركي بسلطة تأجيل التنفيذ لمدة ستة أشهر، مع إحاطة الكونغرس بهذا التأجيل، فلم يقم بهذه الخطوة لمقتضيات الضرورة أيٌّ من الرؤساء الأميركيين المتعاقبين: بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما؛ بسبب وجود أولويات استراتيجية مغايرة لهم في المنطقة؛ منها غزو العراق، وتدمير ليبيا، وتفتيت سوريا وما يسمى مشروع الربيع العربي؛ وجاء الدور ليقوم "المغامر الرأسمالوي" دونالد ترامب؛ بالخطوة المؤجلة، بعد أن وضعت أمامه "دراسات تحليل الحالة" بإمكانية البدء في التنفيذ المؤجل لتكريس إكمال مشروع استصناع الدولة الصهيونية بعاصمتها التاريخية.

"الكونغرس الأميركي" أعاد تكرار صناعة "مسلكية بلفور"؛ بلعب دور المانح الذي "يمنح مالا يمتلك إلى من لا يستحق"؛ وفي الحالين كان الطرف المشترك المستفيد هو "الدولة الصهيونية"؛ الابنة الشرعية للنظام الاستعماروي في طوريه الاثنين: التقليدي "بريطانيا"، والحديث/ العولمي "الولايات المتحدة الأميركية"!!  

وبذلك تكون بريطانيا عبر "بلفور" أول من اغتصب "فلسطين العربية" وتحويلها إلى "إسرائيل الصهيونية"؛ وتكون الولايات المتحدة الاميركية عبر دونالد ترامب أول من اغتصب "القدس القديمة" من نسيجها وأعلنها عاصمة رسمية لـ " الدولة الصهيونية".

*****
 
ترامب يرتدي القلنسوة
 
لقد توهم الكثيرون انتهاء تنفيذ "سيناريو الشرق الأوسط الجديد" الذي تضمن قصدياً... إسقاط نظام الدولة وتدمير وتفتيت العراق إلى طوائف؛ وتدمير وتفتيت ليبيا إلى مجتمع "زنقات"؛ وتدمير وتفتيت سوريا بالمماثلة؛ وبدرجات متفاوتة في السودان واليمن؛ والأمر نفسه الذي فشل في مصر بفضل قوة جيشها الوطني ورجاله المخلصين؛ لكن ذلك السيناريو لا يجري إنهاؤه ولكن تعليقه إلى حين؛ حيث يتم توظيف تعديلاته المرسومة بناء على "تحليل الحالة". وما اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة مغتصبة لـ "الدولة الصهيونية"؛ إلا حلقة من حلقات هذا السيناريو المتغير، والذي يستهدف صناعة الشرق الأوسط الجديد!

إن التقنين الأميركي لاغتصاب "القدس"؛ يمثل مخالفة فجة لقرارات الأمم المتحدة، التي لا تعترف بسيادة " الدولة الصهيونية إسرائيل" على "مدينة القدس" بشكل كامل؛ ولكن السؤال هو... منذ متى تضع الولايات المتحدة الاميركية وزناً للتنظيمات الدولية الحاكمة مثل الأمم المتحدة ومؤسساتها؟ ومتى احترمت قراراتها إلا بما يخدم مصالحها واستراتيجياتها الكونية؟!

ومنذ متى لا يتورع النظام الرأسمالوي الذي عماده الأساس يتشكل من شخصيات يهودية الهوية في كافة أطواره القديمة؛ بدءاً من طور "المُرَابي الصغير"... وصولاً إلى طور "الشركة العولمية العابرة" لا يتورع عن سرقة الأفراد والشعوب والأوطان والمقدرات الخاصة بهم؟!!
***** 
 
إن المشروع الاغتصابي والاستيطاني "الصهيوني الإسرائيلي" لفلسطين، يرتدي ظاهرياً المسوح العقدي والهوياتي؛ لترسيخ وجود ما تسمى" الدولة اليهودية"، في وسط تشكيلة مصطنعة يجري ترتيب الظروف لإشهارها لاحقاً مهما كانت المتغيرات من التكوينات الهوياتية العرقية والعقدية المذهبية.

 ووفق هذا السيناريو ستتشكل خريطة "الشرق الأوسط الجديد"  العقدي العرقي الهوية، تتوسطها الدولة اليهودية؛ وفي القلب "القدس/ أو بالعبرية حسب ويكيبديا: יְרוּשָׁלַיִם يِروشالَيم - أورشليم"؛ وسط المحيط الحاف بهذه الدولة العرقية؛ ويكون من الدول الصغيرة السنية والشيعية، والكردية والعلوية، والأمازيغية والنوبية، والمسيحية؛ و ... و ... إلخ مما تحتفظ به السيناريوهات المختبئة في الأدراج!!
***** 

إن الرهان الأميركي في مرحلته الرأسمالوية العولمية مع "قرار ترامب" بانتزاع القدس وتحويلها إلى "أورشليم" يرتكن إلى اليقين بأن فعالية المواجهة المضادة لن تكون ناجعة؛ كما حدث في مواجهة "وعد بلفور"؛ فقد لقيت الجيوش العربية المهترئة بفعل الخيانة والفساد التسليحي آنذاك الهزيمة من العصابات الصهيونية المدعومة بالأسلحة، والمحمية من القوة العسكريتارية الجوية البريطانية.
 
 وفضلاً عن ذلك وجود ما لا يجري الكشف الفاضح عنه للدور المخزي "المسكوت عنه" عمداً بالتضليل لما تسمى "جماعة الإخوان المسلمين"؛ والخاص بالقرار المشبوه المفاجئ الذي اتخذه "حسن البناء"، بسحب المقاتلين المنتمين للجماعة من أرض المعارك فور وصول الجيوش العربية إلى فلسطين؛ في حرب كانت تحتاج إلى نمطية حروب العصابات؛ وليس بكتل الجيوش النظامية من دون طيران حربي يدعمها؛ لأن العصابات اليهودية كانت تتمركز في مواقع يسهل الدفاع الفردي عنها بالمدافع؛ وكانت تحتاج إلى نمط المواجهة الفدائي.
 

 
القرضاوي ينفي ضرورة الجهاد في فلسطين المحتلة
 
 

 
كتابتي السابقة التي تكشف دور حسن البناء في إضاعة فلسطين
 
"حسن البناء" - وقد سبق أن قدمت تفكيكاً لقراره المشبوه ذلك - لم يكن يسعى لتحقيق الانتصار الحاسم على العصابات الصهيونية؛ وإنما اتخذ المشاركة غطاءً لتكوين ميليشياته العسكرية؛ فأصدر أوامره بإعادتها إلى مصر؛ بعد أن تلقت التدريبات محليا وميدانيا، ومارست العمل القتالي في أرض المعارك. والأمر هنا لا يسعي لكشف "الوجدان اليهودي" للبنَّاء؛ الذي يجعله يصف اليهود في كتابه "أحاديث الثلاثاء" بأنهم "جنس انحدر من أصول كريمة"؛ ويقول بفجاجة أن" وطنهم الأصلي فلسطين"!!!   
 
إن ما يدعم هذه القراءة التفكيكية على هامش اغتصاب القدس رسمياً بالفعل الأميركي؛ هو استحضار الأدلة التي تنفي الطابع العقدي عن هذه المسألة؛ وتكشف كيف أن ما توصف توهماً بتنظيمات وجماعات الإسلام السياسوي والجهادوي... ليست سوى "بيادق" يلعب بها الراعي الإمبريالي الأميركي على الرقعة في إطار حالته العولمية.

فهذا التصور المعمم شعبوياً  تجاه " أسرلة وصهينة القدس" وحتى – من المؤسف - نخبوياً بأنه يأتي تلبية لتحقيق مشروع عقدي خاص باليهودية؛ هو من دون شك يخفي ما هو في حقيقته يمثل التوظيف السياسوي حسب "فقه الحالة"؛ ليتواءم مع مواصفات وعناصر الجغرافيا الثقافوية المتمكنة من عنق عقل ووجدان أهل المنطقة؛ والتي تهيمن عليها وجدانيات و"فكرانيات" الماضوية المطلقة في النظر إلى الحياة والوجود، والفعل وقوانين الحركة بها من منظور "الحلال والحرام"؛ ومشروعات التمكين بنمط المغالبة والتصارع السياسوي لتحقيق الغلبة العقدية.   

لذلك يستدعي ذلك العقل النخبوي المهيمن في المنطقة من مخزونه الماضوي فكرة المسلكية "الجهادوية"؛ ليتشكل منها ما يُسمى "الإسلام السياسوي"؛ والذي نشأ انطلاقاً من الفكر البنَّائي المنتسب إلى "حسن البنَّاء" ونسقه "الماسوني" و "الخوارجي" في بناء جماعته المتأخونة وتنظيمها الدولي؛ برعاية الغرب الرأسمالوي التقليدي والمعاصر؛ واحتضانها لتنمو وتنتشر وتتوحش؛ أداة من أدوات ذلك الغرب ومشروعه المتنامي وصولاً إلى تحقيق المرحلة العولمية.
 
ان ما جرى استيلاده من أنماط "القاعدة" و"داعش"... وقس على ذلك كل التنظيمات "العقدية الإرهابوية" المسلك، التي تتوجه أساساً إلى داخل دول المنطقة؛ تدميراً وإسقاطاً لأنظمة الدولة بها من أجل تعميم الفوضى في الخريطة؛ فإنما تتغافل عمداً عن المستهدف الحقيقي المفترض أن تقوم به في فلسطين المحتلة؛ لتحريرها الوجوبي المفترض من "اليهود الصهاينة".
 
 غير أن هذه التنظيمات خاصة "الجماعة المتأخونة"؛ لا تفعل ذلك ارتكانا إلى المشروعية المنتحلة الفاسدة التي اخترعها الدجالون العقديِّون؛ ممن يُبيحون إفتاءً ضرورة مواجهة الجيوش الوطنية اقتتالاً؛ وقتل المواطنين المسلمين بما يُسمى كذباً "الجهاد" داخل أوطانهم؛ فيما يُحرِّمون القيام بذلك التكليف في فلسطين المغتصبة من "الصهاينة"؛ والدليل الفاضح على ذلك ما أفتى به المتأخون الهَرِم "يوسف القرضاوي" في تصريحه الشهير خلال محاولة هدم الدولة السورية من "تحريم الجهاد" في فلسطين لانعدام ضرورته الراهنة؛ سالكا بذلك نهج مرشده المؤسس "حسن البناء" كما فعلها في العام 1948م بسحب المقاتلين من مواقع المعارك لحماية " الصهاينة "، بقوله " الطريق الى القدس لا بد أن يمر عبر القاهرة "!!!
 
*****
 
ومن هنا يبدو حجم الإشكالية الراهنة الخاصة بالقدس العاصمة الفلسطينية التاريخية بمفرداتها الدينية؛ وخطورة الاغتصاب الذي مارسه دونالد ترامب لها بناء على حسابات استراتيجاوية رأسمالوية في الأساس تحكمت في استصناع الدولة الصهيونية، وهاهي تنتزع قصراً العاصمة القديمة؛ لتحول تسميتها من "القدس" إلى "أورشليم"؛ فيتحقق "سيناريو العولمة" في المنطقة؛ لأن التحرك الرسمي من أجل فلسطين محكوم بالاتفاقيات الموقعة والناظمة لتدخل الجيوش إذا حدث خلل في الالتزام ببنودها.
 
غير أن الأهم والمخزي بالنسبة للتنظيمات العقدية المتسيسة هو أن "الجهاد العقدي" مرفوع من الخدمة في فلسطين حسب ما أفتى به “القرضاوي” على نهج مرشده الأول"حسن البناء" !! 

                                                 "رأفت السويركي"

 

--------------------------
 

الأحد، 26 نوفمبر 2017

عملية تفجير "مسجد الروضة"... أولئك هم القتلة الفجرة!!

عملية تفجير "مسجد الروضة"... أولئك هم القتلة الفجرة!!
--------------------------------------------------
التفجير الإرهابي الساقط يستهدف مسجدا
للمرة الاولى في مصر، والصور من شبكة الإنترنيت.
 

في رحاب الرحمة كانوا يقفون لآداء شعيرة الجمعة المباركة؛ هم مسلمون مؤمنون؛ ينطقون الكلمات المباركة؛ ويرجون الرحمة من الخالق جل جلاله وعلا؛ هم زمرة من المصريين الذين كانوا على موعد مع الشهادة، في بيت من بيوت الله التي يذكر فيها اسمه، وتخفق في صدورهم القلوب لذكره، وهم مطمئنون جلوسا أو وقوفا داخل "مسجد الروضة" في منطقة بئر العبد بسيناء؛ سيناء تلك الأرض التي كلم الله فيها موسى عليه السلام تكليما.
 
*****
 
كانوا في هذه الرحاب الإلهية يلبون النداء؛ وقد سعوا إلى ذكر الله؛ قبل وبعد أن نودي للصلاة من يوم الجمعة. اغتسلوا للطهارة ونظافة الجسد؛ وجلسوا يغتسلون من الذنوب؛ ويعمرون القلوب الراجية؛ ولكن كان إخوان الشياطين هناك خارج المسجد يتربصون؛ فكل إرهابي هو من "إخوان الشياطين"؛ لأنه رضع من أفكار الضلالة أننا نعيش حالة الجاهلية الحديثة؛ كما تعمد في أقبيتهم السوداء بالقسم على المصحف والسيف؛ ليصبح متوهما أنه صار مجاهدا؛ فخرج أعمى البصر والبصيرة؛ لا يدرك حرمة قتل النفس التي خلقها الله؛ ولا يتورع عن ممارسة القتل الغبي بالمفخخات لجموع المصلين؛ وأين؟ في المساجد؛ فهو حسب ما تجرعه من ضلالات الموروث الفاسد من الفكر القطبي وما شابه؛ ينظر إلى كل المساجد في الديار التي يعتبرونها كافرة بأنها تماثل نوعية المسجد الضرار ؛ لذلك بدأوا في ممارسة تحول نوعي عملياتي فيفجرون المساجد حسب قناعاتهم الفاسدة المخبوءة تلك !!
 
دماء الضحايا الشهداء داخل المسجد.
 
إن هذه العملية الإجرامية الإرهابية النوعية الجديدة والتي وقعت في مسجد الروضة بالعريش؛ بلغ حصاد ضحاياها حسب الرصد الرسمي: استشهاد 305 أشخاص بينهم 27 طفلاً كانوا برفقة ذويهم، وإصابة 128 آخرين؛ وذكر بيان النائب العام المصري المستشار نبيل صادق النائب العام، "أنه عند بدء إلقاء خطيب مسجد الروضة الكائن بقرية الروضة بمنطقة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء لخطبة صلاة الجمعة، فوجئ المصلون بقيام عناصر تكفيرية يتراوح عددهم ما بين 25 إلى 30 عضوا تكفيريا يرفعون علم داعش واتخذوا مواقع لهم أمام باب المسجد ونوافذه البالغ عددها 12 نافذة، وأن الإرهابيين كانوا يحملون الأسلحة الآلية، وأطلقوا الأعيرة النارية على المصلين، وتبين أنهم حضروا مستقلين 5 سيارات دفع رباعي، وقاموا بإحراق السيارات الخاصة بالمصلين وعددها 7 سيارات".
 
كما تناقلت المواقع الإخبارية معتمدة على التحريات الأولية “أن مرتكبى الحادث زرعوا العبوة قبل موعد صلاة الجمعة، وأثناء انتهاء الصلاة قام شخص يحمل جهاز تحكم عن بعد بتفجير المكان باستخدام مواد شديدة الانفجار” تحقيقا لوقوع أكبر عدد من الخسائر.
 
العبوة الناسفة خارج المسجد جرى تفجيرها عن بعد.
 
وأوضح الشهود ـ حسب المواقع الإخبارية ـ أن الإرهابيين - أضرموا النار في سيارات المصلين؛ ثم قاموا مع إطلاق الرصاص بقطع الطريق المؤدية إلى قرية الروضة في شمال سيناء؛ وبعد ذلك هربوا مستخدمين سيارات الدفع الرباعي.
 
إن هذه النوعية الجديدة من النمط الإرهابوي بالتحول إلى استهداف المساجد بعد أن فعلوا ما فعلوه بالاعتداء الفاجر على “الكنائس” من قبل؛ يعني:
 
** أولا: بداية تصعيد نوعي جديد في وتيرة إرهابهم؛ بتوسيع مجال النوعية وهنا ستكون الخسائر أكثر فداحة؛ باستهداف المسلمين الآمنين في بيوت الله نفسانيا أنهم لا يمكن أن يستهدفوا من إرهابي يدعي أنه يجاهد في سبيل الله؛ فيما هو من شياطين الإنس.
 
** ثانيا: إن هذا التطور العملياتي؛ قد يحاول صناعة توهم لدى قوات الشرطة والجيش بأن استهداف تمركزاتهم قد تحول إلى المدنيين؛ ثم إحداث المباغتة لهم بعمليات نوعية جديدة.
 
** ثالثا: إن نتائج المواجهات الحربية معهم أحدثت خسائر كبيرة؛ ما يدفعهم للتغيير العملياتي في أرض متسعة بطول الوطن لتصير دور عبادة المسلمين مثل دور عبادة المسيحيين من قبل هدفا سهلا.
 
** رابعا: إن هذا التحول النوعي قد يعني بداية التكريس لما يوصف بحروب العصابات التي تهز استقرار المجتمع وتنمي مشاعر القلق الداخلي به والخارجي منه؛ أي صناعة صورة لا تتغير بأن مصر صارت بلدا غير آمن؛ وما يترتب على ذلك من تعطيل خطط التغيير الاقتصادوي وتحديث بنية الدولة الجارية مشروعاتها راهنا.
 
** خامسا: إن هزيمة التيارات الإرهابية وانقضاء دورها في العراق وسوريا؛ سيوفر عناصر جديدة من فوائض القوة الغاشمة؛ التي وضعت السيناريوهات الاستخباراتية لنقلها إلى الأراضي المصرية في إطار مخطط إنهاك هذه الدولة؛ وجعلها غير مستقرة؛ بما قد يتطور وفق السيناريوهات المتغيرة لمخطط الشرق الأوسط الجديد؛ والذي تمثل مصر ثمرته الأثمن على الشجرة!
 
** سادسا: الدولة المصرية إذن بكل أجهزتها السياديوية تحتاج إلى تنفيذ المخططات الجبرية؛ لمواجهة هذا التحول العملياتي الخطير في منطقة العمليات بسيناء؛ وكذلك في كافة المناطق داخل الخريطة من دون استثناء.
 
*****

لا يملك المرء أمام دناءة هذا العمل الإرهابوي وخسته من وصف لهؤلاء “القتلة الفجرة” سوى تذكر قول الله في قرآنه الكريم الذي ورد في سورة عبس: ( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ )؛ وهم حقا كذلك؛ ورحم الله شهداء مصر ؛ وأسكنهم في جنات النعيم؛ أما هؤلاء الإرهابيون من إخوان الشياطين؛ فموعدهم بإذن الله جهنم وبئس المصير؛ فهم إلى الجحيم سيمضون ( إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ).
                              
                                                         "رأفت السويركي"
 
 
 ----------------------------------

الخميس، 23 نوفمبر 2017

يدَّعون الجهادية... والقتل طريقهم إلى الجنة في "إسلام مغربي"!!


يدَّعون الجهادية... والقتل طريقهم إلى الجنة
 
في "إسلام مغربي"!!
 
-------------------------------------------------------
 
 

هذه الأمة في حقيقة الأمر منتكبة منذ قرون طويلة بجانب كبير من موروثها السياسوي في مجال الفهم المغلوط للعقيدة؛ نتيجة وقوع عقلها النخبوي تاريخويا في جب ماضوية الإدراك والانتماء؛ رافضة النزوع للحداثة العقلانية إلا فقط في جانبها الاستهلاكوي؛ السيارة والتلفاز والهاتف الذكي؛... ؛...؛ إلخ.


فهذه الأمة المريضة بالماضي؛ لا تزال لم تفهم لماذا كان الماضي جميلاً حقاً باقتدار؛ وموضعاً للتفاخر فعلاً في حينه؛ حين كانت في زمان الماضي هي في الحضور "أمة القرآن" فقط؛ أي الأمة التي يهيمن على وجدانها وتفكيرها النص السماوي الخالص المقدس؛ وقرنا بعد قرن نازعت ذلك القرآن في القداسة مرويات بشرية منتسبة قصراً وجبرا إلى الرسول الأكرم "ص"؛ على الرغم من مطلبه عدم الكتابة قولاً عنه، سوى ما تلقيه السماء على قلبه؛ ويمليه هو محكوماً بوثوقية الآية الكريمة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) "الحجر- 9".
 

وهذه الظاهرة الرواياتية المقتحمة لرحاب النص القرآني المقدس غلبت الفهوم المرتهنة لزمنها؛ وغرضيات رواتها العرقية والمذهبية؛ وانتماءاتهم السياسوية والدنيوية؛ لتنتج كثيراً من الظواهر الفاسدة التي تسئ إلى حقيقة وجوهر رسالة السماء.
 

*****


ولعل ظاهرة ما تُسمى مغالطة ومخادعة بــ "السلفية الجهادية"؛ تمثل مأزقا حقيقيا ضاراً بعقيدة السماحة والسلام؛ فهذه الماضوية المدعاة انتساباً إلى السلف الصالح، تعكس المأزق الحضاري الذي يأخذ بخناق صورة العقيدة الصحيحة سياسوياً؛ ويضعها في موقع المعادل الموضوعي لفعل الإرهاب؛ بقتل النفس التي حرم الله؛ وإهلاك الزرع والضرع.

 
وما كشفته المقابلة التلفازية الأخيرة مع الإرهابي الليبي عبد الرحيم محمد عبد الله المسماري؛ أحد المتورطين في حادث الواحات بمصر من ضلالات فكرانية تهيمن عليه وأمثاله؛ فإنها تدل على تلك الغيبوبة التاريخانية التي يعيش فيها العقل النخبوي الماضوي المتفيقه؛ وهو يمارس التأويل الفاسد؛ فيقتل بالتفخيخ والاقتناص والاغتيال مسلمين أقحاحاً؛ بدعوى أنهم كفار يعيشون في عصر الجاهلية الحديثة التي تطال بالكفرانية كل العباد في بلدان العبادة.


*****

موقع التنوير الإسلاموي المميز "إسلام مغربي" نشر تدوينتي التي فككت خلالها خطاب العقل النخبوي العقدي الإرهابوي؛ لكشف مخادعة قتلهم الأبرياء ممن يحمون أمن الأوطان، فيما يتوهم القتلة الموصفون بـ " السلفية الجهادية" أن الجنة ستكون مستقراً موعوداً لهم وفق الرابط التالي.

 

                                                    "رأفت السويركي"

-----------------------------------------
فهذه الأمة المريضة بالماضي؛ لا تزال لم تفهم لماذا كان الماضي جميلاً حقاً باقتدار؛ وموضعاً للتفاخر فعلاً في حينه؛ حين كانت في زمان الماضي هي في الحضور "أمة القرآن" فقط؛ أي الأمة التي يهيمن على وجدانها وتفكيرها النص السماوي الخالص المقدس؛ وقرنا بعد قرن نازعت ذلك القرآن في القداسة مرويات بشرية منتسبة قصراً وجبرا إلى الرسول الأكرم "ص"؛ على الرغم من مطلبه عدم الكتابة قولاً عنه، سوى ما تلقيه السماء على قلبه؛ ويمليه هو محكوماً بوثوقية الآية الكريمة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) "الحجر- 9".

وهذه الظاهرة الرواياتية المقتحمة لرحاب النص القرآني المقدس غلبت الفهوم المرتهنة لزمنها؛ وغرضيات رواتها العرقية والمذهبية؛ وانتماءاتهم السياسوية والدنيوية؛ لتنتج كثيراً من الظواهر الفاسدة التي تسئ إلى حقيقة وجوهر رسالة السماء.

فهذه الأمة المريضة بالماضي؛ لا تزال لم تفهم لماذا كان الماضي جميلاً حقاً باقتدار؛ وموضعاً للتفاخر فعلاً في حينه؛ حين كانت في زمان الماضي هي في الحضور "أمة القرآن" فقط؛ أي الأمة التي يهيمن على وجدانها وتفكيرها النص السماوي الخالص المقدس؛ وقرنا بعد قرن نازعت ذلك القرآن في القداسة مرويات بشرية منتسبة قصراً وجبرا إلى الرسول الأكرم "ص"؛ على الرغم من مطلبه عدم الكتابة قولاً عنه، سوى ما تلقيه السماء على قلبه؛ ويمليه هو محكوماً بوثوقية الآية الكريمة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) "الحجر- 9".

وهذه الظاهرة الرواياتية المقتحمة لرحاب النص القرآني المقدس غلبت الفهوم المرتهنة لزمنها؛ وغرضيات رواتها العرقية والمذهبية؛ وانتماءاتهم السياسوية والدنيوية؛ لتنتج كثيراً من الظواهر الفاسدة التي تسئ إلى حقيقة وجوهر رسالة السماء.

*****

ولعل ظاهرة ما تُسمى مغالطة ومخادعة بــ "السلفية الجهادية"؛ تمثل مأزقا حقيقيا ضاراً بعقيدة السماحة والسلام؛ فهذه الماضوية المدعاة انتساباً إلى السلف الصالح، تعكس المأزق الحضاري الذي يأخذ بخناق صورة العقيدة الصحيحة سياسوياً؛ ويضعها في موقع المعادل الموضوعي لفعل الإرهاب؛ بقتل النفس التي حرم الله؛ وإهلاك الزرع والضرع.

وما كشفته المقابلة التلفازية الأخيرة مع الإرهابي الليبي عبد الرحيم محمد عبد الله المسماري؛ أحد المتورطين في حادث الواحات بمصر من ضلالات فكرانية تهيمن عليه وأمثاله؛ فإنها تدل على تلك الغيبوبة التاريخانية التي يعيش فيها العقل النخبوي الماضوي المتفيقه؛ وهو يمارس التأويل الفاسد؛ فيقتل بالتفخيخ والاقتناص والاغتيال مسلمين أقحاحاً؛ بدعوى أنهم كفار يعيشون في عصر الجاهلية الحديثة التي تطال بالكفرانية كل العباد في بلدان العبادة.

*****

موقع التنوير الإسلاموي المميز "إسلام مغربي" نشر تدوينتي التي فككت خلالها خطاب العقل النخبوي العقدي الإرهابوي؛ لكشف مخادعة قتلهم الأبرياء ممن يحمون أمن الأوطان، فيما يتوهم القتلة الموصفون بـ " السلفية الجهادية" أن الجنة ستكون مستقراً موعوداً لهم وفق الرابط التالي.

"رأفت السويركي"

فهذه الأمة المريضة بالماضي؛ لا تزال لم تفهم لماذا كان الماضي جميلاً حقاً باقتدار؛ وموضعاً للتفاخر فعلاً في حينه؛ حين كانت في زمان الماضي هي في الحضور "أمة القرآن" فقط؛ أي الأمة التي يهيمن على وجدانها وتفكيرها النص السماوي الخالص المقدس؛ وقرنا بعد قرن نازعت ذلك القرآن في القداسة مرويات بشرية منتسبة قصراً وجبرا إلى الرسول الأكرم "ص"؛ على الرغم من مطلبه عدم الكتابة قولاً عنه، سوى ما تلقيه السماء على قلبه؛ ويمليه هو محكوماً بوثوقية الآية الكريمة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) "الحجر- 9".

وهذه الظاهرة الرواياتية المقتحمة لرحاب النص القرآني المقدس غلبت الفهوم المرتهنة لزمنها؛ وغرضيات رواتها العرقية والمذهبية؛ وانتماءاتهم السياسوية والدنيوية؛ لتنتج كثيراً من الظواهر الفاسدة التي تسئ إلى حقيقة وجوهر رسالة السماء.

*****

ولعل ظاهرة ما تُسمى مغالطة ومخادعة بــ "السلفية الجهادية"؛ تمثل مأزقا حقيقيا ضاراً بعقيدة السماحة والسلام؛ فهذه الماضوية المدعاة انتساباً إلى السلف الصالح، تعكس المأزق الحضاري الذي يأخذ بخناق صورة العقيدة الصحيحة سياسوياً؛ ويضعها في موقع المعادل الموضوعي لفعل الإرهاب؛ بقتل النفس التي حرم الله؛ وإهلاك الزرع والضرع.

وما كشفته المقابلة التلفازية الأخيرة مع الإرهابي الليبي عبد الرحيم محمد عبد الله المسماري؛ أحد المتورطين في حادث الواحات بمصر من ضلالات فكرانية تهيمن عليه وأمثاله؛ فإنها تدل على تلك الغيبوبة التاريخانية التي يعيش فيها العقل النخبوي الماضوي المتفيقه؛ وهو يمارس التأويل الفاسد؛ فيقتل بالتفخيخ والاقتناص والاغتيال مسلمين أقحاحاً؛ بدعوى أنهم كفار يعيشون في عصر الجاهلية الحديثة التي تطال بالكفرانية كل العباد في بلدان العبادة.

*****

موقع التنوير الإسلاموي المميز "إسلام مغربي" نشر تدوينتي التي فككت خلالها خطاب العقل النخبوي العقدي الإرهابوي؛ لكشف مخادعة قتلهم الأبرياء ممن يحمون أمن الأوطان، فيما يتوهم القتلة الموصفون بـ " السلفية الجهادية" أن الجنة ستكون مستقراً موعوداً لهم وفق الرابط التالي.

"رأفت السويركي"