الثلاثاء، 31 أكتوبر 2017

تفكيك العقل النخبوي المتنشط افتراضويا(79 ) نخب "ول ول ول" حين تمارس الشماتة... تغيير القيادات العسكرية نموذجا!!

تفكيك العقل النخبوي المتنشط افتراضويا(79 )
 
نخب "ول ول ول" حين تمارس الشماتة

... تغيير القيادات العسكرية نموذجا!!
----------------------------------------------------------
 
قرارات عليا في الحقل العسكريتاري يلعب عليها
 المتأخونون والمتادلجون والمتنشطون بمسلكية الولولة الفاسدة. 
 
انتكبت مصر في زمنها الراهن بنوعية من النخب المتنشطة افتراضويا عبر "فيس بوك" و "تويتر"؛ التي كما يبدو إن تفكرت... كشفت عن فساد ماكينات التفكر لديها؛ وإن تكلمت... طفح القيح من بين أسنانها؛ و إن كتبت... فاحت أنتان - جمع نتن - الكلمات من بين حروفها؛ وإن نظرت... فضحت صور وجوهها مكنون الخبث المختبئ في تلافيف باطنها المريض بمتلازمة الحقد على الدولة المصرية.
 
هذه النوعية التي لا رجاء من صلاح مسلكياتها؛ وتضم المتأخونين والمتأدلجين من رواد مقاهي النظرية والمتنشطين من أعضاء جمعيات رعايا الاستخبارات الرأسمالية؛ تقدم صورة بينة لطبيعة النخب الهشة؛ إذ تتعالم وهي أبعد ما تكون عن العلم؛ وتتفاصح وهي أَرْدَأَ ما تكون في التعبير؛ ويتضح ذلك العياء حين تقحم نفسها في التعليق والتفسير التآمري على بعض القرارات السيادية للدولة، ونظام إدارتها، واستراتيجيات فعلها في إدارة الأزمات التي تفرض عليها منذ انتكابها بفوضى يناير 2011م.
 
*****
 
وإذا كانت هذه النخب الموتورة تصنف في مربع النخبوية؛ بحكم انتمائها إلى مواقع إعلاموية أو ثقافوية أو سياسوية؛ وكلها مواقع تتطلب توافر مهارة القراءة، وتحصيل المعلومات قبل الكتابة أو التصريح؛ فإن كثيرا من عناصرها لا يكلف نفسه عناء جمع المعلومات قبل التصدي للكتابة أو الإشهار؛ لكي تكون مواقفه مقامة على أرضية موثوق بها حين التحليل وإبراز الآراء.
 
ولعل ردود فعل تلك النخب تجاه القرارات الأخيرة، بتغيير بعض شاغلى المواقع العسكرية والأمنية المصرية، التي أعلن عنها مؤخرا عقب الحادث الإرهابي في الكيلو 135 بطريق الواحات... تكشف الزيف الهائل الذي يهيمن على عقلية هذه النخب؛ إذ انبرت في التعقيب على بعض تلك القرارات بطرق فجة لا تدعو لاحترامها؛ حيث كشفت خواءها المعلوماتي وفضحت أحقادها المرضية؛ فضلا عن شعبوية تفكيرها؛ وانفصامها الكبير عن منهجيات تحليل الموقف؛ وفقدانها المعرفة بعلوم ومناهج دراسات الحالة!
 
واجتنابا لحساسيات الإشارة لخطابات بعض هذه النخب؛ فإن التدوينة الراهنة ستتجاوز إشهار أسماء ذلك البعض؛ ممن يتمركزون في الفضاء الافتراضي، بكتابات وفقرات وعبارات وبرامج تلفازية، تدور حول تلك القرارات السيادية التي بنيت على دوافع الضرورة، وإدارة الأزمة.
 
*****
 
إن انتساب هذه النخب، أو ادعائها بالانتماء إلى ما يسمى وهما المعارضة؛ هو من نوع المخادعة؛ لأن المعارضة الوطنية الشريفة لا يمكن أن تكون ممارسة مظهرية وشكلانية فقط من أجل المعارضة؛ إذ ينبغي أن تتكئ إلى حقائق الموضوعية، وتضع في تقديرها طبيعة المجال الوطني الحيوي الذي تعارض من أجله؛ بحيث لا تتناقض مع السلطة القائمة في الثوابت الجوهرية؛ أي سلامة الوطن وأمنه الوجودي؛ وإلا فهي بذلك تقف في موقع العداوة في الأساس مع الوطن؛ قبل ادعائها معارضة سلطة إدارته.
 
فحين تتخذ رئاسة الدولة بصفتها القيادية للقوات المسلحة قرارات هيكلية ما بتغيير مواقع بعض القيادات العسكريتارية العليا؛ فذلك الفعل يكون مدفوعا بفكر إدارة الأزمة؛ أي أزمة الدفاع عن الوجود الحيوي ضد الإرهاب المتجاوز للوطنية ويستهدف تفتيت مصر، وإغراقها في أبحر من دماء الاقتتال؛ لذلك تأتي قرارات التغيير من هذه النوعية تحقيقا لنهج إعادة ترتيب الأدوار عمليانيا؛ في إطار تطوير نمط الفعل المستخدم ضمن استراتيجيات معالجة الأزمات التي تتهدد أمن الوطن.
 
وإذا كانت تلك القرارات ذات نهج هيكلي كبير؛ فإن لها ما يبررها من الضرورة؛ ومتعارف على استخدامها نمطيا في جميع المؤسسات العسكريتارية وفق قاعدة العقيدة الوطنية للجيوش؛ وتنشيط الفكر القيادي بها.
 
*****
 
إن ارتقاء الأفراد لدرجات السلم القيادي في هذا الحقل الخاص لا يحدث فعل خبط عشواء؛ وإنما هو نتيجة مشتركة، تجمع ما بين الجهود الفردانية الذاتوية للفرد والبرامج المؤسساتية الاحترافية، الموضوعة في برامج الإعداد التخصصي للأفراد ضمن فنون الحقل العملي العسكريتاري؛ ولا تخضع تلك الأمور على وجه الإطلاق للأهواء والأمزجة الفردانية من إدارة الدولة؛ نظرا لخصوصية تلك المواقع وارتباطها بالفكر العملياتي الحربي؛ والذي يحتاج أساسا إلى توافر مواصفات وقدرات احترافية لدى شاغلي مواقع القيادة الفنية في الجيوش كقادة الأسلحة والأركان.
 
الفريق محمد فريد حجازي
رئيساً جديدا لأركان القوات المسلحة المصرية.

 
وفي هذا الإطار يأتي قرار تعيين رئيس الأركان السابق للجيش المصري محمد إبراهيم محمود حجازي في موقع جديد، مستشارا لرئيس الجمهورية المصرية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، بعد ترقية اللواء أركان حرب محمد فريد حجازي إلى رتبة الفريق، وتعيينه رئيسا جديدا لأركان حرب القوات المسلحة.
 
وإذا كانت تلك القرارات تم الإعلان عنها في ضوء مناخ العمليات الإرهابية النوعية الأخيرة؛ فإنه لا ينبغي لأحد الادعاء بأنه يعلم الدوافع المضمرة أو التكتيكات المرتبطة باتخاذ تلك القرارات؛ بحكم طبيعة الضوابط الاستراتيجاوية الحاكمة في البيئة العسكريتارية؛ والتي تقوم على قاعدة الإخفاء والتمويه والتعمية.
 
لذلك فإن تهافت وانهيار فكر تلك النخب الهابط لا يجعلها تدقق في خطابها؛ أو تتحوط في التفسير لمدلول تلك القرارات السيادية؛ لأنها غير شريفة المقاصد؛ وتنتهز ما تتيحه نتائج وطبيعة بعض العمليات الإرهابية المباغتة لممارسة مسلكيتها الشعبوية المتأصلة بالعشوائية؛ فتكتب على أساس من عدم إدراك لفنون ومقتضيات الضرورة وقوانين إدارة الجيوش؛ وتنظيم آليات عملها الاستراتيجي والميداني؛ وتتجاهل ضرورات الحفاظ على ثوابت آليات اليقظة في الفكر العسكريتاري، ونمطية البرامج ووجوبية الاستعداد للمتغيرات العملياتية؛ حتى وإن تحققت بعض النتائج المؤقتة غير المرضية.
 
إن تعيين قيادات الأسلحة والأفرع والفرق في الجيوش؛ لا يخضع مسبقا لعلاقات القرابة والمصاهرة، أو للأهواء الشخصية، والصداقة والاستحسان؛ درءا واجتنابا للفشل الذي لا معنى له عسكريتاريا سوى الهزيمة؛ والعسكري الوطني قائدا وجنديا لا يقبل بالهزيمة؛ لأنها عار قائم لا يغسله سوى الانتصار في جولة لاحقة أو نهائية. 
 
*****
 
 
استعدادات لا تتوقف لمواجهة الاٍرهاب العابر للحدود.
 
 
صاحب الموقع القيادي في الجيوش تحديدا؛ والأجهزة الأمنية بالتبعية يصل إلى موقعه الوظيفي نتيجة لجهود الإعداد والدورات التخصصية الحرفية التي خاضها في الفن والعلم العسكريين؛ وهذا ما يحكم عمليات الارتقاء؛ ويتحكم في استمرار أو انقطاع مسيرة الشخص في الموقع القيادي.
 
إن استمرار أو انقطاع دور عنصر معين في الموقع القيادي بالجيوش؛ يكون مرتهنا شرطا بحكم الانتصار، أو الإخفاق الذي يحققه في مجاله القيادي؛ فضلا عن التغير الاستراتيجي في النمط العملاني؛ الذي قد يقتضي وجود نمط قيادي مغاير للنمط الذي يتولى العمل قبل التغيير، بناء على تحليل الخرائط الميدانية في غرف العمليات، وفعالية نمط العمل الميداني المستخدم في إدارة العمليات على الأرض، ومعدل نتائجه نجاحا أو إخفاقا.
 
لذلك فإن تفكيك الخطاب النخبوي المتأخون ونظيره المتأدلج وثالثهما المتنشط؛ يفضح هذا العقل المتعدد الانتماء، ويزيل الغطاء عن عواره الدفين؛ حيث انشغلت تلك العقول بتعميم تفسيرات مريضة لتغيير قيادة الأركان المصرية؛ وأخذت تروج مهجوسة بمرض المؤامرة لتفسيرات معينة لذلك القرار؛ تخرج منطقيا عن النهج العلموي الواجب التزامه في التحليل السياسوي.
 
** أولا: حاولت هذه النخب الفاسدة التفكير أن توظف تقنية سيناريو الإثارة المستخدم في السينما الأميركية على ذلك القرار السيادي بالتغيير؛ وتناست ربط القرارات بالتغير النوعي العابر للحدود في نمط العمليات الإرهابية على الأرض، كما ظهر في حادث السطو النوعي للمرة الأولى على مقر فرع البنك في العريش بقافلة من العناصر الإرهابية المسلحة، وحادث طريق الواحات النوعي الذي استخدم فيه الإرهابيون أسلحة لا تتوافر للأفراد العاديين، ولكن للميليشيات مع إسناد تكنولوجي نوعي اتصاليا؛ فضلا عما جرى اكتشافه من اختراق جاسوسي، قام بنقل الخطة للإرهابيين، فأعدوا للعملية بطريقة مباغتة لفكر ونمط الاستعداد العملاني لقوات الشرطة التي تعرضت لهذه العملية.
 
وهذا ما يتطلب من الضرورة تغيير أنماط المواجهة مع الإرهاب القادم عبر الحدود بتفكير عسكريتاري جديد؛ وهي مسلكية متعارف عليها في كل جيوش العالم؛ فلماذا تمارس النخب هذه الضوضاء المفضوحة بفجاجة هنا إذن؟!
 
** ثانيا: واصلت هذه النخب المريضة الوجدان استخدام سيناريو المؤامرة في تفسير القرار؛ باعتباره حلقة من حلقات المتوهم المتأخون بتعمد الرئاسة المصرية تغيير طبيعة التركيب القياداتي للقوات المسلحة لأهداف شخصانية؛ ويتداعى هذا السيناريو سقوطا بتغافل المتأخونين العمدي عن طبيعية النمطية المتعارف عليها في تغيير أنماط القيادات الدوري؛ لتحقيق نتائج فضلى في العمليات، عبر تغيير الأفكار والاستراتيجيات والأفراد.
 
وفضلا عن ذلك، ينبغي التأكد اليقيني أن العلاقة الإنسانية العميقة الممتدة زمانيا بين كل تلك العناصر القيادية لا توفر بالمطلق مبررات شخصانية لتأكيد هذه الحالة المتوهمة من سيناريو المؤامرة؛ والدليل الإثباتي أن التغيير أجري على الرغم من عمق صلة القرابة.
 
كما ينبغي القياس في هذا العمل على معدل ونمط تعديل بنية المجلس العسكري، الذي أدار عملية حماية مصر بكفاءة فذة أيام فوضى يناير 2011م؛ وقد حدثت في هذاالمجلس تغيرات عديدة تلبية لمسببات لوجستية معروفة فيما يتعلق بقواعد التقاعد حسب الأنظمة المتبعة لدى الجيوش.
 
** ثالثا: حاولت هذه النخب الكذوبة الخطاب، تبرير وتعميق الإيحاء بأن قرار تغيير قيادة الأركان كان تلبية لترتيب أميركي من الرئيس ترامب لضمان استقرار بنية السلطة القيادية في الدولة؛ وهنا يعمم العقل النخبوي المتأخون طبيعة وجدان الخيانة المتأصل في تلافيفه بالإسقاط على من هم سواه ليتوازن نفسانيا؛ فالجماعة المتأخونة نشأت بترتيب استخباراتي بريطاني من “حسن البناء” وفق النموذج الماسوني؛ واحتضنتها لاحقا الاستخبارات الأميركية لتنفيذ مخططاتها في العهد الأوبامي؛ فلماذا لا يروج المتأخونون الإيحاء بتبعية الجميع للأميركيين. حقا إن اللص يعتبر الناس كلهم لصوصا مثله؛ والخائن يروج ظنا أن الجميع يمارس الخيانة؛ ليشعر هو ذاته بالتوازن النفساني!!
 
** رابعا: حاولت هذه النخب الساقطة الخطاب إخفاء تسعين في المئة من بقية قرارات التغيير القياداتي، التي طالت حقل الأمن الوطني المرتبط بالشرطة بعد عملية طريق الواحات، وقد أثبتت نتائجها حدوث الاختراق التجسسي من رعاة الإرهابيين؛ ولا تتحدث عنها كما تحدثت عن تغيير رئيس الأركان؛ لأنها لو فعلت ذلك لفقدت كل السيناريوهات المصطنعة التي تروج لها في إطار عملية تنميطها المتواصل للصورة السلبية للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يمثل الخصم التاريخي للجماعة المتأخونة ومحطم مشروعها التمكيني من مصر.
 
يقظة نوعية لمواجهة الاٍرهاب الجديد العابر للحدود في مصر.
 
وقد تناسى المتأخونون، أو يهربون من الحديث عمدا عن الآلية التي قدمت بها المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية بحرفية عبقرية القائد العسكري عبد الفتاح السيسي، فجرى تعيينه وزيرا للدفاع أيام تمكينهم من حكم مصر، ثم كشفوا عن مشروعهم الخبيث فأحدثوا فعلتهم الساقطة بإزاحة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان من التواجد في المؤسسة العسكرية المصرية؛ ظنا بأنهم سيتمكنون من الهيمنة بذلك على تلك المؤسسة الوطنية؛ ولكن خاب سعيهم شتى؛ لأنهم لا يعرفون بطبيعة الخيانة السياسوية المتأصلة لديهم أن الجندي المصري لا يخون بلاده ومؤسسته الوطنية مهما كانت المغريات.
 
*****

إن تفكيك خطاب نخب الولولة "ول ول ول" من النوعيات المتأخونة والمتأدلجة والمتنشطة، والتي تملأ الفضاء الافتراضي والفضائيات بضجيجها، وتولول بشماتة حين تعليقها على قرارات تغيير بعض القيادات العسكرية والشرطية المصرية؛ يكشف ولوجها في نفق الترويج للتفسير التآمري؛ وهذا يمثل نموذجا لمدى الرداءة التي انحطت اليها؛ وهي تغيب الفهم الصواب للوقائع؛ وتحقق استثارات فجة، تواصل بها ممارسة سلوكها النفعاوي الساقط من أية قيمة وطنية؛ لكن المسيرة الوطنية تمضي وهؤلاء لا يزالون يواصلون الولولة "ول ول ول" !!
 

                                                             "رأفت السويركي"
-------------------------------------
 
 
 
 
 
 

الأحد، 29 أكتوبر 2017

الأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْياناً... فأبصروا الشعر؛ لا تسمعوه!!
-----------------------------------------------------
قصيدتي البصرية “هي الشجرة... هذا النهر”.
 
 
قصيدتي البصرية “حادث القبض على الابيض”.
 
 
حين وضع الشاعر العبَّاسي المجدد بشَّار بن برد "الأذن" في موقعها الصحيح؛ كاشفا حضورها غير الحقيقي المعمم؛ فإنه يؤكد استثنائيتها حسب بيته الشعري الذي صار يجري في موقع مضرب الأمثال:
 
يا قومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا
 
بشار بن برد يُشْهِرُ بذلك مفهوماً مُغيَّباً في الثقافة العربية؛ التي اعتمدت تاريخياً على فرض الهيمنة الاتصالية للحنجرة والأذن؛ أي القول والقيل والقال؛ وتغييب الحضور الإبصاري؛ فصارت ثقافة العرب صوتية؛ تزدحم مُتُونُها بعمران ما كان مختلقاً ومكذوباً؛ وما هو منحول؛ ... إلخ من الاصطلاحات التي يدرك فقهها أهل اللغة.
 
*****
 
والمؤسف أن هذا الإخفاء العمدي لحق العين عربياً في استرداد حضورها الاتصالي تعبيرياً لا يزال يتواصل، ويتعمق حتى في العصر الحديث، عصر “هيمنة الصورة”؛ الذي اعتمد آلية “الكتابة/ الصورة” بديلاً عن نمطية الشفاهية والتلقينية؛ لذلك لا تزال الأنماط الشعرية الموصوفة بالتجديدية والتحديثية، تحافظ في زمن الطباعة على "أس" النبر، وإيقاعية الحرف المقول؛ ما جعل القصيدة العربية بنيويا تتسم بالغنائية؛ وتتحكم حتى بخناق الإيقاع الموسيقي النغمي المرافق.
 
والأشد والأنكى في تلك المسألة... أن ما تُسمى "قصيدة النثر" تحافظ أيضاً على البنية الإيقاعية الصوتية المنتحلة الخاصة بها؛ والمموسقة قولياً؛ حتى ولو لم تلتزم بوحدات الإيقاع الموسومة بالتفعيلة؛ باعتبارها ابنة مُهجَّنة من الفن القولي الشفاهي؛ وتخرج أيضاً من "جُبِّ" النبر، لتسوح في صحراء الإيقاع!!
 
*****
 
والسؤال الجوهري في هذه القضية هو: هل لدينا أقوى من العين أداة أساس أخرى؛ تشكل اتصالنا اللزومي بالموجودات في الحياة؟ أي تساعدنا في التعرف إلى المحيط بنا؛ والتعارف مع عناصره؛ بالتآلف والقبول والترافض؛ أو التآمن والتخاوف؛ والتحابب والتباغض؟!
 
إن عيننا في الحقيقة هي دليلنا الوجودي وقد ظلمناه -عربياً- ثقافوياً؛ وقمنا بتهميشه من أجل إعلاء شأن الحنجرة والأذن؛ تعظيما لآليات “الصناعة القطيعية” لإنتاج جماهير التبعية في التلقي المهيمن عليها عبر منبر الخطابة والميكروفون؛ فوقعنا في المأزق الحضاري؛ في أسر "سحر الصوت" على حساب "إشارة الرؤية"؛ لذلك وُلِدْنَا، ونضجنا وكبرنا على حضور "النبرة"؛ في “هدهدة” الأم لوليدها؛ في " زقزقة" العصفور فوق الشجرة؛ في مخادعة “ همسة” الشفاة بكلمة الحب؛ في “طنطنة” وهدير الصوت الرعدي لتمكين وتفعيل التحشيد السياسوي!!
 
لذلك لماذا لا نعيد للعين حضورها؛ مقدارها ومعيارها؛ لأننا نستهلكها، ونجهدها إلى أن يصيبها الكلل من طيلة النظر، والإعياء من التفرس؛ فنساندها بالمنظار الطبي للقراءة أو السير؟!
 
*****

تاريخنا التعبيري الثقافوي يضع الاستثناء عند أجمل اللحظات للأذن؛ معترفاً - وهذا هو المسكوت عنه – بهيمنة فعل العين أساسا في عملية العشق كما أكدها بشار بن برد؛ وهل هناك أجمل من العشق؟!
 
** هذه النقطة الفارقة كانت دافعاً ذاتوياً وشخصانوياً لخوض غمار تجربة إعادة الاعتبار الحضوري للعين في فعل التلقي الشعري؛ بمجموعة "قصائد بصرية"؛ بلغت العشرين قصيدة عدداً بخلاف ما لم تكتمل؛ وقد نشرت بعضاً منها في ثمانينات القرن الماضي، ضمن دورية "شؤون أدبية" الصادرة عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.
 
** في هذه "القصائد البصرية" التي لم أتدخل في عملية التعريف بمحمولها الشكلاني وكشف مرموزها تاركا ذلك الفعل للمتلقي، كان الشكل المتماهي مع الإيقاع التفعيلي يتغلب لإثبات “الشعرانية”؛ فيمتد بالمتلقي قصدياً زمن التلقي التأملي في متن الشكل بحثاً عن "مرموزات" الجسد الشعري في القصيدة؛ بدافعية تحاول الفكاك من أسر "النبر" الشفاهي المهيمن على النوع التعبيري. لأننا في الواقع نحيا في وجود كلي صوري؛ و”المشاهدة/ الرؤية” دلالة على إثبات وجود الحياة؛ لان انقطاع الإبصار بعد وجوده يعني بيولوجيا الدخول في حالة مغادرة الحياة بالموت؛ مع الإدراك أن كف البصر للبعض، يمثل الاستثناء الذي يؤكد صواب القاعدة حسب قول المناطقة.
 
** وقد يتساءل متسائل: ما ضرورة وجدوى تلك المغامرة التعبيرية؟ وقبل المحاججة رداً على تساؤله؛ فالأمر مرتبط بوجوبية إعادة الاعتبار إلى “العين العربية” ثقافوياً في عصور الإثبات اليقيني، بالدليل المنظور إليه بعد انقضاء “عصور الرواة”؛ والسؤال المقابل هو: لماذا كتبت العرب معلقاتها في زمن الشفاهية بماء الذهب وقامت بتأطيرها.
 
لقد ذكر ابن عبد ربّه في "العقد الفريد ": " بلغ من كلف العرب به - أي الشعر- وتفضيلها له أن عمدت إلى سبع قصائد تخيّرتها من الشعر القديم، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة، وعلّقتها بين أستار الكعبة..."؛ وهذا ما ذكره كذلك ابن رشيق وابن خلدون وسواهم. 
 
** ألا يدل فعل العرب ذلك على إدراكهم اليقيني بأهمية "ثقافة العين" التي كانت حاضرة لديهم؛ وكانت محل الإجلال؛ وآليات ممارستها كانت متواجدة فعليا على الرغم من تغييب خطابها لصالح الأذن والحنجرة؟! إن العلة في هذا الأمر تعود مسؤوليتها على عاتق الرواة؛ الذين أخفوا قصدا و عمدا من مروياتهم بغرض الحفاظ على وظائفيتهم ما يؤكد وجود الثقافة البصرية بعمق في حياة العرب!
 
*****
 
 
ومع تذكير "فيس بوك" لي بموعد إشهار قصيدتي البصرية "هي الشجرة... هذا النهر" على جداري؛ أعيد التفكير في سؤال مهم للغاية؛ هو: لماذا لا نبصر الشعر أيضاً قبل أن نسمعه؟ أليست الأذن تعشق قبل العين أحياناً؟!!
 
                                                                   "رأفت السويركي"
----------------------------

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017


هل يدرك "المصريون الشرفاء فقط" دلالة إرهاب الواحات
... في موقع "إسلام مغربي"!!
------------------------------------------------------


 
على المصريين؛ كل المصريين من الشرفاء فقط، أن يدركوا الدلالة الكلية لذلك الحادث الإرهابي الذي وقع في الكيلو 135 من طريق الواحات؛ وينبغي أن يكون هذا الإدراك منطلقاً من مفاهيم وفرضيات، وثوابت "علم التحليل العسكري" واستراتيجياته.
 
*****
 
لماذا هذا الشرط مطلوب؟ لأن تلك العملية الإرهابية النوعية تُعدُّ أكثر تطوراً مما سبقها؛ من عمليات إرهابية على المستوى اللوجستي المرتبط بالإمداد والاتصال والتحريك، وهي عناصر تتجاوز القدرات الفردية لترتبط بالمجموعات المنظمة والمرتبطة بأنظمة قيادة تدير، وهذا لا يتاح الا للفرق الميليشياوية.
 
على المصريين الشرفاء المتألمين أن يدركوا طبيعة النوعية العملية لدي الجماعة الإرهابية التي نفذت العملية؛ عبر توافر الأدوات العسكرية المختلفة لديها؛ بأسلحة "الآر بي جيه"؛ والقذائف الموجهة الكترونيا للأهداف المحددة بدقة على الرغم من صعوبة الرؤية الليلية.
 
على المصريين الشرفاء المتألمين أن يدركوا دلالة التجهيز الآلياتي الفائق للإرهابيين بما يتيح لهم الحركة المرنة والمناورة من دون مصاعب نتيجة طبيعة أرض المواجهة مع المجموعة الشرطية التي واجهتهم.
 
وعلى المصريين الشرفاء المتألمين أن يدركوا كذلك دلالة امتلاك تلك المجموعة الإرهابية ميزة الدعم اللوجستي الاتصالي الخارجي المحمي بقدرات عدم التعقب والذي يحقق لها قدرة تحديد طبيعة وحالة وكتلة الفريق من الامن الشرطي الذي يستهدف تمركزهم غير المشروع في منطقة يصعب فيها الاتصال اللاسلكي.
 
وعلى المصريين الشرفاء المتألمين أن يدركوا دلالة هذا المتغير التكنولوجي العملياتي للإرهاب؛ فضلاً عن عامل الاقتراب من مساحة جغرافية صحراوية تيسر لهم الهروب عبر الحدود إلى الصحراء الليبية.
 
المعنى الأساس أن ذلك الفعل الإرهابي العابر للواقع المصري؛ يدل على تطور آخر في نمطية الفعل الإرهابي؛ ويؤكد أنه مُستجلب من رصيد فائض القوة الغاشمة المستوردة من سوريا والعراق عبر الأراضي الليبية لبدء إدخال مصر في تكتيك الإنهاك؛ وتعظيم الوجود الإرهابي على أراضيها وفق النسق المستخدم وتمت تجربته في سوريا لإضعاف الدولة المصرية.
 
*****
 
من هنا ينبغي أن يعي المصريون الشرفاء فقط مخاطر المراحل المقبلة؛ وأن المعركة مع الإرهاب طويلة؛ وألا يلتفتوا وهم يتجولون في دهاليز العالم الافتراضي إلى تضليلات بعض النُخب الفاسدة والمرفهة وهي تكتب بنطاعة ما يمكن وصفه بالهري؛ بغرض تيئيس وتأليب وجدان الجماهير؛ ويشوه صورة الدولة وقيادتها وجيشها وشرطتها وهي تخوض معارك الدفاع عن وجود مصر غير المفتتة وغير المتحاربة داخلياً كما يحدث في العراق وسوريا وليبيا.
 
*****
 
الإرهاب دوما في أي مكان من العالم يمارس ضربات مباغتة لكل أجهزة الأمن؛ ورد الفعل تجاهه يكون تابعاً أو استباقياً؛ ولكن كل ضربة يقوم بها تمثل خطوة لدى أجهزة مقاومته، لتوليد آليات الدفاع التي ستقضي عليه بإذن الله.
 
المزيد من عملية تفكيك ما أحاط بالعملية الإرهابية في الكيلو 135 بالواحات؛ تكرم موقع التنوير "إسلام مغربي" بإشهارها في الرابط المرفق:
 
 

 
 
 مع اعتزازي بجهود الباحث البارع باقتدار في عوالم "الإسلام السياسوي" الأستاذ منتصر حمادة Mountassir Hamada؛ والذي له محبتي واعتزازي.
 
                                                                              "رأفت السويركي"
 
------------------------------------------------------

الاثنين، 23 أكتوبر 2017

 

 

 

تساؤلات حول العملية الإرهابية في الكيلو 135 بالواحات!!
--------------------------------------------------
 
القوات الخاصة المصرية بعد عملية الكيلو 135.
والصور من شبكة الإنترنيت.
 
منذ حل الشؤم على مصر ببدء إدخالها في مخطط التفتيت المسمى “الشرق الاوسط الجديد” في يناير 2011م، وحدوث الفوضى التي جاءت بالتنظيم المتأخون عبر “ترتيبات الضرورة الوقائية” مرحليا إلى حكم مصر، منذ ذلك وتعديلات سيناريو استهدافها لا تزال تتواصل بالمنطق المسمى “الإدارة بالأزمة” الذي ترسمه مكاتب التفكير وأجهزة الاستخبارات الغربية.
 
لذلك تشهد مصر كل حين نموذجا تطبيقيا جديدا من هذا السيناريو؛ والذي لا تمل أجهزة الاستخبارات العولمية الرئيسة المسؤولة عن تطبيقه من توظيف تطوراته، بكل أعبائه الإنهاكية للدولة المصرية، وأجهزتها المؤسسية التي تحاول المرور من المأزق الوجودي المصطنع بمرونة "أخلاقية"، وأضع تعبير أخلاقية بين مزدوجين؛ لأنها كدولة لا تزال تترفع عن ممارسة العنف الضروري المضاد للتعامل مع القوى التي تستهدف وجود الوطن.
 
*****
 
صور قتلى الإرهابيين الذين نفذوا عملية الكيلو 135
 
إن حجم الخسائر في القدرات الوطنية العسكرية البشرية يتزايد كل حين مع كل عملية إرهابية مفصلية ذات نوعية عملياتية؛ من مثل عملية “كرم القواديس “ و”عملية الكيلو 135 “في طريق الواحات؛ تاركا في قلوب المصريين حزنا لا حدود له؛ وألما يجمح بالمشاعر في مستواها الشعبوي؛ مما يولد تساؤلات مشروعة حول موعد الإجهاز على هذا النمط الإرهابي من العمليات.
 
وهذا التساؤل له درجة عالية من المشروعية الشعورية؛ المدفوعة بالأحزان حول الدماء الذكية للشهداء التي تراق على تراب الوطن؛ حتى وإن أطلقت الأمهات المكلومات زغاريد التشييع، ترافق الأجساد الطاهرة وهي ذاهبة للرقاد في حضن تراب الوطن.
 
في حقيقة الأمر أن الدولة المصرية بمؤسساتها الضابطة لا يغيب عن عقولها المتفكرة طبيعة هذا السيناريو وتطوراته المتغيرة؛ وتضع من البرامج ما يمكن أن يفسد تحقيق الهدف لهذه التطورات القاسية؛ أو يقلل من تأثيراتها التي لابد أن تحدث من منظور “أولية مبادءة الفعل” الجرمي الإرهابي، و”تابعية رد الفعل” المقاوم؛ فالفعل الجرمي يحقق خسائر، اولا بحكم التخفي والتخطيط والمباغتة كما يحدث في كل عمليات الإرهاب والإجرام في أي مكان من العالم على الأرض.
 
وإذا كانت العمليات الإرهابية المفصلية تلك تحقق بعض النتائج على الأرض؛ فهي منطقيا محدودة التأثير المادي؛ فالخسائر البشرية عدديا يمكن أن تقع في حادث مروري بانقلاب سيارة؛ أو اصطدام عدة سيارات؛ لكن التأثير النفسانوي وطبيعة الحرب المخاضة هو الأخطر؛ في ضوء توظيف تلك العمليات ضمن إطار التأثير الإعلاموي لحروب الجيل الخامس المفروضة راهنا على المنطقة؛ ولم تبق منها سوى مصر "الثمرة الأخيرة" على الشجرة؛ التي تقاوم مخططات اندراجها في هذا المشروع الإمبريالوي الأميركي العولمي.
 
*****
 
 
إن عمليات الإرهاب من تلك النوعيات المفصلية ستقع؛ ستقع فعلا مهما كانت الاستعدادت لها قائمة لأسباب عدة يمكن إيجاز بعضها فيما يلي:
 
أولا: الطبيعة الاستراتيجوية للإقليم المصري المحدد طوليا وعرضيا بجغرافيتها ذات التضاريس الطبيعية المتنوعة لتشمل البحر الابيض المتوسط والأحمر فضلا عن تنوع طبيعة الصحراوات الشرقية في سيناء والغربية الممتدة؛ فإن هذا التنوع بأعماقه المساحية يشكل أمنيا عبئا كبيرا مرهقا للغاية؛ وفق القدرات الاقتصادوية للدولة ومؤسستها العسكرية.
 
ثانيا: الطبيعة الأمنية المضطربة والمحيطة بالدولة المصرية؛ نتيجة نقل فائض القوى العقدية المتسيسة من أفغانستان إلى ليبيا والعراق وسوريا واليمن، تمثل راهنا بؤر الصراع المستحدثة في إطار سيناريو الشرق الأوسط الجديد بغرض تفتيت ما تبقى من دول مستقرة لفرض مشروعات التقسيم العرقي والطائفي.
 
ثالثا: الطبيعة السياسوية للدولة الحاكمة أو النظام كما يفضل ذلك الفصل بعض المتحذلقين من النخب التعسة؛ وهي طبيعة تأثرت كثيرا بعد فوضى يناير 2011م التي كانت نتاجا مستحقا من فاتورة هيمنة الرأسمالية الطفيلية المستنبت جنينها عبر السادات وقام مبارك بتسمينها؛ فانتجت أيضا طحالب ما تسمى نخب جمعيات الحقوق المدنية، والمتنشطين السياسويين، وصبيان النظرية الإيديولوجية؛ وتوفير بيئة نمو المتأخونين؛ وتسللهم إلى أنسجة الدولة، فظهروا كطفيليات بشرية امتصت في نموها ميزانيات تعليمها المجاني في المدارس والجامعات الحكومية؛ ورغم ذلك تنقم بحقد على الدولة وتتمنى هدمها.
 
رابعا: الطبيعة المرحلية لنمط إدارة الدولة في واقع متغيرات إقليمية حادة؛ والتي تتطلب واقعيا تغليب عدة حسابات استراتيجاوية مراعاة للظروف الإقليمية والدولية؛ وهذا يجعل نظام إدارة الدولة يبدو وكأنها تتعامل بتراخ مرفوض ضمن مواجهة المهددات التي تستهدف ثبات الوطن؛ وتماسكه والحفاظ على مقومات وجوده المهدد بافتعال الأزمات الداخلية والخارجية له.
 
وهذه العناصر الأربعة تحكم التصور الواجب التزامه حين النظر إلى العمليات الإرهابية المفصلية في نوعية الأدوات وسيناريوهات التنفيذ في مصر؛ لفهم دوافعها ومعرفة آليات حدوثها؛ واستشفاف اندراجها في إطار تنفيذ سيناريو الشرق الاوسط الجديد؛ عبر تعظيم فعالية المواجهات الميليشياوية المراد تعميمها في المنطقة.
 
إن نجاح النمط الميليشاوي في الميادين العراقية والسورية والليبية واليمنية؛ يغري القوى المضادة للدولة المصرية بمحاولة تنمية إدخال وتوظيف هذا النمط العملياتي الميليشياتي الى مصر؛ على الرغم من قوة الجيش المصري ورسوخه الميداني؛ سواء بسواء مع القوة العسكرية الخاصة بالامن الوطني الداخلي المرتبط بالشرطة المصرية.
 
لذلك ينبغي فهم الوزن الاستراتيجي لعملية الإرهاب المسماة بعملية الكيلو 135 طريق الواحات؛ واعتبارها تطبيقا للنهج المراد استزراعه عملياتيا في مصر؛ ولوجستيا فإن التنفيذ المؤسف لهذه العملية يحتاج من الجمهور الشعبوي المتلقي أن يدرك الظروف التي وفرت مناخ تحقق هذه النتائج:
 
- إن نمط التسليح الإرهابي المستخدم هو سلاح ثقيل من نوعية سلاح "آر بي جيه" ما يدل على توفر شروط الاختراق السابقة للحدود؛ لتمرير هذه النوعيات من الأسلحة غير الفردية والتي يستخدمها أفراد الجيوش الذين تدربوا عليها؛ والمتوقع المنطقي أن هذه النوعية التسليحية دخلت إلى الأراضي المصرية خلال فترات الفوضى المعممة بدءا من يناير 2011م، وبلغت ذروة تسريبها خلال عام تمكن الجماعة المتأخونة من حكم مصر.
 
- إن هذا النمط الميلشياوي التسليحي تدفع فاتورة أسلحته الأطراف المتواطئة لتطبيق سيناريو تفتيت الدول المركزية في المنطقة؛ مثل العراق وسوريا وليبيا، ولم تبق سوى مصر المركز الرئيس لهذه المنظومة؛ والمؤسف أن بعض هذه الأطراف لا تزال تنفق على برامج تعديل تطبيق السيناريوهات لتنفيذ التفتيت الذي تتمناه للدولة المصرية.
 
- إن خصوصية هذه النوعية من العمليات لا تعتمد تنفيذا على الجهد الفردي الخاص بالعناصر الإرهابية فقط؛ إذ أنها تتكىء إلى منظومة لوجستية خارجية قادرة على استيعاب تفاصيل الإحداثيات العملياتية في التجهيز والتنفيذ؛ وتتمتع بالتغطية والإمداد الاتصالي بالمصادر القائمة بتوظيف أقمار الاتصال والتشويش الهاتفي؛ والتي يمكن أن تمد تلك العناصر الإرهابية بالمعلومات اللوجستية الحافة بالعمليات التي تقوم أو ستقوم بها.
 
- إن مسرح العمليات الإرهابية النوعية المفصلية في عنفها يكون قريبا من مسارب الهروب التكتيكي من الموقع العملياتي؛ والدليل واضح في عملية كرم القواديس والسطو على البنك في العريش، أي في سيناء بجبالها ووديانها الوعرة؛ والأنفاق المحفورة إلى غزة؛ وعملية الكيلو 135 طريق الواحات في تمركز الصحراء الغربية والممتدة إلى الأرض الليبية؛ وهنا ينبغي التركيز في الرؤية التحليلية إلى عنصر الإمداد الاتصالي لكل عناصر الإرهاب عبر الأقمار الاصطناعية؛ فضلا عما يمكن اعتباره اختراقا معلوماتيا بالحصول على تحركات قوى إنفاذ القانون والحرب على الإرهاب.
 
- إن اهتمام الدولة بتحديث منظومتها الدفاعية من الطائرات والبوارج والغواصات الحديثة يشكل أداة ردع حاسمة لأية قوى قد تستهدف الأمن الوطني من الخارج؛ وفي المقابل ينبغي أن تتواكب برامج الردع الداخلية بما يناسب هذا التطور؛ لتحقيق نتائج استباقية تفسد الفعالية المتوقعة داخليا؛ وأن تتحول كل عملية إرهابية نوعية إلى نموذج تطبيقي عملياتي يغلق مسارب الفعل الإرهابي في الداخل من دون الالتفات للضوضاء المفتعلة من الأجهزة الإعلاموية لأعداء الوطن.
 
*****
الإرهابي هشام عشماوي المتهم بعملية الكيلو 135

وإزاء هذه التصورات، التي تمثل قراءة تفكيكية خارجية على حواف الفكر الرسمي وهو يدير معركة مقاومة الإرهاب، والموثوق به تماما أنه تفكير عميق لأجهزة دولة اختصاصية، يضع تحت يديه كل المعلومات والحقائق والسيناريوهات؛ ويتصرف وفق “فقه الضرورات” السياسوية؛ فإن حجم الحزن على شهداء الوطن يبدو كبيرا للغاية.
 
لذلك يشكل الوجدان الوطني من الضغوط الشعورية ما يجعل الذات المصرية تتمنى اتخاذ إجراءات فعلية؛ أكثر إرضاء للشعور الشعبوي الجمعي، بضرورة الانتقام ممن ينفذون مخطط التركيع للدولة المصرية، وجرها للوقوع في براثن السيناريو العولمي المشؤوم. وقد تتحدد هذه الأمنيات فيما يلي: 
  
* ينبغي أن تبادر الدولة المصرية لاتخاذ إجراءات ردعية فعالة أكثر مما هو مستخدم راهنا؛ فالحفاظ على وجود الدولة يقتضي تجاوز التحسسات غير المبررة من تشديد فعالية الحسم في كثير من القضايا التي تتعلق بالأمن الوطني. والدليل على ذلك ما تتخذه الدول المتشدقة بالديموقراطية وحقوق الإنسان تجاه عمليات العنف الإرهابي حين يقع في شوارعها ومطاراتها.
 
* إن الدولة تعيش تحت ظل فعالية قانون الطوارئ؛ ويجري تمديده، لذلك فإن فعالية هذا القانون ينبغي أن تهيمن على كافة التصرفات في القضايا المرتبطة بالأمن الوجودي للوطن. وهنا يرى الوجدان الشعبوي أنه لا ينبغي الاستسلام لنمط العدالة البطيئة؛ التي تعاني إشكاليات مناورات النيابة والمحاماة؛ لذلك فتفعيل القضاء العسكري يكون أكثر جدية في تقنين العدالة المرتبطة بأمن الوطن. والدليل على ذلك أن أحكام الإعدام بالقضاء المدني مست فقط شخصيتين إرهابيتين؛ هما عادل حبارة وحسن رمضان محمود الذي كان يلقي الاطفال من فوق المنزل في الاسكندرية.
 
* إن الأمن الوجودي لمصر يتطلب اتخاذ فعاليات أكثر حسما وفق “فقه الضرورات” فيما يتعلق بأرض المواجهات في سيناء مع ميليشيات وعناصر الإرهاب؛ ما يتطلب ويفرض ضرورة تفريغ المناطق الحمراء المؤقتة من السكان؛ لإكمال عمليات التنظيف الحاسمة من هذه العناصر وحرمانها من الاختباء في النسيج السكاني المقيم؛ حسما لظاهرة تواصل العمليات المؤلمة كل فترة بمن يسقط خلالها من ضحايا.
 
* إن الأجهزة السيادية في حاجة إلى ضرورة وضع سيناريوهات تجفيف مصادر الاختراق المعلوماتي، التي قد تفسد خطط الردع الاستباقي؛ بتسريب المعلومات للعناصر الإرهابية للهروب من مواقع الاختباء أو تجهيز خطوات المواجهة المسلحة مع قوات الردع المكلفة.
 
* إن الدولة الوطنية الراسخة ينبغي أن تتخلص بالإجراءات الفعالة من تحسساتها فيما يتعلق بالغطاء الرسمي المشمول لكافة العناصر التي تمارس الحرب على الوطن عسكريتاريا وإعلامويا لتنفيذ مخططات هدمها وهز صورتها.
 
* إن الدولة المصرية في احتياج الضرورة تتطلب إعادة بناء جهازها الإعلاموي القوي ليكون فعالا أكثر مما هو راهنا؛ وأن تحشد لهذا الجهاز الخبرات والكفاءات الاختصاصية؛ القادرة على بناء خطاب إعلاموي وطني كفؤ، عبر خطط متنوعة ومتطورة تتناسب وفعاليات “العالم السيبراني” الافتراضي الجديد؛ الذي يعتبر ساحة مهمة من ساحات حروب الجيلين الخامس والسادس.
 
* إن الدولة المصرية عبر كوادرها الأكاديموية والثقافوية، ينبغي أن تقدم ما يسمى منظومة المفاهيم الحقيقية، المرتبطة ببناء الوعي الوطني للجمهور على أساس التوعية الصادقة، بما يكشف الكذب والمخادعة في خطاب الخصوم الوجوديين للوطن؛ والتي يفرط هؤلاء الخصوم في استهلاكها وتعميم التصورات المغالطة لها.
 
*****
صورة الإرهابي الذي نفذ عملية كرم القواديس.

إن “الضربة التي لا تقتلك تقويك” هكذا يقولون؛ لذلك فالحادث الإرهابي المفصلي من نوعية عملية الكيلو 135 بطريق الواحات وكرم القواديس بقدر ما يترتب عليه من أحزان فقدان الأحباء من الأبناء والأخوة والأباء، مثل دافعا كبيرا لتقوية دفاعات الدولة عن وجودها؛ محاطة بتأييد جماهير مليونية؛ استردت في يونيو بحرص قواتها المسلحة الدولة المختطفة من تنظيم متأخون، كاد يفتت الدولة المصرية لخدمة سيناريو الشؤوم المسمى الشرق الأوسط الجديد!!
 
                                                         "رأفت السويركي"
 

الأربعاء، 11 أكتوبر 2017

تفكيك العقل النخبوي المتأخون حين يمارس الكراهية ( 77 ) هزيمة منتخب... "طُظِّ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"!!


تفكيك العقل النخبوي المتأخون حين يمارس الكراهية ( 77 )
 
هزيمة منتخب... "طُظِّ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"!!
----------------------------------------------------
 
 الرئيس عبد الفتاح السيسي يصافح المنتخب المصري
ويشد على يد محمد صلاح. والصور كلها من شبكة الإنترنيت.
 
واقعة إشهار صعود المنتخب المصري إلى نهائيات بطولة كأس العالم الكرة القدم المزمع تنظيمها في موسكو 2018 م؛ تمثل تجربة ثرية لممارسة التفكر المتجاوز للحدث منذ انتهي بإطلاق صافرة نهاية المباراة؛ وإعلان الفوز على منتخب الكونغو الوطني بهدفين مقابل هدف.
 
فهذه الواقعة - ثقافوياً - تتيح فرصة ممارسة الفعل التفكيكي للخطاب المرتبط بها؛ وتحديداً بما يتعلق بنموذج العقل النخبوي المتأخون في إطار هذه الكتابة المتسلسلة؛ إذ مثلت بيئة مثالية لمواصلة قراءة تمظهرات هذا العقل؛ كشفاً عن جموع الصور التي يبدو عليها مقصوده الحقيقي المضمر متوارياً خلف خطابه الإشهاري المعلن!
 
لذلك فإن هذه الكتابة لن تقترب من الجانب الفني في مباراة مصر والكونغو؛ وستقصر الجهد على تفكيك الظواهر القولية والفعلية الممثلة للخطاب؛ كمنتج إشهاري للعقل المتأخون، وهو يخوض معارك هيستيرية طائشة مع الدولة المصرية بتكوينها الديموغرافي والإداري؛ منذ جرت إزاحة ما تُسمى "جماعة الإخوان المسلمين" من مقعد التمكين بحكم مصر في 3 يوليو/ تموز 2013 م. 
 
*****
 
 لقد أبرزت الجماعة المتأخونة من الأقوال والأفعال، ما يشي بطبيعتها التي لا يمكن أن تتغير، أو حتي تتطور بما يمكن أن يعيد لها القبول السياسوي الذي تبحث عنه؛ أو تتمناه بعد انتكابها الأخير في حكم مصر. إذ أن نخب هذه الجماعة بحكم تربيتها الجمعياتية المغلقة؛ أثبتت أنها تفتقد للذكاء السياسوي الذي يمكن أن يوفر لها الاقتراب مجددا من المحيط السكاني المخيف – مئة مليون – راهنا.
 
 
فالجماعة المتأخونة لا تزال تتميز بالغباء تكوينيا؛ منذ التأسيس عبر "حسن البناء"؛ وتعيش أوهام التعالي، وممارسة الفوقية النرجسية الكذوب؛ ظناً دوماً أنها جماعة الله المختارة؛ كما تعاني حالة من "المظلومية" المرضية؛ التي جعلت نخبها مغلقة الأذهان لا تتذكر "مهارة توظيف فقه الحالة"؛ فتقع بذلك في فخ استيلاد مناخ من البغض السياسوي الشعبوي لها؛ دعما للجهد الرسمي للدولة المصرية المضاد للجماعة.
 
***** 
   
لقد كانت مباراة مصر ضد الكونغو؛ تمثل المناسبة المثالية لفضح عقل نخب الجماعة؛ وكشف غبائهم السياسوي؛ باستصناعها - من دون إدراك - حالة من النقمة الشعبوية المصراوية عليها؛ ارتباطا بمواقفها الهابطة من المنتخب المصري ونتيجته في التصفيات الأفريقية الممهدة لــ "مونديال موسكو".
 
إن الموقف الذي اتخذته الجماعة المتأخونة؛ ... قبل وخلال وعقب نهاية المباراة أفقدها الكثير ما يمكن أن تتوهمه سواء سابقاً أو لاحقاً؛ من قبول شعبوي لدى المصريين البسطاء المتعارف عليهم بــ "جمهور الدرجة الثالثة؛ قبل نخبهم الوسطى؛ وكلهم كمصريين يجمعهم شعورهم الوطني؛ ويكتلهم منتخب مصر لكرة القدم؛ باعتباره حاملاً لسمعة الهوية الوطنية رياضيا؛ ومدافعاً عن صورتها.
 
الغباء السياسوي للنخب المتأخونة؛ أنتج خطاباً هابطاً؛ كاشفاً لحقيقة جماعتهم؛ وأثبت فعليا سمة "لا وطنيتها"؛ حيث تجري تربيتهم على أن "الجماعة" هي "الوطن"؛ و"الهوية" المدعاة هي "العقيدة"؛ وبالتالي فالوطن بمفهومه المتعارف عليه "الأرض والسكان واللغة والسلطة" لا وجود له في عقيدتهم الجمعياتية البائسة؛ والمنافية حتى للإسلام بمنهج {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} سورة الكهف. 
 
مقولة المرشد المتأخون التي تنهل منها جماعته كل اقوالهم غير الوطنية
 
إن الممارسة الهابطة للمتأخونين في حالة مباراة مصر والكونغو لم تكن فعلاً مفاجئاً من العقل النخبوي المتأخون؛ بل إنها تتفق؛ وتتساوق وتجسد ما نطق به بفجاجة من قبل المرشد السابق مهدي عاكف: "طُظِّ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"، وكذلك سقوطه القولي قبل الوصول إلى كرسي حكم مصر: "إن أنصار الإخوان سيضربون بالجزمة من يهاجمهم إذا وصلوا للحكم"!!
 
تلك هي البئر الراكدة التي ينهل المتأخونون منها أقوالهم؛ ويبنون عبرها مواقفهم الهابطة كما نقلتها وسائط التواصل الاجتماعوي؛ وشاشات القنوات الفضائية الناطقة باسم الجماعة البنائية قبيل المباراة وبعدها؛ إذ كشفت نتن عقولهم؛ مقابل التفاف المصريين حول منتخبهم الوطني، وأقحموا بغبائهم السياسوي حضور جماعتهم المنهارة مع المنتخب الوطني، آملين بفساد نفسانيتهم فشل مصر في الصعود إلى نهائيات موسكو!!
 
ويمكن رصد بعض مفردات خطابهم غير الوطني في النماذج التالية:
 


المتأخونة الهاربة آيات عرابي تتمنى هزيمة المنتخب المصري.
 
- المتأخونة الهاربة بعد "رابعة" إلى الولايات المتحدة آيات العرابي كتبت قبل المباراة: " ادعو الله أن يخسر منتخب الجلدة المنفوخة... كرة القدم ليست فقط أكبر سلاح للإلهاء بل هي جزء من عقيدة الوطنية الصنمية".
 
وحين أصابتها الصدمة بالفوز واصلت ممارسة الكذب الذي تتميز به؛ فقالت: "مباراة الكونغو تم شراءها. كتبت عن احتمال شراء المباراة منذ نحو 7 ساعات "!!
 


المتاخون الهارب محمد ناصر يشكك بحقد في ضربة الجزاء،
 وأصابه بالخزي الحكم الذي استضافه معلنا صواب قرار الحكم.
 


 
- المتأخون الهارب إلى تركيا محمد ناصر حاول التشكيك في صحة ضربة الجزاء بسؤاله الخبيث للحكم الدولي السابق ناصر صادق : "هل ضربة الجزاء التي أهلت المنتخب المصري للمونديال غير صحيحة؟". لكن الحكم المستضاف خذله بتأكيد صواب قرار الحكم باحتسابها نتيجة عنف لاعب دفاع الكونغو!!
 
- المتأخون الهارب إلى تركيا عمرو عبد الهادي واصل ما تمت تربيته التنظيمية عليه؛ بالتشكيك في الحكم الجامبي بكاري جاساما، قائلاً: لولا الحكم ما صعدت مصر. من دون امتلاك دليل يؤكد أكذوبته!!
 
- المتأخون الهارب الى تركيا حمزة زوبع اعتبر حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي المباراة نوعا من إبعاد الشعب المصري عن همومه الرئيسية من خلال كرة القدم والمتعارف عليها بأنها أفيون الشعوب". وهي كلمات مستهلكة زال زمانها!!
 
- المتأخون الهارب وليد شرابي قال أنه: "لن يتابع المباراة ويعتبرها جزءا من الحرب الإعلامية، والتي تبين للمواطن الفقير أن وصول المنتخب المصري إلى كأس العالم يمثل انجاز عظيم بينما الخروج من التصنيف العالمي للتعليم أمر طبيعي." إنه تمحك ساذج في توظيف المقارنات!!
 
- الإخواني الهارب أحمد البقري الموصوف بلقب النائب السابق لرئيس اتحاد طلاب مصر أعلن رفضه تشجيع المنتخب المصري حتى لا يتم احتساب النصر للرئيس عبد الفتاح السيسي "!!
 
ابنة خيرت الشاطر تشكو كذبا من الغلاء وتحرض ضده.

- المتأخونة عائشة خيرت الشاطر كتبت فور انتهاء المباراة" قرر صرف مليون ونص لكل لاعب عشان التأهيل لكأس العالم والشعب بس اللي ليه مفيش.. وليه ٣٠% زيادة على كروت الشحن والبنزين والسكر وكل حاجة.. وفي الآخر غلبان وبيفرح.. شعب عاوز يدرس حالته في الكتب". والغريب أن ابنة الشاطر التي تعيش رغدا مما يتاح لها من أموال التنظيم المتأخون تحقد على اللاعبين وتشكو من الغلاء؛ وتتناسى أن هناك عوائد مليونية ستحصل عليها مصر من الاتحاد الدولي لكرة القدم.
 
- المتأخون الهارب وائل قنديل، حاول التسفيه من أهمية الفوز والإنجاز الكروي، فتصدى له المغردون على "تويتر"، فقال أحدهم: "انتوا مستكترين علينا الفرحة حتى يا ملاعين الأرض؟ ربنا يولع فيكوا أكتر ما انتوا والعين"!!
 
- المتأخون الهارب عمرو فراج، شن هجوماً على ما يسمى المتحدث باسم الإخوان أحمد عاصم، الذي أصدر بيانا هنأ فيه بفوز منتخب مصر لكنه محمل بلغة التحريض ثم قام بإلغائه لاحقا؛ فانزعج عمرو فراج مدوناً: "وده حال الثورة الحزينة وشبابها ومن يفترض إنها كانت جماعة واحدة تقود هذا الزخم الشبابي وتوجهه، بوستين في يوم واحد، جايين يفرحوا ويشجعوا المنتخب النهارده بكل برود وتناحة بعد طول صمت على صفحتهم".!!

عبارات ساقطة من متأخونين تمت تربيتهم على الحقد والبغض.
 
ردود المتأخونين المحمومة كثيرة؛ وكلها تدل على أمراضهم النفسانية؛ وضياع بوصلتهم وفقدانهم الاتجاه الصائب تجاه العودة من دون التحريض إلى قلوب الشعب المصري الذي تصدى لهم شبابه على وسائط التواصل الاجتماعي بما يتناسب من شعب يشعر بالفرح لإنجاز كروي لم يتحقق من 28 عاماً.
 
*****
 
لكن ماذا تكشف القراءة التفكيكية في هذه الموضوعة المثيرة؟ لقد توج اللاعب الشاب المصري المحترف في بريطانيا أمل المصريين بالصعود بالهدفين اللذين أحرزهما؛ وسيكون هذا اللاعب أيقونة عملية القراءة التفكيكية الجديدة؛ ومن دون شك فالمتأخونون لا يشعرون بالارتياح تجاهه؛ لعومل عدة:
 
• أولاً: إن محمد صلاح بدأ يزيح الهوس الجماهيري باللاعب المتأخون محمد أبو تريكة المقيم خارج مصر، والمرتبط بقضايا الجماعة؛ والمطلوب للتحقيقات حول ارتباطات تمويلية لأنشطة الجماعة.
 
• ثانياً: إن اللاعب محمد صلاح يتحرك راهنا في إطار صورة حميمية جماهيرية وطنية؛ تتجاوز حجم رصيد محمد أبو تريكة المعتزل.
 
• ثالثاً: إن اللاعب محمد صلاح صار يمثل أيقونة المرحلة الراهنة؛ بتبرعه المالي الكبير لصالح صندوق تحيا مصر من عائد احترافه في أوروبا؛ فضلاً عن تبرعاته لبناء وحدة غسيل كلوى في قريته، ومساهمته في إنشاء معهد ديني هناك ومسجد بمدرسته الابتدائية، إلى جانب العديد من الأعمال الخيرية الأخرى.
 
 
ونتيجة تشكل هذه الصورة الشخصية لمحمد صلاح؛ اعتمرت صفحات التواصل الاجتماعي بما يؤكد هذه المنزلة للاعب فيما يمثل خطابا مضادا للخطاب المتأخون المعادي للوطنية.
 
- ففي صبيحة اليوم التالي لتحقيق حلم الصعود إلى نهائيات موسكو؛ حملت تدوينات المصريين على "تويتر" و"فيس بوك" تحية بعبارة: "صلاح الخير"؛ بدلا عن التحية الشائعة " صباح الخير ".
 
 مع طفلته مكة في لحظة أبوة.
 
- وتدوينات أخرى حملت الشكر لإنجاز "أبو مكة"؛ والمقصود بالتعبير محمد صلاح منسوبا لطفلته الصغيرة التي أسماها " مكة " بدلالة الاسم الإسلاموية.
 

التوصيف الجديد لمحمد صلاح.
- كما ظهرت تدوينات أخرى تحيل إلى إن الصعود تحقق بقيادة " محمد صلاح الدين فاتح روسيا" إشارة إلى البطل العرب التاريخي "صلاح الدين الأيوبي".
 
*****
فرحة وطنية كبيرة بالفوز والصعود. 
 
إن تفكيك خطاب تلك الذهنية الشعبوية الوطنية للمصريين؛ تكشف حالة العشق الجديدة لذلك الشاب الوطني؛ حيث تحور اسمه ليكون أجمل تحية صباحية مرتبطة بتحقق الخير الكروي لمصر الجديدة.
 
واستخدام المصريين لتعريف محمد صلاح بلقب "أبو مكة" يأتي تلبية لسمة طقوسية التدين الغالبة التي يتميز بها المصريون؛ وعشقهم وشوقهم غير المحدود للسفر إلى مكة تلبية للعمرة والحج؛ وقد حقق محمد صلاح دعواتهم القلبية بالفوز تفاؤلاً باسم طفلته الكريم "مكة".
 
أما استحضار سيرة البطل صلاح الدين الأيوبي صفة للاعب محمد صلاح؛ فيحيل العقل التفكيكي للإشارة إلى مكنون إنجاز صلاح الدين الايوبي قاهر الصليبين؛ الذين كانت جماعة "فرسان الهيكل" الماسونية من تكويناتهم؛ وهي الجماعة التي استوحى "حسن البناء" مؤسس ما تسمى "جماعة الإخوان المسلمين" نسقها المغلق والعنيف وطقوس تنظيمها الخاص؛ وقد سبق تفكيك ذلك في الحلقات الأولى من هذه السلسلة.
 
***** 
 
الفراعنة فرحوا بالصعود واعتزوا بمصريتهم.
 

ولهذه الدوافع الكامنة يتجلى حجم فضيحة انكشاف مخبوء العقل النخبوي المتأخون من قضية كراهيتهم لفوز مصر بالصعود إلى نهائيات موسكو 2018 م؛ لذلك لم يسعد المتأخونون بانتصارات المنتخب الوطني المصري؛ التي أعلنت فور إطلاق صافرة نهاية المباراة هزيمة المنتخب الكونغولي؛ وبالتبعية هزيمة منتخب المتأخونين من الإعلامويين بشعارهم المرشدي القديم الساقط: "طُظِّ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"؛ لتنطبق عليهم الآية القرآنية الكريمة: { فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ}؛ أما المصريون وأخوتهم العرب والمسلمون ففرحوا مع أخوة لهم ينتظرون بشغف أيضا صعود منتخباتهم!!
 
                                                           "رأفت السويركي"
 -----------------------------------