الاثنين، 23 أكتوبر 2017

 

 

 

تساؤلات حول العملية الإرهابية في الكيلو 135 بالواحات!!
--------------------------------------------------
 
القوات الخاصة المصرية بعد عملية الكيلو 135.
والصور من شبكة الإنترنيت.
 
منذ حل الشؤم على مصر ببدء إدخالها في مخطط التفتيت المسمى “الشرق الاوسط الجديد” في يناير 2011م، وحدوث الفوضى التي جاءت بالتنظيم المتأخون عبر “ترتيبات الضرورة الوقائية” مرحليا إلى حكم مصر، منذ ذلك وتعديلات سيناريو استهدافها لا تزال تتواصل بالمنطق المسمى “الإدارة بالأزمة” الذي ترسمه مكاتب التفكير وأجهزة الاستخبارات الغربية.
 
لذلك تشهد مصر كل حين نموذجا تطبيقيا جديدا من هذا السيناريو؛ والذي لا تمل أجهزة الاستخبارات العولمية الرئيسة المسؤولة عن تطبيقه من توظيف تطوراته، بكل أعبائه الإنهاكية للدولة المصرية، وأجهزتها المؤسسية التي تحاول المرور من المأزق الوجودي المصطنع بمرونة "أخلاقية"، وأضع تعبير أخلاقية بين مزدوجين؛ لأنها كدولة لا تزال تترفع عن ممارسة العنف الضروري المضاد للتعامل مع القوى التي تستهدف وجود الوطن.
 
*****
 
صور قتلى الإرهابيين الذين نفذوا عملية الكيلو 135
 
إن حجم الخسائر في القدرات الوطنية العسكرية البشرية يتزايد كل حين مع كل عملية إرهابية مفصلية ذات نوعية عملياتية؛ من مثل عملية “كرم القواديس “ و”عملية الكيلو 135 “في طريق الواحات؛ تاركا في قلوب المصريين حزنا لا حدود له؛ وألما يجمح بالمشاعر في مستواها الشعبوي؛ مما يولد تساؤلات مشروعة حول موعد الإجهاز على هذا النمط الإرهابي من العمليات.
 
وهذا التساؤل له درجة عالية من المشروعية الشعورية؛ المدفوعة بالأحزان حول الدماء الذكية للشهداء التي تراق على تراب الوطن؛ حتى وإن أطلقت الأمهات المكلومات زغاريد التشييع، ترافق الأجساد الطاهرة وهي ذاهبة للرقاد في حضن تراب الوطن.
 
في حقيقة الأمر أن الدولة المصرية بمؤسساتها الضابطة لا يغيب عن عقولها المتفكرة طبيعة هذا السيناريو وتطوراته المتغيرة؛ وتضع من البرامج ما يمكن أن يفسد تحقيق الهدف لهذه التطورات القاسية؛ أو يقلل من تأثيراتها التي لابد أن تحدث من منظور “أولية مبادءة الفعل” الجرمي الإرهابي، و”تابعية رد الفعل” المقاوم؛ فالفعل الجرمي يحقق خسائر، اولا بحكم التخفي والتخطيط والمباغتة كما يحدث في كل عمليات الإرهاب والإجرام في أي مكان من العالم على الأرض.
 
وإذا كانت العمليات الإرهابية المفصلية تلك تحقق بعض النتائج على الأرض؛ فهي منطقيا محدودة التأثير المادي؛ فالخسائر البشرية عدديا يمكن أن تقع في حادث مروري بانقلاب سيارة؛ أو اصطدام عدة سيارات؛ لكن التأثير النفسانوي وطبيعة الحرب المخاضة هو الأخطر؛ في ضوء توظيف تلك العمليات ضمن إطار التأثير الإعلاموي لحروب الجيل الخامس المفروضة راهنا على المنطقة؛ ولم تبق منها سوى مصر "الثمرة الأخيرة" على الشجرة؛ التي تقاوم مخططات اندراجها في هذا المشروع الإمبريالوي الأميركي العولمي.
 
*****
 
 
إن عمليات الإرهاب من تلك النوعيات المفصلية ستقع؛ ستقع فعلا مهما كانت الاستعدادت لها قائمة لأسباب عدة يمكن إيجاز بعضها فيما يلي:
 
أولا: الطبيعة الاستراتيجوية للإقليم المصري المحدد طوليا وعرضيا بجغرافيتها ذات التضاريس الطبيعية المتنوعة لتشمل البحر الابيض المتوسط والأحمر فضلا عن تنوع طبيعة الصحراوات الشرقية في سيناء والغربية الممتدة؛ فإن هذا التنوع بأعماقه المساحية يشكل أمنيا عبئا كبيرا مرهقا للغاية؛ وفق القدرات الاقتصادوية للدولة ومؤسستها العسكرية.
 
ثانيا: الطبيعة الأمنية المضطربة والمحيطة بالدولة المصرية؛ نتيجة نقل فائض القوى العقدية المتسيسة من أفغانستان إلى ليبيا والعراق وسوريا واليمن، تمثل راهنا بؤر الصراع المستحدثة في إطار سيناريو الشرق الأوسط الجديد بغرض تفتيت ما تبقى من دول مستقرة لفرض مشروعات التقسيم العرقي والطائفي.
 
ثالثا: الطبيعة السياسوية للدولة الحاكمة أو النظام كما يفضل ذلك الفصل بعض المتحذلقين من النخب التعسة؛ وهي طبيعة تأثرت كثيرا بعد فوضى يناير 2011م التي كانت نتاجا مستحقا من فاتورة هيمنة الرأسمالية الطفيلية المستنبت جنينها عبر السادات وقام مبارك بتسمينها؛ فانتجت أيضا طحالب ما تسمى نخب جمعيات الحقوق المدنية، والمتنشطين السياسويين، وصبيان النظرية الإيديولوجية؛ وتوفير بيئة نمو المتأخونين؛ وتسللهم إلى أنسجة الدولة، فظهروا كطفيليات بشرية امتصت في نموها ميزانيات تعليمها المجاني في المدارس والجامعات الحكومية؛ ورغم ذلك تنقم بحقد على الدولة وتتمنى هدمها.
 
رابعا: الطبيعة المرحلية لنمط إدارة الدولة في واقع متغيرات إقليمية حادة؛ والتي تتطلب واقعيا تغليب عدة حسابات استراتيجاوية مراعاة للظروف الإقليمية والدولية؛ وهذا يجعل نظام إدارة الدولة يبدو وكأنها تتعامل بتراخ مرفوض ضمن مواجهة المهددات التي تستهدف ثبات الوطن؛ وتماسكه والحفاظ على مقومات وجوده المهدد بافتعال الأزمات الداخلية والخارجية له.
 
وهذه العناصر الأربعة تحكم التصور الواجب التزامه حين النظر إلى العمليات الإرهابية المفصلية في نوعية الأدوات وسيناريوهات التنفيذ في مصر؛ لفهم دوافعها ومعرفة آليات حدوثها؛ واستشفاف اندراجها في إطار تنفيذ سيناريو الشرق الاوسط الجديد؛ عبر تعظيم فعالية المواجهات الميليشياوية المراد تعميمها في المنطقة.
 
إن نجاح النمط الميليشاوي في الميادين العراقية والسورية والليبية واليمنية؛ يغري القوى المضادة للدولة المصرية بمحاولة تنمية إدخال وتوظيف هذا النمط العملياتي الميليشياتي الى مصر؛ على الرغم من قوة الجيش المصري ورسوخه الميداني؛ سواء بسواء مع القوة العسكرية الخاصة بالامن الوطني الداخلي المرتبط بالشرطة المصرية.
 
لذلك ينبغي فهم الوزن الاستراتيجي لعملية الإرهاب المسماة بعملية الكيلو 135 طريق الواحات؛ واعتبارها تطبيقا للنهج المراد استزراعه عملياتيا في مصر؛ ولوجستيا فإن التنفيذ المؤسف لهذه العملية يحتاج من الجمهور الشعبوي المتلقي أن يدرك الظروف التي وفرت مناخ تحقق هذه النتائج:
 
- إن نمط التسليح الإرهابي المستخدم هو سلاح ثقيل من نوعية سلاح "آر بي جيه" ما يدل على توفر شروط الاختراق السابقة للحدود؛ لتمرير هذه النوعيات من الأسلحة غير الفردية والتي يستخدمها أفراد الجيوش الذين تدربوا عليها؛ والمتوقع المنطقي أن هذه النوعية التسليحية دخلت إلى الأراضي المصرية خلال فترات الفوضى المعممة بدءا من يناير 2011م، وبلغت ذروة تسريبها خلال عام تمكن الجماعة المتأخونة من حكم مصر.
 
- إن هذا النمط الميلشياوي التسليحي تدفع فاتورة أسلحته الأطراف المتواطئة لتطبيق سيناريو تفتيت الدول المركزية في المنطقة؛ مثل العراق وسوريا وليبيا، ولم تبق سوى مصر المركز الرئيس لهذه المنظومة؛ والمؤسف أن بعض هذه الأطراف لا تزال تنفق على برامج تعديل تطبيق السيناريوهات لتنفيذ التفتيت الذي تتمناه للدولة المصرية.
 
- إن خصوصية هذه النوعية من العمليات لا تعتمد تنفيذا على الجهد الفردي الخاص بالعناصر الإرهابية فقط؛ إذ أنها تتكىء إلى منظومة لوجستية خارجية قادرة على استيعاب تفاصيل الإحداثيات العملياتية في التجهيز والتنفيذ؛ وتتمتع بالتغطية والإمداد الاتصالي بالمصادر القائمة بتوظيف أقمار الاتصال والتشويش الهاتفي؛ والتي يمكن أن تمد تلك العناصر الإرهابية بالمعلومات اللوجستية الحافة بالعمليات التي تقوم أو ستقوم بها.
 
- إن مسرح العمليات الإرهابية النوعية المفصلية في عنفها يكون قريبا من مسارب الهروب التكتيكي من الموقع العملياتي؛ والدليل واضح في عملية كرم القواديس والسطو على البنك في العريش، أي في سيناء بجبالها ووديانها الوعرة؛ والأنفاق المحفورة إلى غزة؛ وعملية الكيلو 135 طريق الواحات في تمركز الصحراء الغربية والممتدة إلى الأرض الليبية؛ وهنا ينبغي التركيز في الرؤية التحليلية إلى عنصر الإمداد الاتصالي لكل عناصر الإرهاب عبر الأقمار الاصطناعية؛ فضلا عما يمكن اعتباره اختراقا معلوماتيا بالحصول على تحركات قوى إنفاذ القانون والحرب على الإرهاب.
 
- إن اهتمام الدولة بتحديث منظومتها الدفاعية من الطائرات والبوارج والغواصات الحديثة يشكل أداة ردع حاسمة لأية قوى قد تستهدف الأمن الوطني من الخارج؛ وفي المقابل ينبغي أن تتواكب برامج الردع الداخلية بما يناسب هذا التطور؛ لتحقيق نتائج استباقية تفسد الفعالية المتوقعة داخليا؛ وأن تتحول كل عملية إرهابية نوعية إلى نموذج تطبيقي عملياتي يغلق مسارب الفعل الإرهابي في الداخل من دون الالتفات للضوضاء المفتعلة من الأجهزة الإعلاموية لأعداء الوطن.
 
*****
الإرهابي هشام عشماوي المتهم بعملية الكيلو 135

وإزاء هذه التصورات، التي تمثل قراءة تفكيكية خارجية على حواف الفكر الرسمي وهو يدير معركة مقاومة الإرهاب، والموثوق به تماما أنه تفكير عميق لأجهزة دولة اختصاصية، يضع تحت يديه كل المعلومات والحقائق والسيناريوهات؛ ويتصرف وفق “فقه الضرورات” السياسوية؛ فإن حجم الحزن على شهداء الوطن يبدو كبيرا للغاية.
 
لذلك يشكل الوجدان الوطني من الضغوط الشعورية ما يجعل الذات المصرية تتمنى اتخاذ إجراءات فعلية؛ أكثر إرضاء للشعور الشعبوي الجمعي، بضرورة الانتقام ممن ينفذون مخطط التركيع للدولة المصرية، وجرها للوقوع في براثن السيناريو العولمي المشؤوم. وقد تتحدد هذه الأمنيات فيما يلي: 
  
* ينبغي أن تبادر الدولة المصرية لاتخاذ إجراءات ردعية فعالة أكثر مما هو مستخدم راهنا؛ فالحفاظ على وجود الدولة يقتضي تجاوز التحسسات غير المبررة من تشديد فعالية الحسم في كثير من القضايا التي تتعلق بالأمن الوطني. والدليل على ذلك ما تتخذه الدول المتشدقة بالديموقراطية وحقوق الإنسان تجاه عمليات العنف الإرهابي حين يقع في شوارعها ومطاراتها.
 
* إن الدولة تعيش تحت ظل فعالية قانون الطوارئ؛ ويجري تمديده، لذلك فإن فعالية هذا القانون ينبغي أن تهيمن على كافة التصرفات في القضايا المرتبطة بالأمن الوجودي للوطن. وهنا يرى الوجدان الشعبوي أنه لا ينبغي الاستسلام لنمط العدالة البطيئة؛ التي تعاني إشكاليات مناورات النيابة والمحاماة؛ لذلك فتفعيل القضاء العسكري يكون أكثر جدية في تقنين العدالة المرتبطة بأمن الوطن. والدليل على ذلك أن أحكام الإعدام بالقضاء المدني مست فقط شخصيتين إرهابيتين؛ هما عادل حبارة وحسن رمضان محمود الذي كان يلقي الاطفال من فوق المنزل في الاسكندرية.
 
* إن الأمن الوجودي لمصر يتطلب اتخاذ فعاليات أكثر حسما وفق “فقه الضرورات” فيما يتعلق بأرض المواجهات في سيناء مع ميليشيات وعناصر الإرهاب؛ ما يتطلب ويفرض ضرورة تفريغ المناطق الحمراء المؤقتة من السكان؛ لإكمال عمليات التنظيف الحاسمة من هذه العناصر وحرمانها من الاختباء في النسيج السكاني المقيم؛ حسما لظاهرة تواصل العمليات المؤلمة كل فترة بمن يسقط خلالها من ضحايا.
 
* إن الأجهزة السيادية في حاجة إلى ضرورة وضع سيناريوهات تجفيف مصادر الاختراق المعلوماتي، التي قد تفسد خطط الردع الاستباقي؛ بتسريب المعلومات للعناصر الإرهابية للهروب من مواقع الاختباء أو تجهيز خطوات المواجهة المسلحة مع قوات الردع المكلفة.
 
* إن الدولة الوطنية الراسخة ينبغي أن تتخلص بالإجراءات الفعالة من تحسساتها فيما يتعلق بالغطاء الرسمي المشمول لكافة العناصر التي تمارس الحرب على الوطن عسكريتاريا وإعلامويا لتنفيذ مخططات هدمها وهز صورتها.
 
* إن الدولة المصرية في احتياج الضرورة تتطلب إعادة بناء جهازها الإعلاموي القوي ليكون فعالا أكثر مما هو راهنا؛ وأن تحشد لهذا الجهاز الخبرات والكفاءات الاختصاصية؛ القادرة على بناء خطاب إعلاموي وطني كفؤ، عبر خطط متنوعة ومتطورة تتناسب وفعاليات “العالم السيبراني” الافتراضي الجديد؛ الذي يعتبر ساحة مهمة من ساحات حروب الجيلين الخامس والسادس.
 
* إن الدولة المصرية عبر كوادرها الأكاديموية والثقافوية، ينبغي أن تقدم ما يسمى منظومة المفاهيم الحقيقية، المرتبطة ببناء الوعي الوطني للجمهور على أساس التوعية الصادقة، بما يكشف الكذب والمخادعة في خطاب الخصوم الوجوديين للوطن؛ والتي يفرط هؤلاء الخصوم في استهلاكها وتعميم التصورات المغالطة لها.
 
*****
صورة الإرهابي الذي نفذ عملية كرم القواديس.

إن “الضربة التي لا تقتلك تقويك” هكذا يقولون؛ لذلك فالحادث الإرهابي المفصلي من نوعية عملية الكيلو 135 بطريق الواحات وكرم القواديس بقدر ما يترتب عليه من أحزان فقدان الأحباء من الأبناء والأخوة والأباء، مثل دافعا كبيرا لتقوية دفاعات الدولة عن وجودها؛ محاطة بتأييد جماهير مليونية؛ استردت في يونيو بحرص قواتها المسلحة الدولة المختطفة من تنظيم متأخون، كاد يفتت الدولة المصرية لخدمة سيناريو الشؤوم المسمى الشرق الأوسط الجديد!!
 
                                                         "رأفت السويركي"
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق