تفكيك العقل النخبوي المتأخون حين يمارس الكراهية ( 77 )
هزيمة منتخب... "طُظِّ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"!!
----------------------------------------------------
----------------------------------------------------
الرئيس عبد الفتاح السيسي يصافح المنتخب المصري
ويشد على يد محمد صلاح. والصور كلها من شبكة الإنترنيت.
ويشد على يد محمد صلاح. والصور كلها من شبكة الإنترنيت.
واقعة إشهار صعود المنتخب المصري إلى نهائيات بطولة كأس العالم الكرة القدم المزمع تنظيمها في موسكو 2018 م؛ تمثل تجربة ثرية لممارسة التفكر المتجاوز للحدث منذ انتهي بإطلاق صافرة نهاية المباراة؛ وإعلان الفوز على منتخب الكونغو الوطني بهدفين مقابل هدف.
فهذه الواقعة - ثقافوياً - تتيح فرصة ممارسة الفعل التفكيكي للخطاب المرتبط بها؛ وتحديداً بما يتعلق بنموذج العقل النخبوي المتأخون في إطار هذه الكتابة المتسلسلة؛ إذ مثلت بيئة مثالية لمواصلة قراءة تمظهرات هذا العقل؛ كشفاً عن جموع الصور التي يبدو عليها مقصوده الحقيقي المضمر متوارياً خلف خطابه الإشهاري المعلن!
لذلك فإن هذه الكتابة لن تقترب من الجانب الفني في مباراة مصر والكونغو؛ وستقصر الجهد على تفكيك الظواهر القولية والفعلية الممثلة للخطاب؛ كمنتج إشهاري للعقل المتأخون، وهو يخوض معارك هيستيرية طائشة مع الدولة المصرية بتكوينها الديموغرافي والإداري؛ منذ جرت إزاحة ما تُسمى "جماعة الإخوان المسلمين" من مقعد التمكين بحكم مصر في 3 يوليو/ تموز 2013 م.
*****
لقد أبرزت الجماعة المتأخونة من الأقوال والأفعال، ما يشي بطبيعتها التي لا يمكن أن تتغير، أو حتي تتطور بما يمكن أن يعيد لها القبول السياسوي الذي تبحث عنه؛ أو تتمناه بعد انتكابها الأخير في حكم مصر. إذ أن نخب هذه الجماعة بحكم تربيتها الجمعياتية المغلقة؛ أثبتت أنها تفتقد للذكاء السياسوي الذي يمكن أن يوفر لها الاقتراب مجددا من المحيط السكاني المخيف – مئة مليون – راهنا.
فالجماعة المتأخونة لا تزال تتميز بالغباء تكوينيا؛ منذ التأسيس عبر "حسن البناء"؛ وتعيش أوهام التعالي، وممارسة الفوقية النرجسية الكذوب؛ ظناً دوماً أنها جماعة الله المختارة؛ كما تعاني حالة من "المظلومية" المرضية؛ التي جعلت نخبها مغلقة الأذهان لا تتذكر "مهارة توظيف فقه الحالة"؛ فتقع بذلك في فخ استيلاد مناخ من البغض السياسوي الشعبوي لها؛ دعما للجهد الرسمي للدولة المصرية المضاد للجماعة.
*****
لقد كانت مباراة مصر ضد الكونغو؛ تمثل المناسبة المثالية لفضح عقل نخب الجماعة؛ وكشف غبائهم السياسوي؛ باستصناعها - من دون إدراك - حالة من النقمة الشعبوية المصراوية عليها؛ ارتباطا بمواقفها الهابطة من المنتخب المصري ونتيجته في التصفيات الأفريقية الممهدة لــ "مونديال موسكو".
إن الموقف الذي اتخذته الجماعة المتأخونة؛ ... قبل وخلال وعقب نهاية المباراة أفقدها الكثير ما يمكن أن تتوهمه سواء سابقاً أو لاحقاً؛ من قبول شعبوي لدى المصريين البسطاء المتعارف عليهم بــ "جمهور الدرجة الثالثة؛ قبل نخبهم الوسطى؛ وكلهم كمصريين يجمعهم شعورهم الوطني؛ ويكتلهم منتخب مصر لكرة القدم؛ باعتباره حاملاً لسمعة الهوية الوطنية رياضيا؛ ومدافعاً عن صورتها.
الغباء السياسوي للنخب المتأخونة؛ أنتج خطاباً هابطاً؛ كاشفاً لحقيقة جماعتهم؛ وأثبت فعليا سمة "لا وطنيتها"؛ حيث تجري تربيتهم على أن "الجماعة" هي "الوطن"؛ و"الهوية" المدعاة هي "العقيدة"؛ وبالتالي فالوطن بمفهومه المتعارف عليه "الأرض والسكان واللغة والسلطة" لا وجود له في عقيدتهم الجمعياتية البائسة؛ والمنافية حتى للإسلام بمنهج {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} سورة الكهف.
إن الممارسة الهابطة للمتأخونين في حالة مباراة مصر والكونغو لم تكن فعلاً مفاجئاً من العقل النخبوي المتأخون؛ بل إنها تتفق؛ وتتساوق وتجسد ما نطق به بفجاجة من قبل المرشد السابق مهدي عاكف: "طُظِّ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"، وكذلك سقوطه القولي قبل الوصول إلى كرسي حكم مصر: "إن أنصار الإخوان سيضربون بالجزمة من يهاجمهم إذا وصلوا للحكم"!!
تلك هي البئر الراكدة التي ينهل المتأخونون منها أقوالهم؛ ويبنون عبرها مواقفهم الهابطة كما نقلتها وسائط التواصل الاجتماعوي؛ وشاشات القنوات الفضائية الناطقة باسم الجماعة البنائية قبيل المباراة وبعدها؛ إذ كشفت نتن عقولهم؛ مقابل التفاف المصريين حول منتخبهم الوطني، وأقحموا بغبائهم السياسوي حضور جماعتهم المنهارة مع المنتخب الوطني، آملين بفساد نفسانيتهم فشل مصر في الصعود إلى نهائيات موسكو!!
ويمكن رصد بعض مفردات خطابهم غير الوطني في النماذج التالية:
- المتأخونة الهاربة بعد "رابعة" إلى الولايات المتحدة آيات العرابي كتبت قبل المباراة: " ادعو الله أن يخسر منتخب الجلدة المنفوخة... كرة القدم ليست فقط أكبر سلاح للإلهاء بل هي جزء من عقيدة الوطنية الصنمية".
وحين أصابتها الصدمة بالفوز واصلت ممارسة الكذب الذي تتميز به؛ فقالت: "مباراة الكونغو تم شراءها. كتبت عن احتمال شراء المباراة منذ نحو 7 ساعات "!!

المتاخون الهارب محمد ناصر يشكك بحقد في ضربة الجزاء،
وأصابه بالخزي الحكم الذي استضافه معلنا صواب قرار الحكم.
- المتأخون الهارب إلى تركيا محمد ناصر حاول التشكيك في صحة ضربة الجزاء بسؤاله الخبيث للحكم الدولي السابق ناصر صادق : "هل ضربة الجزاء التي أهلت المنتخب المصري للمونديال غير صحيحة؟". لكن الحكم المستضاف خذله بتأكيد صواب قرار الحكم باحتسابها نتيجة عنف لاعب دفاع الكونغو!!
- المتأخون الهارب إلى تركيا عمرو عبد الهادي واصل ما تمت تربيته التنظيمية عليه؛ بالتشكيك في الحكم الجامبي بكاري جاساما، قائلاً: لولا الحكم ما صعدت مصر. من دون امتلاك دليل يؤكد أكذوبته!!
- المتأخون الهارب الى تركيا حمزة زوبع اعتبر حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي المباراة نوعا من إبعاد الشعب المصري عن همومه الرئيسية من خلال كرة القدم والمتعارف عليها بأنها أفيون الشعوب". وهي كلمات مستهلكة زال زمانها!!
- المتأخون الهارب وليد شرابي قال أنه: "لن يتابع المباراة ويعتبرها جزءا من الحرب الإعلامية، والتي تبين للمواطن الفقير أن وصول المنتخب المصري إلى كأس العالم يمثل انجاز عظيم بينما الخروج من التصنيف العالمي للتعليم أمر طبيعي." إنه تمحك ساذج في توظيف المقارنات!!
- الإخواني الهارب أحمد البقري الموصوف بلقب النائب السابق لرئيس اتحاد طلاب مصر أعلن رفضه تشجيع المنتخب المصري حتى لا يتم احتساب النصر للرئيس عبد الفتاح السيسي "!!
ابنة خيرت الشاطر تشكو كذبا من الغلاء وتحرض ضده.
- المتأخونة عائشة خيرت الشاطر كتبت فور انتهاء المباراة" قرر صرف مليون ونص لكل لاعب عشان التأهيل لكأس العالم والشعب بس اللي ليه مفيش.. وليه ٣٠% زيادة على كروت الشحن والبنزين والسكر وكل حاجة.. وفي الآخر غلبان وبيفرح.. شعب عاوز يدرس حالته في الكتب". والغريب أن ابنة الشاطر التي تعيش رغدا مما يتاح لها من أموال التنظيم المتأخون تحقد على اللاعبين وتشكو من الغلاء؛ وتتناسى أن هناك عوائد مليونية ستحصل عليها مصر من الاتحاد الدولي لكرة القدم.
- المتأخون الهارب وائل قنديل، حاول التسفيه من أهمية الفوز والإنجاز الكروي، فتصدى له المغردون على "تويتر"، فقال أحدهم: "انتوا مستكترين علينا الفرحة حتى يا ملاعين الأرض؟ ربنا يولع فيكوا أكتر ما انتوا والعين"!!
- المتأخون الهارب عمرو فراج، شن هجوماً على ما يسمى المتحدث باسم الإخوان أحمد عاصم، الذي أصدر بيانا هنأ فيه بفوز منتخب مصر لكنه محمل بلغة التحريض ثم قام بإلغائه لاحقا؛ فانزعج عمرو فراج مدوناً: "وده حال الثورة الحزينة وشبابها ومن يفترض إنها كانت جماعة واحدة تقود هذا الزخم الشبابي وتوجهه، بوستين في يوم واحد، جايين يفرحوا ويشجعوا المنتخب النهارده بكل برود وتناحة بعد طول صمت على صفحتهم".!!
ردود المتأخونين المحمومة كثيرة؛ وكلها تدل على أمراضهم النفسانية؛ وضياع بوصلتهم وفقدانهم الاتجاه الصائب تجاه العودة من دون التحريض إلى قلوب الشعب المصري الذي تصدى لهم شبابه على وسائط التواصل الاجتماعي بما يتناسب من شعب يشعر بالفرح لإنجاز كروي لم يتحقق من 28 عاماً.
*****
لكن ماذا تكشف القراءة التفكيكية في هذه الموضوعة المثيرة؟ لقد توج اللاعب الشاب المصري المحترف في بريطانيا أمل المصريين بالصعود بالهدفين اللذين أحرزهما؛ وسيكون هذا اللاعب أيقونة عملية القراءة التفكيكية الجديدة؛ ومن دون شك فالمتأخونون لا يشعرون بالارتياح تجاهه؛ لعومل عدة:
• أولاً: إن محمد صلاح بدأ يزيح الهوس الجماهيري باللاعب المتأخون محمد أبو تريكة المقيم خارج مصر، والمرتبط بقضايا الجماعة؛ والمطلوب للتحقيقات حول ارتباطات تمويلية لأنشطة الجماعة.
• ثانياً: إن اللاعب محمد صلاح يتحرك راهنا في إطار صورة حميمية جماهيرية وطنية؛ تتجاوز حجم رصيد محمد أبو تريكة المعتزل.
• ثالثاً: إن اللاعب محمد صلاح صار يمثل أيقونة المرحلة الراهنة؛ بتبرعه المالي الكبير لصالح صندوق تحيا مصر من عائد احترافه في أوروبا؛ فضلاً عن تبرعاته لبناء وحدة غسيل كلوى في قريته، ومساهمته في إنشاء معهد ديني هناك ومسجد بمدرسته الابتدائية، إلى جانب العديد من الأعمال الخيرية الأخرى.
ونتيجة تشكل هذه الصورة الشخصية لمحمد صلاح؛ اعتمرت صفحات التواصل الاجتماعي بما يؤكد هذه المنزلة للاعب فيما يمثل خطابا مضادا للخطاب المتأخون المعادي للوطنية.
- ففي صبيحة اليوم التالي لتحقيق حلم الصعود إلى نهائيات موسكو؛ حملت تدوينات المصريين على "تويتر" و"فيس بوك" تحية بعبارة: "صلاح الخير"؛ بدلا عن التحية الشائعة " صباح الخير ".
مع طفلته مكة في لحظة أبوة.
- وتدوينات أخرى حملت الشكر لإنجاز "أبو مكة"؛ والمقصود بالتعبير محمد صلاح منسوبا لطفلته الصغيرة التي أسماها " مكة " بدلالة الاسم الإسلاموية.
- كما ظهرت تدوينات أخرى تحيل إلى إن الصعود تحقق بقيادة " محمد صلاح الدين فاتح روسيا" إشارة إلى البطل العرب التاريخي "صلاح الدين الأيوبي".
*****
فرحة وطنية كبيرة بالفوز والصعود.
إن تفكيك خطاب تلك الذهنية الشعبوية الوطنية للمصريين؛ تكشف حالة العشق الجديدة لذلك الشاب الوطني؛ حيث تحور اسمه ليكون أجمل تحية صباحية مرتبطة بتحقق الخير الكروي لمصر الجديدة.
واستخدام المصريين لتعريف محمد صلاح بلقب "أبو مكة" يأتي تلبية لسمة طقوسية التدين الغالبة التي يتميز بها المصريون؛ وعشقهم وشوقهم غير المحدود للسفر إلى مكة تلبية للعمرة والحج؛ وقد حقق محمد صلاح دعواتهم القلبية بالفوز تفاؤلاً باسم طفلته الكريم "مكة".
أما استحضار سيرة البطل صلاح الدين الأيوبي صفة للاعب محمد صلاح؛ فيحيل العقل التفكيكي للإشارة إلى مكنون إنجاز صلاح الدين الايوبي قاهر الصليبين؛ الذين كانت جماعة "فرسان الهيكل" الماسونية من تكويناتهم؛ وهي الجماعة التي استوحى "حسن البناء" مؤسس ما تسمى "جماعة الإخوان المسلمين" نسقها المغلق والعنيف وطقوس تنظيمها الخاص؛ وقد سبق تفكيك ذلك في الحلقات الأولى من هذه السلسلة.
*****
ولهذه الدوافع الكامنة يتجلى حجم فضيحة انكشاف مخبوء العقل النخبوي المتأخون من قضية كراهيتهم لفوز مصر بالصعود إلى نهائيات موسكو 2018 م؛ لذلك لم يسعد المتأخونون بانتصارات المنتخب الوطني المصري؛ التي أعلنت فور إطلاق صافرة نهاية المباراة هزيمة المنتخب الكونغولي؛ وبالتبعية هزيمة منتخب المتأخونين من الإعلامويين بشعارهم المرشدي القديم الساقط: "طُظِّ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"؛ لتنطبق عليهم الآية القرآنية الكريمة: { فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ}؛ أما المصريون وأخوتهم العرب والمسلمون ففرحوا مع أخوة لهم ينتظرون بشغف أيضا صعود منتخباتهم!!
"رأفت السويركي"
-----------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق