الاثنين، 2 أكتوبر 2017

" صلاة أمام قبره"... ناصر الحاضر رغم الغياب!! شعر رأفت السويركي

" صلاة أمام قبره"... ناصر الحاضر رغم الغياب!!
 
 
--------------------------------- شعر رأفت السويركي
 
 
 
 
قم بمصر وكذب الأقوالا
 
                                       وتحد الفناء والأهوالا
 
يا رسول السلام كيف افترقنا
 
                              يا حبيب الجموع انهض تعال
 
واحتضن شعبك الحزين بحب
 
                                الأب واخلق مصانعا ورجالا
 
قم بواديك يازعيمي خطيباً
 
                                يا حبيباً مضى يشد الرِّحالا
 
دمِّر القبر وانتفض من عقالٍ
 
                              حرم الشعب روحه والجلالا
 
وتجرَّدْ من كل موت حقود
 
                            دسَّ في محجريك ليلاً توالى
 
وتحرك فإن شعباً وفياً
 
                                   دمعه الانَ لم يزلْ هطَّالا
 
قل لهم: لم أمتْ أنا لم أزل حيّاً
 
                                     لكمْ فاثبتوا إذا الليل طال
              
أيها السادرون في الحزن مهلاً
 
                                  إنني مثلما الضِيا يتوالى
 
فدعوا الأدمع الثواكل وامضوا
 
                                      للأعالي فيالقا... أجيالا
 
كُنتَ صبحاً مباركاً بعثه لم
 
                                     يَشْهَدِ الشرقُ مثْله فعَّالا
 
عرفتك الشعوب فجراً تجلّى
 
                                   وجسوراً ومُبدعاً صوَّالا
 
فحمدنا الإلهَ خيرَ ثناءٍ
 
                                    وشكرناهُ أنْ حَبانا جَمالا
 
واتَّبعناكَ قائداً خالداً لا
 
                                     ينثني للصعابِ فذَّاً مثالا
 
وافتقدناك مهجة وفؤاداً
 
                                      وسراجاً ومِشْعَلاً وهلالا
 
ومشينا شعارنا: بالدِّما والروحِ
 
                                            لا بد أنْ نسير عِجَالا
 
وحلفنا نحقق النصر حتماً
 
                                             وحلفنا نُحطِّم الأغلالا
 
لن تطيب الحياة إلا بنصرٍ
 
                                          واثق الخطو يدحر الإحتلالا
 
كَذَبوا حينما ادَّعوا كلَّ زورٍ
 
                                  حَسبوكَ انتهيتَ لا... ألف لا... لا
 
أنت حيٌ مخلدٌ وكفاحٌ
 
                                            كلما أنكروه... زادَ جلالا
 
أنتَ مصرٌ، ومصرُ قاهرة الأزمانِ
 
                                               فانهضْ وكذِّب الأقوالا

-----------------



ها نحن نعيش في عامه السابع والأربعين من الحضور على الرغم من الغياب؛ ذكرى رحيل ناصر؛ الذي لو لم تأت به المشيئة الإلهية لقيادة مصر لكنت وجيلي وما أعقبنا من اجيال في حال لا يعلمها إلا الله. أقول ذلك بثقة مطلقة رغم أنف المتنطعين؛ والمغيبين والمضللين والمتوهمين؛ وطوائف الببغاوات التي تلوك حين يرد ذكر ناصر كلمات لا تعرف وزنها؛ ولا مقدار جرمها في حق هذا الرجل؛ والذي لا تزال أضواء سيرته الوطنية والشخصانية تعمي عيونهم؛ ونبرات كلماته تصيبهم بالصمم.

*****
 
أنا شخصيا ابن ذلك الرجل الفلاح الفقير؛ يرحمه الله الذي غادر آيام الملكية ريف " محافظة الشرقية" إلى القاهرة لآداء الخدمة العسكرية مجندا وبقي بها؛ ولربما لم أكن سأحظى يوما بفرصة التعليم؛ لو لم يأت ناصر إلى قيادة مصر. وهذه الميزة التي تعادل قيمة الدنيا وما بها سأضعها في ميزان ناصر لدي؛ ولهذه وغيرها الكثير؛ أحببت جمال عبد الناصر فتى وشابا ورجلا طرق أبواب خريف العمر؛ يدرك معني ودلالة " ناصر / الرمز" بعد غياب الجسد.
 
ومنذ غياب " ناصر/ الجسد " في الثامن والعشرين من سبتمبر / أيلول ١٩٧٠ م، وناصر الرجل / الرمز لا يزال يتلقى الطعنات من المتنطعين القدامى والمحدثين؛ سواء من المتأخونين، أو المتأدلجين؛ وكلهم غارق في الغيبوبة وضلالة الوعي والمعتقد السياسوي؛ البعض منهم ممن عاشوا أيامه؛ وكذلك ممن لم يعرفوا عنه شيئا؛ سوى بالسماع ممن تصوغ وسائط التواصل الاجتماعي أذهانهم وأفهامهم في الزمن الراهن.

 
" ناصر الرمز والقيمة" حاضر في وجداننا ولن يغيب؛ وسنظل نتذكر أنه وضع بدايات مصر الفاعلة، استصناعيا واستزراعيا وسياسويا مع أقطاب حركات التحرر الوطني في العالم، ولكن لم يتح له الموت فرصة إكمال المسيرة؛ فانتكبت مصر من بعده بما فعله أنور السادات وحسني مبارك؛ وأفدحه إتاحة الفرصة التاريخية للرأسمالية الطفيلية الناشئة للتوحش؛ وتفكيك قدرات الدولة المصرية في الاستصناع والاستزراع؛ لتصل مصر إلى ما وصلت إليه من هذا التردي القدراتي المخيف؛ والذي تحاول الدولة المصرية راهنا استرداد عافيتها من جديد؛ فلا يقبل بذلك كل المغيبين عقديا وإيديولوجيا من " عباد الماضي" و" عباد النظرية" ، فلا يتوقفون عن البكاء والولولة؛ ويواصلون الهتافات الساقطة... بما يسمونه بغبائهم العقلي " سقوط حكم العسكر "!!

 
*****
صورة قصيدتي التي كتبتها في عمر العشرين عاما
والقيتها في ذكرى تأبين ناصر بدار الأدباء في مصر 1970م
 
 
قصيدة " صلاة أمام قبره" ؛ تلك المنشورة هنا؛ كتبتها شابا عشريني العمر؛ وألقيتها بمناسبة تأبين ناصر في احتفالية الأربعين التي أقيمت في " دار الأدباء" بالقاهرة يوم 8 نوفمبر 1970 م؛ ضمن باقة من أساتذتي الكبار فطاحل الشعر العربي؛ ومنهم صلاح عبد الصبور من مصر؛ وهارون هاشم رشيد من فلسطين، وأحمد رامي من مصر، وَعَبَد المنعم الرفاعي من الاْردن، وصالح جودت من مصر، وإبراهيم عمر الأمين من السودان، وسلامة عبيد من سورية، وَعَبَد الرحمن صدقي من مصر، وسليمان ابراهيم المشيني من الاْردن، وعلي الجندي من مصر، ومحمد احمد المشاري من الكويت، ومحمود حسن اسماعيل من مصر، ومحمد حبيب صادق من لبنان، وأمل دنقل من مصر، وَعَبَد اللطيف حسين من ليبيا، ومحمود غنيم من مصر، وإبراهيم الحوراني من اليمن، ومحمد مصطفى الماحي من مصر، والدكتورة الشاعرة طلعت الرفاعي، ومحمد أبو دومة، وأحمد سويلم، ومحمد الجيار، وخليل جرجس خليل، وروحية القليني، وفؤاد بدوي، وكامل أمين، وخليل الليثي، ومحمد حجازي، والعديد العديد من شعراء مصر.
 
*****

الامام الشعراوي يقرأ الفاتحة على روح ناصر


وحين أتأمل راهنا أبيات تلك القصيدة؛ أدرك كيف يمكن للشاعر أن يمتلك القدرة على إدراك المختبىء مبكرا؛ والتشوف الاستبصاري؛ كما ورد في ختام القصيدة بحرفه:

كَذَبوا حينما ادَّعوا كلَّ زورٍ
 
                                     حَسبوكَ انتهيتَ لا... ألف لا... لا
 
أنت حيٌ مخلدٌ وكفاحٌ
 
                                                كلما أنكروه... زادَ جلالا
 
فهذا " ناصر الرمز" يتحدى بحضوره الكريم على الرغم من الغياب الجسدي أكاذيب كل الموتورين والمغيبين؛ الذين لا يتركون أية فرصة للطعن في تاريخه؛ بعماء البصيرة وعفن السريرة؛ فلا نالوا منه ولا خمدت نيرانهم لتواصل حرق حناياهم؛ وناصر ينام هناك في قبره حاضرا؛ حضور عزة أمة بقوة جيشها العظيم؛ الذي يحميها من التفتت والاضمحلال إلى أن تقوم الساعة؛ فهي مصر الآمنين بوعد الله تبارك وتعالى. عليك رحمة الله يا ناصر.
 
 
                                                                  "رأفت السويركي"

 

 
 ----------------------------------------------------------------------
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق