تفكيك العقل النخبوي السياسوي المتأخون(56)
شعار الجماعة... "تَمَسْكَنْ " وكن ديمقراطيا لا بأس حتى"تَتَمَكَّنْ "!!
---------------------------------------------------
---------------------------------------------------
هل الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "جماعة الإخوان المسلمين" جماعة ديمقراطية حقاً؟! أم أن النفاق المختبىء في منهجية "التقية" التي تستخدمها طوال تاريخها يعتبر مكوناً بنيوياً من مكونات نظرية الجماعة؛ وثابتا من ثوابت عقلها السياسوي المتأخون؟
إن النفاق السياسوي، يُعَدُّ صفة حركية تكتيكية من ثوابتها وتشكيلها؛ انطلاقاً مما جسدته اللهجة الدارجة المصرية بمقولة: "تَمَسْكَنْ حتى تَتَمَكَّنْ"، ولا بأس من ممارسة ذلك النفاق السياسي لتحقيق أغراضها؛ فالغاية تبرر الوسيلة!
البرلمان الاضحوكة في لقطة تذكارية في اسطنبول
إن القبول المتأخون بممارسة المسلكية البرلمانية؛ والاندراج في المشاركة الجماهيرية مع كل التيارات السياسية المفارقة الأخرى من الماركسيين والقوميين والماضويين الموصوفين بالمتسلفة يعتبر علامة غريبة عن طبيعة "العقل المتأخون"، لأنها ممارسة تتناقض مع ثوابته؛ فهو عقل "شوفيني" عقدي متعصب يشعر دوما بالفوقية؛ وأنه أعلى من كافة البشر؛ وأن المتأخون مكلف بعقيدة الجماعة المتوهمة بأنها مفوضة بإبلاغ رسالة السماء إلى أهل الأرض من الكفار.!
ألم تُزين لهم هلوساتهم الحِلْمِيَّة أن الرسول الأكرم "ص" طلب من "المعزول محمد مرسي" أن يتقدم لإمامة الصلاة؛ في هلوسة منافية لصحيح الممارسة الدينية بأنه لا إمام آخر للصلاة سوى الحبيب المصطفى في وجوده؛ لكن لا بأس بفعل الهلوسة السياسية؛ ولغرض الحصول على تكبيرات الأتباع المغيبين من القيام بالابتداع في الممارسة العقدية؛ انطلاقا من أن المتأخونين هم المؤمنون حقاً؛ فيما كل البشرية تتكون من أقوام كافرة؛ وتستحق مجاهدتها حسب القاعدة القطبية لإجبارها على الإسلام والإيمان!!
فكيف تقبل الجماعة المتأخونة إذن أن تشارك التيارات السياسية الأخرى للجلوس معها في قاعات البرلمانات، وهي تيارات بحكم العقيدة السياسية المتأخونة كافرة؟
إنها فعالية "التقية" السياسية الإخوانية؛ ونفاقها السياسي اللذين يفرضان على الجماعة أن تقبل مُكْرَهَةً مَرْحَلياً ذلك لكي تحقق التمكن؛ ثم تبدأ بعد ذلك إزاحة كل الشركاء السياسيين عبر الهيمنة على البرلمانات، والتحكم التصويتي لفرض منهاجهم السياسي في التشريع؛ معتمدين الأغلبية التي جمعوها بالرشاوى الانتخابية للفقراء المغيبين وعياً سياسياً، أو عبر الاستفادة من الصورة الذهنية المتشكلة حولهم بأنهم من الرجال الذين يراعون الله ويخشونه!!
لذلك لا بأس إخوانياً من الاستفادة بظواهر العملية الديموقراطية؛ وخوض انتخابات البرلمانات على الرغم من أنها إنتاج فكر الكُفَّار؛ طالما أنها ستمكنهم من مقاعد التشريع؛ وتمنحهم مرحليا ما تسمى الشرعية السياسية؛ ليتشدقوا بعد ذلك بالقول أنهم جاءوا بالإنتخابات والصناديق؛ كما يصفون "مرسيهم المعزول" بأنه جاء بأصوات الناخبين!!
*****
في واقع الأمر، أن الجماعة المتأخونة التي امتطت على سبيل الانتهازية "حمار الديموقراطية" لا يمكن لها في يوم من الأيام بعد التمكين أن تقبل الاقتناع اليقيني بالحفاظ على تواصل العملية الديموقراطية؛ لأنها في الأساس جماعة مستبدة بالطبيعة؛ وتتكىء في توهم مشروعيتها إلى جدران عتيقة من النصوص الحافة بالقرآن الكريم؛ التي تشكلت تاريخياً من "الروايات والأقوال والأحكام الفقهية".
إن هدف التمكين الذي تعيش تلك الجماعة من أجل تحقيقه... هو إعادة إحياء وهم ما تُسمى "دولة الخلافة"؛ وستبقى تحاول ذلك كما يقولون إلى يوم الدين؛ لأنها جماعة تتوهم أنها تنفذ أحكام الله؛ وأن مرشدهم بالعقيدة السياسية المتأخونة هو مكلف إلهيا بتطبيق شرع الله وحدوده على الأرض؛ فيما التيارات السياسوية الأخرى محكومة بنظريات وضعها البشر؛ فكيف تقبل الجماعة المتأخونة أن تتخلى عن الكرسي إذا تمكنت؛ وهل يُعْقَل أن يجلس البشريون مَكَانَ الربَّانيين في الحكم بعد أن تمكنوا!!
*****
إن مشاركة الجماعة المتأخونة في لعبة تداول السلطة بالانتخابات؛ لم تكن تتم من منظور إيماني حقيقي؛ وإنما من منظور سياسوي دنيوي قلباً وقالباً. وتجربة "برلمان الإخوان" الفاسدة القصيرة التي تحققت في مصر كشفت ذلك؛ إذ لم تكن الجماعة ديموقراطية ولا ترتهن إلى شروطها.
لقد دخلت تلك الجماعة إلى البرلمان المصري مسبقاً وحازت على "كوتة" مقاعد بشروط مصنوعة وفرها نظام المرحلة المباركية المشؤومة في مصر؛ لكي يُقامِرُ بها حين يحين توقيت اللعب مع الغرب الأميركي. وبعد إزاحة مبارك؛ وحدوث التمكين لها بالرئاسة وفق حسابات استراتيجية موثوقة؛ أظهرت الجماعة المتأخونة بعد ذلك وجهها السياسوي البشع؛ وكشرت عن أنيابها السامة التي أعملتها نهشا في لحم الوطن.
ولم يَكُنْ وقتها مَفَر من تحرك المؤسسة الوطنية العسكرية المصرية لإنقاذ مصر من التفتيت؛ ومحاولة عزل سيناء وتخصيصها لتكون "إمارة الإرهاب" المستدعى عناصره من كافة أنحاء العالم وتوطينها بها، مع تخصيص أكثر من ثلثها بيعا لضمه إلى قطاع غزة، شروعاً في تكوين الوطن الفلسطيني البديل عن فلسطين القديمة المغتصبة من الصهاينة؛ لذلك كانت الهبة الجماهيرية الكاسحة وغير المسبوقة في 30 يونيو/ حزيران والتي أنهت أسطورة التمكين المتأخون من مصر إلى غير رجعة.
*****
إن واقعة "إعطال التمكين المتأخون" كانت كاشفة لكثير من الظواهر التي غابت عن وعي أغلبية المصريين والعرب... ولا تزال إلى اليوم؛ إذ لا يدرك الكثيرون منهم الدلالات "المسكوت عنها" بعد إنهاء فعل التمكين.
* لماذا احتشد أعضاء الجماعة ومشايعوهم فيما يسمى "رابعة العدوية والنهضة"؟
* لماذا بعد هروب الكثير من قياديي وعناصر الجماعة المتأخونة إلى "اسطنبول"؛ وما شابهها من مدن الشتات أقام التنظيم الدولي المتأخون تجمعاً موازياً مثيراً للسخرية؛ اسمه "برلمان الإخوان" في اسطنبول؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير، تخفي السيناريو الحقيقي الذي أقيمت هذه الجماعة من أجله، منذ التأسيس وإلى اليوم. والذي يكشفه العقل التفكيكي كما يلي:
اعتراف احمد المغير فتى خيرت الشاطر بتسلح تجمع رابعة
** إن الاحتشاد المشبوه في "رابعة العدوية" و"النهضة"؛ وتسليحهما وإقامة المتاريس حولهما وتسييجهما بالقناصة؛ كان ذا هدف محدد؛ ويكفي للدلالة على ذلك الاعتراف الذي ذكره "أحمد المغير"، أحد شباب الجماعة المتأخونة والذي يلقب بـ"رجل خيرت الشاطر" على " فيس بوك" بأن اعتصام رابعة العدوية، كان مسلحا بالأسلحة النارية وكلاشات وطبنجات وخرطوش وقنابل يدوية ومولوتوف وغيرها، مؤكدًا أن السلاح كان يكفي لصد قوات الداخلية والجيش!!
استخدام الأسلحة النارية في تجمع رابعة العدوية الخارج عن القانون
** معنى ذلك التسليح أن "التحصن" في رابعة العدوية ذلك المكان القريب من مناطق عسكرية مهمة للجيش المصري كان يستهدف عزل المنطقة مع ميدان النهضة عن القطر المصري؛ والشروع في تفعيل العمل العسكري الميليشياوي من خلالهما، تمهيداً للاحتراب الداخلي؛ وفق نموذج الهدم السوري الذي كان مشتعلا بأحداثه. ولتكون "رابعة العدوية" مماثلا سياسويا لمحافظة "حلب " السورية؛ والتي قادت فيها ميليشيات التنظيم المتأخون السورية جهود عزلها عن الدولة السورية؛ تمهيدا لتحويلها إلى أمارة سنية!!
** وخلال التجمع في "رابعة العدوية"؛ جرى عقد جلسات البرلمان الهزلي الذي تم حله العام 2012م رفضا لحكم المحكمة الدستورية العليا القاضي ببطلان قانون انتخابات ذلك البرلمان؛ فكان ذلك يعد تحدياً للدولة المصرية، إذ توهم التنظيم المتأخون أنه بذلك ينقل سلطة التشريع المنقضية قانوناً في الدولة المصرية إلى الجانب الآخر أي إلى الأرض الجديدة المزمع فصلها سياسياً في "غيتو رابعة"، لكي تتواصل المشروعية المتأخونة التي يعتقدونها.
رشاشات الكلاشينكوف مع الميليشيات المتأخونة في رابعة العدوية
وبعد حادث الفض لهذين التجمعين الخارجين عن القانون في" رابعة والنهضة"، وهروب قيادات الجماعة المتأخونة من المكان، بعضهم يرتدي "نقاب النساء" والبعض الآخر ينام في سيارات الإسعاف؛ ثم التسلل رحيلاً إلى تركيا والدول الأخرى المجاورة لمصر... أقامت الجماعة المتأخونة في مدينة اسطنبول التركية برلماناً موازياً للبرلمان المصري الجديد، كان مثيراً للسخرية؛ وتجسيداً للتوهم السياسيوي الذي تعاني منه العقلية المتأخونة، إذ ظنت أنها تصنع برلمان المنفى الاختياري الذي اختارته في بلد السلطان العثمانلي.
*****
وإذا كانت جهود صناعة نموذج "حلب" في "رابعة العدوية" قد فشلت؛ فلا تزال العناصر المتأخونة التي فرت إلى تركيا تُمارس لعبة السخرية التي بدأتها؛ وتصدق الوهم الذي تعيشه في أضحوكة اسمها برلمان الإخوان ليس في مصر؛ ولكن برعاية اردوغان؛ وتواصل تطبيق شعار الجماعة... "تَمَسْكَنْ " وكن ديمقراطيا لا بأس حتى"تَتَمَكَّنْ "؛ على الرغم من فشل هذه المسلكية!!
"رأفت السويركي"
-------------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق