الاثنين، 9 يناير 2017

هكذا عرفت البروفيسور "محمد مفتاح"!!

 هكذا عرفت البروفيسور "محمد مفتاح"!!
----------------------------------------------


كانت المرة الأولى التي تقع فيها عيناي على اصطلاح غريب لم أكن أدرك معناه خلال إحدى جولاتي إلى مكتبات "سور الأزبكية" في القاهرة. كنت شابا يحاول أن يعمق معرفته باتجاهات النقد الأدبي بما يفيد تجربتي شاعرا شابا.

كانت مفاهيم تيارات النقد الواقعي الموضوعي والمضموني تشكل ذائقتنا الأدبية؛ وكانت الوظيفة الاجتماعية للأدب هي مثار اهتمامنا، وبوتقة تشكيل وعينا الثقافوي.

غير أن الكتاب الذي كان عنوانه غريبا آنذاك بالنسبة لي كقارىء حر خلال تلك المرحلة "مدخل إلى السيميوطيقا" من تأليف الدكتور نصر حامد أبو زيد وسيزا قاسم فاتحة المرور إلى أفق آخر أكثر غرابة ورحابة وتقانة أيضا؛ إذ بدأت التعرف إلى طرائق مغايرة؛ تكشف لي ليس المضمون السياسي التزاما للأدب ولكن طريقة بنائية النص ليكون خطابه مؤثرا.

وبعد معاناة مكابدة التحول للإحاطة بذائقة القراءة الجديدة انطلاقا من كتاب "سيزا قاسم ونصر أبو زيد"، ومحاولة استيعاب خصوصيات محموله؛ ونمط تقنياته في التحليل... بدأت أركض لتحصيل أية كتابات وإصدارات تدور حول فن الخطاب والسيميولوجيا والبنائية و... و... إلخ. 

وساقت إلى المصادفة أيضا كتابا كان مثيرا بعنوان "في سيمياء الشعر القديم" للدكتور محمد مفتاح، الذي فتح أمامي أيضا طاقة جديدة للتعامل مع شعرنا العربي القديم. 

وبدءا من هذا الكتاب عرفت اعمال البروفيسور محمد مفتاح، واهتممت بمشروعه وانكببت على مؤلفاته جمعا وقراءة. ومنها: التلقي والتأويل ـ مجهول البيان ـ نظرية الشعر ـ تحليل الخطاب الشعري ـ النص من القراءة إلى التنظير ـ مفاهيم موسعة لنظرية شعرية".

"فيس بوك" أعاد تذكيري بتدوينة سابقة لي... تدور حول انطباعاتي تجاه هذا العلم العلمي، وذكرياتي، وكيف كانت مناسبة اللقاء الشخصي معه في "مهرجان المربد" بالعراق مع باقة من مفكري وعلماء المغرب الشقيق، وكانت هذه التدوينة بعنوان:

شهادة في عالم "محمد مفتاح"
-----------------------

كم أنا في اشتياق للقاء هذا الرجل الذي اعتبره نسيج وحده، فهو عالم فريد في إنتاجه الفكري المتميز، وكتبه التي تعد من علامات دراسة وتحليل وتفكيك الخطاب الإبداعي العربي، بجهد منهجي متعدد الزوايا والإحاطة، بدراسته النص من القراءة الى التنظير، ودينامية النص، وعمله الفريد عن الخطاب الشعري، استراتيجية التناص، وسفره الفريد في سيمياء الشعر القديم، والعديد العديد.

التقيت الاستاذ الدكتور محمد مفتاح في "مهرجان المربد" ببغداد، بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، مع زمرة من علامات الفكر في المغرب، د. محمد وقيدي، والمرحوم سالم يفوت، والشاعر بشير القمري، والعلم الدكتور سعيد يقطين، والعديد ممن لا تحضرني أسماؤهم الان، وكانت بداية تعارف فكري مميز، وكان الدكتور محمد مفتاح يتحرك كنسمة الهواء، بهدوء جليل، وبعدها دخل مشروع هذا العالم مكتبتي وراسي، ليفتح لي آفاقا لا محدودة من المعرفة، فظللت اتلهف لالتقاط احدث مؤلفاته من إصدارات المركز الثقافي العربي عاما بعد عام، وليصبح محمد مفتاح احد اهم أساتذتي في عالم تحليل الخطاب الأدبي والألسني. هذه شهادة ضئيلة في حق عالم جليل.


                                                                              "رأفت السويركي"
------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق