حين تُصاب الأمة في عقلها... "النكبة" في "النخبة"!!
---------------------------------------
---------------------------------------
ماذا يمكن القول عن مجتمعٍ أصيب بابتلاء في عقله؟ وأمة تدور حول نفسها في
دوامة اجترار لما استهلكته منذ عشرات القرون؛ كأن قدرتها على الاستيلاد
العقلي الحي منعدمة... أمة العرب والإسلام وفي قلبها المجتمع المصري.
فما تجده في المجتمع المصري... تلقاه أيضاً في محيطه العربي والإسلامي
بقده وقديده؛ والعقل التفكيكي يعثر على الخطاب المكرور ذاته؛ والمقولات
نفسها؛ والفعل عينه... في كل مكان على الخريطة المنتكبة في عقلها؛ أي في
نُخَبَهَا... أليست النخبة هي عقل أية أمة؟!
*****
الجهد التفكيكي لعقل النخبة لا يجد معاناة في اكتشاف فقدانها للإبداع؛ ونمطيتها في "التفكر" و"التقول"... نخبة لا تتطور ولا تطور خطابها؛ وكل ذلك ممهور بالأدلة.
وإذا كان الجهد يعكف على تفكيك العقل النخبوي المصري لضرورات؛ فإن حصاده يصل إلى نتائج ثابتة لم تتغير؛ بحكم أن العقل النخبوي يعيش حالة قحط وفقر منذ قرابة نصف القرن؛ أي مع بدء "مشروع أنور السادات السياسي" في تغيير الحالة المصرية؛ وبالتالي انجرار الأمة العربية كلها للدوران في فلك هذا التوجه النكوصي؛ لإحالة الدولة نظاماً إلى الاستيداع؛ وإطلاق السراح لتشكل طبقة الرأسمالية الطفيلية المصرية والعربية؛ بكل فسادها وجموحها وشرهها في التربح والاكتناز للثروات؛ مقابل تحويل الملايين إلى فقراء يعيشون على حواف الكرامة الحياتية.
*****
"النخبة المصرية نموذجاً" لا تزال تؤكد فقرها الفكري؛ وتعجز عن إدراك أهمية تفعيل "فقه الواقع" للتواكب مع المتغيرات لتكون فاعلة؛ وليست إدوات إعطال لأية جهود تسعى لانتشال الواقع من ترديه.
حالة التعاطي النخبوي مع المسألة البرلمانية المصرية تؤكد عجز العقل النخبوي المصري في مجمله إلاَّ اللمم عن التفاعل الإيجابي مع المتغيرات. وكما ذكرت سابقاً:" لقد وقعت النخب في فخ عدم إدراك حقائق الواقع، أو فقرها في دراسة واقع مجتمعها، الدراسة العلمية، والواعية بعناصره، ومتغيراته، وموازين قوته وعناصر تلك القوة".
كما " تتجاهل هذه النخب مدى التشوه الذي يعيشه المجتمع المصري في هيكليته الطبقية، وظروف انهياره السياسي طيلة فترة الحكم المباركي، الذي قفز بالرأسمالية الطفيلية إلى أعلى درجات المجتمع، وهي رأسمالية تبعية هامشية، رهنت المجتمع المصري إلى شروط الإفقار العولمي للشعوب.
أليس ذلك مدعاة لتنبيه أفراد النخب المصرية الفقيرة في فهمها السياسي، للحذر مما يحدثونه من فوضى إعلامية، وإشاعة مناخات اليأس والإحباط والسخرية، تجاه التجربة البرلمانية الجديدة في مصر مهما كانت صورتها، أو نتيجتها في تلك المرحلة الانتقالية، التي تحاول فيها الدولة التعافي، ومواجهة المخاطر المتنوعة التي تتربص بها؟"
*****
وتأتي هذه الكتابة في إطار تذكير "فيس بوك" لي بكتابة سابقة حول البرلمان المصري الراهن؛ الذي أخذت النخب تُحوِّله في بداية تشكيله إلى مجال للسخرية والتندر فأسمته "برلمان السيلفي".
والأمر المثير أن النخب المصرية لا تزال تجتر الموقف العدائي من هذا البرلمان لدى أية قضية يتناولها متناسية أنه خير برلمان يعبر عن مجتمعه؛ وحين تُصاب الأمة في عقلها... تكون "النكبة" في "النخبة" التي لا تزال تجتر تهافتها السياسي!!
--------------------------------------------------------
*****
الجهد التفكيكي لعقل النخبة لا يجد معاناة في اكتشاف فقدانها للإبداع؛ ونمطيتها في "التفكر" و"التقول"... نخبة لا تتطور ولا تطور خطابها؛ وكل ذلك ممهور بالأدلة.
وإذا كان الجهد يعكف على تفكيك العقل النخبوي المصري لضرورات؛ فإن حصاده يصل إلى نتائج ثابتة لم تتغير؛ بحكم أن العقل النخبوي يعيش حالة قحط وفقر منذ قرابة نصف القرن؛ أي مع بدء "مشروع أنور السادات السياسي" في تغيير الحالة المصرية؛ وبالتالي انجرار الأمة العربية كلها للدوران في فلك هذا التوجه النكوصي؛ لإحالة الدولة نظاماً إلى الاستيداع؛ وإطلاق السراح لتشكل طبقة الرأسمالية الطفيلية المصرية والعربية؛ بكل فسادها وجموحها وشرهها في التربح والاكتناز للثروات؛ مقابل تحويل الملايين إلى فقراء يعيشون على حواف الكرامة الحياتية.
*****
"النخبة المصرية نموذجاً" لا تزال تؤكد فقرها الفكري؛ وتعجز عن إدراك أهمية تفعيل "فقه الواقع" للتواكب مع المتغيرات لتكون فاعلة؛ وليست إدوات إعطال لأية جهود تسعى لانتشال الواقع من ترديه.
حالة التعاطي النخبوي مع المسألة البرلمانية المصرية تؤكد عجز العقل النخبوي المصري في مجمله إلاَّ اللمم عن التفاعل الإيجابي مع المتغيرات. وكما ذكرت سابقاً:" لقد وقعت النخب في فخ عدم إدراك حقائق الواقع، أو فقرها في دراسة واقع مجتمعها، الدراسة العلمية، والواعية بعناصره، ومتغيراته، وموازين قوته وعناصر تلك القوة".
كما " تتجاهل هذه النخب مدى التشوه الذي يعيشه المجتمع المصري في هيكليته الطبقية، وظروف انهياره السياسي طيلة فترة الحكم المباركي، الذي قفز بالرأسمالية الطفيلية إلى أعلى درجات المجتمع، وهي رأسمالية تبعية هامشية، رهنت المجتمع المصري إلى شروط الإفقار العولمي للشعوب.
أليس ذلك مدعاة لتنبيه أفراد النخب المصرية الفقيرة في فهمها السياسي، للحذر مما يحدثونه من فوضى إعلامية، وإشاعة مناخات اليأس والإحباط والسخرية، تجاه التجربة البرلمانية الجديدة في مصر مهما كانت صورتها، أو نتيجتها في تلك المرحلة الانتقالية، التي تحاول فيها الدولة التعافي، ومواجهة المخاطر المتنوعة التي تتربص بها؟"
*****
وتأتي هذه الكتابة في إطار تذكير "فيس بوك" لي بكتابة سابقة حول البرلمان المصري الراهن؛ الذي أخذت النخب تُحوِّله في بداية تشكيله إلى مجال للسخرية والتندر فأسمته "برلمان السيلفي".
والأمر المثير أن النخب المصرية لا تزال تجتر الموقف العدائي من هذا البرلمان لدى أية قضية يتناولها متناسية أنه خير برلمان يعبر عن مجتمعه؛ وحين تُصاب الأمة في عقلها... تكون "النكبة" في "النخبة" التي لا تزال تجتر تهافتها السياسي!!
" رأفت السويركي"
--------------------
تفكيك العقل النخبوي الإعلامي المهيمن (14)
"برلمانُ السِيلفي" وثقافة النخب " الأكثر من الهم على القلب"!!
-----------------------------------------------------------
-----------------------------------------------------------
متغيرات الواقع المصري الراهنة، تقتضي العودة مرة أخرى إلى استخدام منهج
الرؤية من خارج الصندوق، الذي أواصل توظيفه، حين النظر إلى القضايا المصرية
الراهنة، لأنه يحرر النظر إلى متغيرات الأحداث ومستجداتها من ضغوط
الانتماء، والرغائب العاطفية، بالتعاطف أو الرفض، وفق الانتماءات العقدية
أو السياسية، وذلك سعياً إلى امتلاك التصور المعلوماتي، بحقائق الظاهرة،
وعوامل تشكلها الاستراتيجية والثقافية المختلفة، من أجل إلى الوصول إلى
الفهم الموضوعي للقضية محل النظر.
ولعل ما أحاط بالجلسة الإجرائية الأولى للبرلمان المصري، وردود أفعال النخب المصرية تجاهها، وهي في أغلبيتها كانت ردود أفعال متسرعة، تحكمها إما موقفية مسبقة، في الأغلب رافضة بدرجة أو أخرى لتلك الخطوة، أو متعجلة في الحكم عليها، إذ تتحكم فيها ظاهرة صراخ القطيع عبر فضائيات "التوك شو"، من دون تروٍ، أو تمهل، أو تأنٍ قبل بناء الأحكام الرافضة أو المتقبلة لما حدث في جلسة البرلمان الأولى وفق آليات التحليل السياسي والاستراتيجي، عن قصدٍ، أو من دون قصدٍ، الأمر الذي جعل المتلقي لتلك الرسائل المشوشة، أو "الإنسان العادي"، يصاب بالكآبة، واليأس، وفقدان الأمل بالنسبة للمستقبل في مصر؛ كياناً ودولة، وهي تواجه التحديات الاستراتيجية الهائلة، فيما يأتي من أيام مقبلة.
*******
إن أولى خطوات إعادة بناء وتجميع شتات الصورة الذهنية السلبية التي تواصل تكنولوجيا "التوك شو" و"وسائط التواصل الاجتماعي" تصنيعها تجاه البرلمان المصري الجديد، تقتضي تجميع ذلك الشتات المُظلم والذي يجري بثُهُ بدأب، لا يَكلُّ أو يَملُّ، من دون أن تجد سوى أقل القليل من الكتابات التحليلية الموضوعية المؤثرة، والتي لا يُمكن أن تُعادل الآثار السلبية التي يراكمها صراخ "التوك شو"، أو "بوستات"، وتغريدات "فيس بوك" و"تويتر".
ويمكن رصد هذه الاتجاهات السلبية، الهادفة في حقيقتها إلى هزِّ ثقة المصريين في دولتهم، وإضاعة بهجة تنفيذ آخر الاستحقاقات الموعودة، في خريطة الطريق، عقب إزاحة هيمنة تكوينات الراكبين للدابة العقدية، من الموسومين بمسمى "الإسلام المتسيس"، بعد قرابة العام من جلوسهم على كراسي الحكم، بفعل فاعل، وشرعوا في تنفيذ أجندة التفويض، بتفكيك وتفتيت كيان الدولة الوطنية، كما حدث في العراق وليبيا والسودان، ويحاولون في سوريا الدولة أنقذها الله مما يُراد لها، وكذلك مصر حماها الله.
*******
وبعد أن انتهت الانتخابات البرلمانية المصرية، التي قالوا حولها ما قالوا، وقمنا من قبل بتحليل خطاب تلك النخب السياسية والعقدية المتسيسة، التي تتحكم به المتصورات التخييلية عن لافتات "دولة الخلافة" وكذلك "الدولة المدنية"، من دون وجود الشروط الموضوعية التي تبرر لهم هذه الخطابات الحُلمية وغير الواقعية، وليس لديهم سوى التغني والتشوق بتحقق هذه المتخيلات، التي يلوكون مفرداتها ليل نهار، مكتفين بترديد عبارة "إزاحة العسكر"، التي تعني في حقيقتها هدم قوة الدولة الوطنية الضابطة، وإخراج فعالياتها من المشهد كله، وكأننا في إحدى "جمهوريات الموز"، وقد فككنا سابقاً هذه المفردات، في كتابات عدة من قبل.
*******
وأشبه بفرق لاطمات الخدود في المآتم الريفية، أو فرق أفراح الأحياء الشعبية في حارات وأزقة مصر، بدأت النخب العمل فور بدء الجلسة الإجرائية الأولى للبرلمان المصري الجديد، كاشفة عن حالة مزرية من الهشاشة الفكرية التي وصلت وتكشف افتقادها للتوازن الموضوعي الإعلامي، الذي ينبغي أن يتميز به صانع الرأي العام الوطني.
إن تحليل المضمون المحمول في خطابات الإعلاميين المصريين حول جلسة البرلمان الأولى، حملت الصفات السلبية التالية:
• أحدهم هبط بمستوى التعبير اللغوي إلى حد استخدام الكلمات السوقية في مواقع التواصل الاجتماعي مثل " القوالب نامت والانصاص قامت".
• وآخر وصف الانتخابات والبرلمان "كأنها مشروعات قومية عملاقة وكأنه مجلس لحقوق الإنسان وكأنها صحافة وكأنه أعلام وكأنها دولة. نفس المسرحية منذ 1952"، متناسياً هذا الشخص، أنه نتاج واقع مجانية التعليم والرعاية والتثقيف في دولة المسرحية نفسها منذ 1952".
• وثالث كتب: إن "المشهد اللي يتقال فيه من أول لحظة قائد المسيرة هو مشهد مبايعة، وليس مشهد سياسة وسياسيين".
• ورابع كتب:" مجلس الشعب ولا هو كوميدي ولا هو مسرحية لطيفة... إلخ"، ونسي هذا الرابع" أن الاسم هو "البرلمان" وليس مجلس الشعب!
• وقد ركزت الصحافة الورقية والالكترونية على رصد المسلكيات خلال الجلسة الإجرائية، عندما قام بعض النواب من الشباب الصغير برصد مشاركتهم الاولى في القاعة عبر "الموبايل"، والتقاط "السيلفي" داخل المجلس، ما استدعى من المستشار بهاء أبو شقة المطالبة بإغلاق هواتفهم، لكن النواب استمروا في استعمال الهواتف المحمولة إلى نهاية الجلسة.
• التركيز على مواقف النائب مرتضى منصور، خاصة فيما يتعلق بـ 25 يناير وقيامه بتغيير نص القسم وإضافة جملة "أحترم مواد الدستور بدلأ من أحترم الدستور والقانون"!
• تناست تلك النخب، برلمان العقديين المتسيسين السابق، الذي شهد العجب العجاب، من نائب يقوم خلال الجلسة ويرفع الأذان من على مقعده في البرلمان، ويلقى الاستنكار من الحاضرين من النواب "العقديين" أنفسهم!!
• أشارت التقارير الصحافية إلى عدم انضباط الجلسة وفق القواعد البرتوكولية، وامتدادها الى ساعات متأخرة من الليل الأمر الذي أدى إلى تأخير انتخاب الوكيل الثاني إلى اليوم التالي.
• أثار فوز الدكتور على عبد العال أستاذ القانون العام برئاسة البرلمان جدلاً جديداً حوله، على الرغم من فشل النائب الإعلامي توفيق عكاشة في الفوز بالرئاسة، ليضع ذلك علامات تساؤل كبيرة حول الموقف الرافض، من أجل الرفض الذي تمارسه النخب التي على ما يبدو "لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب"!
• من المثير أن يبادر النائب توفيق عكاشة بتصريح تداولته صحيفة صباحية بقوله " إن فوز الدكتور عبد العال برئاسة المجلس، هو امتداد لنظام الحزب الوطني المنحل"، وقد تناسى السيد عكاشة نفسه أنه أعلن سابقاً في فيديو موثق: "كنت عضوًا بالحزب الوطني... واللي هيتكلم ها ضرب أمه بالجزمة"!!!!
وإذا كانت تلك المشاهد تمثل بداية الدورة البرلمانية الإجرائية، فإن التفكير من خارج الصندوق للقضية يدعو لطرح الأسئلة، والإجابة عليها، لتبيان الصواب والخطأ في تلك المواقف النخبوية الهشة، بل والمتهافتة للغاية، والتي تعكس حجم التردي في الوعي السياسي، ولا تكشف ارتقاء هذه النخب فوق مستوى رجل الشارع غير الممتلك للثقافة السياسية الناضجة، ما يشعرك بالشفقة لما وصل إليه مستوى وعي وأداء هذه النخب.
*******
لقد وقعت النخب في فخ عدم إدراك حقائق الواقع، أو فقرها في دراسة واقع مجتمعها، الدراسة العلمية، والواعية بعناصره، ومتغيراته، وموازين قوته وعناصر تلك القوة، وتتجاهل هذه النخب مدى التشوه الذي يعيشه المجتمع المصري في هيكليته الطبقية، وظروف انهياره السياسي طيلة فترة الحكم المباركي، الذي قفز بالرأسمالية الطفيلية إلى أعلى درجات المجتمع، وهي رأسمالية تبعية هامشية، رهنت المجتمع المصري إلى شروط الإفقار العولمي للشعوب.
فقد قامت فترة الحكم المباركي بتذويب الطبقة الفلاحية في مصر، عبر تشويه الدورات الزراعية، وتسليم بطون المصريين إلى الغذاء المستورد من الخارج وأهدرت الأرض الزراعية في إقامة المساكن العشوائية، وتجمعات "الكومباوند" الفاخرة، كما دمرت طبقتها العمالية الصاعدة بتفكيك مصانعها، وبيعها للرأسماليين الطفيليين من باعة "الحديد الخردة" وما شابه، فتفككت الطبقة المصرية العاملة لتذوب في وظائف مكاتب الحراسة وسائقي الميكروباص والتوك توك وتجارة الشنطة والبالة أو السفر إلى الخارج للعمل في الوظائف المتدنية المهارات.
لذلك امتلأ المجتمع المصري في العقود المباركية بجيوش من المتعطلين وزوار المقاهي، من فاقدي العمل ومعدومي المهارات، فضلاً استمرار ماكينات الإنجاب النشطة في الدوران بأقصى طاقاتها لحشر المجتمع المصري بجحافل من الأبناء من محدودي التعليم والعلم والمهارة العملية المتخصصة، فيكبرون ويصيرون من المتعطلة. وواكب ذلك إتاحة الفرصة للتنظيمات التي ترفع لافتة العقيدة، من الإخوان المتأسلمين والماضويين الموسومين بالسلفيين، للتغلغل في أنسجة المجتمع الفقير، ومداعبته بحلم جنات ما بعد البعث والحساب، وإقناعه بتبرير مشروعية إفقاره، من منظور الرزق المقدر والمقسوم، والرضا بذلك.
وفي هذا السياق لم تتشكل حركة حزبية ناضجة، فكانت تكوينات شكلية من التحزبات التي تجمع في غرفها المحدودة النخب المتعلمة وليست المثقفة والمتفقهة سياسياً، لتواصل الاجترار للشعارات البراقة عن الديموقراطية والدولة المدنية... إلخ.
*******
وفي إطار هذه الصورة المفجعة لمجتمع مريض حضارياً، كيف تكون برلماناته، وكيف تكون أحزابه السياسية الهامشية، وكيف يكون أداؤه الحضاري، وكيف تكون ممارساته الديموقراطية، مع التحفظ أمام هذا التعبير، فهل تنفصل الصورة التي بدت عليها الجلسة البرلمانية الإجرائية عن الظروف السياسية الاجتماعية المتردية والمترهلة؟
1. أليست العناصر الفائزة بعضوية البرلمان هي نتاج هذا الترهل الاجتماعي والسياسي والتعليمي والثقافي والاقتصادي الحادث في مصر، أم هؤلاء النواب مستوردون من الصين وتايوان والهند؟!
2. أليس البرلمان الذي يُعدُّ من أقدم البرلمانات في المنطقة، يمتلك كوادر ضابطة للأداء البروتوكولي في الجلسات، ليضمن توقيتات الجلسات ومدتها وآلية عملها.
3. هل توافر للعناصر غير الحزبية التي جرى انتخابها أو اختيارها دورات تعريفية بالقواعد والتقاليد البرلمانية، لتدخل قاعة البرلمان مسلحة بالقواعد البرلمانية المطلوبة؟
4. هل نظمت ما تُسمى الأحزاب دورات صقل لعناصرها الفائزة لتضمن الأداء المميز في القاعة، حول فن تقديم السؤال وكيفية فهم مشروعات القوانين،... و ...، إلخ من المهارات البرلمانية التقليدية؟
5. هل تمتلك تلك العناصر بأحزابها ثقافة وقدرات تكوين مكاتب الدعم للممارسة البرلمانية، بحيث تدعم عضو البرلمان بالمعلومات والحقائق تساعده في فهم وعرض ومناقشة ما يمكن أن يقدمه أو ينحاز إليه في قاعة البرلمان؟
الصورة الكلية مفجعة، وتكشف فقر المجتمع في توافر هذه الثقافة السياسية، وغياب ثقافة العمل الديمقراطي، حتى عن أقنية ما تسمى الأحزاب السياسية القائمة الهشة.
*******
والأمر الطريف الآخر الذي يمكن أن يكشف ضحالة وهم راكبي الدابة العقدية، وغيبوبة النخب المصرية السياسية داخل المحروسة، هو قيام قيادات "جماعة الإخوان المسلمين" من الهاربين بتنظيم جلسة برلمان موازية ووهمية في تركيا، في التوقيت نفسه مع الجلسة البرلمانية الإجرائية الحقيقية في القاهرة، ليعيدوا التذكير ببرلمان "مقاطعة رابعة" والجيش المصري الحر الذي كانوا يعتزمون تشكيله كما فعلوا في سوريا وفشلوا بقوة الجيش الوطني المصري.
أليس ذلك مدعاة لتنبيه أفراد النخب المصرية الفقيرة في فهمها السياسي، للحذر مما يحدثونه من فوضى إعلامية، وإشاعة مناخات اليأس والإحباط والسخرية، تجاه التجربة البرلمانية الجديدة في مصر مهما كانت صورتها، أو نتيجتها في تلك المرحلة الانتقالية، التي تحاول فيها الدولة التعافي، ومواجهة المخاطر المتنوعة التي تتربص بها؟
لذلك فلا مجال للتعجب أو السخرية، حين يهتم الأعضاء بالتقاط الصور "السيلفي" بهواتفهم المحمولة داخل قاعة البرلمان، لأنهم من صغار السن، وثقافة السيلفي هي ثقافة عصرهم المتردي، وقد اختارهم أفراد الشعب، تعبيراً عنهم، بثقافتهم الاجتماعية والسلوكية العامة والشائعة في المجتمع، فالبرلمان ليس برلمان الباشاوات أو اللوردات والشيوخ، بصورته الذهنية التقليدية. فهل تتوقف النخب بثقافتها السطحية " الأكثر من الهم على القلب" عن ممارسة النواح، أو الرقص على الطبول في الأفراح الشعبية في حارات "التوك شو"؟!!
"رأفت السويركي"
ولعل ما أحاط بالجلسة الإجرائية الأولى للبرلمان المصري، وردود أفعال النخب المصرية تجاهها، وهي في أغلبيتها كانت ردود أفعال متسرعة، تحكمها إما موقفية مسبقة، في الأغلب رافضة بدرجة أو أخرى لتلك الخطوة، أو متعجلة في الحكم عليها، إذ تتحكم فيها ظاهرة صراخ القطيع عبر فضائيات "التوك شو"، من دون تروٍ، أو تمهل، أو تأنٍ قبل بناء الأحكام الرافضة أو المتقبلة لما حدث في جلسة البرلمان الأولى وفق آليات التحليل السياسي والاستراتيجي، عن قصدٍ، أو من دون قصدٍ، الأمر الذي جعل المتلقي لتلك الرسائل المشوشة، أو "الإنسان العادي"، يصاب بالكآبة، واليأس، وفقدان الأمل بالنسبة للمستقبل في مصر؛ كياناً ودولة، وهي تواجه التحديات الاستراتيجية الهائلة، فيما يأتي من أيام مقبلة.
*******
إن أولى خطوات إعادة بناء وتجميع شتات الصورة الذهنية السلبية التي تواصل تكنولوجيا "التوك شو" و"وسائط التواصل الاجتماعي" تصنيعها تجاه البرلمان المصري الجديد، تقتضي تجميع ذلك الشتات المُظلم والذي يجري بثُهُ بدأب، لا يَكلُّ أو يَملُّ، من دون أن تجد سوى أقل القليل من الكتابات التحليلية الموضوعية المؤثرة، والتي لا يُمكن أن تُعادل الآثار السلبية التي يراكمها صراخ "التوك شو"، أو "بوستات"، وتغريدات "فيس بوك" و"تويتر".
ويمكن رصد هذه الاتجاهات السلبية، الهادفة في حقيقتها إلى هزِّ ثقة المصريين في دولتهم، وإضاعة بهجة تنفيذ آخر الاستحقاقات الموعودة، في خريطة الطريق، عقب إزاحة هيمنة تكوينات الراكبين للدابة العقدية، من الموسومين بمسمى "الإسلام المتسيس"، بعد قرابة العام من جلوسهم على كراسي الحكم، بفعل فاعل، وشرعوا في تنفيذ أجندة التفويض، بتفكيك وتفتيت كيان الدولة الوطنية، كما حدث في العراق وليبيا والسودان، ويحاولون في سوريا الدولة أنقذها الله مما يُراد لها، وكذلك مصر حماها الله.
*******
وبعد أن انتهت الانتخابات البرلمانية المصرية، التي قالوا حولها ما قالوا، وقمنا من قبل بتحليل خطاب تلك النخب السياسية والعقدية المتسيسة، التي تتحكم به المتصورات التخييلية عن لافتات "دولة الخلافة" وكذلك "الدولة المدنية"، من دون وجود الشروط الموضوعية التي تبرر لهم هذه الخطابات الحُلمية وغير الواقعية، وليس لديهم سوى التغني والتشوق بتحقق هذه المتخيلات، التي يلوكون مفرداتها ليل نهار، مكتفين بترديد عبارة "إزاحة العسكر"، التي تعني في حقيقتها هدم قوة الدولة الوطنية الضابطة، وإخراج فعالياتها من المشهد كله، وكأننا في إحدى "جمهوريات الموز"، وقد فككنا سابقاً هذه المفردات، في كتابات عدة من قبل.
*******
وأشبه بفرق لاطمات الخدود في المآتم الريفية، أو فرق أفراح الأحياء الشعبية في حارات وأزقة مصر، بدأت النخب العمل فور بدء الجلسة الإجرائية الأولى للبرلمان المصري الجديد، كاشفة عن حالة مزرية من الهشاشة الفكرية التي وصلت وتكشف افتقادها للتوازن الموضوعي الإعلامي، الذي ينبغي أن يتميز به صانع الرأي العام الوطني.
إن تحليل المضمون المحمول في خطابات الإعلاميين المصريين حول جلسة البرلمان الأولى، حملت الصفات السلبية التالية:
• أحدهم هبط بمستوى التعبير اللغوي إلى حد استخدام الكلمات السوقية في مواقع التواصل الاجتماعي مثل " القوالب نامت والانصاص قامت".
• وآخر وصف الانتخابات والبرلمان "كأنها مشروعات قومية عملاقة وكأنه مجلس لحقوق الإنسان وكأنها صحافة وكأنه أعلام وكأنها دولة. نفس المسرحية منذ 1952"، متناسياً هذا الشخص، أنه نتاج واقع مجانية التعليم والرعاية والتثقيف في دولة المسرحية نفسها منذ 1952".
• وثالث كتب: إن "المشهد اللي يتقال فيه من أول لحظة قائد المسيرة هو مشهد مبايعة، وليس مشهد سياسة وسياسيين".
• ورابع كتب:" مجلس الشعب ولا هو كوميدي ولا هو مسرحية لطيفة... إلخ"، ونسي هذا الرابع" أن الاسم هو "البرلمان" وليس مجلس الشعب!
• وقد ركزت الصحافة الورقية والالكترونية على رصد المسلكيات خلال الجلسة الإجرائية، عندما قام بعض النواب من الشباب الصغير برصد مشاركتهم الاولى في القاعة عبر "الموبايل"، والتقاط "السيلفي" داخل المجلس، ما استدعى من المستشار بهاء أبو شقة المطالبة بإغلاق هواتفهم، لكن النواب استمروا في استعمال الهواتف المحمولة إلى نهاية الجلسة.
• التركيز على مواقف النائب مرتضى منصور، خاصة فيما يتعلق بـ 25 يناير وقيامه بتغيير نص القسم وإضافة جملة "أحترم مواد الدستور بدلأ من أحترم الدستور والقانون"!
• تناست تلك النخب، برلمان العقديين المتسيسين السابق، الذي شهد العجب العجاب، من نائب يقوم خلال الجلسة ويرفع الأذان من على مقعده في البرلمان، ويلقى الاستنكار من الحاضرين من النواب "العقديين" أنفسهم!!
• أشارت التقارير الصحافية إلى عدم انضباط الجلسة وفق القواعد البرتوكولية، وامتدادها الى ساعات متأخرة من الليل الأمر الذي أدى إلى تأخير انتخاب الوكيل الثاني إلى اليوم التالي.
• أثار فوز الدكتور على عبد العال أستاذ القانون العام برئاسة البرلمان جدلاً جديداً حوله، على الرغم من فشل النائب الإعلامي توفيق عكاشة في الفوز بالرئاسة، ليضع ذلك علامات تساؤل كبيرة حول الموقف الرافض، من أجل الرفض الذي تمارسه النخب التي على ما يبدو "لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب"!
• من المثير أن يبادر النائب توفيق عكاشة بتصريح تداولته صحيفة صباحية بقوله " إن فوز الدكتور عبد العال برئاسة المجلس، هو امتداد لنظام الحزب الوطني المنحل"، وقد تناسى السيد عكاشة نفسه أنه أعلن سابقاً في فيديو موثق: "كنت عضوًا بالحزب الوطني... واللي هيتكلم ها ضرب أمه بالجزمة"!!!!
وإذا كانت تلك المشاهد تمثل بداية الدورة البرلمانية الإجرائية، فإن التفكير من خارج الصندوق للقضية يدعو لطرح الأسئلة، والإجابة عليها، لتبيان الصواب والخطأ في تلك المواقف النخبوية الهشة، بل والمتهافتة للغاية، والتي تعكس حجم التردي في الوعي السياسي، ولا تكشف ارتقاء هذه النخب فوق مستوى رجل الشارع غير الممتلك للثقافة السياسية الناضجة، ما يشعرك بالشفقة لما وصل إليه مستوى وعي وأداء هذه النخب.
*******
لقد وقعت النخب في فخ عدم إدراك حقائق الواقع، أو فقرها في دراسة واقع مجتمعها، الدراسة العلمية، والواعية بعناصره، ومتغيراته، وموازين قوته وعناصر تلك القوة، وتتجاهل هذه النخب مدى التشوه الذي يعيشه المجتمع المصري في هيكليته الطبقية، وظروف انهياره السياسي طيلة فترة الحكم المباركي، الذي قفز بالرأسمالية الطفيلية إلى أعلى درجات المجتمع، وهي رأسمالية تبعية هامشية، رهنت المجتمع المصري إلى شروط الإفقار العولمي للشعوب.
فقد قامت فترة الحكم المباركي بتذويب الطبقة الفلاحية في مصر، عبر تشويه الدورات الزراعية، وتسليم بطون المصريين إلى الغذاء المستورد من الخارج وأهدرت الأرض الزراعية في إقامة المساكن العشوائية، وتجمعات "الكومباوند" الفاخرة، كما دمرت طبقتها العمالية الصاعدة بتفكيك مصانعها، وبيعها للرأسماليين الطفيليين من باعة "الحديد الخردة" وما شابه، فتفككت الطبقة المصرية العاملة لتذوب في وظائف مكاتب الحراسة وسائقي الميكروباص والتوك توك وتجارة الشنطة والبالة أو السفر إلى الخارج للعمل في الوظائف المتدنية المهارات.
لذلك امتلأ المجتمع المصري في العقود المباركية بجيوش من المتعطلين وزوار المقاهي، من فاقدي العمل ومعدومي المهارات، فضلاً استمرار ماكينات الإنجاب النشطة في الدوران بأقصى طاقاتها لحشر المجتمع المصري بجحافل من الأبناء من محدودي التعليم والعلم والمهارة العملية المتخصصة، فيكبرون ويصيرون من المتعطلة. وواكب ذلك إتاحة الفرصة للتنظيمات التي ترفع لافتة العقيدة، من الإخوان المتأسلمين والماضويين الموسومين بالسلفيين، للتغلغل في أنسجة المجتمع الفقير، ومداعبته بحلم جنات ما بعد البعث والحساب، وإقناعه بتبرير مشروعية إفقاره، من منظور الرزق المقدر والمقسوم، والرضا بذلك.
وفي هذا السياق لم تتشكل حركة حزبية ناضجة، فكانت تكوينات شكلية من التحزبات التي تجمع في غرفها المحدودة النخب المتعلمة وليست المثقفة والمتفقهة سياسياً، لتواصل الاجترار للشعارات البراقة عن الديموقراطية والدولة المدنية... إلخ.
*******
وفي إطار هذه الصورة المفجعة لمجتمع مريض حضارياً، كيف تكون برلماناته، وكيف تكون أحزابه السياسية الهامشية، وكيف يكون أداؤه الحضاري، وكيف تكون ممارساته الديموقراطية، مع التحفظ أمام هذا التعبير، فهل تنفصل الصورة التي بدت عليها الجلسة البرلمانية الإجرائية عن الظروف السياسية الاجتماعية المتردية والمترهلة؟
1. أليست العناصر الفائزة بعضوية البرلمان هي نتاج هذا الترهل الاجتماعي والسياسي والتعليمي والثقافي والاقتصادي الحادث في مصر، أم هؤلاء النواب مستوردون من الصين وتايوان والهند؟!
2. أليس البرلمان الذي يُعدُّ من أقدم البرلمانات في المنطقة، يمتلك كوادر ضابطة للأداء البروتوكولي في الجلسات، ليضمن توقيتات الجلسات ومدتها وآلية عملها.
3. هل توافر للعناصر غير الحزبية التي جرى انتخابها أو اختيارها دورات تعريفية بالقواعد والتقاليد البرلمانية، لتدخل قاعة البرلمان مسلحة بالقواعد البرلمانية المطلوبة؟
4. هل نظمت ما تُسمى الأحزاب دورات صقل لعناصرها الفائزة لتضمن الأداء المميز في القاعة، حول فن تقديم السؤال وكيفية فهم مشروعات القوانين،... و ...، إلخ من المهارات البرلمانية التقليدية؟
5. هل تمتلك تلك العناصر بأحزابها ثقافة وقدرات تكوين مكاتب الدعم للممارسة البرلمانية، بحيث تدعم عضو البرلمان بالمعلومات والحقائق تساعده في فهم وعرض ومناقشة ما يمكن أن يقدمه أو ينحاز إليه في قاعة البرلمان؟
الصورة الكلية مفجعة، وتكشف فقر المجتمع في توافر هذه الثقافة السياسية، وغياب ثقافة العمل الديمقراطي، حتى عن أقنية ما تسمى الأحزاب السياسية القائمة الهشة.
*******
والأمر الطريف الآخر الذي يمكن أن يكشف ضحالة وهم راكبي الدابة العقدية، وغيبوبة النخب المصرية السياسية داخل المحروسة، هو قيام قيادات "جماعة الإخوان المسلمين" من الهاربين بتنظيم جلسة برلمان موازية ووهمية في تركيا، في التوقيت نفسه مع الجلسة البرلمانية الإجرائية الحقيقية في القاهرة، ليعيدوا التذكير ببرلمان "مقاطعة رابعة" والجيش المصري الحر الذي كانوا يعتزمون تشكيله كما فعلوا في سوريا وفشلوا بقوة الجيش الوطني المصري.
أليس ذلك مدعاة لتنبيه أفراد النخب المصرية الفقيرة في فهمها السياسي، للحذر مما يحدثونه من فوضى إعلامية، وإشاعة مناخات اليأس والإحباط والسخرية، تجاه التجربة البرلمانية الجديدة في مصر مهما كانت صورتها، أو نتيجتها في تلك المرحلة الانتقالية، التي تحاول فيها الدولة التعافي، ومواجهة المخاطر المتنوعة التي تتربص بها؟
لذلك فلا مجال للتعجب أو السخرية، حين يهتم الأعضاء بالتقاط الصور "السيلفي" بهواتفهم المحمولة داخل قاعة البرلمان، لأنهم من صغار السن، وثقافة السيلفي هي ثقافة عصرهم المتردي، وقد اختارهم أفراد الشعب، تعبيراً عنهم، بثقافتهم الاجتماعية والسلوكية العامة والشائعة في المجتمع، فالبرلمان ليس برلمان الباشاوات أو اللوردات والشيوخ، بصورته الذهنية التقليدية. فهل تتوقف النخب بثقافتها السطحية " الأكثر من الهم على القلب" عن ممارسة النواح، أو الرقص على الطبول في الأفراح الشعبية في حارات "التوك شو"؟!!
"رأفت السويركي"
--------------------------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق