الأحد، 8 ديسمبر 2019

تفكيك العقل النخبوي الإعلاموي المتأخون (120) "الساقطة" حين تدعي الفضيلة... (جريمة أن ترفع علم فلسطين في مصر) أنموذجا!!

تفكيك العقل النخبوي الإعلاموي المتأخون (120)

"الساقطة" حين تدعي الفضيلة... (جريمة أن ترفع علم فلسطين في مصر) أنموذجا!!
--------------------------------------------------------------

أعرف أن هذه الكتابة التفكيكوية ستقود للتوغل في أرض ملغومة بالشعارات الزائفة، والحسابات المصابة بالهستيريا الفوضوية؛ كأنها تماثل الاقتراب من أعشاش الذنابير(الدبابير)، التي لا قيمة لها في الحياة ولا فائدة؛ ليس أكثر من الطنين والتفرغ لفعل اللسع لمن يقترب من مساراتها، ووضعك في مربعات غير صحيحة وأنت تمارس تفكيك خطاب ذلك الفعل ـ دارسا محايدا ـ لكشف مضمرات الواقعة من الأطراف المشاركة كلها. 

***** 

هذه الكتابة موضوعها واقعة منع أحد الحضور من الجمهور المشاهد لمباراة منتخبي شباب مصر وجنوب أفريقيا في استاد القاهرة من رفع العلم الفلسطيني في المدرجات، وتحرك رجال الحماية المدنية المكلفين بالحفاظ على الهدوء الجمعوي لمنع استمراره في هذا الفعل.

إن واقعة منع ذلك المشجع من مواصلة ما قام به، مطلوب قراءتها بموضوعية مجردة؛ لفهم أبعادها وحساباتها، بعيدا عن ألوان الطيف السياسوي، الذي يجري استدعاؤه حسب المربعات السياسوية التي يقف فيها كل قارئ.

***** 

إن قيام مشجع كروي مصري برفعه للعلم الفلسطيني في المدرجات، بافتراض حسن النية لديه ودوافعه الوطنية الكامنة في ذهنوية كل مصري؛ قيامه بهذه الحركة خلال مبارة لكرة القدم قارية النوعية وليست في مسابقة رياضية عربية، وفي توقيت منتقى بحسابات معينة، قد يخرج ـ من المنظور التفكيكوي ـ عن النسق الطبيعي المفترض برفع علم محدد له رمزيته في المنطقة العربية، لينتزعه من المربع الرياضوي بتلقائيته الشعبوية إلى المربع السياسوي بأفخاخه ومحاذيره المتعددة. 

وهو ما يخرج بهذه الواقعة ـ طالما أثارت حفيظة جماعة سياسوية محددة ـ عن سياقها الطبيعي، ويدفع بها في سياق مغاير، ويجعلها مقحمة بفعل فاعل.

*** أولا: مناسبة الواقعة هي رياضية ترفيهية غير إقليموية/ قارية، مستهدفها تعزيز الفخر بالشعور الوطني المرتبط بنتائج وآداء المنتخب الوطني المصري، والشعور الجمعوي المرتبط بهذه المناسبة الخاصة قلبا وقالبا، غير متسيس كما يجري الترويج لها! 

*** ثانيا: أن يقوم هذا الشاب بالتلويح بالعلم الفلسطيني في هذه المناسبة؛ يمثل خروجا عن اللحظة الشعورية الجمعوية الرياضوية المهيمنة ـ مع افتراض غياب الدافعية السياسوية ـ وهو ما قد يكون مقبولا، إذا لم تتطور الحركة لتكون فتيلا لاشتعال مشاعر غوغاءوية، ولربما يكون مرتبا لها لتكون مقدمة للفوضى الشعبوية في المدرجات، بما يهدم التوجه الحكومي والجماهيري لعودة المشجعين إلى المدرجات من جديد، مطلبا للجمهور وعلامة على الاستقرار السياسوي الداخلي.

*** ثالثا: إن مبادرة رجال الحماية المدنية المنتشرين والمحيطين بالمدرجات بخبراتهم المهنوية المتراكمة، حين قاموا بانتزاع ذلك العلم من الشاب إلى خارج المدرجات؛ كانت تستهدف إعطال أية سيناريوهات قد يكون مرتبا لها، بتحريك الغوغائية الأولتراسية وفق المضمرات النفسانية لديها من العداء المطلق لرجال الشرطة المصرية.

*** رابعا: إن التجارب السابقة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك عملية الاختراق الحركي من الجماعة الماسونية المتأخونة لهذه الجموع؛ على الأقل فيما يتعلق بتحمل الإنفاق السخي عليها باعتبار الأولتراس أداة يمكن ـ وقد حدث ـ توظيفها لتعميم الفوضى والعنف في الملاعب، والانفلات اللفظي والحركي من شباب صغير السن لا يمتلك الحكمة والوعي السياسوي الحقيقي، والتربص المضاد المفتعل الجمعوي تجاه رجال الأمن.

*** خامسا: ما يؤكد التخوفات الأمنوية من عملية رفع العلم الفلسطيني بالشكل المباغت، أن الجمهور المحيط بذلك الشاب أخذ يصيح بهتاف مرتفع الصوت: (سيبه... سيبه.... سيبه)، وهذا يمثل الدليل الإثباتي الدافع لحركة رجال الحماية المدنية بتطويق الأمور قبل الإنفلات الغوغاءوي.

***  سادسا: فور انتهاء الواقعة وعدم الخروج عن النسق الأمنوي، بتواصل الفرحة الجمعوية مع فوز وصعود المنتخب الوطني المصري الشاب إلى أولمبياد اليابان انتهت المشكلة الطارئة في ميدانها بالحصول على العلم محل الواقعة، ومرت المناسبة بسلام.

***  سابعا: انتهزت الأطراف المضادة للدولة المصرية الواقعة فنصبت الملاطم وجلسات الصراخ، وهبطت عليها صيحات إشهار الوطنوية المدعاة نتيجة إصابتها بالإحباط من فشل الواقعة أو تطوراتها، وتتحدد هذه الأطراف في أجهزة الجماعة البنائية الإعلاموية، وكتائب ذبابها الإليكتروني فضلا عن بعض العناصر كاذبة التوجهات المتأدلجة من النخب الحنجوروية؛ والتي تتاجر دوما بالقضية الفلسطينية؛ ولا تقدم فعلا محسوسا لنصرتها، وكذلك من بعض نخب الأشقاء الفلسطينين الذين غابت عنهم  فهم الدوافع السياسوية المشبوهة الحقيقية، والتي قد تكون مضمرة في المناخ المحيط بهذه الواقعة الطارئة.

*** ثامنا: قامت المواقع الإليكترونية والصحف الورقية محدودة الانتشار مثل صحيفة القدس العربي؛ والعربي الجديد والجزيرة وقناة الحوار المتأخونة وسواها من الصحف والقنوات والمواقع التي تغرق في ملايين الريالات بالتمويل القطري، قد شرعت جميعها بالتركيز على الواقعة واللعب بها على المشاعر العروبية، والتسخين بالعناوين الداعرة من نوعية (اعتقال العلم الفلسطيني) وما شابه من (اعتقال مصري يرفع علم فلسطين)؛... ؛ ... إلخ من تلك العناوين الساقطة سياسويا!

*** تاسعا: تتجلى القوادة السياسوية في أفضح صورها فيما نشرته (القدس العربي) في باب الرأي بعنون: (جريمة أن ترفع علم فلسطين في مصر!)؛ وهي تلعب على مشاعر الفصل بين جمهور المصريين ونظام دولتهم، وتقوم بالوقيعة حين تكتب بفجاجة: {يتألم -الشعب - لمصائب جيرانه الفلسطينيين ويشعر بوجعهم، فيما يرتعب النظام وأجهزة أمنه من هذا التعاطف؛... فالحل أن تقوم المجموعة المتحمسة من رجال أمنه للفتك بالمواطنين باستفراد أحدهم لعلّ الآخرين يرعوون ويكفون عن «جريمة» التعاطف مع الفلسطينيين وكره الإسرائيلين.}!!

*** عاشرا: إن العبارات السابق ذكرها دالة على طبيعة الخطاب المباع الساقط الذي تقدمه هذه المنابر، وهي تستمتع بفيض ملايين الريالات القطرية في إطار لعبة تكريس الربيع العبروي المتصهين، إذ أنها بواقعة ـ كما جرى تفكيك دوافعها الوقائية ـ تؤكد أن هذه الحملات تضر بالقضية المركزية للأمة، والتي دفعت وتدفع مصر في سياقها الكثير:

- الإعلام المشترى بالريالات القطرية يحاول إبعاد الأنظار عن دوره التكريسي للحضور الصهيونوي، والإيغال في التطبيع العلني الفج مع الدولة الصهيونوية؛ فقناة الجزيرة القطرية تعد أول فضائية أدخلت العناصر الصهيونوية للبيوت العربية عبر شاشاتها بالبث المباشر، والإفراط في استضافة أفخاي أدرعي المتحدث باسم ما يسمي جيش الدفاع الإسرائيلي وسواه، من دون ذكر أنه ممثل لدولة العدو التاريخوي للدولة العربية.

- إن الإعلام المصري على الرغم من الارتباط الرسمي بما يسمى (اتفاقية السادات) لا يجرؤ على ممارسة التطبيع الوضيع، الذي تمارسه أجهزة الإعلام القطرية والقنوات والمواقع المتأخونة، والتي ينفق عليها بسخاء لتحقيق هذا المستهدف المسكوت عنه في الخطاب المتأخون.

- إن واقعة رفع العلم الفلسطيني التي قام بها أحد أفراد الجمهور، والذي يندرج في إطار الوظائفوية الألتراسوية... هي واقعة متخلصة من أية ظلال سياسوية مقصودة، لأن الدولة المصرية بنظامها تعد أكثر إخلاصا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتسعى للوصول إلى حلول مناسبة لها، تتفق والحقوق التاريخوية والمتغيرات الرسموية المرتبطة بالقانون الدولي في هذا الشأن. 

***** 

لذلك فهذه الواقعة الطارئة لا تعني اعتقالا للعلم الفلسطيني كما يروجون؛ ولكنها ضوضاء مقصودة تمارسها الجماعة البنائية الماسونوية ورعاتها وحمات وجودها. والتي ينطبق عليها التعبير الشعبوي: (الساقطة حين تدعي الفضيلة)، فتواصل الانتقاد وادعاء الحفاظ على الشرف الذي تبيعه، وهي تقدم المتعة لمن يدفع... وهكذا يمكن فهم عنوان صحافي نشرته (القدس العربي) من نوعية: (جريمة أن ترفع علم فلسطين في مصر) أنموذجا، والذي يكشف نوعية من القوادة الصحافوية مدفوعة الأجر!!

              "رأفت السويركي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق