الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

تفكيك العقل النخبوي الإعلاموي المهيمن ( 49)

كشف حقيقة من أغضبهم احتشاد الفضائيات المصرية 
ضد فيلم "العساكر"!!
------------------------------------
 
لم يكشف ما وصفته قناة "الجزيرة " بالفيلم الوثائقي المسمى "العساكر... حول التجنيد الإجباري في مصر" تهافت وتردي خطابها الإعلامي الساقط فقط؛ لتبدو وكأنها تمارس مسلكية "التيس حين ينطح برأسه" في الجدار الصلد؛ إذ حاولت أن تخدش صورة أقوى جيش عربي؛ يقف منفردا في المركز الأول والمركز الرابع عشر عالميا؛ ببرنامج فيلمي فاشل أنتجه المتأخون الهارب إلى الدوحة؛ الموصوف بأنه من شباب الجماعة المتأخونة عماد الدين سيد.
 مخرج الفيلم المتأخون عماد الدين سيد
فكما كشف هذا الفيلم الردىء فنيا تداعي خطابه، وافتعال رسالته، وانفصاله بعيدا عن الحرفية المهنية في فنون إعداد الفيلم الوثائقي، فقد كشف ايضا الغرض المرضي المصابة به بعض النخب المصرية على قلة عددها، والتي تدعي زورا أنها تدافع عن الديمقراطية؛ حين ضجت من كثافة المتابعات الفضائية المضادة لقناة الجزيرة" وفيلمها الفاشل قبل عرضه".

***** 

إن الكتابة الراهنة هنا لا تريد أن "تشخصن" الموقف بذكر الأسماء أو المراكز الاجتماعية أو الوظيفية؛ لمن أظهروا موقفا مغايرا لهذا التوجه الاعلامي الكثيف، إذ تكفي مواقع وسائط التواصل الاجتماعي ومحرك البحث جوجل؛ لكشف ردود شخصياتهم وأفعالهم المريبة؛ والتي لم تقدم خطابا إعلاميا بديلا لما انتقدوه، وتحديدا تجاه ردود أفعال الإعلام الفضائي المصري لمواجهة ذلك الفيلم المشبوه.

لقد انتقدت هذه العناصر - للعجب العجاب- كثافة الاهتمام الذي وجهته القنوات التلفزيونية المصرية بفعل هذا الفيلم الساقط؛ مدعية - هذه العناصر - أن الاهتمام الإعلامي المصري؛ كان انفعاليا من دون مبرر؛ ما أسبغ من وجهة نظرهم المشكوك فيها أهمية على فيلم تم بثه على قناة انصرف عنها الجمهور؛ أي "الجزيرة"!!

إن هذه النخب الإعلاموية والاجتماعية بردود أفعالها المريبة تلك تدعي الحكمة العميقة؛ وتستتر خلفها، لتخفي موقفها المشايع في حقيقته إلى نهج قناة الجزيرة المعادي للدولة المصرية وجيشها الوطني العظيم؛ وبمنطق "يكاد المريب يقول خذوني" كتبوا تعليقاتهم المضادة لظاهرة احتشاد الاعلام المرئي المصري الخاص بكثافة كبيرة كما يلي:

- ظهرت كتاباتهم في "فيس بوك" و "تويتر" في أغلبيتها إما تسخر من ذلك النهج الإعلامي العام؛ أو تعلن غضبها من ذلك الاهتمام بالرد على الفيلم الساقط.

- ادعى بعضهم الحكمة السياسية بتفضيله عدم الرد على تلك قناة الجزيرة.

- حاول بعضهم أن يروج رأيا يسخر فيه من ذلك التوجه العام؛ حتى كما يدعون لا يعطون بذلك الاهتمام قبلة الحياة مرة أخرى إلى قناة الجزيرة؛ بعد أن تناقص جمهور مشاهديها في كثير من الدول العربية.

- واصل بعضهم ترسيخ الصورة بتناقص فعالية وجماهيرية قناة الجزيرة؛ وأنها لم تعد مؤثرة كما كانت مسبقا.

*****

إن تفكيك خطاب هذه العناصر الإعلاموية يكشف أن "المسكوت عنه" الكامن لديها الحقيقي هو حقدها الذاتي سياسيا تجاه المؤسسة العسكرية المصرية؛ وأنها كانت تتمنى أن تعبر عملية عرض ذلك الفيلم المشبوه من دون قيام الفضائيات بتوعية الجمهور بعلل ذلك العمل وكشف أكاذيبه، لأن هدف هذه النخب الخفي هو إعطال تحقيق احتشاد الوعي الوطني المصري بمعرفة هدف ذلك الفيلم، ومحموله الكذوب والمضاد لأشرف مؤسسة وطنية مصرية؛ تعتمد في قوامها الأساس على أبناء الشعب المصري من المجندين التجنيد الإلزامي.

إن تلك العناصر من متابعة مسلكياتها الشخصية، تخفي شعورا غير طيب تجاه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ابن المؤسسة العسكرية الذي قاد الدولة لافشال تمكين التنظيم السياسي المتأخون، ذلك التنظيم الذي كان يخادع الجماهير، ولا يزال يتمسح في ترويج ما يمكن تسميته كذبا "الحكم الدينوقراطي"؛ كما استرد أيضا قوة الدولة في إفشال الحضور المشبوه لما تسمى جمعيات المجتمع المدني؛ وتمويلها المليوني بسخاء لتعميق القلاقل الاجتماعية بوهم تطبيق نمط "الحكم الديمقراطي".

إن تلك العناصر النخبوية الإعلاموية والاجتماعية كذلك تعاني الوجع السياسي الذاتي لخروجها وحرمانها من جنة المكاسب المالية والسياسية التي كانت تحلم بها، لو لم تسترد الدولة حضورها الصلب من جديد بعد ازاحة المتأخونين من فوق صدرها.

ولأن الغرض الصانع لموقف هذه النوعيات المحدودة من النخب الاعلاموية والاجتماعية مرض، فتعالوا للتعرف إلى الصورة المتخيلة لذلك الفيلم الفاشل فنيا لو لم يوجه الاعلام المرئي ساعاته للحديث حوله:

- إن "قناة الجزيرة" كانت ستعتبر أنها حققت انتصارا إعلاميا على الدولة المصرية؛ لو تجاهل اعلامها ذلك الفيلم؛ وكأنها عاجزة عن الرد على الأكاذيب التي أقيم عليها الفيلم.

- إن "قناة الجزيرة" كانت ستراكم الإحساس بأن كذبتها نجحت والدولة لم تمتلك امكانية الرد على الفيلم.

ـ إن تلك القناة كانت ستعيد بث الفيلم الفاشل مرات ومرات، ادعاء بأن جمهور القناة طلب ذلك.

ـ إن ذلك الفيلم ستتولى الكتائب الالكترونية المتأخونة، والفضائيات المتأخونة إعادة بثه وترويجه وتحقيق أرقام قياسية لمشاهدته على يوتيوب.

ـ ستتولى تلك المواقع الالكترونية التابعة بث مقتبسات من الفيلم؛ خاصة التمثيلية المسيئة للجيش المصري؛ وترسيخها كوقائع صحيحة على الرغم من مكذوبيتها الحقيقية.!

وعلى الرغم من أن معالجات الفضائيات المصرية للفيلم لم تكن بالعمق المتنوع؛ ولم تهتم بتفكيكه فنيا لاثبات مقدار الأكاذيب به؛ وعواره الفني، وكشف رسالته السياسية المضادة للدولة وجيشها الوطني الأصيل، إلا أن الحشد الإعلامي الفضائي نجح في تجريد ذلك الفيلم المشبوه من براءته المدعاة.

***** 
  
المخرج المتأخون في صورة بالاستديو
 
في اللهجة الدارجة المصرية عبارة بليغة جدا منطوقها هو "نصف العمى ولا العمى كله"؛ وهذا ما ينطبق على المتابعات الفضائية المصرية لسقوط "قناة الجزيرة" في إعداد هذا الفيلم الفاشل. فقد أحدثت الفضائيات المصرية رفضا جماهيريا مسبقا للفيلم الذي جهزته "الجزيرة" في إطار دورها الاستخباري المشبوه لتطبيق أنماط حروب الجيل الرابع بتوظيف "الميديا" المضللة والمزيفة للوعي الجماهيري.

***** 
  
المخرج المتأخون... يتأمل ماذا؟
 
لذلك من دون شك، فادعاء بعض تلك النخب أن " قناة الجزيرة" حققت مكسبا لم تكن تحلم به بالحملات المضادة لانتاجها ذلك الفيلم الساقط؛ هو ادعاء في حقيقته لا ينفصل عن وظيفة "الجزيرة" نفسها، وحقيقة الشعور الباطني لتلك النخب هو أنها حزنت لإفساد مقصود رسالة الفيلم الهادفة لتكريس صورة سلبية حول أشرف مؤسسة عسكرية وطنية؛ ووصمها بالقهرية؛ ولعل إحساسهم الدفين بأن هذه المؤسسة قهرت تنظيماتهم التي تمولهم هو الذي أصابهم بالغمة التي كشفتها انطباعاتهم على آداء الفضائيات المصرية المضاد لفيلم الفضيحة عن "العساكر والتجنيد في مصر".

                                                                                " رافت السويركي"
-------------------------------------------







فيلم "الجزيرة" عن "عساكر الجيش المصري"... 
جعجعة من دون طحن!!!
---------------------------------------

انتظرت بيقظة جادة ما كنت توقعته قبل عرض السقطة الإعلامية التي وقعت فيها "قناة الجزيرة"؛ بعرض ما أسمته وهما الفيلم الوثائقي "العساكر حول التجنيد الاجباري في مصر". وقد ظهر هذا الفيلم وكأنه جعجعة من دون طحين كما يقولون، فمنذ اللقطة الأولى في ذلك الفيلم المهزلة والساقط مضمونيا وفنيا أدركت صواب القراءة التفكيكية السابقة التي قدمتها بالتفصيل في الكتابة المعنونة "تشويه الجيش المصري... فيلم تجنيد العساكر في الجزيرة القطرية نموذجا"!!!

فما قدمته في هذه القراءة، أثبت الفيلم المشبوه صوابها وعلميتها؛ والحمد لله لم تقع قراءتي في أي خطأ حين تفكيك المضمون والأسلوب الفني؛ وكأن العقل التفكيكي كان قد شاهد ذلك الفيلم الساقط قبل عرضه؛ ليكشف تهافته بتلك الكتابة.

- لقد أظهر عرض الفيلم أن أغلبية المشاهد كانت تمثيلية؛ ومصورة في بيئة تخدع المشاهد؛ حيث تم التصوير في استديو مفتوح بالدوحة، وأيضا في أماكن قريبة من شواطئ الدوحة؛ لأن مياه الخليج كانت تظهر في عمق وخلفيات كل المشاهد!!.

- أصوات الرواة الذين أخفيت وجوههم؛ أظهرت أنها ليست أصوات مجندين من البسطاء الذين تم تزييف الفيلم بالاعتماد عليهم؛ ولكنها كانت أصوات عناصر من جماعة ما تسمى الإخوان المسلمين من الهاربين إلى الدوحة؛ والذين لا يتورعون عن تشويه سمعه جيش بلدهم؛ لأنهم ولدوا ورضعوا حليب كراهية جيش مصر!!

- سقط مخرج الفيلم المتأخون في التركيز على ما أسماه ضابط احتياط في لقطات وشهادات طويلة؛ تبدو وكأنها مصورة في مكان خدمته من دون ذكر أن اللقطات تمثيلية؛ وكذلك كان صوت المجند في مكان التصوير نفسه من الاستديو ذاته؛ وكأن المعسكر تم اختراقه ممن قام بتصوير تلك اللقطات بكاميرته.

- اعتمد الفيلم على استدعاء شخصية واحدة حقيقية؛ اسمه "نورفيل دي أتكين مدير البرامج العسكرية بمكتب التعاون العسكري في مصر 1981- 1983م"؛ ليقدم شهادته التي تتضمن بعض المعلومات التي تخدم سيناريو الفيلم المتهافت؛ وبالتأكيد كان ثمن شهادته من الريالات القطرية ضخما؛ ليقبل الظهور كذلك.

*****

خلاصة القول أن هذا الفيلم يمثل سقطة سياسية غير متقنة؛ وفاشلة في تقديم خطابها؛ وتعبر عن إفلاس العقل المتأخون إعلامويا؛ لأنه كان يسعى لتشويه الجيش المصري الذي يتربع في المركز الرابع عشر عالميا؛ بعتاده وعديده وقدراته القتالية، والأول عربيا؛ جيشا عظيما؛ حطم بوعيه ورجولة قيادته الحلم الأسطوري للتنظيم المتأخون في التمكين من مصر. 

                                                                     

                                                                               "رأفت السويركي"
---------------------------------------

الاثنين، 28 نوفمبر 2016

كيف استعار "حسن البناء" 

فلسفة العنف لتنظيمه المتأخون؟ 

في موقع "إسلام مغربي"
----------------------------------
المؤسس الأول لما تسمى جماعة الإخوان المسلمين " حسن البناء " كما ستكشف القراءة التفكيكية راهناً؛ لمْ يَرْكَنْ فقط إلى الوجدان الكامن الأصولي اليهودي الأول له؛ ونسق الجماعات التصوفية التي سلك طريقها "الحصافية الشاذلية" ونموذج "إخوان الصفا وخلان الوفا" الذي ربط جمال الدين الأفغاني بينه وبين الماسونية ونمط "المحفل الماسوني"؛ بل يكتشف العقل التفكيكي لدى تحليل حركة "حسن البناء" في إنشاء جماعته أنه أقام بنيان "الذات العنفية" في جماعته، بتكوين "التنظيم الخاص" مستوحياً نمط بناء جماعة أصحاب "الهيكل المقدس" أو بالمفهوم العصري ميليشيات أصحاب "المعبد المقدس"!!

الموقع المغربي التنويري "إسلام مغربي" تكرم بنشر هذه الكتابة

                                                                                   "رأفت السويركي" 




"التنظيم الخاص": لعبة إعادة إنتاج "فرسان الهيكل" في جماعة الإخوان المسلمين


يواصل موقع "الإسلام في المغرب" نشر بعض حلقات سلسلة تفكيكية للعقل الإسلامي الحركي، في شقه السياسي تحديداً، يُحررها ويشتغل عليها الباحث المصري رأفت السويركي، بعنوان: "تفكيك العقل النخبوي المتأخون"، وهي سلسلة سبق أن نشر الموقع مجموعة حلقات منها. وهذا النص الكامل للحلقة 47. والله ولي التوفيق.
تواصل الكتابة الراهنة الخاصة بتفكيك العقل النخبوي المتأخون كشف "المسكوت عنه" المختبىء في طقوس الجماعة المتأخونة؛ بدلالاته الماسونية المرتبطة بالوجدان الأصلي للمؤسس الأول "حسن البنا" والذي يحكم تصرفاته؛ ويقدم له الخبرات العقلية التي يقوم على أساسها بإنشاء جماعته؛ والذي تجلى في بناء ما تُسمى جماعة الإخوان المسلمين.

والنقطة التي ينبغي الإشارة إليها هنا؛ أن هذه الكتابة التفكيكية كما يُقال " لا تخترع العجلة"؛ ولكنها تؤكد وتكشف "حقيقة اختراع العجلة"؛ عبر الإثبات التحليلي تفكيكياً لما وراء الإخباريات والمعلومات التي ذُكرت في الوثائق؛ أو تسربت في الكتب حول تلك الجماعة؛ ومنها ما كتبته عناصر كانت أو لا تزال "متأخونة".

فالحديث عن الثوابت الماسونية في عقل "حسن البناء" وزمرته الأولى التي احتضنت فكرته، وارتقت تنظيميا إلى مواقع "مكتب الإرشاد" اعترفت كتابة بماسونيتها - "سيد قطب نموذجاً" العضو السابق في قيادة الجماعة والرئيس السابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة - وما قيل عن "مأمون الهضيبي" المرشد السادس للجماعة (2002 - 2004)م؛ وصولاً إلى "محمد مهدي عاكف" المرشد السابع للجماعة (يناير 2004 - 16 يناير 2010)م والذي يدور في هذا الفلك؛ وهو ما لم يتم نفيه!!

*****

"حسن البناء" كما ستكشف القراءة التفكيكية راهناً؛ لمْ يَرْكَنْ فقط إلى الوجدان الكامن الأصولي اليهودي الأول؛ ونسق الجماعات التصوفية التي سلك طريقها "الحصافية الشاذلية" ونموذج "إخوان الصفا وخلان الوفا" الذي ربط جمال الدين الأفغاني بينه وبين الماسونية ونمط "المحفل الماسوني"؛ بل يكتشف العقل التفكيكي لدى تحليل حركة "حسن البناء" في إنشاء جماعته أنه أقام بنيان "الذات العنفية" في جماعته، بتكوين "التنظيم الخاص" مستوحيا نمط بناء جماعة أصحاب "الهيكل المقدس" أو بالمفهوم العصري ميليشيات أصحاب "المعبد المقدس".

وهم حسب – موسوعة ويكيبيديا لمن أراد الاستزادة - الذين "يُلقَّبون بـالجنود الفقراء للمسيح ومعبد سليمان، وعُرفوا أيضاً بالداوية أو تنظيم الهيكل بالفرنسية، وقد كانوا أحد أقوى التنظيمات العسكرية التي تعتنق الفكر المسيحي الغربي،... وقد ارتبط فرسان الهيكل بقوة بالحملات الصليبية".

كان مقر "فرسان الهيكل" في "القدس؛ وقد تشكلوا لآداء وظيفة "حماية الحجاج المسيحيين" إلى الحرم القدسي الشريف أو المسجد الأقصى الذي يدعون أنه "يستقر على أنقاض معبد سليمان" وأطلق الصليبيون عليه "هيكل سليمان"، بعدما استولت الحملة الصليبية الأولى على القدس العام 1099م.

لكن الملاحظ حسب الدراسات أنَّ فرسان الهيكل كانوا أول من قام بابتكار "تحويل المُؤسسة الدينية إلى تشكيل عسكري"؛ أي بالتعبير المعاصر "ميليشياوي" في اقتداء مماثل لمسلكيات الفرق الباطنية في التاريخ الإسلامي. ويكفي ذلك ليكون منطلقاً لإثبات مرجعية المماثلة التي استقى منها "حسن البناء" معيار بنية القوة في نسق العنف العقدي المتسيس الذي حكم قضية إنشاء "التنظيم الخاص" للجماعة المتأخونة في العام 1940م.

وكان هدف " حسن البناء" من إنشاء التنظيم الخاص بحسب محمد مهدي عاكف "إعداد نخبة منتقاة من الإخوان المسلمين للقيام بمهمات خاصة، والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي، ومحو الأمية العسكرية للشعب المصري في ذلك الوقت". وفضلاً عن ذلك فقد استعار "حسن البناء" طقوسية قبول عضوية "التنظيم الخاص" من إجراءات قبول العضوية في "المحفل الماسوني" ذاتها:

- أولاً: إن فكرة إنشاء تنظيم "فرسان الهيكل" كانت مقترحا من "الباباوات" بتكوين "تشكيل عسكري على أساس عقدي؛ شعاره صليبي يحارب المسلمين، لينتزع المسجد الأقصى الذي يعتقدون وهماً أنه تم بناؤه فوق ما يسمى "هيكل سليمان".


وفي المقابل لدى الجماعة المتأخونة نشأ "التنظيم الخاص": "فكرة مشتركة بين حسن البنا والحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين؛ بهدف - في البداية - التصدي لليهود والإنگليز، أثناء الاحتلال البريطاني لمصر وفلسطين". ما يعني أيضاً المماثلة في نوعية الشخصية المصدرية الدينية للفكرة؛ هناك "الباباوات" وهنا "مفتي القدس وحسن البناء"، وفي الوظيفة العقدية، مع تقدير المغايرة بين العقيدتين المسيحية اليهودية والإسلام السياسي.

- ثانياً: إن صورة العنصر المنتمي إلى فرسان الهيكل الصليبي كما أوردها كتاب "في مدح تنظيم الفروسية الجديد" هي أن " فارس الهيكل فارسٌ مغوارٌ، لا يشقُّ له غبار. إذ تحتمي روحه بدروع الإيمان، قبل أن يحتمي جسده وراء دروع الحديد. فهو إذ ذاك محمي من كل جانب، لا يهزه الخوف من الإنس أو حتى الشياطين"؛ كما أن شعار هذه الجماعة الميليشياوية الماسونية الصليبية هو "لا علينا لا علينا، يا ربنا، بل على اسمك الأعظم، تنزل بالمجد".

وفي المقابل تكتشف أن شعار الجماعة المتأخونة يتضمن عبارة "... الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا". ما يعني كذلك تماثل الطابع العقدي بوضوح بين الصورتين، الماسونية لفرسان الهيكل والتنظيم الخاص الميليشياوي المتأخون؛ مع تقدير المغايرة النوعية بين العقيدتين المسيحية اليهودية والإسلام السياسي.

- ثالثاً: نشأ نمط "فرسان الهيكل" للاضطلاع بمهمة "حماية الحجيج المسيحيين" إلى بيت المقدس؛ وكانت أغلبية أفراد ذلك التنظيم من المدنيين أي بالمفهوم العصري "ميليشيا" تؤدي مهمتها الأساس عسكرية؛ وقد نشط ذلك التنظيم الصليبي في جذب المتطوعين وجمع الأموال.

وفي المقابل تجد المماثلة نفسها لدى التنظيم الخاص بالجماعة المتأخونة، حيث "كان أول ما يُختبر به العضو الجديد هو إعلانه رغبته الجهاد في سبيل الله، فيكلف بشراء مسدس علي نفقته الخاصة والذي لم يكن يزد ثمنه في هذا الوقت عن ثلاثة جنيهات..." ما يعني أيضا التشابه في طبيعة ميليشياوية الوظيفة العقدية العسكرية؛ وأيضا ما تمتلكه الجماعة المتأخونة من قدرات اقتصادية؛ مع تقدير المغايرة بين العقيدتين المسيحية اليهودية والإسلام السياسي.

- رابعاً: ذكرت موسوعة ويكيبيديا أن أعضاء تنظيم فرسان الهيكل المدنيين أداروا بنية تحتية اقتصادية واسعة النطاق في كافة أنحاء العالم المسيحي، ويعزى إليهم الفضل في ابتكار بعض الطرق المالية، والتي كانت بمثابة الصور الأولية لنظام المصارف والبنوك الحديث.

والصورة نفسها تجدها بعينها لدى الجماعة المتأخونة؛ حيث تمتلك أرصدة من أموال مخيفة وأصول اقتصادية مريبة تكدست طيلة تاريخ الجماعة؛ وتدير أنشطة مالية متنوعة ذات علانية وأخرى كبيرة تحت المعلن؛ وهذه القضية المالية ستكون مجالا للتفكيك لاحقا؛ لكشف المسكوت عنه المريب فيما يتعلق بالنظرية الاقتصادية المتأسلمة الي تتبعها؛ فضلا عن نمط الاقتصاد الخفي وما يحيط به؛ ويحقق أرقاما غير طبيعية في شكل اقتصاد ريعي في الأصل.

- خامساً: "الجماعة الماسونية" التي تعد المصدر الأصولي لفرسان الهيكل تمارس في منح العضوية بالمحفل الماسوني طقوساً رمزية؛ غرضها إرهاب الشخص المقبل الجديد لاكتساب العضوية إذا خالف تعليماتها؛ والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة.

وحسب ما ذكره الكاتب الأميركي "غي كيني" في كتابه " الأسطورة الماسونية" السابق الإشارة إليه في التدوينة السابقة ذكر ما نصه: "عندما حضرت إليهم وضعوني في غرفة تحضير، والتي كان فيها بعض الملابس التي كان يجب علي أن أرتديها، ومن ثم أعطوني عصبة للعينين، ويتم إجراء الالتزام أو القسم عند مذبح في منتصف غرفة المحفل،... وهو طاولة موضوع عليها الإنجيل أو أي كتاب مقدس آخر يؤمن به الشخص؛ ويلقي رئيس المحفل في تلك الغرفة على العضو الجديد محاضرة حول تاريخ المجموعة ورموزها التي لم تتغير منذ مائتي عام."

وفي المقابل فالأمر نفسه – أي ذلك المسلك الماسوني في التعميد للعضو - تجده لدى ما تُسمى "جماعة الإخوان المسلمين"؛ خاصة في طقوس منح عضوية "التنظيم الخاص"؛ الجناح العسكري الميليشياوي للجماعة المتأخونة الذي يمثل وجه العنف الحقيقي لها؛ والمسؤول عن كل حالات الاغتيال والقتل والتفجيرات التي تقوم بها الجماعة منذ العام 1940م وإلى الآن؛ فضلا عن ظهور أشكال الميليشيات المتأخونة المسلحة، بصورتها العشوائية في واقعتي "رابعة" "والنهضة"؛ وأحداث الشغب الفوضوية خلال وبعد ما سميت" ثورة يناير":

- بالوثائق: يذكر محمود عساف "أمين تنظيم الإخوان للمعلومات - أي المخابرات - في كتابه "مع الشهيد حسن البنا": " في يوم من أيام سنة 1944م دعيت أنا والمرحوم الدكتور عبد العزيز كامل لكي نؤدي بيعة النظام الخاص، ذهبنا في بيت في حارة الصليبة... دخلنا غرفة معتمة يجلس فيها شخص غير واضح المعالم يبدو أن صوته معروف وهو صوت صالح عشماوي، وأمامه طاولة صغيرة منخفضة الأرجل، وهو جالس أمامها متربعاً، وعلى المنضدة مصحف ومسدس، وطُلبَ من كلٍ منا أن يضع يده اليمنى على المصحف والمسدس؛ ويؤدي البيعة بالطاعة للنظام الخاص والعمل على نصرة الدعوة الإسلامية، كان هذا موقفاً عجيباً يبعث على الرهبة، وخرجنا سوياً إلى ضوء الطريق ويكاد كل منا يكتم غيظه"!.

- وهذه الشهادة نفسها تتكرر لدى محمود الصباغ في كتابه "التنظيم الخاص"؛ حيث يقول الشخص الغامض للمبايع وهو مغطى الجسد تماماً من قمة رأسه إلى أخمص قدميه برداء أبيض يخرج من جانبيه يداه ممتدتان على منضدة منخفضة (طبلية) عليها مصحف شريف: "إن خنت العهد أو أفشيت السر فسوف يؤدي ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منك، ويكون مأواك جهنم وبئس المصير"!

والأمر المثير للتوقف هو دلالة "الرداء الأبيض" الذي يغطي به نفسه ذلك الشخص وهو يتلقى البيعة؛ فهذا الرداء يشابه الرداء الرسمي الذي ترتديه عناصر "فرسان الهيكل"؛ وهو حسب "موسوعة ويكيبيديا" يتكون من زي أبيض، يتوسطه صليب أحمر؛ ألا يعد ذلك دلالة على واحدية مصدر الفكرة؟! وأن "حسن البناء" أقام ميليشيات جماعته العنفية بالنمط والطقوس نفسها المستقاة من جماعة "فرسان الهيكل" والجماعة "الماسونية"؟!

*****

وإذا تجاوزنا مفهوم تفسير الأمر بنظرية المؤامرة الذي قد تظنه قاعدة الأتباع من مغسولي الدماغ عبر برامج التربية في دهاليز التنظيم؛ فإن هذه المماثلة حتى شبه الحرفية كما تبدو من تفكيك النمط العنفي لدى الجماعة المتأخونة تعكس القصور الفكري لدي عقل الجماعة المتأخونة في فهم "العقيدة الإسلامية"؛ بماضوية ذلك العقل الفجة التي لا تزال مستمرة؛ ولم تتطور بما يناسب القرن الحادي والعشرين الميلادي بتطوراته البنيوية الهائلة. والدليل على ذلك هو الجمود الماضوي الكامن في وصف "حسن البناء" لجماعته المتأخونة بقوله: "إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية، وطريقة سنّية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية".

وهذا الوصف الفضفاض للجماعة؛ وغير المتماسك في منطوقه يخرج بها من السياق العقدي الإسلامي كجماعة دينية إلى المجال السياسي؛ لتكون الجماعة مشروعا لوطن متخيل عابر للجغرافيا؛ أو "غيتو" نظري؛ مماثل للغيتو اليهودي؛ ويسعى المؤسس بذلك إلى تعميمه من أجل تحقيق مفهوم أستاذية العالم المرتجى!

*****

إن "عسكرة العمل العقدي" لتحقيق تلك الأستاذية عبر التنظيم المتأخون؛ وكذلك الجماعات التي تناسلت من رحمه السياسي مثل "القاعدة" و"داعش"؛ تقع في خلل وقصور الغيبوبة الزمانية والمكانية؛ نتيجة تعميق إدراكها بالوقوع في أسر المفهوم القطبي "سيد قطب" الإبن الشرعي لفكر "أبي الأعلى المودودي" أو "أبي العلاء المودودي" عن جاهلية المجتمعات الإسلامية؛ التي تسوغ ما يسمى مغالطة "إعلان الجهاد"، الذي هو في حقيقته ممارسة العنف المتجسد في عمليات الإرهاب والقتل والتفخيخ والتفجير.

إن ما ذكره الراحل الشيخ محمد الغزالي عضو الإخوان السابق في كتابه " من معالم الحق في كفاحنا الاسلامي الحديث " ... يكفي لتفسير ذلك؛ لأن الجماعة المتأخونة عبر "حسن البناء" قامت بتوظيف الدين لتحقيق أهدافها السياسية عبر خديعة الشباب بالدعوة المتسترة بالدين وشعارات القرآن!

*****

لذلك فإن العقل التفكيكي يرى إلى أن الجماعة المتأخونة؛ منذ تأسيسها من "حسن البناء" لا تزال تعيش في "جُبِّ الماضوية"؛ وتقف عند حد الاستنهاض بإعادة إنتاج نمط "فرسان الهيكل" في صورة عنف ومهمات "التنظيم الخاص"؛ كما لو أن الإسلام بذلك يرتد على أيديهم من جديد إلى مرحلته المكية بكهنوتية وإدعاء "حسن البنَّاء"؛ ولا تزال تلك الجاهلية مستمرة كذلك مع سلسلة ورثة "البناء" من المرشدين؛ ومنهم من التصق اسمه مباشرة بالماسونية من دون حدوث نقض ذلك المفهوم من كتاب ومنظري الجماعة المتأخونة... وفي الحلقات التالية نواصل كشف المسكوت عنه في هذا المجال!

                                                                                  "رأفت السويركي"

الأحد، 27 نوفمبر 2016


 
"فيديل كاسترو"... مات!!

---------------------------      شعر: "رأفت السويركي"

"فِيْدِيلْ إِلِخَانْدْرُوْ كَاسْتُرُوْ"... يَمْضِي؛

يَرْقُدُ فِي ظِلِّ صُنَوْبَرَةِ النَّظَرِيَّةِ؛

شَاْهِدَ سِيْرَةِ ثَوْرَةْ،

شَجَرَةَ بُنٍّ؛

تَرْشُفُ فُنْجَانَ الْقَهْوَةِ مِنْهَا

أَفْوَاهُ رِجَالِ "الْكَاكِيْ"؛

فِيْ غَابَاتِ الْقُوّةِ... "كُوْبَاْ".

كَانَ هُنَاكَ صَدِيْقٌ؛

غَنَّوْا فِي مِشْوَارِ وَدَاعِهِ: 

"جِيْفَارَا مَاتْ"!!

*****

"فِيْدِيلْ إِلِخَانْدْرُوْ كَاسْتُرُوْ"؛

... أَقْفَلَ بَابَ كِتَابَهِ تَعِبَاً،

مِنْ طُوْلِ مَسِيْرٍ؛ 

وَمَضَى يَرْقُدُ...

"أَيْقُوْنَةَ" فُقَرَاءِ الْخُبْزِ؛ 

دُمُوْعَ "دَرَاوِيْشِ النَّظَرِيَّة!!

-----------------------------------
26 نوفمبر / تشرين الثاني 2016م


 يصافح ناصر
 كاسترو في الغابة

 مه هوجو شافيز
 مع الراحل ياسر عرفات
 مع مانديلا

-------------------------------------------------------------------

السبت، 26 نوفمبر 2016

تفكيك العقل النخبوي المتأخون إعلاموياً ( 48)

تشويه الجيش المصري... فيلم" تجنيد العساكر" بالجزيرة القطرية نموذجاً"!!
------------------------------------------------------

قبل أن تبث "قناة الجزيرة" القطرية المعروفة بأنها السلاح الإعلاموي المتأخون فيلمها الموصوف بأنه "الوثائقي"؛ إذا كان ينطبق عليه حقاً المفهوم العلمي لاصطلاح "الوثائقي"؛ والمعنون بـ "العساكر... حكايات التجنيد الإجباري في مصر"؛ ينبغي أن يتحرك "العقل التفكيكي" المراقب والدارس لتقديم قراءة مسبقة تفكيكية للخطاب التلفزيوني المنتظر بثه؛ تكشف دلالات الاحتيال السياسي وتعرية كذب الرسائل المستهدف تمريرها.

*****

وسوف تعتمد هذه القراءة التفكيكية السريعة على استخراج "المسكوت عنه" المتأخون في متون ما تم تسريبه من لقطات عبر الإشارة التقديمية من الفيلم الموصوف وهماً بالوثائقي؛ التي بثتها القناة وتتضمن بعض اللقطات المرئية من تسجيلات مصورة منتزعة من الأفلام والمتابعات التلفزيونية العامة للمناسبات والعروض الافتتاحية التي قدمها الجيش المصري؛ وفضلاً عن ذلك وهذا هو المستهدف - حسب مفهوم دس السم في العسل - بعض اللقطات التي توضع "محل الشك" لأنها قد تكون لقطات تمثيلية مصنوعة أو "مُفَبْرَكَة" كما يقال يكشفها موقع التصوير المزعوم؛ وجرى تصويرها في أجواء مشابهة بالاستديوهات المماثلة للواقع؛ وهي مسألة معروفة في لُعبة الصناعة التلفزيونية.

ويمكن هُنا تذكر ما شاع من معلومات عن قيام "قناة الجزيرة" بصناعة أحداث مكذوبة يعرفها أهل الصنعة الإعلامية ترتبط بالأحداث السورية؛ جرى تصويرها في أحياء سورية باستديوهات إقامتها القناة للتصوير التلفزيوني؛ إمعاناً في تضليل المُشاهد وإيقاعه في فخ الشعور بالواقعية؛ خدمة للأهداف التي أنشئت القناة من أجلها!!

*****

إن ما سيعتمد عليه "العقل التفكيكي" في فضح "المسكوت عنه" الذي تخفيه "الجزيرة" في فيلمها المضلل قبل العرض، يأتي في إطار جهد "تفكيك العقل المتأخون الإعلاموي" الذي يمقت بالطبيعة الأصولية اليهودية الأولى والمسلكية الماسونية للمؤسس الأول "حسن البناء" الجيوش الوطنية؛ وهذا ما سيجري كشفه في الحلقة التالية من هذه الكتابة والتي تأجلت بسبب الإعلان المفاجىء عن فيلم قناة الجزيرة "العساكر... حكايات التجنيد الإجباري في مصر".

وسوف تعتمد عملية التفكيك تلك على النص المكتوب تقديماً للفيلم؛ وتم نشره في مواقع بعض الأذرع الصحافية الأخرى لـقناة "الجزيرة"؛ وأولها موقع " هافنجتون بوست عربي" THE HUFFINGTON POST)عربي (. كما أعادت نشره مواقع مماثلة مثل "ساسة بوست" (SasaPost)؛ فضلاً عن الإشارة التقديمية للفيلم التي بثتها القناة طيلة الأيام الماضية.

*****

"العساكر... حكايات التجنيد الإجباري في مصر"
--------------------------------------------


تبدأ أولى مراحل تفكيك خطاب "الفيلم الوثائقي" بكشف العنوان والمدسوس به؛ فتصدير كلمة "العساكر" تستهدف تكريس شعور التحقير للفئة المستهدفة من الفيلم؛ أي الجنود؛ وقد هرب العقل المتأخون أو الخادم للإخوان من استخدام كلمة "الجنود" ليعمق قيمة التقليل من هذا العديد من الجنود الذي يعتمد عليهم الجيش المصري؛ ويصنع بهم بطولاته التاريخية على مدى التاريخ؛ وفي مواجهة الإرهاب المحيط بمصر؛ منذ خلع التنظيم المتأخون من حُكم تدمير مصر.

إن استخدام "كلمة العساكر" التي تَروج في اللهجة العامية المصرية من دون ظلال إفقاد الجند قيمتهم الوطنية ذات غرض مرضي؛ وبها يكشف صانع الفيلم المشبوه "عماد الدين السيد" خطه؛ ويسفر عن انحيازه السياسي ليس لكي ينصف الجندي المنتمي للجيش المصري وهو يؤدي الخدمة الوطنية العسكرية ولكن لصناعة صورة سلبية متدنية لهذا العديد البشري الشريف؛ وهو ما يتوقع "العقل التفكيكي" أن يواصل الفيلم المشبوه تكريسه.

وبالانتقال إلى بقية العنوان " حكايات التجنيد الإجباري في مصر" يتوقف العقل التفكيكي أمام اصطلاح "حكايات" جمع "حكاية" التي تُحددها معاجم اللغة العربية بأنها: " قِصّة، ما يُحكى ويُقصّ سواء أكان واقعيّاً أم خياليّاً". ليُعطي صانع الفيلم إحساساً أن هناك "حكايات" وليست "حكاية" واحدة. والمعروف لغوياً أن الحكاية هي "قصة" فنياً تكون خيالية مشوقة؛ بما يرتبط بها من كذب فني يستهدف الإثارة؛ ولكن هنا ستكون الإثارة سياسية ذات غرض خادم للمسعى المتأخون من تقليل قيمة الجنود المصريين وصناعة مشاهد تسوء قيمتهم!!

أما التركيبة اللغوية "التجنيد الإجباري في مصر"؛ فتسقط أيضاً في تكريس اللهجة الدارجة؛ هُروباً قصدياً من الصيغة اللغوية العربية التي ينبغي استخدامها وهي: "التجنيد الإلزامي في مصر"؛ لأن العقل الموتور صانع الفيلم يستهدف تكريس مفهوم "الجبرية" تعميقاً لصناعة الصورة القهرية التي يقوم عليها الجيش الوطني المصري!!
وهكذا يصوغ الخطاب الإشهاري لعنوان الفيلم المشبوه رسالة تستهدف التأثير السيىء والسلبي لدى المتلقي قليل العدد الذي يُسلم عقله إلى القناة بعد أن انفض عنها جمهورها الكبير السابق؛ أملاً في أن يحقق الفيلم بعد ذلك أرقاماً على "يوتيوب".

***** 

تفكيك مسبق لما نشر عن الفيلم قبيل عرضه:
------------------------------------------


يذكر موقع "هافنجتون بوست" أن الفيلم سيستعرض:" مع المشاهدين رحلة شاب يتهيأ لقضاء تجنيده الإجباري، لنسير معه في الرحلة من الكشف الطبي، إلى الـ45 يوماً (فترة مركز التدريب)، ومن ثم الانتقال إلى الوحدة العسكرية، وصولاً إلى انتهاء الرحلة والعودة مرة أخرى للحياة المدنية".

- وهنا ينبغي أن يلتفت "العقل التفكيكي" إلى أن القصة إذن ستكون حكاية مفترضة أو "حكايات" جمعها مُعد الفيلم أو اختلقها من الجانب السلبي؛ لتشويه صورة الجندية الشريفة المصرية.

- وبالعودة إلى "موسوعة ويكيبديا" نجد تعريف "الفيلم الوثائقي" بأنه: " فيلم يعرض فيه مخرجه لحقيقة علمية (تاريخية، سياسية...) بصورة حيادية ودون إبداء رأي فيها.... والوثائقي هو الذي ينضوي تحت شروط التوثيق الفعلية... والمخرج سيلتزم بالشروط الصارمة للفيلم، ولا يلجأ لإدخال عناصر خارجية، كتلقيح وتركيب، ولا إدارة الشخص في الفيلم كممثل كما نرى الحال منتشراً، الالتزام هنا هو بتحويل الفيلم إلى وثيقة صادقة مئة بالمئة وخالية من التركيب والتفعيل الجانبي". ويمتلك العقل التفكيكي القناعة بأن هذا الفيلم سيظهر مفتقداً لأغلبية هذه الشروط العلمية؛ لأن له هدفا سياسيا مضادا للجيش المصري!!.

ويذكر موقع "هافنجتون بوست" أن الفيلم يشتمل على "لقطات مُسرَّبة من داخل وحدات الجيش، معظمها صُور استطاع المخرج الحصول عليها، ويتكتم على مصادره فيما يخص ذلك. إلى جانب صور أخرى صورها فريق العمل بنفسه، وكانت تعتمد بالأساس على الكاميرات السرية"!! وبتفكيك هذه العبارة تتكشف الأكاذيب التالية:

- أن الإشارة التي وضعها المخرج في بدء الفيلم كانت لافتة "منطقة عسكرية " ممنوع الاقتراب أو التصوير"؛ وفي إطار "التلبيس" على المتلقي تراه هنا يسبق عرض الفيلم بالقول أنه حصل على الصور من مصادر لم يكشفها؛ فضلاً عن استخدام الكاميرات السرية. ما يعني إذن أن مصادره استخباراتية وقد أمدته باللقطات؛ ويسرت له التصوير بكاميرات سرية.

- ومن دون شك ففي هذا الأمر كثير من المخادعة والكذب؛ لأنه يُعطي إيحاء بأن الجيش المصري مُخترق بعناصر تكشف ما خفي من أمور؛ وقد وقع هذا العقل المتأخون الإعلاموي في ورطة عدم إدراك متانة الإحكام الأمني لهذه المؤسسة الوطنية بأجهزتها فائقة القدرة، التي استعصت على التنظيم المتأخون أن يخترقها وهو في حالة التمكن من حكم مصر؛ وسجلت كل المخابرات الهاتفية للقيادات المتأخونة وهي تخون مصر؛ وتقدم كأدلة إدانة لهم أمام القضاء راهناً.

ويصنع مُخرج الفيلم لنفسه في تصريح للموقع "مخرجاً" لتبرير ما سيقدمه من أكاذيب متوقعة في الفيلم بقوله :" إن الصور التي صورها فريق العمل بنفسه... كانت أصعب ما في هذا الفيلم، وهذه لم تلتقط مشاهد من داخل الوحدات، وإنما استطاعت التقاط مشاهد للعساكر الذين يبيعون الخبز، والذين يقومون بمهمات جمع القمامة ضمن خدمتهم العسكرية". 

- إنها أيضاً من خطابات التلبيس على المتلقي؛ لذلك حصرها بمشاهد "الجنود وهم يبيعون الخبز ويجمعون القمامة"؛ وهل هذه تحتاج إلى كاميرات سرية؟!؛ فالمجند مسؤول عن تنظيف وحدته العسكرية؛ والمجند الذي يبيع الخبز يأتي في إطار دور الجيش المصري في إدارة الأزمات الطارئة؛ وتقوم بها نوعيات من المجندين في وحدات جهاز مشروعات الخدمة!!

- وما الذي يعيب مُجنداً أن يقوم بآداء دور خدمي في موقعه العسكري "تنظيف وخلافه"؛ أم أن الجيش المصري ينبغي أن يستجلب عمالة خدمية مدنية مستأجرة لتقوم بذلك الواجب؟!!

*****

ويواصل مخرج الفيلم التلبيس المسبق على المتلقي بقوله لموقع "هافنجتون بوست":"هناك مقاطع من أرشيف القوات المسلحة، والمشاهد التمثيلية التي تُحاكي ما يَحكيه العساكر من قصص، والتي لم يتمكن المخرج من تصويرها على الواقع، بالأخص تلك المتعلقة بتكدير العساكر أو ضربهم، إلى جانب لقطات أخذها طاقم العمل من جنود سابقين، كانوا قد أرَّخوا بالصور أيامهم في حياة التجنيد الإجباري".

وهنا تتكشف اللعبة الفاسدة بمجملها التي قام بها مخرج الفيلم وقناته المتأخونة عبر تفكيك تلك العبارات السابقة:

- إن مقاطع أرشيف القوات المسلحة هي المقاطع الحقيقية الصحيحة المصورة التي تثبت عكس ما يسعى الفيلم لتحقيقه أن تلك المؤسسة هي مصنع الرجال الوطنيين الحقيقيين؛ وهم يؤدون عروضهم المذهلة؛ التي تثبت كفاتهم القتالية العالية وتدريبهم الفذ وقوتهم الجسدية؛ وسمات الإقدام الجسور غير الهياب والدالة على شخصيات عسكرية سوية مخلصة للوطن والجيش؛ ومؤمنة بدورها القتالي دفاعاً عن الوطن؛ والتي بتحليلها النفسي تدل على تمتعهم كأفراد مجندين بسمات فردية قادرة وليست مقهورة أو تعيش حالة من الجبرية التي سعى الفيلم لصناعتها.

- إن حالة الكذب التي تُعرِّيها هذه المحاولة التفكيكية تتحدد في عبارات المخرج؛ وهي مربط الفرس الكاشف للمسكوت عنه في الفيلم حين يقول:" إن المشاهد التمثيلية – أي في الاستديوهات التي صنعوها- تُحاكي ما يَحكيه العساكر من قصص، والتي لم يتمكن المخرج من تصويرها على الواقع..." وهنا نحيل إلى كشف اللعبة؛ أي أن الفيلم سيقوم بتمثيل الأكاذيب التي جمعها في حكايات العساكر المجندين إجبارياً؛ فكيف يكون الفيلم إذن وثائقياً يا أهل الصنعة السينمائية الوثائقية؟!!

- والسؤال الجوهري أيضاً في إطار الفن الوثائقي أية فترة زمنية يهتم الفيلم بها، وما هي نوعية هؤلاء المجندين؟ من الأميين؛ أم من حملة الشهادات الجامعية؛ أم من حملة درجات الماجستير والدكتوراة. من المؤكد أن المخرج جمع مرويات بعضها متداول لأحداث تقع في أي مكان من العالم؛ وسيلصقها كذباً في رؤوس البسطاء من الفلاحين الطييبين المجندين؛ ليُعمِّم صورة مكذوبة صنعها عقل متأخون فاسد الذات والمسلك والانتماء.

*****

ويواصل مخرج الفيلم "عماد الدين السيد" المخادعة حول عمله في الفيلم بقوله لموقع "هافنجتون بوست": "فريق العمل بذل جهداً كبيراً لتتبع العساكر في تلك الحياة السرية، والبحث عن نوعياتهم المختلفة، مثل العسكري الذي يصطلح عليه في فترة التجنيد بـ «العكسري السيكا»، والذي تكون مهمته الأساسية خدمة الضابط مباشرةً...".

- إذن هناك إصرار على المخادعة بالحديث حول جهد "فريق العمل" في تتبع "العساكر في تلك الحياة السرية" والبحث عنهم مستخدماً التعبير الشائع مؤخراً بين شباب التواصل الاجتماعي "العسكري السيكا"؛ وهو الشاب قليل الأهمية؛ أو غير الجدير بالاهتمام". والسؤال هل كل مجندي الجيش المصري من نوعية "العساكر السيكا"؟ أم أن العمى الإيديولوجي للعقل المتأخون ضارب حتى النخاع؟!

- هل كل المجندين الذين يندرجون في الفترة التأسيسية التي حددها الفيلم بـ "45 يوماً" من "العساكر السيكا"؛ وكلهم يقومون بخدمة الضباط؛ وجمع القمامة ويتعرضون إلى المهانة؟ أم أن العقلية الإعلاموية المتأخونة الموتورة تعيش وهم التعميم بالصورة السلبية المتخلية في أذهانهم للجيش المصري العملاق؟! 

*****

ويقول المخرج المتأخون أن: "الفيلم يتتبع قصص العساكر الذين يعملون في المشروعات التجارية للجيش، مثل الفنادق والمزارع، ويستكشف ما طبيعة عملهم، ويستكشف هل حقاً يتم تدريبهم على القتال والشجاعة كما يقال؟"

- وهنا يقع هذا المدعو بالمخرج في خلل التناقض الهائل: فالمجند الذي يُمضي فترة التأهيل الإلزامي في الـ 45 يوماً يكون في معسكر التجميع للتدريب الأساس قبل التوزيع على أفرع الأسلحة التخصصية؛ وفي هذه الفترة يتعلم الأساسيات العسكرية؛ وقواعد الانضباط والالتزام والوقوف في الصفوف؛ وتدريبات اللياقة البدنية؛ والانصهار في مجموعته؛ أي يتخلص تماماً من الارتباطات بالمسلكيات المدنية بتراخيها وانفلاتها؛ ويكون طوع الأمر العسكري من قائده أو مدربه.

- أن النوعيات التي يتحدث عنها بعد انقضاء الفترة التأهيلية ينتقل المجند إلى الأفرع التخصصية ومنها القطاع الاقتصادي المعروف بـ "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الهادف إلى تحقيق الإكتفاء الذاتى النسبى من الإحتياجات الرئيسة للقوات المسلحة لتخفيف أعباء تدبيرها عن كاهل الدولة؛ مع طرح فائض الطاقات الإنتاجية بالسوق المحلى، والمعاونة في مشروعات التنمية الإقتصادية بالدولة من خلال قاعدة صناعية إنتاجية متطورة". وهو يعتمد على الطاقات المجندة إلزامياً للاستفادة بخبراتها المهنية في الحياة. لكن العقل المتأخون يكره ذلك وينبغي أن يلوث صورته!!

****

وللعجب العُجاب يكشف موقع "هافنجتون بوست أن "عماد الدين السيد"، صانع الفيلم، لم يمر بفترة التجنيد الإجباري، وقد جاءته فكرة الفيلم من مجموعة خبرات متراكمة على مدى طويل في القضية، جاءت عبر مقالات وجلسات مع أصدقاء، طُرح فيها الأمر".!!!

وهنا يتجلى "المسكوت عنه" بوضوح؛ فهذا المدعو بصانع الفيلم لمْ يَعِشْ تجربة "الرجولة العسكرية" ولم يؤد "الخدمة الإلزامية"؛ فاعتمد في استقاء خبراته و"هرتلته" حسب التعبير الشبابي من "مقالات وجلسات مع أصدقاء، طُرح فيها الأمر". وبالتأكيد كانت تلك الجلسات مدفوعة النفقات من "قناة الجزيرة" بسخاء لاجترار منظومة أكاذيب تصنع فيلماً وثائقياً فاشلاً قبل عرضه.

*****

 اشارة الإعلان عن الفيلم الموصوف بالوثائقي وأغلب لقطاته تمثيل
 صورة تحذير منطقة عسكرية تنسف منهج الفيلم
 لقطة تدريبيبة للتحمل يتوقع ان يقوم الفيلم بترويج انها تعبير عن التعذيب
 حالة توجيه صفعة لأحد المجندين والمؤكد أنها تمثيلية
 مجند يقوم بعملية تنظيف المعسكر من أوراق الشجر يجري توظيفها سياسيا
 مجند في مشروع دواجن خاص بتغذية الجيش المصري يجري اللعب بها
مكان نوم المجندين المتقشف يجري اللعب به


 صورة الفحص الطبي للياقة المتقدمين للتجنيد

 جنود الجيش المصري باجسادهم يكتبون اسم الوطن لقطة حقيقية
 عرض عسكري لنوعية التدريبات التي تخرج رجالا
المقابلة الصحافية التي كشفت بعض تفاصيل الفيلم الموجه سياسيا ضد الجيش المصري
هكذا هم وحوش الجيش المصري الذي يتصدى للارهاب  

 
إن هذا الفيلم يعتمد في حقيقته يعتمد على تأليف "حكايات" مُختلقة في أغلبيته من جلسات الأصدقاء حسب المشاهد الأولية التي تضمنتها إشارته الفيلمية وفق اعتراف المخرج "عماد الدين السيد" ليبرر مسبقاً ضحالته التي سيشعر بها من سيشاهد الفيلم بوعي يدرك هدف الفيلم المُكرَّس في صناعة صورة كاذبة؛ تضخم بعض الوقائع المحدودة التي قد تحدث؛ لكنها تختلق تعميم أجواء ليست كذلك في جيش وطني أغلب عديده من الشباب خريج الجامعات والمدارس الثانوية على الأقل؛ يجسدون القول النبوي الشريف: ( إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض. فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله ؟ قال: لأنهم في رباط إلى يوم القيامة ). صدق الرسول الاكرم "ص". 

وفي الكتابة التالية سنوالي تفكيك حقد العقل المتأخون الذي يسعى لهدم الجيوش الوطنية؛ وكان الفيلم المنتظر لقناة الجزيرة نموذجاً كاشفاً على الأقل بتشويهه الجيش المصري الوطني العظيم.

                                                                          "رأفت السويركي"
 -----------------------------------

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

تفكيك العقل النخبوي المتأخون ( 47)
"التنظيم الخاص"... لعبة إعادة إنتاج "فرسان الهيكل" في الجماعة!!
--------------------------------------------------

تواصل الكتابة الراهنة الخاصة بتفكيك العقل النخبوي المتأخون كشف "المسكوت عنه" المختبىء في طقوس الجماعة المتأخونة؛ بدلالاته الماسونية المرتبطة بالوجدان الأصلي للمؤسس الأول "حسن البناء" والذي يحكم تصرفاته؛ ويقدم له الخبرات العقلية التي يقوم على أساسها بإنشاء جماعته؛ والذي تجلى في بناء ما تُسمى جماعة الإخوان المسلمين.

والنقطة التي ينبغي الإشارة إليها هنا؛ أن هذه الكتابة التفكيكية كما يُقال " لا تخترع العجلة"؛ ولكنها تؤكد وتكشف "حقيقة اختراع العجلة"؛ عبر الإثبات التحليلي تفكيكياً لما وراء الإخباريات والمعلومات التي ذُكرت في الوثائق؛ أو تسربت في الكتب حول تلك الجماعة؛ ومنها ما كتبته عناصر كانت أو لا تزال "متأخونة". 


 صورة حسن البناء

فالحديث عن الثوابت الماسونية في عقل "حسن البناء" وزمرته الأولى التي احتضنت فكرته، وارتقت تنظيميا إلى مواقع "مكتب الإرشاد" اعترفت كتابة بماسونيتها - "سيد قطب نموذجاً" العضو السابق في قيادة الجماعة والرئيس السابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة - وما قيل عن "مأمون الهضيبي" المرشد السادس للجماعة (2002 - 2004)م؛ وصولاً إلى "محمد مهدي عاكف" المرشد السابع للجماعة (يناير 2004 - 16 يناير 2010)م والذي يدور في هذا الفلك؛ وهو ما لم يتم نفيه!!

*****

"حسن البناء" كما ستكشف القراءة التفكيكية راهناً؛ لمْ يَرْكَنْ فقط إلى الوجدان الكامن الأصولي اليهودي الأول؛ ونسق الجماعات التصوفية التي سلك طريقها "الحصافية الشاذلية" ونموذج "إخوان الصفا وخلان الوفا" الذي ربط جمال الدين الأفغاني بينه وبين الماسونية ونمط "المحفل الماسوني"؛ بل يكتشف العقل التفكيكي لدى تحليل حركة "حسن البناء" في إنشاء جماعته أنه أقام بنيان "الذات العنفية" في جماعته، بتكوين "التنظيم الخاص" مستوحيا نمط بناء جماعة أصحاب "الهيكل المقدس" أو بالمفهوم العصري ميليشيات أصحاب "المعبد المقدس".


 الصورة النمطية لفرسان الهيكل

وهم حسب – موسوعة ويكيبيديا لمن أراد الاستزادة - الذين "يُلقَّبون بـالجنود الفقراء للمسيح ومعبد سليمان، وعُرفوا أيضاً بالداوية أو تنظيم الهيكل بالفرنسية، وقد كانوا أحد أقوى التنظيمات العسكرية التي تعتنق الفكر المسيحي الغربي،... وقد ارتبط فرسان الهيكل بقوة بالحملات الصليبية".

 

كان مقر "فرسان الهيكل" في "القدس؛ وقد تشكلوا لآداء وظيفة "حماية الحجاج المسيحيين" إلى الحرم القدسي الشريف أو المسجد الأقصى الذي يدعون أنه "يستقر على أنقاض معبد سليمان" وأطلق الصليبيون عليه "هيكل سليمان"، بعدما استولت الحملة الصليبية الأولى على القدس العام 1099م. 

لكن الملاحظ حسب الدراسات أنَّ فرسان الهيكل كانوا أول من قام بابتكار "تحويل المُؤسسة الدينية إلى تشكيل عسكري"؛ أي بالتعبير المعاصر "ميليشياوي" في اقتداء مماثل لمسلكيات الفرق الباطنية في التاريخ الإسلامي. ويكفي ذلك ليكون منطلقاً لإثبات مرجعية المماثلة التي استقى منها "حسن البناء" معيار بنية القوة في نسق العنف العقدي المتسيس الذي حكم قضية إنشاء "التنظيم الخاص" للجماعة المتأخونة في العام 1940م.

وكان هدف " حسن البناء" من إنشاء التنظيم الخاص بحسب محمد مهدي عاكف "إعداد نخبة منتقاة من الإخوان المسلمين للقيام بمهمات خاصة، والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي، ومحو الأمية العسكرية للشعب المصري في ذلك الوقت". وفضلاً عن ذلك فقد استعار "حسن البناء" طقوسية قبول عضوية "التنظيم الخاص" من إجراءات قبول العضوية في "المحفل الماسوني" ذاتها:

- أولاً: إن فكرة إنشاء تنظيم "فرسان الهيكل" كانت مقترحا من "الباباوات" بتكوين "تشكيل عسكري على أساس عقدي؛ شعاره صليبي يحارب المسلمين، لينتزع المسجد الأقصى الذي يعتقدون وهماً أنه تم بناؤه فوق ما يسمى "هيكل سليمان".

وفي المقابل لدى الجماعة المتأخونة نشأ "التنظيم الخاص": "فكرة مشتركة بين حسن البنا والحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين؛ بهدف - في البداية - التصدي لليهود والإنگليز، أثناء الاحتلال البريطاني لمصر وفلسطين". ما يعني أيضاً المماثلة في نوعية الشخصية المصدرية الدينية للفكرة؛ هناك "الباباوات" وهنا "مفتي القدس وحسن البناء"، وفي الوظيفة العقدية، مع تقدير المغايرة بين العقيدتين المسيحية اليهودية والإسلام السياسي.

- ثانياً: إن صورة العنصر المنتمي إلى فرسان الهيكل الصليبي كما أوردها كتاب "في مدح تنظيم الفروسية الجديد" هي أن " فارس الهيكل فارسٌ مغوارٌ، لا يشقُّ له غبار. إذ تحتمي روحه بدروع الإيمان، قبل أن يحتمي جسده وراء دروع الحديد. فهو إذ ذاك محمي من كل جانب، لا يهزه الخوف من الإنس أو حتى الشياطين"؛ كما أن شعار هذه الجماعة الميليشياوية الماسونية الصليبية هو "لا علينا لا علينا، يا ربنا، بل على اسمك الأعظم، تنزل بالمجد".

وفي المقابل تكتشف أن شعار الجماعة المتأخونة يتضمن عبارة "... الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا". ما يعني كذلك تماثل الطابع العقدي بوضوح بين الصورتين، الماسونية لفرسان الهيكل والتنظيم الخاص الميليشياوي المتأخون؛ مع تقدير المغايرة النوعية بين العقيدتين المسيحية اليهودية والإسلام السياسي.

- ثالثاً: نشأ نمط "فرسان الهيكل" للاضطلاع بمهمة "حماية الحجيج المسيحيين" إلى بيت المقدس؛ وكانت أغلبية أفراد ذلك التنظيم من المدنيين أي بالمفهوم العصري "ميليشيا" تؤدي مهمتها الأساس عسكرية؛ وقد نشط ذلك التنظيم الصليبي في جذب المتطوعين وجمع الأموال. 

وفي المقابل تجد المماثلة نفسها لدى التنظيم الخاص بالجماعة المتأخونة، حيث "كان أول ما يُختبر به العضو الجديد هو إعلانه رغبته الجهاد في سبيل الله، فيكلف بشراء مسدس علي نفقته الخاصة والذي لم يكن يزد ثمنه في هذا الوقت عن ثلاثة جنيهات..." ما يعني أيضا التشابه في طبيعة ميليشياوية الوظيفة العقدية العسكرية؛ وأيضا ما تمتلكه الجماعة المتأخونة من قدرات اقتصادية؛ مع تقدير المغايرة بين العقيدتين المسيحية اليهودية والإسلام السياسي.

- رابعاً: ذكرت موسوعة ويكيبيديا أن أعضاء تنظيم فرسان الهيكل المدنيين أداروا بنية تحتية اقتصادية واسعة النطاق في كافة أنحاء العالم المسيحي، ويعزى إليهم الفضل في ابتكار بعض الطرق المالية، والتي كانت بمثابة الصور الأولية لنظام المصارف والبنوك الحديث. 

والصورة نفسها تجدها بعينها لدى الجماعة المتأخونة؛ حيث تمتلك أرصدة من أموال مخيفة وأصول اقتصادية مريبة تكدست طيلة تاريخ الجماعة؛ وتدير أنشطة مالية متنوعة ذات علانية وأخرى كبيرة تحت المعلن؛ وهذه القضية المالية ستكون مجالا للتفكيك لاحقا؛ لكشف المسكوت عنه المريب فيما يتعلق بالنظرية الاقتصادية المتأسلمة الي تتبعها؛ فضلا عن نمط الاقتصاد الخفي وما يحيط به؛ ويحقق أرقاما غير طبيعية في شكل اقتصاد ريعي في الأصل.

- خامساً: "الجماعة الماسونية" التي تعد المصدر الأصولي لفرسان الهيكل تمارس في منح العضوية بالمحفل الماسوني طقوساً رمزية؛ غرضها إرهاب الشخص المقبل الجديد لاكتساب العضوية إذا خالف تعليماتها؛ والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة.

 
 طريقة تعميد عضو المحفل الماسوني المرعبة

وحسب ما ذكره الكاتب الأميركي "غي كيني" في كتابه " الأسطورة الماسونية" السابق الإشارة إليه في التدوينة السابقة ذكر ما نصه: "عندما حضرت إليهم وضعوني في غرفة تحضير، والتي كان فيها بعض الملابس التي كان يجب علي أن أرتديها، ومن ثم أعطوني عصبة للعينين، ويتم إجراء الالتزام أو القسم عند مذبح في منتصف غرفة المحفل،... وهو طاولة موضوع عليها الإنجيل أو أي كتاب مقدس آخر يؤمن به الشخص؛ ويلقي رئيس المحفل في تلك الغرفة على العضو الجديد محاضرة حول تاريخ المجموعة ورموزها التي لم تتغير منذ مائتي عام."


 حسن البناء في معسكر تدريبي للمليشيات المتأخونة


وفي المقابل فالأمر نفسه – أي ذلك المسلك الماسوني في التعميد للعضو - تجده لدى ما تُسمى "جماعة الإخوان المسلمين"؛ خاصة في طقوس منح عضوية "التنظيم الخاص"؛ الجناح العسكري الميليشياوي للجماعة المتأخونة الذي يمثل وجه العنف الحقيقي لها؛ والمسؤول عن كل حالات الاغتيال والقتل والتفجيرات التي تقوم بها الجماعة منذ العام 1940م وإلى الآن؛ فضلا عن ظهور أشكال الميليشيات المتأخونة المسلحة، بصورتها العشوائية في واقعتي "رابعة" "والنهضة"؛ وأحداث الشغب الفوضوية خلال وبعد ما سميت" ثورة يناير":


- بالوثائق: يكفي دليلاً على بدء المسألة من المؤسس في اعتراف المرشد السابق "حامد أبو النصر" في كتابه "حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمين وعبدالناصر": أن "حسن البنا قد أعطاه العهد على المصحف والمسدس في منزله في منفلوط"!!


- ويذكر محمود عساف "أمين تنظيم الإخوان للمعلومات - أي المخابرات - في كتابه "مع الشهيد حسن البنا": " في يوم من أيام سنة 1944م دعيت أنا والمرحوم الدكتور عبد العزيز كامل لكي نؤدي بيعة النظام الخاص، ذهبنا في بيت في حارة الصليبة... دخلنا غرفة معتمة يجلس فيها شخص غير واضح المعالم يبدو أن صوته معروف وهو صوت صالح عشماوي، وأمامه طاولة صغيرة منخفضة الأرجل، وهو جالس أمامها متربعاً، وعلى المنضدة مصحف ومسدس، وطُلبَ من كلٍ منا أن يضع يده اليمنى على المصحف والمسدس؛ ويؤدي البيعة بالطاعة للنظام الخاص والعمل على نصرة الدعوة الإسلامية، كان هذا موقفاً عجيباً يبعث على الرهبة، وخرجنا سوياً إلى ضوء الطريق ويكاد كل منا يكتم غيظه".!!

 

- وهذه الشهادة نفسها تتكرر لدى محمود الصباغ في كتابه "التنظيم الخاص"؛ حيث يقول الشخص الغامض للمبايع وهو مغطى الجسد تماماً من قمة رأسه إلى أخمص قدميه برداء أبيض يخرج من جانبيه يداه ممتدتان على منضدة منخفضة (طبلية) عليها مصحف شريف: "إن خنت العهد أو أفشيت السر فسوف يؤدي ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منك، ويكون مأواك جهنم وبئس المصير"!!!

والأمر المثير للتوقف هو دلالة "الرداء الأبيض" الذي يغطي به نفسه ذلك الشخص وهو يتلقى البيعة؛ فهذا الرداء يشابه الرداء الرسمي الذي ترتديه عناصر "فرسان الهيكل"؛ وهو حسب "موسوعة ويكيبيديا" يتكون من زي أبيض، يتوسطه صليب أحمر؛ ألا يعد ذلك دلالة على واحدية مصدر الفكرة؟! وأن "حسن البناء" أقام ميليشيات جماعته العنفية بالنمط والطقوس نفسها المستقاة من جماعة "فرسان الهيكل" والجماعة "الماسونية"؟!

***** 

وإذا تجاوزنا مفهوم تفسير الأمر بنظرية المؤامرة الذي قد تظنه قاعدة الأتباع من مغسولي الدماغ عبر برامج التربية في دهاليز التنظيم؛ فإن هذه المماثلة حتى شبه الحرفية كما تبدو من تفكيك النمط العنفي لدى الجماعة المتأخونة تعكس القصور الفكري لدي عقل الجماعة المتأخونة في فهم "العقيدة الإسلامية"؛ بماضوية ذلك العقل الفجة التي لا تزال مستمرة؛ ولم تتطور بما يناسب القرن الحادي والعشرين الميلادي بتطوراته البنيوية الهائلة. والدليل على ذلك هو الجمود الماضوي الكامن في وصف "حسن البناء" لجماعته المتأخونة بقوله: "إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية، وطريقة سنّية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية".

وهذا الوصف الفضفاض للجماعة؛ وغير المتماسك في منطوقه يخرج بها من السياق العقدي الإسلامي كجماعة دينية إلى المجال السياسي؛ لتكون الجماعة مشروعا لوطن متخيل عابر للجغرافيا؛ أو "غيتو" نظري؛ مماثل للغيتو اليهودي؛ ويسعى المؤسس بذلك إلى تعميمه من أجل تحقيق مفهوم أستاذية العالم المرتجى!! 

*****

إن "عسكرة العمل العقدي" لتحقيق تلك الأستاذية عبر التنظيم المتأخون؛ وكذلك الجماعات التي تناسلت من رحمه السياسي مثل "القاعدة" و"داعش"؛ تقع في خلل وقصور الغيبوبة الزمانية والمكانية؛ نتيجة تعميق إدراكها بالوقوع في أسر المفهوم القطبي "سيد قطب" الإبن الشرعي لفكر "أبي الأعلى المودودي" أو "أبي العلاء المودودي" عن جاهلية المجتمعات الإسلامية؛ التي تسوغ ما يسمى مغالطة "إعلان الجهاد"، الذي هو في حقيقته ممارسة العنف المتجسد في عمليات الإرهاب والقتل والتفخيخ والتفجير. 


 الميليشيات الإخوانية وعسكرة العمل الديني


إن ما ذكره الراحل الشيخ محمد الغزالي عضو الإخوان السابق في كتابه " من معالم الحق في كفاحنا الاسلامي الحديث " ... يكفي لتفسير ذلك؛ لأن الجماعة المتأخونة عبر "حسن البناء" قامت بتوظيف الدين لتحقيق أهدافها السياسية عبر خديعة الشباب بالدعوة المتسترة بالدين وشعارات القرآن!!

*****

لذلك فإن العقل التفكيكي يرى إلى أن الجماعة المتأخونة؛ منذ تأسيسها من "حسن البناء" لا تزال تعيش في "جُبِّ الماضوية"؛ وتقف عند حد الاستنهاض بإعادة إنتاج نمط "فرسان الهيكل" في صورة عنف ومهمات "التنظيم الخاص"؛ كما لو أن الإسلام بذلك يرتد على أيديهم من جديد إلى مرحلته المكية بكهنوتية وإدعاء "حسن البنَّاء"؛ ولا تزال تلك الجاهلية مستمرة كذلك مع سلسلة ورثة "البناء" من المرشدين؛ ومنهم من التصق اسمه مباشرة بالماسونية من دون حدوث نقض ذلك المفهوم من كتاب ومنظري الجماعة المتأخونة... وفي الحلقات التالية نواصل كشف المسكوت عنه في هذا المجال!!



                                                                              " رأفت السويركي"
-----------------------------------