الجمعة، 16 ديسمبر 2016

"منجنيق الإسلام السياسي"... السيناريو "صهيوني" والفاعل منتسب للعقيدة!!


   "منجنيق الإسلام السياسي"... 

 السيناريو "صهيوني" والفاعل منتسب للعقيدة!!
-----------------------

بعيداً عن الاتهام بالوقوع في أسر ما يروِّجونه عن تفكير "نظرية المؤامرة"؛ التي يمثل الاستسلام له كارثة ثقافية سياسية؛ ابتليت بها الأمة العربية والإسلامية؛ لأنها تُشْبِعُ لدى أغلبية جموعها القناعة الكارثية بالتواكل والقدرية؛ وكلاهما مفهومان أبعد ما يكون عن روح العقيدة الإسلامية الحق؛ ينبغي أن نتأمل ما صارت إليه أمور هذه الأمة راهناً؛ في العراق وليبيا وسوريا ومصر؛ وغيرها من البلدان؛ بفعل السيناريو الصهيوني لتوظيف فرق ما يسمى "الإسلام السياسي".



*       في العراق... الدولة أسقطت يوم جرى إلغاء جيشها بتسريحه؛ فتشكلت شبه دولة فاشلة؛ تعاني جحيم الميليشيات العقدية؛ ومن إحداها تولَّد "قيصريا" بالتلقيح الاستصناعي في المختبر الاستخباراتي تنظيم "داعش" السُّني الهوية؛ ليكما الصورة مقابل التنظيمات الشيعية والكردية...إلخ.



*   وفي ليبيا... الدولة أسْقِطَتْ يوم دمرتها طائرات "حلف الناتو"؛ واستجْلِبَ لها فائضُ القوة الغاشمة؛ منقولاً جواً وبحراً من أفغانستان وكافة البقاع؛ لتصبح ليبيا مخزن إرهاب متضخم؛ لم يَحِنْ توقيت توظيفه الاستراتيجي بعد!!


*       وفي سوريا... الدولة أُنْهِكَتْ إلى حد الإعياء، وكادت تتداعى وتتفكك؛ لولا الحسابات الاستراتيجية الدولية الخاصة بروسيا بوتين؛ وبعض ما يحتفظ به الجيش العربي السوري من قوة النخبة؛ فضلاً عن تماسك الدولة المركزية ببعض علاقاتها الإقليمية، ولكن تحولت كثير من مناطقها التي كانت علامات الحضارة القديمة إلى أطلال شاهدة على حجم الجريمة؛ وابتلعت المياه جثث الكثير من أهلها الأعزاء فراراً من الجحيم.

*       وفي مصر... الدولة كادت تصل إلى ما وصلت إليه شقيقاتها الأخريات؛ لولا عناية الله؛ ويقظة ووعي وصلابة مؤسستها العسكرية الوطنية؛ التي كانت تراقب بعيني النسر الحادة... ما رتبت إليه الجماعة المسماة "الإخوان المسلمون" وكيلاً لاستراتيجية إعادة استنساخ النموذج من العراق وليبيا وسوريا؛ تنفيذا للسيناريو الأميركي الصهيوني؛ الخاص بتفكيك المفكك... وتفتيت المفتت. والحمد لله أن ما أضمروه تم فضحه وتدميره؛ فَسَلِمَتْ مصر بفضل حفظ الله؛ ويقظة جيشها البطل ورجاله المؤمنين؛ الذين أوقفوا طوفان التدمير للمنطقة بفعل توظيف الغرب الاستعماري لـ "منجنيق الإسلام السياسي"!!
*****

هل تعرفون ما يمكن أن يطلقوا عليه تفكير "نظرية المؤامرة" ما هو؟ ليس غير الكشف والتحذير من سيناريوهات مشروعات العقل الاستعماري ومكاتب تفكيره؛ التي تنظم مخططات الفعل تلك التي أحدثت ما أحدثت، وهو ما تشاهدونه راهناً في الخريطة العربية.

لقد ذكرني "فيس بوك" بكتابة سابقة لي على جداري؛ كانت مُفَكِّكَةً لذلك العقل الاستعماري الأكاديمي المهيمن؛ بعنوان ( فِقهُ الغَرب في توظيف "مِنجَنِيق الإسلام السياسي"!) والتي رصدت فيها تصورات "نوح فيلدمان" اليهودي الأميركي وأستاذ القانون، والحاصل على دكتوراة "الفلسفة في الفكر الإسلامي" من جامعة أكسفورد، وصاحب الكتاب الشهير " سقوط وقيام الدولة الإسلامية"، والذي يعتبر بحق، صاحب نظرية استخدام " مَنْجَنِيق الإسلام السياسي"، في هدم أسوار المناعة العربية من الداخل.

لقد كان مشروع "فيلدمان" المُتَبني لتمكين ما يُسمى الإسلام السياسي، هو ما يعبر عن "فقه الغرب" في تفعيل هذا السلاح وتوظيفه " لامتصاص عناصر التشدد من كل دول العالم إلى الساحة العربية الإسلامية، بدعوى إعادة بناء وتفعيل تطبيق الشريعة بها، وفضلاً عن ذلك، إخراج الغرب أو الآخر من معادلة الصراع، لأنه يساعد هذه التيارات العقدية في التمكن من بلدانها، وهذا جهد يشكرونه عليه من وجهة نظرهم ومسلكهم السياسي الانتهازي، وكذلك تعطيل نظام الدولة الوطنية عن تشكيل سياجات مضادة للغرب تنموياً، لتنتهي من وجهة نظر فيلدمان، لُعبة ما يُسمى "صراع الحضارات".

والسؤال الجوهري في هذه الكتابة: أليس من العَجَبِ العُجَابِ أن يتبنى يهودي أميركي صهيوني أحوال تنظيمات ما يسمى الإسلام السياسي، ويسعى بجهده التنظيري، لتمكين فصائله من مفاصل الحكم في بلدانهم، برؤاهم الماضوية للعقيدة والدين؟ فهل عرفتم الآن معنى اصطلاح "فقه الغرب" في توظيف " مَنْجَنِيق الإسلام السياسي"!

                                                                      "رأفت السويركي"
-----------------
 
 

تفكيك العقل النخبوي الأكاديمي المهيمن (13)

فِقهُ الغَرب في توظيف "مِنجَنِيق الإسلام السياسي"!
------------------------------------------------
 
"نوح فيلدمان" اليهودي الأميركي وأستاذ القانون
 
منجنيق الإسلام السياسي لهدم الدول العربية 
الوعدُ الذي التزمت به في الكتابات السابقة، هو اعتماد منهج " التفكير من خارج الصندوق"؛ سعياً للوصول إلى أحكام موضوعية، ومتزنة لا تنحاز عاطفياً، تجاه القضايا المشتعلة في الساحة السياسية العربية والإسلامية، تحقيقاً للوصول إلى فهوم عقلانية، هذا الوعد سيتواصل أيضاً في تلك الكتابة، لأن موضوعها إشكالي بالضرورة، إذ أنه سيتولى الحَفرَ في منظومة المُسلَّمات الإعلامية السياسية المُعمَّمة في وسائل الإعلام العربية، وحقل التوظيف السياسي للعقيدة، من جانب آخر، أي ما اصطُلح عليه بـ "الإسلام السياسي"، لأنه حديث الساعة راهناً، والموضوع المهيمن على الساحات الفكرية والاجتماعية والسياسية.

****

وبحثاً عن صياغة متناسبة مع هذا الموضوع الإشكالي، ستجري هنا في العنوان، استعارة اصطلاح دارج من الحقل الديني، لتوظيفُه بمفهومٍ مُغاير عن مجاله الدلالي، ونقله من حقله الخاص والمتعلق بأساسات العقيدة، وتطبيقاتها، وتوظيفها، ليتم هُنا تحقيقُ مُجَانَسَة معرفية به، بين حقلين مُتباعِدين، هُما العقيدة كدين، والسياسة كمُمارسة، وليكون موضوعُنا: " فِقهُ الغربِ في احتضان الإسلام السياسي".


وليس هذا الاستخدام للاصطلاح خاطئاً، لأنه عَبْر الإعلام السياسي، يُحاول أن يُجلِّس قاعدياً موضوعة من الأهمية بمكان، تتعلق بواقعِ ِوحاضر ومستقبلِ الأمتين العربية والإسلامية، اللتين صارتا خبط عشواء للغرب السياسي، يلعب بِهما وقتما يشاء، ويجعلهما، موضوعه الحيوي، في إطار مخططاته، واستهدافاته، من أجهزته، كضرورة وجودية، لازمة لتطور وتركز النظام العولمي، وتحقيق المزيد من هيمنته المتعددة، فضلاً عن دخوله أي "الفقه الغربي" في احتضان الإسلام السياسي ملمحاً ثابتاً، ضمن حقول عقيدة وعمل، ودراسات وسيناريوهات مكاتب التفكير الغربية " think tank "، التي تدرس كلَّ موضوع من موضوعاتها، عبر فِرَقٍ تجمع الاختصاصات المختلفة الخاصة بالموضوع المدروس.

فقه وعلم الاحتضان الغربي
--------------------------


وإذا كانت المرجعيات العربية تعتبر "الفقه لغة" بمعنى "العِلم"، فإن ذلك يعني الإدراك المطلق بثبوت الأحكام بأدلة يقينية وحتى ظنية، والمؤكد يقيناً أن تحليل الحالة الراهنة لاحتضان العالم الغربي للإسلام السياسي، يَجري وفق فقهه الغربي، المُثْبَتْ باليقين والظن.

فالدراسات الخارجة من الأكاديميات والجامعات، ومراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والعسكرية الغربية، تلعب على هذه الموضوعة بإصرار، وتواصل توظيف "العامل الديني المتسيس" في عالمنا، بما يُحقق أهداف الغرب الرأسمالي العولمي، ويتحرك في إطار ترتيباته البنيوية، لإعادة صياغة العالم، وفق قانون التمركز الرأسمالي، الذي يجعل الكرة الأرضية كلها بثرواتها وأسواقها مجاله الحيوي، في غياب التوازن الاستراتيجي بين القطبين أو الكتلتين الرئيستين سابقاً.


"مَنْجَنِيق" الإسلام السياسي
--------------------------


وما الصراع المحتدم في منطقتنا العربية إلا الدليل الواضح على هذا الفعل الغربي، إذ يجري تفكيك دول المنطقة وتفتيتها، وجعل طوائِفها في حالة احْتِرابٍ مستديمة، تنفيذاً لسيناريو الشرق الأوسط الجديد، باستخدام " مَنْجَنِيق الإسلام السياسي"، والمعروف أن سلاح "المَنْجَنِيق" القديم، هو آلية حربية، كانت تستخدم في هدم أسوار القلاع القديمة، التي يتحصن الجند داخلها للدفاع عن مدنهم من الغزاة، أو وفق أسطورة غزو مدينة "طروادة"، حين تسلل الإغريق إليها بالاختباء في حصان خشبي ضخم، سحبه الطرواديون إلى داخل المدينة مخدوعين به، ظناً عدم توقع أن يكون الغزاة من الجنود الإغريقيين اختبأوا داخل جسد الحصان الضخم، فدخلوا واحتلوها بعد عشر سنوات من حصارها المستعصي. 

الحصان الخشبي
---------------


إن الغرب الرأسمالي "الصهيو- مسيحي"، يواصل مخططاته، وسيناريوهات الهيمنة وهدم المنطقة، بالتوظيف الاستراتيجي، لما يسمى "الإسلام السياسي"، وبناء على المعطيات التي قدمتها مكاتب التفكير الاستراتيجي الغربية، والدليل معروف في أسماء بعينها، مشهود لها بعقليتها العلمية الاستراتيجية، التي رسمت سيناريوهات الغزو، والهدم، وقدمت نصائح استخدام " مَنْجَنِيق الإسلام السياسي"، وابتكرت صناعة "الحصان العقدي الخشبي" الذي يقود إلى احتلال دول المنطقة، بعد التسلل إلى داخل الأوطان بخديعة أهلها، وغفلتهم واطمئنانهم الكسول للآخر، وعدم إعمال عقولهم، في تفكيك الوقائع ومعرفة دوافعها.

****

ومن يتأمل عطاءات العقل الغربي في فقه الغزو الغربي المضاد والمرتد تجاه منطقتنا، منذ الانهيار الحضاري والسياسي للأمة، تراه يستخدم تلك النمطية المعرفية، في تدبير الغزو العكسي، والعالمون بالعلوم يعرفون:


· من هو توماس إدوارد لورنس، المعروف باسم "لورنس العرب" بانخراطه وسط الثوار خلال الثورة العربية ضد إمبراطورية الرجل المريض العثمانية. 

· ومن هو "برنارد لويس" المستشرق البريطاني، الذي اعتمد جورج بوش مخططه للتدخل الأميركي في المنطقة بحجة الحرب ضد الإرهاب، لتنفيذ سيناريو تفتيت الشرق الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة عرقية ومذهبية.

· ومن هو "برنار هنري ليفي" اليهودي من أصلٍ جزائري، والكاتب والفيلسوف الصهيوني الفرنسي والموصوف بـ "عرَّاب" ما يسمى وهماً "الثورات العربية"، والذي ظهر في كل الميادين العربية خلال احتجاجات الجماهير العربية، وهناك من أطلق عليه تسمية "غُراب الثورات العربية".

· ومن هو "نوح فيلدمان" اليهودي الأميركي وأستاذ القانون، والحاصل على دكتوراة "الفلسفة في الفكر الإسلامي" من جامعة أكسفورد، وصاحب الكتاب الشهير " سقوط وقيام الدولة الإسلامية"، والذي يعتبر بحق، صاحب نظرية استخدام " مَنْجَنِيق الإسلام السياسي"، في هدم أسوار المناعة العربية من الداخل.

فيلدمان و"مشروع دول الخلافة"
------------------------------


إن الدور الذي لعبه " فيلدمان" هذا الكادر الصهيوني الخطير، معروف للاختصاصيين والمراقبين السياسيين، بدوره الكبير في الإشراف على أو كتابة بعض دساتير "ثورات التفكيك"، بدءاً من أفغانستان والعراق أيام بريمر، ومرورا إلى تونس، فضلا عما أثير حول دوره في دستور "دولة الإخوان المسلمين " أيام محمد مرسي، وليس من المستغرب قوله: " إن الإعلان الدستوري الذي أعلنه الرئيس الإخواني محمد مرسي يمثل "إنقاذاً للديموقراطية في مصر كي نحصل – يقصد الأميركيين – على الكثير من المنافع بأقل التضحيات".

إن الأدبيات السياسية تؤكد أن "فيلدمان" هو صاحب ما أسميه نظرية " خدعة غزو المجتمعات العربية والإسلامية" عبر "الحصان الخشبي" المضلل للجماهير، فحصان الهوية الدينية "يحتوي بداخله وحش فكر العنف والذبح والتفجير والسبي" مرتدياً مسوح العقيدة، الطاهرة في مظهرها وجوهرها، بعيداً عن الدعوة للخير والسلام والإيمان والتوحيد، واحترام عقيدة الآخر، طالما أنه ارتضى ذلك ولم يحارب عقيدتك الإيمانية.

إن فيلدمان هو صاحب "نظرية دول الخلافة الإسلامية" وليس دولة الخلافة الواحدة، وأن تكون الدولة من تلك النوعية " دولة مدنية، مرجعيتها إسلامية، والعقل الراصد يكتشف ذلك التشابه العميق بين هذه "الدعوة الفيلدمانية" ومشروع "دولة الإخوان المسلمين"، عكس ما تطالب به الاتجاهات السلفية "الماضوية" من دولة خلافة واحدة، غير أن النوعين من اتجاه ما يُسمى "الإسلام السياسي"، يقبل بأي مشروع، يتوفر لهما تحت ذريعة " الغاية تبرر الوسيلة"، وهو المبدأ المتنافي مع روح العقيدة الإسلامية الحقيقية، التي تكره قيمة النفاق و"التحالف مع الشيطان" الكافر، الذي سيسخر منهما، وهو يرى تداعي وجودهما، بعد أن يؤديا الدور المرسوم لهما، بفعل الغفلة، وعدم إعمال العقل، لتثبيت العقيدة ونشرها بوجهها الحقيقي.

دراسة سقوط وصعود الدولة الإسلامية
-------------------------------------


فيلدمان هذا اليهودي المتصهين بعد دراسة الدكتوراه في تجربة " سقوط وصعود الدولة الإسلامية"، الكتاب المنشور بالعربية، هو الذي يدعو الولايات المتحدة الأميركية إلى احتضان وتبني "خيارات الإسلام السياسي"، لتحقيق التغيير المطلوب، والخادم للاستراتيجيات الأميركية، عبر الضغط لإدماج هؤلاء في اللعبة السياسية في كل بلد مستهدف في التفكيك مرحلياً، من منظور تكريس الدعوة لتطبيق النموذج الأميركي السياسي وفق وهم تحقيق "الدولة الديموقراطية".

وبعد تمكينهم من الجلوس في البرلمانات أو على كراسي السلطة، بالانتخابات التقليدية، يُترك لهم الخيار، لاستخدامهم مثل المنجنيق في ضرب وهدم المناعة الداخلية لكل دولة، بإثارة النُعرات المذهبية، والعرقية، والاجتماعية والثقافية، ضمن دورة تدمير وتفكيك ذاتي لكل كيان متماسك.

لعبة فيلدمان هي امتصاص فائض القوة، المتلبس بشكليات العقيدة وظاهرها وفهمها الإنساني القديم، لفرض نمطها عبر إعادة إحيائها من جديد، فتدخل المساحة كلها في حالة الاحتراب الذاتي، وكفى الغرب شر الاقتتال معها.


لهذا يدخل الإسلام السياسي البرلمانات
------------------------------------


إن منطوق القاعدة التي يقوم مشروع فيلدمان عليها هي حسب المنشور عنها في أدبياته هي: " جعل المسلمين يفعلون كل ما نريد، وهم يظنون أنهم يفعلون ما يُرضي الله ورسوله"، لذلك يعطيهم من معسول الكلام ما معناه" أن الإسلام والديموقراطية متوافقان"، وعبر هذا المعطى، تطرح جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون موافقتهم على دخول البرلمانات وهو النمط المغاير، لنمطية الشورى الإسلامية التقليدية، من أجل التمكين، حتى يكون ذلك تكئة للصراخ الغربي بعد إزاحتهم، وتعطيلهم عن تسديد فاتورة التمكن السياسي المطلوب غربياً.

والمكتسب الآخر المتحقق غربياً، هو تفرغ كل تلك التيارات المتسيسة لاحقاً، للقفز على وتعطيل ما تحقق من "منجزات العصرنة" التي طالت الحياة العربية والإسلامية، لتنشغل الأمة وعقولها في فقه تطويل الثياب وتقصيرها، وإطلاق اللحى وإعفائها، وخروج المرأة للعمل واحتجابها في البيت، والكثير مما يرفع معدلات التوتر الاجتماعي الداخلي في كل وطن، بين دعاة الماضي وأصحاب مشاريع الحداثة، وكذلك ترويج الأنماط الفقهية القديمة، كمضادات لمشروعات التحديث العقلانية في المجتمعات العربية والإسلامية. 

حكاية "زيتنا في دقيقنا"
----------------------


إن مشروع فيلدمان المُتَبني لتمكين ما يُسمى الإسلام السياسي، هو ما يعبر عن "فقه الغرب" في تفعيل هذا السلاح وتوظيفه " لامتصاص عناصر التشدد من كل دول العالم إلى الساحة العربية الإسلامية، بدعوى إعادة بناء وتفعيل تطبيق الشريعة بها، وفضلاً عن ذلك، إخراج الغرب أو الآخر من معادلة الصراع، لأنه يساعد هذه التيارات العقدية في التمكن من بلدانها، وهذا جهد يشكرونه عليه من وجهة نظرهم ومسلكهم السياسي الانتهازي، وكذلك تعطيل نظام الدولة الوطنية عن تشكيل سياجات مضادة للغرب، تنموياً، لتنتهي من وجهة نظر فيلدمان، لُعبة ما يُسمى "صراع الحضارات"، فنكون نحن والغرب، كما تقول اللغة الدارجة المصرية "زيتنا في دقيقنا".

****

والسؤال الجوهري الخاتم في هذه المقالة:


أليس من العَجَبِ العُجَابِ أن يتبنى يهودي أميركي صهيوني أحوال تنظيمات ما يسمى الإسلام السياسي، ويسعى بجهده التنظيري، لتمكين فصائله من مفاصل الحكم في بلدانهم، برؤاهم الماضوية للعقيدة والدين؟ فهل عرفتم الآن معنى اصطلاح "فقه الغرب" في توظيف " مَنْجَنِيق الإسلام السياسي"!


                                                                              "رأفت السويركي"
---------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق