الخميس، 22 ديسمبر 2016

تفكيك العقل النخبوي الإسلاموي المُتَسيِّس ( 52) "مُنتهى الطلب"... في مناقشة موضوع " قدود حلب"!!




تفكيك العقل النخبوي الإسلاموي المُتَسيِّس ( 52)  



"مُنتهى الطلب"... في مناقشة موضوع " قدود حلب"!!

-------------------------------------------------

 كانت المسألة السورية ولا تزال تعبر عن ساحة دامية؛ تشهد عربدة ما يُسمَّى "جماعات التأسلم السياسي" برعاية العديد من الأطراف المُحرِّكة، ليغطس الجميع في وحلها إلى حد التورط؛ فكان الشعب السوري هو الخاسر الوحيد، والذي صار أحدث دالة على التشريد، ومن سكان مخيمات الإيواء والضياع في كافة أرجاء الأرض؛ بل وابتلعت أجساد بعضه مياه  البحار؛ كما صارت مدن دولته العتيقة التاريخ علامة خراب مفتعل. 

 
  من حروب الصورة يلعب الماكياج دوره
 في صناعة واقع مأساوي يوظف في حلب


المسجد الأموي في حلب كان ثم صار

وقبل البدء في الجهد التفكيكي للمسألة السورية؛ يمكن الاهتداء عبر قراءة الأسماء التي تحملها المليشيات على الأرض إلى دلالة الوضع الكارثي الذي يحاول التأسلم السياسي أن يفرضه من فوضى عارمة على الأرض السورية؛ إذ تقاتل ضد - والقلة جداً- مع الجيش العربي السوري تكوينات بأسماء: الجيش الحر، وتنظيم داعش في سوريا، وجيش الإسلام، وحركة أحرار الشام، وأنصار الشام، ولواء الحق، ولواء التوحيد، وحركة أحرار الشام الإسلامية، ولواء الحق في حمص، وأنصار الشام في إدلب، وجيش التوحيد في دير الزور، ولواء مجاهدين الشام في حماة، وجبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة، ووحدات حماية الشعب الكردية، وجيش الفتح في إدلب، وقوات سوريا الديمقراطية من تحالف ميليشيات كردية وعربية وسريانية وأرمنية وتركمانية، وكتائب البعث ولواء درع الساحل ذات الصبغة العلوية، وحزب الله اللبناني، وفيلق القدس الإيراني، وكتائب " الحماية الذاتية" في درعا...إلخ

    شعارات عشرات الميليشيات

ويكتشف الجهد التفكيكي من خلال تحليل "الحالة السورية" غياب البُعد الاستراتيجي لدى الكثيرين عند دراسة هذه المسألة، منذ حدوث مُتَوَهَّم الضلالة المُروَّج له بــ "ثورات الربيع العربي". كما يتناسى الكثيرون السؤال عن الدوافع والمحركات الحقيقية للأحداث في ذلك البلد العربي. لذلك تسعى هذه المحاولة التفكيكية لكشف المسكوت عنه في  المسألة السورية من مدخل حلب.

*****

لقد وقع العقل النخبوي السياسوي العربي بمجمله والمتأسلم خاصة؛ سواء المشارك في الداخل السوري وخارجه، أو المراقب، أو الدارس، في أسر النظرة إلى المأساة السورية من خلال الانتماء العقدي أو العرقي، أو المذهبي الطائفي أو السياسي؛ لذلك أصابه الارتباك مع كل تطور؛ لعدم إدراك القواعد الاستراتيجية المحركة للُعبة افتعال الصراع التدميري للدولة في سوريا عبر الفعل العنفي الذي يرفع لافتة التأسلم ويبدو في صورته النمطية التي تعود إلى قرون الفتوحات!!

اجتمعوا ليتوحدوا من أجل هدم سوريا 

وكلما ظنت بعضُ تلك النخب دخول الدولة السورية في طور الانهيار، تجد نظام تلك الدولة العتيقة يتماسك؛ وكلما ارتفع معدل التوقع الإعلامي المضاد بضياع الأرض من تحت أقدامه... تجده يعود للوقوف من جديد؛ لأن تلك النخب تُفكر بعواطفها وأمنياتها فقط؛ إذْ هي منحازة إمَّا لانتماءاتها الهشة؛ أو تقبض أثمان دماء السوريين لتقدم رسائل إعلامية محددة، في حقيقتها لا تُغيِّر من واقع موازين القوة على الأرض السورية شيئا؛ لكن الخسارة الفادحة هي تهشيم علامات مشاركة السوريين التاريخية في فعل الحضارة الإنسانية القديمة!

 لقد ولَّدت هذه الموقفية الخاطئة من تلك النخب بمجملها تلك النتيجة الراهنة؛ والتي كانت تدور حول "حلب الشهباء الصهباء" بغنائها المبهر والأشهر لـ "القدود الحلبية" رأس الأمر وعموده وذروة سنامه. 

*****
 ومن دون شك... بممارسة الفعل التفكيكي؛ يكشف "موضوع حلب" تداعي مجمل تكوينات العقل النخبوي السياسوي؛ ومنها المتأسلمة في مواقفها... كما يلي:

** كان العقل النخبوي بتكويناته في الداخل السوري أول الساقطين في الوحل؛ إذ أن أغلبية شرائحه، ومنها من يشعرُ بغبن اجتماعي سابقاً  لمْ تُدْرِكْ مخاطر ما كان يجري ترتيبه للمنطقة وبلاده من ضمنها، في إطار سيناريو "الشرق الأوسط الجديد"؛ القائم على اختلاق شعور بالتوترات العرقية والمذهبية تحقق مجالاً مُحيطاً من "الكانتونات" العرقية والطائفية والمذهبية الحاف بـ "الدولة اليهودية" في فلسطين المحتلة؛ وكذلك أطماع السلطان العثمانلي أوردوغان.   


** و"الشريحة العقدية" وتحديداً "المتأخونة" من ذلك العقل، تُضْمِرُ ثأراتٍ تاريخيةً مع النظام السوري؛ لذلك رحَّبَتْ وسَعَتْ وفق مُتخيلها الأسطوري بدولة الخلافة إلى هدم "الدولة السورية القومية"؛ فكانت مثل الدابة التي جرى توجيهها لتنطح جدار الدولة برأسها، كي تهدمه عبر فيالق "المسلحين العقديين" من أعضاء الجماعة؛ وكذلك المُسْتَجْلِبين من خارج الحدود السورية الطويلة تلبية لصيحات المفهوم الكاذب بالجهاد التي أطلقتها عناصر الجماعة المتأخونة في الدول العربية والغربية؛ فحدث ما حدث للدولة من دمار بنيتها العمرانية.


** كما وقعت "الشريحة المتأدلجة" من العقل النخبوي في الداخل السوري وخارجه أيضاً في الخطأ ذاته؛ وقد تمثل مُحَرِّكُها بانتمائها إلى أرثوذكسية الإيديولوجيا الماركسية وما تحلم به من "يوتوبيا عتيقة"؛ تحت قناع المُطالبة بـ "الديموقراطية"؛ فَطَالَ بنية الدولة السورية ما طالها من دمار كبير؛ يدفع وسيدفع ثمنه الفقراء في سوريا الذين تدافع عنهم هذه الإيديولوجية!


** أما "الشريحة الطائفية" من العقل النخبوي في الداخل السوري ومن يساندونها في الخارج؛ فقد شاركت في الجُرم باستهلاك الخطاب حول الترويج لما يُسمى "هيمنة العلويين" على الواقع السوري؛ لتشارك في جهود إسقاط الدولة السورية؛ وقد تناسى هؤلاء أن الدولة السورية هي "بَعْثيَّة" الهوية والشعار؛ لذلك جرت استباحة سوريا الموحدة لإحداث مزيد من تعميق ترسيخ وجود الطوائف بها؛ حسب النسق اللبناني العتيق؛ والعراقي المستجد؛ وكلاهما مُلاصقٌ للحدود السورية!! 

ميليشيا تتمترس من أجل من في حلب 

وينبغي عدم نسيان ما شهدته المسألة السورية، بحدوث اللعبة التي كان يجري تعميمها حين بدأ مسلسل هدم الدول في المنطقة؛ بإحداث الانشقاقات من قياداتٍ عسكريةٍ سورية، تنتمي إلى بعض الطوائف العقدية أو العرقية كخطوة لتفكيك الجيش العربي السوري؛ والانضمام إلى الميليشيات المُسمَّاة "الجيش الحر" أو "الثوار"؛ ليكتمل تنظيف المجال الحاف بـ "الدولة اليهودية" من القوة المهددة لها، وأحدها هو الجيش العربي السوري؛ وتلك الظاهرة بدأت بتسريح الجيش العراقي بوساطة الحاكم الأميركي  "بول بريمر"؛ وكذلك تبخير ما تبقى من الجيش الليبي!


 *****

وأمام المتغيرات الضاغطة بشراسة، اضطُّرَ النظام الحاكم للدولة السورية إلى تفعيل أوراقه الاستراتيجية؛ وأولها الاستعانة بالحليف الروسي الدائم؛ الذي كانت سوريا تمثل موطىء القدم الوحيد له في المياه الدافئة بالبحر المتوسط؛ ليوازن الضغط الأميركي؛ فضلاً عن استنهاض بقية الأوراق لديه؛ وفق "منطق المتاح والممكن".


 وهنا أمام نوعية خصوصية الأزمة التي يعيشها لم يجد النظام السوري أمامه سوى الاستعانة بإيران وحزب الله؛ وهذه الخطوة مثلت إشكالية لبعض الاتجاهات؛ غير أنهما شاركا في المسألة السورية من منظور استراتيجي بالتحديد سيجري تفصيله.

 فالدور الإيراني في سوريا مُخالف لدورها المذهبي الردىء والبغيض الذي تلعبه إيران نفسها في اليمن، وذلك بدعم وتكريس وتغليب التكوين الطائفي من " الحوثيين"؛ لأن المسألة اليمنية ذات النسيج القَبَلي مُغايرة بالمطلق للمسألة السورية، فضلاً عن إصرار إيران المرفوض على مواصلة احتلال الجزر الثلاث الإماراتية "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى"؛ غير أن النخب في المسألة السورية تحديداً تروِّج وعياً مغلوطاً بحقائق الأمور؛ وتكرس التصور الذي يجري ترسيمه استخباراتياً بأن هناك صراعاً طائفياً: شيعياً/ سنياً في المنطقة... لذلك:


** انسحبت "حماس" من دعم الدولة في سوريا؛ بحكم انتمائها السياسي للتنظيم المتأخون؛ متناسية قضيتها المركزية فلسطين؛ ومتغافلة عن أن "الدولة السورية القومية" كانت أكثر الداعمين لحماس الفلسطينية؛ كحركة مقاومة وطنية وليست حركة عقدية؛ بالمعيار نفسه الذي تعاملت به تلك الدولة مع حزب الله اللبناني.


 ** لذلك تقدم "حزب الله" لدعم الدولة السورية باعتبارها الحليف الاستراتيجي الوحيد له في المنطقة، من منظور أنه يشابه "حماس" كحركة مقاومة ضد "إسرائيل"؛ لتستفيد الدولة السورية من خبرات مقاتليه؛ حسب مقتضيات نمط معارك الميليشيات المفروض عليه؛ فقد اكتسب مقاتلوه خبرات عملياتية من معاركهم مع العدو الصهيوني، فكانوا المتغير العملياتي المهم الذي واجهت به الدولة السورية مخطط التدمير الميليشياوي والذي جرى استجلاب العناصر الخارجية من أجله؛ تحت مسميات "جبهة النصرة" و"داعش"... إلخ.


** وتقدمت إيران أيضاً لدعم الدولة السورية كحليف استراتيجي لها ليس من المنظور العقدي؛ ولكن سياسياً في إطار مخطط الضغط الإيراني لمواجهة الولايات المتحدة الأميركية؛ واقتصادياً - وهذا هو الأمر المخفي- لتنفيذ الخطط التي تتعلق بطريق تصدير الغاز الإيراني عبر سوريا إلى أوروبا.


وتكشف المراجع ما يُقلِّل من قيمة توصيف تلك المشاركة  بالسبب العقدي المذهبي؛ فالعلويون والشيعة طائفتان مستقلتان؛ على الرغم من أنهما يُنسبان إلى ما يسمى "مذهب أهل البيت" مع اختلاف التفاصيل بينهما. 

ولكن ينبغي الالتفات إلى نقطة جوهرية؛ فالدولة السورية البعثية "العِلمانية" ليست "دولة دينية" مثل الجمهورية الإيرانية. لذلك كان الحضور الروسي /الإيراني /وحزب الله داعماً للجيش العربي السوري المجهد من قسوة المواجهات؛ نتيجة امتداد الحدود مع "تركيا الأوردوغانية" والعراق المفكك؛ ولبنان المتشظي؛ والأردن والدولة الصهيونية!


ومع تتابع مراحل سيناريوهات القضية، التي تأخذ شكل المواجهات الدولية غير المباشرة فشلت أغلبية السيناريوهات في إسقاطه؛ عبر فائض القوة الغاشمة المسماة كذباً "المجاهدين"؛ والمستجلبة من كافة أطراف العالم  لترسيخ صفة "تَدْيِيِن الصراع".


لقد لعب العقل السياسوي المتأسلم بإعلامه العقدي دوره الكبير في تزييف الوعي الجماهيري بالمشكلة؛ والتعتيم على مسبباتها وإصباغها بالطابع المذهبي؛ لكن لا يزال نظام الدولة السورية القومي ببعثيته يُعيد بسط وجوده السياسوي على ما تراجع عنه من أراضٍ في مراحل الصراع المفروض عليه.


*****
 
 ميليشياوي  يطلق قذيفة ضد من لتسقط عل المدنيين في حلب

وهنا نأتي إلى "حلب" التي تمثل "مُنتهى الطلب" لكل الأطراف؛ وقد استردتها الدولة السورية مؤخراً؛ ووافقت على خروج "المسلحين" وعائلاتهم منها، غير أن هناك من يحاول أن يُحوِّل حَلَبَ إلى أيقونة نكبتها؛ مُستعيرةً من نسق التعبير المتشيع الذي تنتقده نموذج لطميات جديدة لكنه "سُنِّي" الهُوية!!

فقد اعتمر الخطاب السياسوي؛ التلفازي والصحافي والالكتروني المضاد للدولة السورية؛ يسانده خطاب "السوشيال ميديا"، وأحاديث الخطباء بلطميات كلامية؛ بجانب ما يجري تُزييِّفه واختلاقه ضمن نهج الحرب بالصور من مشاهد القتلي والأطفال والجوعى وهم ليسوا من حلب؛ ولا يزال يتناقلها المغيبون عقليا وسياسياً عن فهم الوقائع من منظورها الاستراتيجي؛ وكأنها حدثت في حلب!

كما راجت بكثافة خطابات - من النوعية التي كان ولا يزال يستخدمها الإعلام المتأخون في المسألة المصرية لمحاربة الإرهاب في سيناء - بأن النظام يقتل شعبه، ويهدم المشافي، ويقصف المنازل بالطائرات الروسية؛ والصواريخ والأسلحة الكيماوية؛ وكأن من يُسمون مخادعة بـ "الثوار"، ويستترون بالوجود الشعبي في حلب؛ بل يمنعون أهلها من مغادرة المدينة ليظلوا درعاً لهم، هم بُرَءَاءٌ وورعون وملائكة يمشون على الأرض؛ ولم يتسببوا في دمار سوريا؛ منذ استُجْلبوا إليها لتنفيذ السيناريو الكريه؛ بل لا يقومون بإطلاق الصواريخ والقذائف على الأحياء في حلب وغيرها عشوائياً ليسقط ضحايا، فيعلقون دماءهم في رقبة الدولة السورية؛ ويصنعون منهم "أيقونة" جديدة يمارسون اللطم السياسي بسببها!!

حلب التي يتباكون عليها؛ يُعدُّ استرداد الدولة لها اقتراب نهاية المحطة الأخيرة من لُعبة وسيناريو تفتيت الدولة السورية بوساطة جماعات الإسلام المتسيس؛ وهي مفصل استراتيجي مهم؛ باعتبارها ثاني أكبر المدن السورية بعد العاصمة دمشق؛ وأكبر مدينة اقتصادية سورية؛ وهي مدينة ساحلية مهمة؛ كما تُعدُّ مركزاً استراتيجياً لوجستياً يربط الخريطة السورية؛ وتمثل السيطرة عليها بسط هيمنة الدولة على مختلف أنحاء سوريا الوطن.

 وفضلاً عن ذلك فإن هناك أهمية تماسٍ استراتيجي لحلب بجانب إدلب مع تركيا؛ ونجاح استرداد الدولة السورية لها يُجْهٍزُ على كل الحسابات "الأردوغانية" المتوهمة، والتي تروج الخشية من تطويق تركيا بحزام "عَلَوي كُرْدِي"!!    

*****

إن الحسابات "الجيوسياسية" كثيرة؛ ولا يتسع المقام للتطرق إليها في هذه الكتابة؛ وبالتحديد حسابات ممرات وخطوط طاقة الغاز النظيفة؛ أي طاقة القرن الحادي والعشرين؛ والتي بحكم المعلومات الاستكشافية المسبقة وُضِعَتْ السيناريوهات من أجلها، ما جعل سوريا وغيرها من بلدان المنطقة هدفاً للتفتيت:

- فالدراسات الاستكشافية أثبتت امتلاك الدولة السورية لحقول طاقة غازية مذهلة الحجم على الشواطىء وفي المجال البحري بشرق البحر المتوسط، بما يقلب موازين أسواق تلك الطاقة النظيفة عالمياً.


- إن تفكيك سوريا الدولة، سيحقق حرمان روسيا "عملاق الغاز" من موقع استراتيجي مهم، يمكن أن يؤمن له طريق انتقال الغاز الروسي إلى أوروبا في حال تعرضت خطوطه إلى مشكلات استراتيجية.


- إن تفتيت سوريا يتيح الفرصة الاستراتيجية لتوفير طريق أكثر سهولة للغاز الوارد من الخليج؛ وكذلك الغاز الكامن في المجال البحري لـ "فلسطين المحتلة" والمستهدف عبوره إلى أوروبا؛ وهو ما يساعد في إضعاف الاقتصاد الروسي؛ ويجعله يتضعضع مقابل ضعف الاقتصاد الرأسمالي الأميركي.


- إن ترك الفرصة لتماسك الدولة السورية؛ يجعلها مستقبلياً بقدراتها لاعباً في سوق الطاقة النظيفة أيضاً، وهو ما قد يقلب خريطة أسواق هذه الطاقة؛ لذلك كان ينبغي هدمها.    


- إن إسقاط الدولة السورية يقطع الطريق كذلك أمام مرور الغاز الإيراني إلى البحر المتوسط ثم أوروبا؛ بعد توقيع طهران اتفاقية دمشق الخاصة بتمرير الغاز عبر العراق إلى أراضيها ثم إلى البحر المتوسط؛ ولكل هذه الأمور وزنها الاستراتيجي الذي يُكسب سوريا وزناً كبيراً للغاية؛ فوضعت مخططات تفتيتها.

لذلك فإن "قضية طاقة الغاز" تمثل الغرض الحقيقي "المسكوت عنه" وراء كل هذا الوضع؛ ومن أجل ذلك يشارك العقل النخبوي السياسوي المتأسلم في جريمة ترويج الإيحاء الأميركي الغربي الصهيوني بأن ما يحدث في سورية هي عملية طائفية؛ بينما مسألة طاقة الغاز والضغط على روسيا وإيران في الحقيقة هي التي تمثل عنصراً فاعلاً خلف ما طال الدولة السورية القومية من تدمير بنيوي، ومخططات التفتيت بعيداً عن كل الحسابات الأخرى؛ الخاصة بمفاهيم التضليل الحقيقية التي تختفي خلف شعارات مثل "الديمقراطية" ومتوهم  "ثورات الربيع العربي".

*****

إن "حلب الصهباء الشماء"؛ عاصمة غناء "القدود الحلبية" الأشهر في التعبير عن الفَرَحِ؛ قام العقل النخبوي الإسلاموي السياسوي المتأخون وقرينه المتأدلج بإنتاج ما يمكن أن يُسمى فنون "اللطميات الحلبية"؛ ليروجها بدلاً من "القدود الحلبية"؛ خاصة بعد أن تحققت فجيعتهم السياسية منذ أن استردت الدولة السورية حلبها من جديد؛ وهذا هو "مُنتهى الطلب"... في مناقشة موضوع حلب!!

                                                                     "رأفت السويركي" 

------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق